الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الْمَصِيرُ} ، {نَذِيرٌ} ، {كَبِيرٍ} ، {السَّعِيرِ} سجع مرصع لمراعاة رؤوس الآيات.
{ما كُنّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ} {فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ} إطناب بتكرار الجملة مرتين لزيادة التنبيه.
المفردات اللغوية:
{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} من شياطين الإنس والجن. {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ساء المرجع هي.
{أُلْقُوا فِيها} طرحوا فيها. {شَهِيقاً} صوتا منكرا شديدا كصوت الحمار، والشهيق: تنفس يسبق الزفير، وهو هنا كتنفس المتغيظ. {تَفُورُ} تغلي بهم كغلي المرجل. {تَمَيَّزُ} أي تتميز بمعنى تتقطع وتتفرق غضبا عليهم. {مِنَ الْغَيْظِ} غضبا على الكفار، والغيظ: شدة الغضب، وهو تمثيل لشدة اشتعالها بهم. {فَوْجٌ} جماعة أي من الكفار. {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها} سؤال توبيخ، والخزنة: الأعوان وهم مالك وأعوانه، جمع خازن. {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} أي رسول ينذركم عذاب الله، ويخوفكم منه، والاستفهام يراد به التوبيخ والتبكيت.
{إِنْ أَنْتُمْ} ما أنتم. {إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} خطأ بعيد عن الصواب والحق. وهذا القول إما من الملائكة للكفار حين اعترفوا بالتكذيب، أو من كلام الكفار للنذر من الرسل. {لَوْ كُنّا نَسْمَعُ} سماع تفهم. {أَوْ نَعْقِلُ} عقل تفكر. {ما كُنّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ} في عدادهم ومن جملتهم. {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} أقروا بذنوبهم حين لا ينفعهم الاعتراف، والاعتراف: إقرار عن معرفة. {فَسُحْقاً} أي أسحقهم الله سحقا، أي أبعدهم الله من رحمته.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى ما أعد للشياطين من عذاب السعير في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا، عمم الوعيد، وأوضح أن هذا العذاب معدّ أيضا لكل كافر جاحد بربه، ثم ذكر أوصاف النار وأهوالها الشديدة.
التفسير والبيان:
{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي وأعتدنا لكل الجاحدين بربهم، المكذبين رسله من الجن والإنس عذاب نار جهنم، وبئس المآل والمرجع وما يصيرون إليه، وهو جهنم.
ثم ذكر صفات النار الأربع وهي:
2، 1 - {إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً، وَهِيَ تَفُورُ} أي إذا طرح الكفار في نار جهنم، كما يطرح الحطب في النار العظيمة، سمعوا لها صوتا منكرا كصوت الحمير أول نهيقها، أو كصوت المتغيظ من شدة الغضب، وهي تغلي بهم غليان المرجل.
3 -
{تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أي تكاد أو تقترب تتقطع، وينفصل بعضها من بعض، من شدة غضبها على الكفار، وحنقها بهم.
4 -
{كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} أي كلما طرح في جهنم جماعة من الكفار، سألهم أعوانها وزبانيتها سؤال تقريع وتوبيخ: أما جاءكم في الدنيا رسول نذير ينذركم هذا اليوم ويخوفكم ويحذركم منه؟ فيجيبهم الكفار بقولهم من ناحيتين:
1 -
{قالُوا: بَلى، قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ، فَكَذَّبْنا وَقُلْنا: ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ، إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} أي أجاب الكفار قائلين: بلى جاءنا رسول من عند الله ربنا، فأنذرنا وخوّفنا، لكنا كذبنا ذلك النذير، وقلنا له: ما نزّل الله من شيء على لسانك، ولم يوح إليك بشيء من أمور الغيب وأخبار الآخرة والشرائع التي أمرنا الله بها.
وما أنتم أيها الرسل إلا في ذهاب عن الحق، وبعد عن الصواب. فهذا على الأظهر من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين.
ونظير الآية قوله تعالى: {حَتّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ، يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ، وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟ قالُوا: بَلى، وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ} [الزمر 71/ 39].