المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

اثنين، فنزل قوله: {وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً} أي - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الملك، أو: تبارك

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضل السورة:

- ‌بعض أدلة القدرة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعذيب الكفار العصاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وعد المؤمنين بالمغفرة وتهديد الكافرين مرة أخرى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (13):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع من الوعيد والتهديد والعبرة بالأمم السابقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ المشركين على عبادة الأصنام وإثبات قدرة اللهواختصاصه بعلم البعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌دعاء كفار مكة على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالهلاك

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة القلم

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌كمال الدين والخلق عند النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (2) {ما أَنْتَ

- ‌نزول الآية (4) {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأخلاق الذميمة عند الكفار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة أصحاب الجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المتقين وإنكار التسوية بين المطيع والعاصي

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تخويف الكفار من قدرة الله تعالى وأمر النبي صلى الله عليه وسلمبالصبر والتذكير العالمي بالقرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الحاقة

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌تعظيم يوم القيامة وإهلاك المكذبين به

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض أهوال القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال الأبرار الناجين بعد الحساب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال الأشقياء يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعظيم القرآن وإثبات نزوله بالوحي

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة المعارج

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌تهديد المشركين بعذاب القيامة وتأكيد وقوعه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الخصال العشر التي تعالج طبع الإنسان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الكفار المكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة نوح عليه السلام

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إرسال نوح عليه السلام إلى قومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مناجاة نوح ربه وشكواه إليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع من قبائح قوم نوح وأقوالهم وأفعالهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الجن

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إيمان الجن بالقرآن وبالله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (1):

- ‌نزول الآية (6):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكاية أشياء أخرى عن الجن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع أخرى من الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلموبيان أصول رسالته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (18):

- ‌نزول الآية (20):

- ‌نزول الآية (22):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌علم تعيين الساعة مختص بالله عالم الغيب

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة المزمل

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم في بدء الدعوة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - فرضية التهجد:

- ‌2 - وجوب ترتيل القرآن:

- ‌3 - ثقل القرآن والوحي:

- ‌4 - ناشئة الليل:

- ‌5 - مشاغل النهار:

- ‌6 - ذكر الله والتبتل:

- ‌7 - إفراد الله بالتوكل عليه:

- ‌8 - الصبر على الأذى في سبيل الدعوة:

- ‌تهديد الكفار وتوعدهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تذكير وإرشاد بأنواع الهداية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة المدثر

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌سبب نزولها:

- ‌إرشادات للنبي صلى الله عليه وسلم في بدء الدعوة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد زعماء الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (11):

- ‌نزول الآية (30):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحكمة في اختيار عدد خزنة جهنم التسعة عشر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة القيامة

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إثبات البعث والمعاد وعلائمه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن وحال الناس في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تفريط الكافر في الدنيا وإثبات البعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الإنسان، أو: الدّهر

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌خلق الله الإنسان وهدايته السبيل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الكفار والأبرار يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مساكن أهل الجنة وأشربتهم وخدمهم وألبستهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الطائعين والمتمردين المشركين في الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة المرسلات

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌وقوع يوم القيامة حتما ووقته وعلاماته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تخويف الكفار وتحذيرهم من الكفر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع ثلاثة أخرى من وجوه تخويف الكفاركيفية عذابهم في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأنواع الباقية من تهديد الكفار وتعذيبهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: اثنين، فنزل قوله: {وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً} أي

اثنين، فنزل قوله:{وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً} أي لم يجعلهم رجالا تستطيعون مغالبتهم.

‌التفسير والبيان:

{وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً} أي لم نجعل خزنة النار وزبانيتها القائمين بالتعذيب إلا ملائكة غلاظا شدادا، ولم نجعلهم رجالا تمكن مغالبتهم، ومن يطيق الملائكة ومن يغلبهم؟ وهم أقوى الخلق وأشدهم بأسا وأعظمهم بطشا، وأقومهم بحق الله والغضب له تعالى.

وهذا رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة، فقال أبو جهل كما تقدم: يا معشر قريش، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله تعالى:{وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً} أي شديدي الخلق، لا يقاومون ولا يغالبون.

