الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَوْلَاهُ لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ (وَلَيْسَ لِقِنٍّ غَنِيمَةٌ) لِأَنَّهُ مَالٌ، فَلَا يُمَلَّكُ الْمَالُ، (فَلَوْ هَرَبَ) الْقِنُّ (ل) عِنْدَ (عَدُوٍّ، ثُمَّ جَاءَ) مِنْهُ (بِمَالٍ، فَهُوَ)، أَيْ: الْقِنُّ (لِسَيِّدِهِ، وَالْمَالُ) الَّذِي جَاءَ بِهِ (لَنَا) فَيْءٌ.
[بَابٌ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَوْ أَمِيرَهُ عِنْدَ سَيْرِهِ إلَى الْغَزْوِ]
(بَابٌ)(مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ) أَوْ أَمِيرَهُ عِنْدَ سَيْرِهِ إلَى الْغَزْوِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، (وَ) مَا يَلْزَمُ (الْجَيْشَ) إذَنْ (يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ) مِنْ إمَامٍ وَرَعِيَّتِهِ (إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الطَّاعَاتِ) كُلِّهَا مِنْ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ ": قَدْ تَنَوَّعَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي الْإِخْلَاصِ، وَالْقَصْدُ وَاحِدٌ، فَقِيلَ: هُوَ إفْرَادُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْقَصْدِ فِي الطَّاعَةِ، وَقِيلَ: تَصْفِيَةُ الْفِعْلِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَقِيلَ: الْإِخْلَاصُ: اسْتِوَاءُ أَعْمَالِ الْعَبْدِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَالرِّيَاءُ: أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ خَيْرًا مِنْ بَاطِنِهِ، وَالصِّدْقُ فِي الْإِخْلَاصِ: أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهُ أَعْمَرَ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْفَضْلِ رحمه الله تَرْكُ الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَك اللَّهُ مِنْهُمَا، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ: الْإِخْلَاصُ تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ مِنْ كُلِّ شَوْبٍ.
(وَ) يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ (أَنْ يَجْتَهِدَ)، أَيْ: يَبْذُلَ وُسْعَهُ (فِي ذَلِكَ)، أَيْ: فِي إخْلَاصِ النِّيَّةِ لِلَّهِ فِي الطَّاعَاتِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ
(وَسُنَّ أَنْ يَدْعُوَ) الْأَمِيرُ (سِرًّا) مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لِلْإِجَابَةِ (وَ) مِنْ دُعَائِهِ مَا (كَانَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ إذَا غَزَا)، وَهُوَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِك أَحُولُ، وَبِك
أَصُولُ، وَبِك أُقَاتِلُ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْحَوْلُ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْحِيلَةُ، يُقَالُ: مَا لِلرَّجُلِ حَوْلٌ، وَمَا لَهُ مَحَالَةٌ، قَالَ: وَمِنْهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، أَيْ: لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِ سُوءٍ، وَلَا قُوَّةَ فِي دَرَكِ خَيْرٍ إلَّا بِاَللَّهِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: الدَّفْعَ وَالْمَنْعَ مِنْ قَوْلِك: حَالَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إذَا مَنَعَ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ يَقُولُ: لَا أَمْنَعُ، وَلَا أَدْفَعُ إلَّا بِك.
(وَفِي " الْفُرُوعِ ") لِابْنِ مُفْلِحٍ: (وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ) مِمَّنْ ابْتَلَاهُمْ اللَّهُ بِالْمِحَنِ (مِنْهُمْ شَيْخُنَا) الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (يَقُولُ هَذَا) الدُّعَاءَ (عِنْدَ قَصْدِ مَجْلِسِ عِلْمٍ) لِلْمُنَاظَرَةِ، فَلَا يَقُومُ إلَّا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَعْدَائِهِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ الْمَسِيرِ) بِالْجَيْشِ (تَعَاهُدُ رِجَالٍ وَخَيْلٍ)، أَيْ: رِجَالِ الْجَيْشِ وَخَيْلِهِمْ، لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْغَزْوِ، (وَ) عَلَيْهِ (
مَنْعُ غَيْرِ صَالِحٍ لِحَرْبٍ
) مِنْ رِجَالٍ (وَخَيْلٍ كَضَعِيفٍ وَفَرَسٍ حَطِيمٍ) وَهُوَ الْكَسِيرُ، وَفَرَسٍ قَحْمٍ، وَهُوَ الْكَبِيرُ، وَضَرْعٍ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالْهَزِيلُ (وَعَلَيْهِ) مَنْعُ (مُخَذِّلٍ) ، وَهُوَ الْمُفَنِّدُ لِلنَّاسِ عَنْ الْغَزْوِ، وَمُزَهِّدُهُمْ فِي الْقِتَالِ، وَالْخُرُوجِ إلَيْهِ كَقَائِلٍ: الْحَرُّ أَوْ الْبَرْدُ شَدِيدٌ، أَوْ الْمَشَقَّةُ شَدِيدَةٌ، أَوْ لَا تُؤْمَنُ هَزِيمَةُ الْجَيْشِ.
(وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (مُرْجِفٍ) كَمَنْ يَقُولُ: هَلَكَتْ سَرِيَّةٌ الْمُسْلِمِينَ وَلَا لَهُمْ مَدَدٌ أَوْ طَاقَةٌ بِالْكُفَّارِ وَنَحْوُهُ، (وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (مُكَاتِبٍ) كُفَّارٍ (بِأَخْبَارِنَا) ، لِيَدُلَّ الْعَدُوَّ عَلَى عَوْرَاتِنَا، (وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (مَعْرُوفٍ بِنِفَاقٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: 83](وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (رَامٍ بَيْنَنَا) مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ (بِفِتَنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا} [التوبة: 47] الْآيَةُ.
(وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (صَبِيٍّ) وَلَوْ مُمَيِّزًا، وَمَنْعُ مَجْنُونٍ، لِأَنَّ فِي دُخُولِهِمَا أَرْضَ الْعَدُوِّ تَعَرُّضًا لِلْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ
(وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (نِسَاءٍ) ، لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، وَلَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهِنَّ، فَيَسْتَحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْهُنَّ (إلَّا عَجُوزًا لِسَقْيِ) مَاءٍ (وَنَحْوِهِ) ، كَمُعَالَجَةِ جَرْحَى، لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مَعَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ يَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُعَالِجْنَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ جَمْعٌ: وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم.
(وَتَحْرُمُ اسْتِعَانَةٌ بِكَافِرٍ)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلَى بَدْرٍ فَتَبِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُ: مُؤْمِنٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَنُ مَكْرُهُ وَغَائِلَتُهُ لِخُبْثِ طَوِيَّتِهِ، وَالْحَرْبُ تَقْتَضِي الْمُنَاصَحَةَ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (إلَّا لِضَرُورَةٍ) ، لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي حَرْبِهِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» وَبِهَذَا حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَالضَّرُورَةُ مِثْلُ كَوْنِ الْكُفَّارِ أَكْثَرَ عَدَدًا، أَوْ يُخَافُ مِنْهُمْ، وَحَيْثُ جَازَ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ مَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ حَسَنَ الرَّأْيِ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ لَمْ يَجُزْ كَالْمُرْجِفِ وَأَوْلَى.
(وَ) تَحْرُمُ اسْتِعَانَةٌ (بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ كَعِمَالَةٍ وَجِبَايَةِ خَرَاجٍ) وَكِتَابَةٍ (وَقِسْمَةِ فَيْءٍ وَغَنِيمَةٍ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمْ بَوَّابًا وَلَا جَلَّادًا وَلَا جَهْبَذًا، وَهُوَ النَّقَّادُ الْخَبِيرُ) لِعَظِيمِ الضَّرَرِ، لِأَنَّهُمْ
دُعَاةٌ.
وَتُكْرَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ نَصًّا، لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ
(وَتَحْرُمُ تَوْلِيَتُهُمْ)، أَيْ: الْكُفَّارِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ (الْوِلَايَاتِ مِنْ دَوَاوِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَ) تَحْرُمُ (إعَانَتُهُمْ)، أَيْ: أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَالْكُفَّارِ عَلَى عَدُوِّهِمْ مِنْ جِنْسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ عَدُوُّهُمْ مِنَّا فَنَجْتَمِعُ عَلَى قِتَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَدُوُّ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ كَافِرًا حَرْبِيًّا، فَلَا تَحْرُمُ إعَانَتُهُمْ عَلَيْهِ لِإِسْلَامِهِمْ (إلَّا خَوْفًا) مِنْ شَرِّهِمْ، (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ:(وَمَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ)، أَيْ: مِنْ الْكُفَّارِ (دِيوَانَ الْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ) إنْ كَانَ.
(وَسُنَّ خُرُوجُ جَيْشٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ)، لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا وكَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
(وَيَسِير بِرِفْقٍ) بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الضَّعِيفُ، وَلَا يَشُقُّ عَلَى الْقَوِيِّ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمِيرُ الْقَوْمِ أَقْطَعُهُمْ» ، أَيْ: أَقَلُّهُمْ سَيْرًا، وَلِئَلَّا يَنْقَطِعَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، أَوْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ (إلَّا لِأَمْرٍ يَحْدُثُ) ، فَيَجُوزُ، «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَدَبَهُمْ فِي السَّيْرِ حِينَ بَلَغَهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» لِتَشْتَغِلَ النَّاسُ عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ
(وَيُعِدُّ لَهُمْ)، أَيْ: لِلْجَيْشِ (الزَّادَ) ، لِأَنَّهُ بِهِ قَوَامُهُمْ، (وَيُحَدِّثُهُمْ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ)، فَيَقُولُ: أَنْتُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا، وَأَشَدُّ أَبْدَانًا، وَأَقْوَى قُلُوبًا وَنَحْوُهُ، لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لِلنُّفُوسِ عَلَى الْمُصَابَرَةِ، وَأَبْعَثُ لَهَا عَلَى الْقِتَالِ، (وَيُعَرِّفُ عَلَيْهِمْ الْعُرَفَاءَ) ، فَيَجْعَلُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ مَنْ يَكُونُ كَالْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ، وَيَتَفَقَّدُهُمْ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «عَرَّفَ عَامَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ عَرِيفًا» ، وَوَرَدَ: الْعَرَافَةُ حَقٌّ "
لِأَنَّ فِيهَا مَصْلَحَةَ النَّاسِ
، وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم -
«الْعُرَفَاءُ فِي النَّارِ» فَتَحْذِيرٌ لِلتَّعَرُّضِ لِلرِّيَاسَةِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِأَمْرِهَا اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ.
(وَيَعْقِدُ لَهُمْ الْأَلْوِيَةَ الْبِيضَ، وَهِيَ: الْعِصَابَةُ تُعْقَدُ عَلَى قَنَاةٍ وَنَحْوِهَا)، قَالَ صَاحِبُ " الْمَطَالِعِ ": اللِّوَاءُ رَايَةٌ لَا يَحْمِلُهَا إلَّا صَاحِبُ جَيْشِ الْحَرْبِ، أَوْ صَاحِبُ دَعْوَةِ الْجَيْشِ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ، وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَظَاهِرُ " الْمُقْنِعِ " وَصَرَّحَ فِي " الْمُحَرَّرِ " أَنَّهَا تَكُونُ بِأَيِّ لَوْنٍ شَاءَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ (وَ) يَعْقِدُ لَهُمْ (الرَّايَاتِ وَهِيَ: أَعْلَامٌ مُرَبَّعَةٌ وَيُغَايِرُ أَلْوَانَهَا، لِيَعْرِفَ كُلُّ قَوْمٍ رَايَتَهُمْ)، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ حِينَ أَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ: احْبِسْهُ عَلَى الْوَادِي حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ فَيَرَاهَا، قَالَ: فَحَبَسْتُهُ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَرَّتْ بِهِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا» وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بِهَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ.
(وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا يَتَدَاعَوْنَ بِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ) ، لِمَا رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، قَالَ:«غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ زَمَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ شِعَارُنَا أَمِتْ أَمِتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا " هُمْ لَا يُنْصَرُونَ " وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا احْتَاجَ إلَى نُصْرَةِ صَاحِبِهِ، وَرُبَّمَا يَهْتَدِي بِهَا إذَا ضَلَّ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَلِئَلَّا يَقَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
(وَيَتَخَيَّرُ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ لَهُمْ (الْمَنَازِلَ) كَالْخِصْبَةِ، لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِهِمْ.
(وَيَحْفَظُ مَكَامِنَهَا) جَمْعُ مَكْمَنٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَفِي فِيهِ الْعَدُوُّ
(وَيَتَعَرَّفُ حَالَ الْعَدُوِّ بِبَعْثِ الْعُيُونِ) إلَيْهِ حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهُ، فَيَتَحَرَّزُ مِنْهُ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْفُرْصَةِ فِيهِ.
(وَيَمْنَعُ جَيْشَهُ مِنْ مُحَرَّمٍ) مِنْ فَسَادٍ وَمَعَاصٍ، (لِأَنَّهُ سَبَبُ الْخِذْلَانِ، وَ)
يَمْنَعُهُمْ مِنْ (تَشَاغُلٍ بِتِجَارَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ قِتَالٍ، وَيُعِدُّ الصَّابِرَ) فِي الْقِتَالِ (بِأَجْرٍ وَنَفَلٍ) تَرْغِيبًا لَهُ فِيهِ.
(وَيُشَاوِرُ ذَا رَأْيٍ وَدِينٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]«وَكَانَ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ النَّاسِ مُشَاوَرَةً لِأَصْحَابِهِ»
وَيُسْتَحَبُّ لِلْأَمِيرِ حَمْلُ مَنْ أُصِيبَتْ فَرَسُهُ مِنْ الْجَيْشِ، وَلَا يَجِبُ نَصًّا، فَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ، قَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ فَضْلِ مَرْكُوبِهِ لِيَجِيءَ بِهِ صَاحِبُهُ.
(وَيُخْفِي مِنْ أَمَرَهُ مَا أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ) ، لِئَلَّا يَعْلَمَ عَدُوُّهُ بِهِ
(وَإِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا) اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (لِأَنَّ «الْحَرْبَ خُدْعَةٌ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيث جَابِرٍ
(وَيَصُفُّ جَيْشَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] الْآيَةُ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي الصُّفُوفَ يَوْمَ بَدْرٍ» . وَلِأَنَّ فِيهِ رَبْطَ الْجَيْشِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَسَدًّا لِثُغُورِهِمْ فَيَصِيرُونَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ.
(وَيَجْعَلُ فِي كُلِّ جَنَبَةٍ كُفُوًا) ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ خَالِدًا عَلَى إحْدَى الْجَنَبَتَيْنِ، وَالزُّبَيْرَ عَلَى الْأُخْرَى، وَأَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى السَّاقَةِ» وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْحَرْبِ، وَأَبْلَغُ فِي إرْهَابِ الْعَدُوِّ.
(وَلَا يَمِيلُ) الْأَمِيرُ (مَعَ قَرِيبِهِ وَذِي مَذْهَبِهِ فَتَنْكَسِرُ قُلُوبُ غَيْرِهِمْ)، أَيْ: غَيْرِ الَّذِي مَالَ مَعَهُمْ (فَيَخْذُلُوهُ) عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْقُلُوبَ، وَيُشَتِّتُ الْكَلِمَةَ، (وَيُرَاعِي أَصْحَابَهُ، وَيَرْزُقُ كُلَّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) وَحَاجَةِ مَنْ مَعَهُ.
