المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة القدر وهي مكية، وآياتها خمس آيات وسميت بذلك لتكرار ذكر - التفسير الوسيط - مجمع البحوث - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌سورة المجادلة

- ‌مدنية وآياتها ثنتان وعشرون

- ‌أهم مقاصدها:

- ‌أسماء هذه السورة:

- ‌مناسبتها لها قبلها:

- ‌سؤال هام وجوابه:

- ‌سورة الحشر

- ‌مدنية وعدد آياتها أربع وعشرون

- ‌وتسمى سورة بني النضير كما قال ابن عباس

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أهم أغراض السورة:

- ‌سورة الممتحنة

- ‌مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد هذه السورة الكريمة:

- ‌سورة الصف

- ‌مدنية وآياتها أربع عشرة

- ‌أَسماء هذه السورة:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أهم مقاصد السورة:

- ‌سورة الجمعة

- ‌مدنية وآياتها إِحدي عشرة

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌أَذان الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد عثمان رضي الله عنه

- ‌المراد من السعي وذكر الله:

- ‌العدد الذي به تصح الجمعة

- ‌هل حضور الحاكم شرط في صحة الجمعة

- ‌القيام شرط في الخطبة

- ‌أَحكام مختلفة

- ‌أَركان الخطبة:

- ‌سورة المنافقون

- ‌مدنية وآياتها إحدي عشرة آية

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة التغابن

- ‌هذه السورة الكريمة مدنية وآياتها ثماني عشرة آية

- ‌وسميت بهذا الاسم لورود كلمة التغابن في الآية التاسعة منها

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد هذه السورة:

- ‌سورة الطلاق

- ‌مدنية وآياتها اثنتا عشرة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم أغراض السورة:

- ‌سورة التحريم

- ‌مدنية وآياتها اثنتا عشرة آية

- ‌مناسبتها للسورة التي قبلها وهي سورة الطلاق:

- ‌أغراض السورة:

- ‌سورة الملك

- ‌مكية وآياتها ثلاثون آية

- ‌مقاصدها:

- ‌صلة هذه السورة بما قلبها:

- ‌أسماء السورة وفضلها:

- ‌سورة القلم

- ‌ومناسبة سورة القلم للسورة السابقة (سورة الملك):

- ‌المعنى العام للسورة

- ‌سورة الحاقة

- ‌مناسبة هذه السورة لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة المعارج

- ‌مكية وآياتها أربع وأربعون آية

- ‌صلة هذه السورة بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة نوح

- ‌مكية، وهي ثمان وعشرون آية

- ‌وجه اتصالها بما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌سورة الجن

- ‌مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد هذه السورة:

- ‌1 - الملائكة:

- ‌2 - الجن:

- ‌3 - الشياطين:

- ‌سورة المزمل

- ‌هذه السورة الكريمة مكيَّة وآياتها عشرون آية

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد هذه السورة:

- ‌ما جاء في سبب النزول:

- ‌سورة المدثر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَول ما نزل من القرآن:

- ‌من مقاصد السورة:

- ‌سورة القيامة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة الإِنسان

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصدها:

- ‌سورة المرسلات

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌(هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ (35) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37))

- ‌(هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (40))

- ‌سورة النبأ

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة النازعات

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌سورة عبس

- ‌صلتها لما قبلها:

- ‌أهم مقاصد السورة:

- ‌سورة التكوير

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌أهم مقاصدها:

- ‌سورة الانفطار

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة المطففين

- ‌صلة هذه السورة بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سبب نزول السورة:

- ‌سبب النزول:

- ‌سورة الانشقاق

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة البروج

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌سورة الطارق

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌سورة الأعلى

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الغاشية

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الفجر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصدها:

- ‌سورة البلد

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة الشمس

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌بعض مقاصد هذه السورة:

- ‌سورة الليل

- ‌صلتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سبب النزول:

- ‌سورة الضحى

- ‌صلتها لما قبلها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سبب النزول:

- ‌سورة ألم نشرح

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌سورة والتين

- ‌مناسبها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصدها:

- ‌سورة العلق

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصدها:

- ‌سورة القدر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصدها:

- ‌سورة البينة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصد السورة:

- ‌سورة الزلزلة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌أَهم مقاصدها:

- ‌سورة العاديات

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة القارعة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة التكاثر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة العصر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌بعض ما جاء فيها:

- ‌(وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ):

- ‌سورة الهُمَزَة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الفيل

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة قريش

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الماعون

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الكوثر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الكافرون

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌بعض فضائلها:

- ‌سورة النصر

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة المسد

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الإخلاص

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سبب نزول السورة:

- ‌بعض ما جاء في فضلها:

- ‌سورة الفلق

- ‌مناسبة السورة لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة الناس

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مقاصد السورة:

الفصل: ‌ ‌سورة القدر وهي مكية، وآياتها خمس آيات وسميت بذلك لتكرار ذكر

‌سورة القدر

وهي مكية، وآياتها خمس آيات وسميت بذلك لتكرار ذكر ليلة القدر فيها، وعظم شرفها

‌مناسبتها لما قبلها:

لَمَّا كانت كالتعليل للأَمر بقراءَة القرآن في بدءِ السورة السابقة (العلق). كأَنه قبل: اقرأْ القرآن لأَن قدره عظيم، وشأْنه فخيم، لذلك ذكرت هذه عقب تلك.