ثم أبان الله تعالى حكمة اختيار عدد الخزنة، فقال:

{وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر، اختبارا منا للناس، وسبب محنة وإضلال للكافرين، حتى قالوا ما قالوا، ليتضاعف عذابهم، ويكثر غضب الله عليهم. فقوله:{فِتْنَةً} معناه سبب فتنة، أي جعلنا تلك العدة وهي تسعة عشر سببا لفتنة الكفار، وفتنتهم: هو كونهم أظهروا مقاومتهم والطمع في مغالبتهم، وذلك على سبيل الاستهزاء، فإنهم مكذبون بالبعث وبالنار وبخزنتها.

{لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً} أي إنه تعالى جعل عدة الزبانية تسعة عشر ليتيقن ويعلم أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى أن هذا الرسول حق، فإنه جاء ناطقا بما يطابق كتبهم السماوية المنزلة على الأنبياء

ص: 234

قبله، فإن فيها أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر، ولكي يزداد إيمان المؤمنين وتصديقهم حين يرون موافقة أهل الكتاب لهم، ويشهدون صدق إخبار نبيهم محمد-صلى الله عليه وسلم.

ثم أكد الله تعالى ذلك بنفي الشبهة والشك، فقال:

{وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} أي ولا يشك أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمؤمنون بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في صحة وحقيقة هذا العدد، وفي دين الله. والمراد بذلك في الواقع التعريض بالمتشككين المنافقين.

{وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ: ماذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً} أي وليقول المنافقون الذي في قلوبهم شك وريب في صدق النبي صلى الله عليه وسلم والكافرون من أهل مكة وغيرهم: أي شيء أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل؟ وما الحكمة في ذكر هذا هنا؟ ومرادهم إنكار أصل هذا الكلام، وأنه ليس من عند الله

(1)

.

ثم ذكر الله تعالى سنته في الإضلال والهداية لمن كان من أهلهما، فقال:

{كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} أي مثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى يضل من يريد بخذلانه عن إصابة الحق، لسوء استعداده، وتوجيه نفسه لمواقع الضلال والسوء، ويهدي إلى الحق والإيمان من يريد، بتوفيقه إلى الصواب، فمثل إضلال أبي جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم، يضل الله عن الهداية والإيمان أي يخزي ويعمي من أراد إضلاله، ويهدي أي يرشد من أراد هدايته، كإرشاد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

وليس معنى الإضلال والهداية أنه تعالى يجبر كل فريق على الضلالة والهدى،

(1)

البحر المحيط: 377/ 8

ص: 235

فذلك مناف للعدل الإلهي، ولحكمة التشريع الذي جاء بالتكليف، وإنما لإرادة المكلف واختياره دور أساسي في الاستجابة للتكليف، ولاستحقاق المؤاخذة والثواب، ولا يقع شيء قهرا عن الله، وإنما بمراده، فإن خالف العبد عصى المأمور به، والمحبوب لربه، ولم يخرج عن مشيئة الله، فالله قهر الأشياء كلها، ولكنه أرخى الزمام في أشياء لاختيار الإنسان.

ثم أكد تعالى أن له في هذا العدد حكمة اختص هو بمعرفتها، فقال:

{وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ} أي إن خزنة النار، وإن كانوا تسعة عشر، فلهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه.

وهذا رد على المشركين الذين استقلوا ذلك العدد، ملخصه: هبوا أن هؤلاء تسعة عشر، إلا أن لكل واحد من الأعوان والجنود ما لا يحصيهم إلا الله، فلا يعلم جنود الله إلا هو لفرط كثرتهم، ولا يعسر عليه تتميم الخزنة إلى عشرين وأزيد، ولكن له في هذا العدد حكمة اختص هو بمعرفتها.

{وَما هِيَ إِلاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ} أي وما سقر وصفتها، وما ذكر عدد خزنتها إلا تذكرة وموعظة للناس، ليعلموا كمال قدرة الله، وأنه لا يحتاج إلى أعوان وأنصار.

ثم وجّه الله تعالى تحذيرا لمن أنكر جهنم، فقال:

{كَلاّ، وَالْقَمَرِ، وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ، إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ، نَذِيراً لِلْبَشَرِ} أي أوجه تحذيرا رادعا لكم أيها الناس، فلا سبيل لإنكار وجود النار في الآخرة، وأقسم بالقمر المتلألئ، وبالليل إذا مضى وولى ذاهبا، وبالصبح إذا ظهر وتبين وأضاء، إن سقر (جهنم) لإحدى الدواهي العظام والبلايا الكبار؛ لإنذار البشر وتخويفهم من عقاب الله على العصيان.

ص: 236