الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخلاصة: أن جميع ما يصدر عن العبد فبمشيئة الله ولكن دون إجبار.
ثم ختم السورة بخاتمة عجيبة تدل على أن دخول الجنة والنار ليس إلا بمشيئة الله، فقال:
{يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ، وَالظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً} أي يدخل في جنته من يشاء من عباده أن يدخلها فيها، فضلا من الله وإحسانا، ويعذب الظالمين الكافرين الذين ظلموا أنفسهم، فقد أعدّ لهم في الآخرة عذابا موجعا مؤلما، هو عذاب جهنم.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات الكريمات على ما يأتي:
1 -
إن القرآن الكريم كلام الله ووحيه الذي أنزله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم في مدى ثلاث وعشرين سنة، مفرّقا منجّما بحسب الحوادث والمسائل، فهو ليس مفترى به من عنده، ولا جاء به من تلقاء نفسه كما يدّعيه المشركون.
وبما أن السورة تضمنت الوعد والوعيد، فالناس بحاجة ماسة إلى هذا الكتاب الذي ليس بسحر ولا كهانة ولا شعر، وأنه حق من عند الله. قال ابن عباس: أنزل القرآن متفرّقا، آية بعد آية، ولم ينزل جملة واحدة، فلذلك قال:{نَزَّلْنا} .
2 -
ما دام هذا القرآن حقا من عند الله، ودستورا منقذا لحياة البشرية من التردي والضياع والضلال، وجب الصبر على أذى القوم في تبليغه للناس، والصبر على ما حكم به من الطاعات، ومخالفة أهل الإثم والكفر، وعدم إطاعتهم في شيء من ضلالهم.
وهذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم، ونهي له ولكل واحد من أمته.
3 -
إن العبد بأشد الحاجة للارتباط بالله والاستعانة به والاتكال عليه، لذا كانت الصلاة صلة بين العبد وربّه، وتقوية على الإيمان وصلابة الاعتقاد، وتربية المهابة لله في النفس، وتهذيب السلوك. ولأجل هذا أمر الله بذكره ليل نهار، وبالصلاة أول النهار وآخره، وذلك يشمل الصلوات الخمس المفروضة، وزيد عليها التطوع في الليل.
4 -
وبخ الله تعالى الكفار وقرّعهم على محبتهم الدنيا وحدها، وتركهم العمل للآخرة، فلا يؤمنون بيوم القيامة، ولا يستعدون لمواجهة موقف الحساب العسير الشديد في ذلك اليوم.
5 -
مما يدل على كمال قدرة الله تعالى: أنه هو الذي خلق الناس، وأحكم تركيب أجسادهم، وتشديد مفاصلهم وأوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والأعصاب، وأنه قادر على إهلاك الناس والمجيء بأطوع لله منهم.
6 -
إن هذه السورة وأمثالها من القرآن موعظة وعبرة، فمن أراد الخير لنفسه اتخذ طريقا موصلا إلى طاعة ربّه وطلب مرضاته. لكن الطاعة والاستقامة واتّخاذ سبيل الله لا تقع قهرا عن الله في ملكه، وإنما بمشيئة الله، فالأمر إليه سبحانه، ليس لعباده، ولا تنفذ مشيئة أحد ولا تتقدم إلا أن تتقدم مشيئة الله، وكل ذلك دون قهر ولا إجبار ولا إكراه من الله على اختيار شيء معين، إنما الاختيار للإنسان، والله عليم بأعمال عباده، حكيم في أمره ونهيه لهم.
7 -
كذلك دخول الجنة برحمة الله، ودخول النار بمشيئة الله، فهو الذي يرحم عباده المؤمنين، ويعذب الظالمين الكافرين عذابا مؤلما في نار جهنم، وبئس المصير.