الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي عذاب يوم القيامة للمكذبين بما أنذرتهم به الرسل من العذاب في الدنيا، إن استمروا على الكفر، وخالفوا أوامر الرسل.
ثم أخبر الله تعالى عن النوع السابع من أنواع تهديد الكفار، فقال:
{هذا يَوْمُ الْفَصْلِ، جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} أي ويقول الخالق لهم: هذا يوم الفصل الذي يفصل فيه بين الخلائق، ويتميز فيه الحق من الباطل، جمعناكم بقدرتنا يا معشر كفار قريش وأمثالكم المتأخرين على مرّ الدهور فيه مع الكفار الأولين، وهم كفار الأمم الماضية في صعيد واحد، ولجزاء واحد.
{فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} أي إن قدرتم أيها الكفار بحيلة ما على أن تتخلصوا من العذاب، فافعلوا، فإنكم لا تقدرون على ذلك. وهذا نهاية في التقريع والتحقير والتخجيل والتعجيز والتوبيخ وهو من جنس العذاب الروحاني، لذا قال عقيبه:
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي عذاب يوم القيامة لكل من كذب بالبعث، لأنه ظهر لهم عجزهم وفقد كل أمل لهم بالنجاة من العقاب.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه ثلاثة أنواع أخرى من تخويف الكفار إضافة للأنواع الأربعة المتقدمة:
النوع الخامس-بيان كيفية عذابهم في الآخرة: يقال للكفار تبكيتا وتهكما وتقريعا من خزنة جهنم: سيروا إلى ما كذبتم به من العذاب وهو النار، فقد شاهدتموها عيانا.
وعذاب النار له أوصاف أربعة: يتشعب ظله أو دخانه إلى ثلاث شعب، كما هو شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب، وليس كالظل الذي يقي حرّ الشمس، ولا يدفع من لهب جهنم شيئا، وترمي النار بشرارات، كل شرارة كالقصر:
البناء العالي، في العظم والارتفاع، مما يدل على أن تلك النار عظيمة جدا، وهي أيضا كالجمالات الصّفر: وهي الإبل السود، والعرب تسمي السّود من الإبل صفرا مما يدل على أن تلك النار شديدة الاشتعال كثيفة، متتابعة، سريعة الالتهاب.
وذكر القرطبي أن في هذه الآية دليلا على جواز ادّخار الحطب والفحم، وإن لم يكن من القوت، فإنه من مصالح المرء، مما يقتضي أن يكتسبه في غير وقت حاجته؛ ليكون أرخص، وحالة وجوده أمكن، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدّخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه وماله، وكل شيء محمول عليه
(1)
.
النوع السادس-بطلان الحجة، وفقد العذر، والعجز: أبان تعالى أنه ليس للكفار يوم القيامة عذر ولا حجة فيما ارتكبوا من القبائح، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم، فاجتمع عليهم عذاب التخجيل والعذاب الجسماني وهو مشاهدة النار وأهوالها.
النوع السابع-التعذيب بالتقريع والتخجيل: يقال للكفار يوم القيامة:
هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق، فيتبين المحقّ من المبطل، والذي جمع فيه في صعيد واحد أوائل الكفار وأواخرهم، سواء الذين كذبوا الرسل المتقدمين قبل نبينا، أو كذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم. وقد تحداهم الله تعالى بأن يجدوا لأنفسهم ملجأ أو وقاية من العذاب على المعاصي التي اقترفوها في الدنيا، ولكنهم يعجزون عن ذلك وعن الدفع عن أنفسهم.
ويكون الفصل فيما بين العباد بعضهم مع بعض من حقوق وظلامات، فهذا يدعي على آخر أنه ظلمه، أو قتله، وآخر يدعي أنه اغتصب منه شيئا أو سرق ماله، وهكذا.
(1)
تفسير القرطبي: 165/ 19