الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} تقديم المفعول به لإفادة الاختصاص.
{فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ} جناس اشتقاق.
{عَسِيرٌ} و {يَسِيرٍ} بينهما طباق، وجناس اشتقاق.
المفردات اللغوية:
{الْمُدَّثِّرُ} المتلفف بثيابه عند نزول الوحي عليه، وأصله: المتدثر، وأجمعوا على أن المدثر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لابس الدثار: وهو الثوب الظاهر الذي يلبس فوق لباس داخلي يلاصق الجسد {قُمْ} من مضجعك، أو قيام عزم وجدّ {فَأَنْذِرْ} خوّف أهل مكة وغيرهم النار إن لم تؤمنوا. {فَكَبِّرْ} عظّم. {فَطَهِّرْ} أي طهر ثيابك من النجاسات، فإن التطهير واجب في الصلاة، محبوب في غيرها، وذلك بغسلها، أو بحفظها عن النجاسة، أو طهر نفسك من الأفعال والأخلاق الذميمة.
{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} أي اترك الأسباب والمآثم المؤدية إلى العذاب، وداوم على هجرها، والرجز: بضم الراء وكسرها: العذاب، قال تعالى:{لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} [الأعراف 134/ 7]. {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي لا تعط شيئا فتطلب أكثر منه، أو لا تمنن على الله بعبادتك مستكثرا إياها، أو على الناس بالتبليغ مستكثرا به الأجر منهم أو مستكثرا إياه. {فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ} نفخ في الصور وهو القرن النفخة الثانية. {فَذلِكَ} أي وقت النقر. {يَوْمٌ عَسِيرٌ} شديد على الكفار. {غَيْرُ يَسِيرٍ} غير سهل عليهم.
سبب النزول:
تقدم، وملخصه:
أخرج الشيخان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«جاورت بحراء شهرا، فلما قضيت جواري، نزلت، فاستنبطت الوادي، فنوديت، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فرجعت، فقلت:
دثروني. فأنزل الله: {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} ».
التفسير والبيان:
{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} أي يا أيها النبي الذي قد تدثر بثيابه، أي
تغطى بها رعبا من رؤية الملك عند نزول الوحي أول مرة، انهض، فخوّف أهل مكة، وحذرهم العذاب إن لم يسلموا.
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ} أي عظم الله وصفه بالكبرياء، في عبادتك وكلامك وجميع أحوالك، فإنه أكبر من أن يكون له شريك، وطهّر ثيابك واحفظها عن النجاسات. وقال قتادة: أي طهرها من المعاصي والذنوب، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله: إنه لدنس الثياب، وإذا وفّى وأصلح: إنه لمطهر الثياب. وكلا المعنيين صحيح، فإن الطهارة الحسية أو النظافة تلازم عادة الطهارة المعنوية، أي التجرد والتباعد من المعاصي، والعكس صحيح، فإن وجود الأوساخ ملازم لكثرة الذنوب.
والآية دليل على تعظيم الله مما يقول عبدة الأوثان، وعلى النظافة وتحسين الأخلاق واجتناب المعاصي.
{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} أي اترك الأصنام والأوثان، فلا تعبدها، فإنها سبب العذاب، واهجر جميع الأسباب والمعاصي المؤدية إلى العذاب في الدنيا والآخرة، فالآية دالة على وجوب الاحتراز عن كل المعاصي.
والنهي عن جميع ذلك لا يعني تلبسه بشيء منها وإنما يبدأ به لكونه قدوة، وللمداومة على الهجران، فهو كقوله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ، وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} [الأحزاب 1/ 33] وقوله سبحانه: {وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ: اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ، وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف 142/ 7] فمثل هذا الخطاب للنبي يراد به الأمر بالدوام والمتابعة، واستمرار تجنب الفساد.
{وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي لا تمنن على أصحابك وغيرهم بتبليغ الوحي، مستكثرا ذلك عليهم، أو إذا أعطيت أحدا عطية، فأعطها لوجه الله، ولا تمنّ