الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي طريق الإسلام. {ماءً غَدَقاً} كثيرا. {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} لنختبرهم فيه كيف يشكرونه.
{ذِكْرِ رَبِّهِ} تذكيره وهو الوحي أو القرآن، أو مواعظه. {يَسْلُكْهُ} ندخله. {عَذاباً صَعَداً} شاقا يعلو المعذّب ويغلبه.
سبب النزول:
نزول الآية (16):
{وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا} : أخرج الخرائطي عن مقاتل في قوله: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً} قال: نزلت في كفار قريش حين منعوا المطر سبع سنين.
التفسير والبيان:
يتابع الحق عز وجل حكاية أشياء أخرى وهي سبعة أنواع بالإضافة إلى الأنواع الستة المتقدمة، فيصير المجموع ثلاثة عشر نوعا، والأنواع السبعة هي:
7 -
{وَأَنّا لَمَسْنَا السَّماءَ، فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} أي لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، طلبنا خبر السماء كما جرت به عادتنا فوجدناها-ملئت حرّاسا أقوياء من الملائكة يحرسونها عن استراق السمع، ووجدنا أيضا نيرانا من الكواكب تحرق وتمنع من أراد استراق السمع كما كنا نفعل، كما قال تعالى:{وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ} [الملك 5/ 67]. فالشهب:
انقضاض الكواكب المحرقة للجن عن استراق السمع.
أخرج أحمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال: كان للشياطين مقاعد في السماء يسمعون فيها الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فأما الكلمة فتكون حقا، وأما ما زاد فيكون باطلا، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم: ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض، فبعث جنوده، فوجدوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي بين جبلين بمكة، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا هو الحدث الذي حدث في الأرض.
والخلاصة: أن الشياطين منعت بعد بعثة النّبي صلى الله عليه وسلم من استراق السمع لئلا يسترقوا شيئا من القرآن، فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط، ولا يدرى من الصادق.
8 -
{وَأَنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ، فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً} أي أننا كنا نقعد في السماء مقاعد لاستراق السمع، وسماع أخبار السماء من الملائكة لإلقائها إلى الكهنة، فحرسها الله سبحانه عند بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهب المحرقة، فمن يروم أن يسترق السمع اليوم، يجد له شهابا مرصدا له، لا يتخطاه ولا يتعداه، بل يمحقه ويهلكه.
9 -
{وَأَنّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} أي وأننا لا نعلم بسبب هذه الحراسة للسماء، أشرّ أو عذاب أراده الله أن ينزله على أهل الأرض، أم أراد بهم ربهم خيرا وصلاحا، بإرسال نبي مصلح. وهذا من أدبهم في العبارة حيث أسندوا الشر إلى غير فاعل والخير أضافوه إلى الله عز وجل.
وقد ورد في الصحيح: «والشر ليس إليك» .
10 -
{وَأَنّا مِنَّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَ ذلِكَ كُنّا طَرائِقَ قِدَداً} أي أخبر تعالى عن الجن أنهم قالوا مخبرين عن أنفسهم، لما دعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم: كنا قبل استماع القرآن: منّا المؤمنون الأبرار الموصوفون بالصلاح، ومنّا قوم دون ذلك، أي غير صالحين أو كافرين، كنا جماعات متفرقة، وأصنافا مختلفة، وأهواء متباينة. والمراد أنهم كانوا أقساما، فمنهم المؤمن ومنهم الفاسق ومنهم الكافر، كما هي حال الإنس. قال سعيد بن المسيب: كانوا مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا.
11 -
{وَأَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ، وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً} أي وأننا علمنا أن قدرة الله حاكمة علينا، وأنا لا نفلت من قدرة الله ولا نفوته إن طلبنا وأراد بنا أمرا، سواء كنا كائنين في الأرض أو هاربين منه إلى السماء، فإنه علينا قادر لا يعجزه أحد منا.
12 -
{وَأَنّا لَمّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنّا بِهِ، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ، فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً} أي وأننا لما سمعنا القرآن، صدقنا أنه من عند الله، ولم نكذب به، كما كذبت به كفرة الإنس، فمن يصدق بربه وبما أنزله على رسله، فلا يخاف نقصانا من حسناته، ولا عدوانا وظلما وطغيانا بالزيادة في سيئاته.
13 -
{وَأَنّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ، فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً} أي وأن بعضنا مؤمنون مطيعون لربّهم يعملون الصالحات، وبعضنا جائرون ظالمون حادوا عن طريق الحق والخير ومنهج الإيمان الواجب، فمن آمن بالله وأسلم وجهه لله بطاعة شريعته، فأولئك قصدوا وتوخوا الطريق الموصل للسعادة، وطلبوا لأنفسهم النجاة من العذاب، وهذا ثواب المؤمنين.
ويلاحظ أن القاسط: الجائر عن الحق الناكب عنه؛ لأنه عادل عن الحق، بخلاف المقسط وهو العادل؛ لأنه عادل إلى الحق، والقاسطون: الكافرون الجائرون عن طريق الحق، من قسط أي جار، والمقسط: القائم بالعدل، من أقسط، أي عدل.
ثم ذم الجن الكافرين بقولهم:
{وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} أي وأما الجائرون الحائدون عن منهج الإسلام فكانوا وقودا للنار توقد أو تسعر بهم، كما توقد بكفرة الإنس.
وبعد بيان النوع الأول من الموحى به إلى رسوله، ذكر تعالى النوع الثاني الموحى به إليه، فقال: