الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إرسال نوح عليه السلام إلى قومه
الإعراب:
{أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} {أَنْ} : إما مفسرة بمعنى (أي) لتضمن الإرسال معنى القول، فلا يكون لها موضع من الإعراب، وإما في موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر، أي بأن أنذر.
المفردات اللغوية:
{أَنْ أَنْذِرْ} أي بأن أنذر، أو بإنذار. {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ} إن لم يؤمنوا. {عَذابٌ أَلِيمٌ} مؤلم، في الدنيا بالطوفان، وفي الآخرة بنار جهنم. {نَذِيرٌ مُبِينٌ} بيّن الإنذار. {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ} بأن اعبدوا الله. {مِنْ ذُنُوبِكُمْ} {مِنْ} زائدة، فإن الإيمان يغفر به ما قبله، أو تبعيضية لإخراج حقوق العباد. {وَيُؤَخِّرْكُمْ} بلا عذاب. {أَجَلٍ مُسَمًّى} أجل مقدر بوقت معلوم لا يتجاوزه، وهو أقصى ما قدر لكم، وهو أجل الموت. {إِنَّ أَجَلَ اللهِ} إن الأجل الذي قدّره. {إِذا جاءَ} على الوجه المقدر به أجلا. {لا يُؤَخَّرُ} فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير. {لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} لو كنتم من أهل العلم والنظر لعلمتم ذلك، ولآمنتم. وفيه دلالة على أنهم لانهماكهم في حب الحياة العاجلة، كأنهم شاكون في الموت.
التفسير والبيان:
{إِنّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي إنا بعثنا نوحا أول رسول أرسله الله إلى قومه، وقلنا له: أنذر قومك بأس الله قبل أن يأتيهم عذاب شديد الألم، وهو عذاب النار، أو الإغراق بالطوفان، فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم.
{قالَ: يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} قال نوح لقومه: إني منذر من عقاب الله ومخوّف لكم، بيّن الإنذار، واضح الاعلام، أبيّن لكم ما فيه نجاتكم، ومضمون الإنذار:
{أَنِ اعْبُدُوا اللهَ، وَاتَّقُوهُ، وَأَطِيعُونِ} أي آمركم أن تعبدوا الله وحده لا شريك له، وأن تؤدوا حقوقه، وتمتثلوا أوامره، وتجتنبوا ما يوقعكم في عذابه؛ وتطيعوني فيما آمركم به، فإني رسول إليكم من عند الله تبارك وتعالى.
والتقوى: امتثال الأوامر، واجتناب المحارم والمآثم.
والتكليف بهذه الأمور الثلاثة له ثمرتان:
{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ، وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} أي يستر لكم بعض ذنوبكم، ويسامحكم فيما فرط منكم من الزلاّت، ويمد في أعماركم ويؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدّره الله لكم، إن آمنتم وأطعتم، وهذا وعد على العبادة والطاعة بشيئين: أحدهما-دفع مضار الآخرة: وهو غفران الذنوب، والثاني- تحقيق منافع الدنيا، وهو تأخير الأجل إلى أقصى الإمكان.
وقد استدل العلماء بهذه الآية على أن الطاعة والبر وصلة الرحم، يزاد بها في العمر حقيقة، كما
ورد في الحديث الذي رواه أبو يعلى عن أنس: «صلة الرحم تزيد في العمر» . قال الزمخشري: قضى الله مثلا أن قوم نوح إن آمنوا عمّرهم ألف سنة، وإن بقوا على كفرهم، أهلكهم على رأس تسع مائة، فقيل لهم: آمنوا يؤخركم إلى أجل مسمى، أي إلى وقت سماه الله وضربه أمدا تنتهون إليه، لا تتجاوزونه، وهو الوقت الأطول تمام الألف
(1)
.
3/ 270.
(1)