الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يواجههم، وفي مقابلة استكبارهم عن الطاعة في الدنيا، ذلك اليوم المشتمل على الأهوال العظام هو اليوم الذي أوعدهم الله به، وأنذرهم بملاقاته، وكانوا يكذبون به، وليتهم آمنوا به، فنجوا من العذاب.
وعبر عن ذلك اليوم بلفظ الماضي؛ لأن ما وعد الله به يكون آتيا لا محالة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
أنكر الله تعالى على الكفار حول النبي صلى الله عليه وسلم مسارعتهم إلى الكفر والتكذيب برسالته والاستهزاء به، فما بالهم يسرعون إليه ويجلسون حواليه، ولا يعملون بأوامره، وتراهم عن يمينه وشماله حلقا حلقا، وجماعات متفرقين.
2 -
ثم أنكر عليهم تناقضهم وتعارض أقوالهم ومواقفهم، فهم يكذّبون برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ويستهزئون بأصحابه، وينكرون البعث، ثم يقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم، ولئن أعطوا منها شيئا لنعطين أكثر منه!! فرد الله عليهم بقوله:{أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} أي إنهم منكرون للبعث، فكيف يطمعون في دخول الجنة؟ 3 - أيأسهم الله تعالى من دخول الجنة، فأخبر بأنهم لا يدخلونها، لاستكبارهم، فهم يعلمون أنهم مخلوقون من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة؛ كما خلق سائر جنسهم، فلا يليق بهم هذا التكبر، وليس لهم فضل يستوجبون به الجنة، وإنما تستوجب الجنة بالإيمان والعمل الصالح ورحمة الله تعالى.
روي أن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير رأى المهلب بن أبي صفرة يتبختر في مطرف
(1)
خزّ، وجبّة خزّ، فقال له: يا عبد الله، ما هذه المشية التي يبغضها
(1)
المطرف: واحد المطارف: وهي أردية من خز مربعة لها أعلام.
الله؟ فقال له: أتعرفني؟ قال: نعم، أولك نطفة مذرة
(1)
، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة، فمضى المهلب وترك مشيته.
4 -
أقسم الله لإثبات البعث والرد على المشركين المنكرين له بمشارق الشمس ومغاربها على أنه قادر على إهلاكهم والذهاب بهم، والمجيء بخير منهم في الفضل والطوع والمال، لا يفوته شيء، ولا يعجزه أمر يريده. ولم يقع التبديل، وإنما هدد تعالى القوم بذلك ليؤمنوا.
5 -
أوعد الله تعالى المشركين وهددهم بعذاب القيامة، آمرا نبيه عليه السلام أن يتركهم يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم، على جهة الوعيد، وأن يشتغل بما أمر به، ولا يهمه شركهم، فإن لهم يوما يلقون فيه ما وعدوا.
6 -
وصف الله حال المشركين يوم البعث بأنهم حين يسمعون الصيحة الآخرة إلى إجابة الداعي يخرجون مسرعين من القبور، كأنهم كما كانوا في الدنيا يسرعون ويتسابقون إلى النّصب: أي ما نصب فعبد من دون الله.
ووصفهم أيضا بأن أبصارهم تكون ذليلة خاضعة، لا يرفعونها لما يتوقعونه من عذاب الله، وتغشاهم مذلة وهوان.
7 -
إن هذا اليوم وهو يوم القيامة الذي يكون فيه الكفار على تلك الأوصاف هو اليوم الذي كانوا يوعدونه في الدنيا أن لهم فيه العذاب، ووعد الله آت لا محالة.
(1)
مذرة: الفساد.