الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
(الْعَصْرِ): صلاة العصر، وقيل: الزمان والدهر، وقيل: العشي، وقيل غير ذلك.
(الإِنسَانَ): جنس الإِنسان.
(لَفِي خُسْرٍ): لفي خسران ونقصان وهلاك.
(وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ): وأَوصى بعضهم بعضًا بالحق، وهو الخير كله.
(الصَّبْرِ): قوة النفس تدعوها إلى احتمال المشقة والمكاره.
بعض ما جاء فيها:
قال الآلوسي: سورة العصر، وآياتها ثلاث، وهي على قصرها جمعت من العلوم ما جمعت، فقد روي عن الشافعي - عليه الرحمة - أنه قال: لو لم ينزل غير هذه السورة لكفت الناس؛ لأَنَّهَا شملت جميع علوم القرآن، وأَخرج الطبراني في الأَوسط، والبيهقي في الشعب: عن أبي حذيفة -وكانت له صحبة- قال: كان الرجلان من أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأَ أحدهما على الآخر سورة العصر، ثم يسلم أَحدهما على الآخر.
التفسير
1 -
(وَالْعَصْرِ):
أَقسم الله سبحانه وتعالى بصلاة العصر لفضلها؛ لأنها الصلاة الوسطى عند الجمهور لقوله عليه السلام (شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى: صَلاةِ العَصْرِ):
وفي الحديث: "مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ" وخُصَّت صلاة العصر بالفضل لأَن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس على تجارتهم ومكاسبهم آخر النهار، واشتغالهم بمعايشهم في ذلك الوقت، وقال قتادة: العصر: العشي، وهو ما بعد الزوال إِلى الغروب: أقسم به سبحانه وتعالى كما أَقسم بالضحى لما فيها من دلائل القدرة، وقال ابن عباس: هو الزمان والدهر -أقسم به سبحانه- لاشتماله على أَصناف العجائب، ولما فيه
من أَحداث وعبر يستدل بها على قدرته وبالغ حكمته وواسع علمه، وكان الكفار في الجاهلية ينسبون أحداث الزمان ونوائبه وكوارثه إلى الدهر، فيقولون: هذه نائبة من نوائب الدهر، وهذا زمان بلاءٍ وعناءٍ، فأرشدهم عز وجل إِلى أَن الدهر خَلْقٌ من خلقه، وأن الزمان ظرف تقع فيه الحوادث خيرها وشرها، فإِذا وقعت للمرءِ مصيبة فبما كسبت يداه، وليس الدهر فيها من سبب.
2 -
(إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ):
أَي: إن كل إِنسان لفي نوع من الخسران لغلبة الأهواءِ والشهوات والرغبات والمطامع عليهم في أَعمالهم ومساعيهم، وصرف أَعمارهم في مطالبهم التي لا ينتفعون بها في الآخرة، بل ربما تَضُرُّ بهم، وتكون سبب شقائهم وعذابهم، و (أَل) في الإِنسان لشمول جميع الجنس بدليل الاستثناء الذي جاءَ بعدها:(إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا) إلخ، والتنكير في (خُسْرٍ) قيل: للتعظيم، أي: في خسر عظيم، ويجوز أن يكون للتنويع، أي: نوع من الخسران غير ما يعرفه الإِنسان.
3 -
(إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ):
(إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) استثني المولى جلَّ وعلا من جنس الإِنسان الواقع في الخسران، واستثنى سبحانه الذين آمنوا بقلوبهم إِيمانًا صادقا ًخالصًا لله، وعملوا الصالحات بجوارحهم، فجمعوا بين صدق العقيدة وصدق العمل، وتجد في كتاب الله دائمًا قرن الإِيمان بالعمل الصالح؛ للإِشارة إلى أن الإِيمان بلا عمل كزرع بلا ثمر، قال تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا"(1) والذين آمنوا وعملوا الصالحات في تجارة لن تبور؛ لأَنَّهُم باعوا الفاني الخسيس واشتروا الباقي النفيس، واستبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات، فيا لها من صفقة ما أَربحها، ومنفعة جامعة للخير ما أوضحها وأنجحها!! وهذا هو قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
(1) سورة الكهف، من الآية:107.