(وَيَجُوزُ أَنَّ يَجْعَلَ) الْأَمِيرُ (جَعْلًا مَعْلُومًا) مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، (وَيَجُوزُ) أَنْ يَجْعَلَ (مِنْ مَالِ كُفَّارٍ مَجْهُولًا لِمَنْ يَعْمَلُ مَا)، أَيْ: شَيْئًا (فِيهِ غَنَاءُ)، أَيْ: نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَنَقْبِ سُورٍ، أَوْ
صُعُودِ حِصْنٍ، (أَوْ يَدُلُّ عَلَى طَرِيقٍ) سَهْلٍ، (أَوْ) عَلَى (قَلْعَةٍ) لِتُفْتَحَ، (أَوْ) عَلَى (مَاءِ) مَفَازَةٍ (وَنَحْوِهِ) كَدَلَالَةٍ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُونَ، أَوْ عَدُوٍّ يُغِيرُونَ عَلَيْهِ، أَوْ ثُغْرَةٍ يَدْخُلُ مِنْهَا إلَيْهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَدْ اسْتَأْجَرَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ مَنْ دَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ» وَ «جَعَلَ لِلسَّرِيَّةِ الثُّلُثَ وَالرُّبْعَ مِمَّا غَنِمُوهُ» وَهُوَ مَجْهُولٌ، لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ كُلَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَيَسْتَحِقُّهُ مَجْهُولٌ لَهُ بِفِعْلِ مَا جُوعِلَ عَلَيْهِ، (بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ) جَعْلُ مَجْهُولٍ مِنْ مَالِ كُفَّارٍ (ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ) ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم جَعْلٌ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَ) يَجُوزُ (أَنْ يُعْطِيَ) الْأَمِيرُ (ذَلِكَ بِلَا شَرْطٍ) لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ تَرْغِيبٌ فِي الْجِهَادِ.
(وَلَوْ جَعَلَ) الْأَمِيرُ (لَهُ)، أَيْ: لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ (جَارِيَةً) مُعَيَّنَةً عَلَى فَتْحِ الْحِصْنِ (مِنْهُمْ)، أَيْ: مِنْ الْكُفَّارِ بِالْحِصْنِ (فَمَاتَتْ) قَبْلَ فَتْحِ الْحِصْنِ، (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ، لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا وَقَدْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا كَالْوَدِيعَةِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَتْ) الْجَارِيَةُ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ مِنْهُمْ (وَهِيَ أَمَةٌ أَخَذَهَا) إذَا كَانَ مُسْلِمًا لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْوَفَاءُ لَهُ بِشَرْطِهِ فَوَجَبَ، وَسَوَاءٌ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ (كَحُرَّةٍ) جُعِلَتْ لَهُ ف (أَسْلَمَتْ بَعْدَ فَتْحٍ) لِاسْتِرْقَاقِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ فَلَمْ تُسْلِمْ إلَّا وَهِيَ أَمَةٌ، وَكَذَا حُكْمُ رَجُلٍ مِنْ الْحِصْنِ جُوعِلَ عَلَيْهِ، (إلَّا أَنْ يَكُون) الْمَجْعُولُ لَهُ الْجَارِيَةُ (كَافِرًا، ف) لَهُ (قِيمَتُهَا) إذَا أَسْلَمَتْ، لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ لِإِسْلَامِهَا (كَحُرَّةٍ) جُعِلَتْ لَهُ و (أَسْلَمَتْ قَبْلَ فَتْحٍ) لِأَنَّهَا عَصَمَتْ نَفْسَهَا بِإِسْلَامِهَا، فَتَعَذَّرَ رَدُّ فِعْلِهَا إلَيْهِ، فَاسْتَحَقَّتْ الْقِيمَةَ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لَهُ الْقِيمَةُ إذَا مَاتَتْ وَتَجِبُ إذَا أَسْلَمَتْ، لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهَا مَعَ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ الشَّرْعُ بِخِلَافِ مَوْتِهَا.