‌أَهم مقاصدها:

1 -

تحدثت عن بدءِ نزول القرآن، وأَنه كان في ليلة القدر:

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).

2 -

أَبرزت الشرف العظيم لتلك الليلة على العدد الكثير من الأَيام والليالي لما فيها، من الأنوار والنفحات الربانية:"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ".

3 -

أَكدت علوَّ قدر هذه الليلة. يتنزل الملائكة المقربين من عند الرحمن من أَجل كل أَمر قدره الله لتلك السنة إِلى قابل: "تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ".

4 -

أَشارت في ختامها إِلى أَن سلام الملائكة على أَهل الإِيمان مستمر إِلى طلوع الفجر: (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

ص: 1973

(بسم الله الرحمن الرحيم)

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))

المفردات:

(فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أَي: ليلة تقدير الأُمور وقضائها، والقدر: بمعنى التقدير، وهي بذلك تشرف وتفضل سائر الليالي.

(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) أَي: لم تبلغ درايتك وعلمك غاية فضلها العظيم.

(وَالرُّوحُ فِيهَا) أَي: جبريل عليه السلام أَو خلق من خلق الله لم يُر مثلهم.

(سَلامٌ هِيَ): أي: أَنها سلام من كل أَمر مخوف إلى مطلع الفجر. أَو تسليم من الملائكة على المؤمنين إِلى تلك الغاية.

التفسير

1 -

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ):

يخبر الله تعالى بأَنه -سبحانه- عظم القرآن الكريم بإِسناد إِنزاله إليه -جل شأْنه- لا إِلى غيره، أَنزله -سبحانه- في ليلة مباركة كما قال تعالى:"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ"(1) وهي ليلة القدر التي جعلها الله من ليالي شهر رمضان، كما قال سبحانه " شَهْرُ

(1) سورة الدخان، الآية: 2

ص: 1974

رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ" (1) وفي إِسناد إِنزاله إِليه - سبحانه - مرتين في قوله: (إنا) وقوله: (أَنزلناه) مع تأْكيد الجملة في الآية الكريمة مزيد من التعظيم والتفخيم مع إِفادة اختصاص الإِنزال به تعالى كما قال الزمخشري.

وفي التعبير عن القرآن بضمير الغائب في "أَنزَلْنَاهُ" مع عدم تقدم ذكره تعظيم له أَي: تعظيم؛ لما أَنه يُشعر بأَنه لعلو شأْنه كأَنه حاضر عند كل أَحد، والمراد: ابتدأَنا في تلك الليلة إِنزاله على محمد صلى الله عليه وسلم.

2 -

(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ):

تعظيم لليلة القدر التي خصها - تعالى - بإنزال القرآن، أَي: ولم تبلغ درايتك غاية فضلها؛ لأَن علوها خارج عن دائرة دراية الخلق، لا يَعْلَم ذلك، ولا يُعْلِمُ به إِلَاّ علَاّم الغيوب، كما يشعر به قوله تعالى:

3 -

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ):

بيان إِجمالي لشأْنها إِثر تشويقه عليه الصلاة والسلام إِلى درايتها بقوله: "وَمَا أَدْرَاكَ" فإِن ذلك معرب بالوعد بإِدراكها وإِعلام الله له صلى الله عليه وسلم بها.

وقد روي عن سفيان بن عيينة أَمر أَن كل ما في القرآن من قوله تعالى: "وَمَا أَدْرَاكَ" أَعلم به الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وما فيه من قوله سبحانه: (وَمَا يُدْرِيكَ) لم يعلمه عز وجل به أَي: هي خير من أَلف شهر ليس فيها ليلة القدر، وسبب ارتقائها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من إِنزال القرآن، وتنزل الملائكة والروح فيها، وفصل كل أَمر حكيم، ولذلك فإِن العبادة فيها أَكثر ثوابًا، وأَعظم فضلًا من العبادة في أَشهر كثيرة ليس فيها ليلة القدر، والعمل القليل قد يفضل الكثير باعتبار الزمان والمكان، وكيفية الأداءِ، وهو اختيار ابن جرير، وهو الصواب كما يقول ابن كثير.

(1) سورة البقرة، من الآية:185.

ص: 1975

وذكر في تخصيص خيريتها على هذه المدة أَن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلًا من بني إِسرائيل لبس السلاح في سبيل الله أَلف شهر، فعجب المسلمون من ذلك، وتقاصرت إِليهم أَعمالهم. فأُعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي. وقد روي ذلك عن مجاهد. وقيل: المراد من الأَلف التكثير كما في قوله تعالى: "يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ"(1).

وقد نزل القرآن -كما روي عن ابن عباس- جملة واحدة من اللَّوح المحفوظ إِلى بيت العزة من السماءِ الدنيا. ثم نزل به جبريل مفصلًا حسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم بما روي عن ابن عباس، بل حكى بعضهم الإِجماع عليه، نعم لا يبعده القول بأَن السفرة هناك نجموه لجبريل عليه السلام وكان ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم نجومًا في ثلاث وعشرين سنة، وفي رواية أُخرى عن ابن عباس: أَنه أُنزل في ليلة القدر جملة واحدة من السماءِ الدنيا، وكان بمواقع النجوم، وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إِثر بعض، ومعنى إِنزال القرآن من اللوح المحفوظ: إِظهاره من عالم الغيب إِلى عالم الشهادة، أَو إِثباته لدي السفرة هناك أَو نحو ذلك.

واختلفت في الوقت الذي تلتمس فيه ليلة القدر. فقيل: إِنها في العشر الأَواخر من رمضان، وقيل: إِنها ليلة سبع وعشرين؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أُبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنها ليلة سبع وعشرين، وقيل: إِنها ليلة ثلاث وعشرين، وقيل: إِنها ليلة أَربع وعشرين. والأَقوال فيها مختلفة جدًا، إِلا أَن الأَكثرين على أَنها في العشر الأواخر لكثرة الأَحاديث الصحيحة في ذلك. وأَكثرهم على أَنها في أَوتارها وكثير إِلى أنها الليلة السابعة والعشرون.

والحكمة في إِخفائها أَن يجتهد من يطلبها في العبادة في غيرها ليصادفها، فيحيي ليالي شهر رمضان كلها كما كان دأب السلف.

روى البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر. فتلاحى رجلان فرفعت أَي: رفع تعيينها -وعسى أَن يكون خيرًا لكم.

(1) البقرة، من الآية:96.

ص: 1976

4 -

(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ):

استئناف مبين لمناط خيريتها على تلك المدة المتطاولة المقدرة بأَلف شهر، أَي: تتنزل فيها الملائكة من كل سماءِ إِلى الأَرض، أَو إِلى السماء الدنيا، مع البركة والرحمة. وينزل معها الروح وهو جبريل عليه السلام كما قال الجمهور، وخص بالذكر لزيادة شرفه، وعلو قدره فضلا على أَنه النازل بالذكر، وقيل الروح -كما قال كعب ومقاتل-: طائفة من الملائكة. لا تُرى إِلا في تلك الليلة وقيل: حفظة على الملائكة كالحفظة علينا، وقيل: المراد به الرحمة كما قرئ (إِنَّهُ لَاَ يَيْئَسُ مِن رُّوحِ الله) بالضم.

(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أَي: ملتبسين بإِذن ربهم، أَي: بأَمره. والتقييد بذلك لتعظيم أَمر تنزلهم من أَجل كل أَمر قضاه الله لتلك السنة إِلى قابل، وأَظهره سبحانه وتعالى لملائكته، وقيل: تقييد التنزيل بالإِذن للإِشارة إِلى أَنهم يرغبون في أَهل الأَرض من المؤمنين ويشتاقون إليهم، فيستأَذنون فيؤذن لهم، وفي ذلك حث للمؤمنين على العمل، وترغيب لهم في الطاعة للحظوة بهذا اللقاءِ الكريم.

5 -

(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ):

أَي: ما ليلة القدر إلا سلامة وخير كلها، لا شر فيها، قال الضحاك في معنى ذلك إنه لا يقدِّر الله في تلك الليلة إِلا السلامة وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة.

وقال مجاهد: إِنها سالمة من الشيطان وأذاه، أَو أَن المراد كونها سببًا تامًا للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة، كما ورد أَن من قامها إِيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

وقيل المعنى: ما هي إِلَاّ سلام، أَي: تسليم، وذلك لكثرة التسليم والمسلمين من الملائكة على المؤمنين، فلا يلقون مؤمنًا ولا مؤمنة إلا سلموا عليه، روي عن الشعبي ومنصور، وتستمر السلامة فيها من المهالك، ووسوسة الشيطان، وتسليم الملائكة على المؤمنين القائمين فيها إِلى غاية هي وقت طلوع الفجر أَي: هي ليلة كلها سلام وأَمن وكلها خير وبركة من مبدئها إِلى نهايتها. أَو أَن تنزل الملائكة فوجًا بعد فوج يتتابع إِلى طلوع الفجر.

ص: 1977