الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الضحى
هذه السورة الكريمة مكية، وآياتها إحدى عشرة آية
صلتها لما قبلها:
لَمَّا ذكر -سبحانه- فيما قبلها (سورة الليل) قوله تعالى: "وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى" وكان سيدُ الأَتقياءِ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب -سبحانه- ذلك بذكر نعمه عز وجل على رسوله عليه الصلاة والسلام في تلك السورة من قوله: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) إِلى قوله: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) وجاءَ في كتاب روح المعاني للآلوسي: وقال الإِمام: لَمَّا كانت السورة الأولى (سورة الليل) سورة أَبي بكر رضي الله عنه وهذه سورة رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب عز وجل بها، ولم يجعل بينهما واسطة؛ ليعلم أَن لا واسطة بين رسوله صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه وتقديم سورة الصديق على سورته صلى الله عليه وسلم لا يدل على أَفضليته منه صلى الله عليه وسلم أَلا ترى أَنه - تعالى - أَقسم أَولًا بشيءٍ من مخلوقاته -سبحانه- ثم أَقسم بنفسه عز وجل في عدة مواضع منها السورة السابقة على ما عرفت، والخدم تتقدم بين يدي السادة، وكثير من السنن أَمر بتقديمه على فروض العبادة، ولا يضر النَّوْرَ تأَخرُه عن أَغصانه، ولا السِّنَان كونه في أَطراف مُرَّانه (1)، ثم ما ذكر زهرة ربيع لا تتحمل الفرك كما لا يخفى.
بعض مقاصد السورة:
1 -
أَنها أَكدت -بالقسم- أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتركه ربه ولم يبغضه، وإِنما هو عنده في كريم المكانة، وجلال القدر ورفيع المنزلة:(وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى).
2 -
أَنها جاءَت بما يثلج صدر الرسول صلى الله عليه وسلم ويقر عينه؛ وذلك بأَن بشرته بأَن عطاءَ ربّه له عظيم، فسيعطيه ويمنحه ما يرضيه:(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).
(1) المران: الرماح الصلبة اللدنة، الواحدة: مرانة.
3 -
أن الآيات -بعد ذلك- ذَكَّرت الرسول عليه الصلاة والسلام بنعم الله عليه ليكمل إيناسه ويزيد اطمئنانه: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى).
وكانت نهاية السورة وصيته -سبحانه- لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يكون على تذكُّر دائم لنعم الله السابقة عليه، وذلك بأَن يرعى اليتيم ويؤويه، ويعطف على السائل والمحتاج ويعطيه، وأن يذكر ويحدث بنعم الله عليه شكرًا له -سبحانه- وتعليمًا لعباده حتى يكونوا على الجادة وسواءِ الصراط.
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5))
المفردات:
(وَالضُّحَى): وقت ارتفاع الشمس بعد بزوغها وطلوعها.
(إِذَا سَجَى): إذا سكن أَهله، وقيل غير ذلك.
(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ): ما تركك ربُّك منذ اختارك، وأَصل (ودع) من التوديع، وهو من الدعة وهو أَن تدعو للمسافر أَن يدفع عنه كآبة السفر، وأَن يبلغه الدعة وخفض العيش ثم صار متعارقًا على تشييع المسافر وتركه، ثم استعمل في الترك مطلقًا.
(وَمَا قَلَى): وما أَبغضك منذ أَحبك.