الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل ذو الكفاية]
324 -
ما طلب الشارع أن يُحَصَّلا
…
دون اعتبارِ ذاتِ من قد فعلا
يعني أن فرض الكفاية هو: "ما" أي الفعل الذي طلب الشارع تحصيله من غير اعتبار ذات فاعله، أي من غير نظر إلى فاعله إلَّا بالتَّبَع للفعل ضرورة أنه لا يحصل دون فاعل فيشمل ما هو ديني كصلاة الجنازة وما هو دنيوي كالحرف المهمة. وخرج بقوله:"دون اعتبار ذات" فاعله ذو العين لطلب حصوله من كل عين.
325 -
وهو مفضَّلٌ على ذي العين
…
في زعمِ الاستاذ مع الجويني
يعني أن المطلوب على وجه الكفاية مفضل على المطلوب ذي العين في زعم الأستاذ أبي إسحاق وأبي محمد الجويني وابنه إمام الحرمين أي فهو أكثر ثوابًا عندهم من العيني لأنه يُصان بقيام البعض به جميعُ المكلفين عن الإثم المرتَّب على تركهم له، والعيني إنما يُصان بالقيام به عن الإثم البعض القائم به خاصة، وعبر الناظم بالزعم تنبيهًا على ضعف هذا القول تابعًا في ذلك السبكي.
326 -
مِزْه من العين بأن قد حُظِلا
…
تكرير مصلحته إن فُعِلا
يعني أن المطلوب على الكفاية يميز عن المطلوب من كل عين بأن الأول قد حُظِل أي مُنِع تكريرُ مصلحته إن فعل ثانيًا كإنقاذ الغريق. فإذا شيل من البحر فالنازل فيه بعد ذلك لا يحصل مصلحة بخلاف الثاني. فإنه تتكرر مصلحته بتكرره كالصلوات الخمس فلذلك شرع على الأعيان تكثيرًا للمصلحة.
327 -
وهو على الجميع عند الأكثر
…
لإثمهم بالتَّرْك والتعذُّر
يعني أن ذا الكفاية فرضًا كان أو ندبًا مشروع على جميع المكلفين عند الجمهور، والحجة في ذلك إثم الجميع بتركه وتعذر خطاب المجهول، ولقوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} . وأما قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ} إلخ، وقوله:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} الآية، فإن القرافي استدل بالآيتين على أن الوجوب متعلق بالقدر المشترك لأن المطلوب فعل إحدى الطوائف ومفهوم إحداها قدر مشترك بينها لصدقه على كل طائفة منها.
328 -
وفعلُ ما به يقومُ مُسْقِط
…
. . . . . . . . . . . . .
يعني أن فعل القائم به مسقط لطلبه من الباقين على مذهب الجمهور. (وقيلَ) أي وقال بعض المخالفين للجمهور ومنهم الإمام الرازي: إن المطلوب على الكفاية (بالبعض فقط يرتَبِطُ) أي يتعلق بالبعض فقط لا بالجميع حال كون ذلك البعض:
329 -
معينًا. . . . . . . .
…
. . . . . . . . . . . . . .
عند اللَّه، مبهمًا عندنا يَسْقط الطلب بفعله وفعل غيره كما يسقط الدين عن الشخص بأداء غيره.
. . . . . . . . . أو مبهمًا أو فاعِلًا
…
. . . . . . . . . . . . .
أي غير معين إذ لا دليل على تعيينه واختاره الأبياري، فمن قام به سقط
الطلب بفعله.
. . . . . . . . . . . . .
…
خلْفٌ عن المخالفين نُقِلا
يعني أن ما ذُكِر خُلْف منقول عن المخالفين للجمهور. ونقل الرهوني أن البعض المطلوب منه ذو الكفاية القوم الذين شهدوا ذلك الشيء والشهود أعم من القياس به.
330 -
ما كان بالجزئي ندبُه عُلِم
…
فهو بالكلي كعيدٍ مُنْحتم
يعني أن ما كان مندوبًا بالنظر إلى جزئياته فهو بالنظر إلى كُلِّيه أي مُطلقه منحتم أي واجب، كصلاة العيدين وصلاة الجماعة والأذان في المساجد، فهذه الثلاثة واجبة كفاية على الجملة لأنها لو تركها أهلُ بلدٍ قوتلوا، مندوبة على الكفاية أيضًا من كل شخص في خاصَّة نفسه.
331 -
وهل يعيّن شروع الفاعل
…
في ذي الكفاية خلافٌ منجلي
يعني أنهم اختلفوا في المطلوب على الكفاية هل يتعين بشروع فاعله فيه فيصير فرض الكفاية فرض عين ومندوب الكفاية مندوب عين أوْ لا يتعين به؟ "خلاف منجلي" أي مُتَّضِح. [قال] حلولو: والأقرب أنه لا يتعين بالشروع أي إن كان ثَمَّ من يقوم به إلا فيما قام الدليلُ على تَعَيُّنه به كصلاة الجنازة بخلاف تكفين الميت ودفنه.
332 -
والخلفُ في الأجرة للتحمُّل
…
فرعٌ على ذاك الخلافِ قد بُلي
يعني أن الخلاف في أخذ الأجرة على التحمل للشهادة بعد الشروع فيه
فرع "قد بُلي" أي عُلِم بناