الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{أَمْ أَمِنْتُمْ} بتحقيق الهمزتين، أو بقلب الهمزة الأولى واوا، أو بتسهيل الثانية مع الفصل، أو بلا فصل، أو مع إدخال ألف بينهما، أو بإبدال الثانية ألفا، والأمن: ضد الخوف. {مَنْ فِي السَّماءِ} هو الله، على زعم العرب أنه تعالى في السماء. {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} أن يغوّر بكم الأرض، ويغيبكم فيها، ومنه قوله تعالى:{فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} [القصص 81/ 28].
{تَمُورُ} ترتجّ وتتحرك وتضطرب.
{حاصِباً} ريحا شديدة فيها حصباء ترميكم بها وتهلككم. {فَسَتَعْلَمُونَ} عند معاينة العذاب. {كَيْفَ نَذِيرِ} أي إنذاري بالعذاب أنه حق، وتخويفي به. {مِنْ قَبْلِهِمْ} من الأمم.
{نَكِيرِ} إنكاري عليهم بإنزال العذاب، وهو تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتهديد لقومه المشركين.
{أَوَلَمْ يَرَوْا} ينظروا. {فَوْقَهُمْ} في الهواء. {صافّاتٍ} باسطات أجنحها في الجو عند طيرانها. {وَيَقْبِضْنَ} أي وقابضات يضمنها تارة أخرى. {ما يُمْسِكُهُنَّ} عن الوقوع في حال البسط والقبض. {إِلاَّ الرَّحْمنُ} بقدرته، الشامل رحمته كل شيء. {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} يعلم كيف يخلق الغرائب ويدبر العجائب. والمعنى: ألم يستدلوا بطيران الطير في الهواء على قدرتنا أن نعذبهم كما عذبنا الأمم المتقدمة؟
المناسبة:
بعد بيان الأدلة على علم الله وقدرته لترهيب الكافرين وتخويفهم، أورد تعالى أدلة أخرى بقصد الوعيد والتهديد، من إمكان الخسف العاجل بأهل الأرض، أو إرسال الريح الحاصب التي تدمر كل شيء، مع التذكير بإهلاك الأمم السابقة كعاد وثمود وقوم نوح وفرعون وجنوده، وإقدار الطير على الطيران في جو السماء.
التفسير والبيان:
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ، فَإِذا هِيَ تَمُورُ} أي هل تأمنون أن يخسف أو يغور ويقلع الله بكم الأرض، كما خسف بقارون بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون في مناكبها، فإذا هي تضطرب وتتحرك وتموج بكم؟
والمراد بهذا الاستفهام الوعيد والإخبار بأنه تعالى قادر على تعذيب من كفر بالله وأشرك معه إلها آخر. قال ابن عباس: أأمنتم من في السماء إن عصيتموه.
ونظير الآية قوله تعالى: {قُلْ: هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام 65/ 6].
ولكن من لطفه ورحمته تعالى بخلقه أنه يحلم ويصفح، ويؤجل ولا يعجّل كما قال تعالى:{وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ، فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً} [فاطر 45/ 35].
ثم أتبع الله تعالى ذلك بوعيد آخر:
{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً، فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} أي بل هل أمنتم ربكم الله الذي هو في السماء كما تزعمون، وهل أمنتم سلطانه وملكوته وقهره أن يرسل عليكم ريحا مصحوبة بحجارة من السماء، كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل في مكة، وحينئذ تعلمون إذا عاينتم العذاب كيفية إنذاري وعقابي لمن خالف وكذب به، ولكن لا ينفعكم هذا العلم؟! ونظير الآية قوله تعالى:{أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ، أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً، ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً} [الإسراء 78/ 17].
ثم ذكّر الله تعالى بعذاب الأمم المتقدمة مؤكدا تخويف الكفار بالمثال والبرهان، أما المثال فهو:
{وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} أي إن الكفار الذين كانوا قبلهم، والذين كذبوا الرسل، شاهدوا أمثال هذه العقوبات بسبب كفرهم، كعاد وثمود وكفار الأمم، فحاق بهم سوء العذاب، وانظروا كيف كان إنكاري عليهم بما أوقعته بهم من العذاب الشديد؟