(وَإِنْ فُتِحَتْ) قَلْعَةٌ
جُوعِلَ مِنْهَا بِجَارِيَةٍ مِنْهُمْ (صُلْحًا وَلَمْ يَشْتَرِطُوهَا)، أَيْ: يَشْتَرِطْ الْمُسْلِمُونَ الْجَارِيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقَلْعَةِ (وَأَبَوْهَا)، أَيْ: أَبَى أَهْلُ الْقَلْعَةِ الْجَارِيَةَ (وَأَبَى) مَجْعُولٌ لَهُ أَخْذُ (الْقِيمَةِ) عَنْهَا (فُسِخَ) الصُّلْحُ لِتَعَذُّرِ، إمْضَائِهِ لِسَبْقِ حَقِّ صَاحِبِ الْجَعْلِ، وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصُّلْحِ، وَلِأَهْلِ الْقَلْعَةِ تَحْصِينُهَا كَمَا كَانَتْ بِلَا زِيَادَةٍ، وَإِنْ بَذَلُوهَا مَجَّانًا لَزِمَ أَخْذُهَا وَدَفْعُهَا إلَيْهِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": غَيْرُ حُرَّةِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا (وَلِأَمِيرٍ فِي بُدَاءَةِ) دُخُولِهِ دَارَ حَرْبٍ (أَنْ يَنْفُلَ)، أَيْ: يَزِيدَ عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ (الرُّبْعَ فَأَقَلَّ بَعْدَ الْخُمُسِ وَ) لَهُ أَنْ يَنْفُلَ (فِي رَجْعَةٍ)، أَيْ: رُجُوعٍ مِنْ دَارِ حَرْبٍ (الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بَعْدَهُ)، أَيْ: الْخُمُسِ، (وَ) بَيَانُ (ذَلِكَ) أَنَّهُ (إذَا دَخَلَ) أَمِيرٌ دَارَ حَرْبٍ (بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ) عَلَى الْعَدُوِّ، (وَإِذَا رَجَعَ) مِنْهَا (بَعَثَ) سَرِيَّةً (أُخْرَى) تُغِيرُ (فَمَا أَتَتْ بِهِ) كُلُّ سَرِيَّةٍ (أَخْرَجَ خُمُسَهُ، وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا وَجَبَ لَهَا بِجَعْلِهِ، وَقَسَّمَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْخُمُسِ (فِي الْكُلِّ)، أَيْ: الْجَيْشِ وَسَرَايَاهُ، لِحَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ سَلَمَةَ الْفِهْرِيِّ، قَالَ:«شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَلَ الرُّبْعَ فِي الْمَبْدَأَةِ وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» وَفِي لَفْظٍ: «كَانَ يَنْفُلُ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمْسِ، وَالثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمْسِ، إذْ أَقْفَلَ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَلِلتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَزِيدَ فِي الرَّجْعَةِ عَلَى الْبُدَاءَةِ لِمَشَقَّتِهَا، لِأَنَّ الْجَيْشَ فِي الْبُدَاءَةِ رَدْءٌ عَنْ السَّرِيَّةِ، وَفِي الرَّجْعَةِ مُنْصَرِفٌ عَنْهَا، وَالْعَدُوُّ مُسْتَيْقِظٌ، وَلِأَنَّهُمْ مُشْتَاقُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةً، وَلَا يَعْدِلُ شَيْءٌ عِنْدَ أَحْمَدَ الْخُرُوجَ فِي السَّرِيَّةِ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامِ، لِأَنَّهُ أَنْكَى لِلْعَدُوِّ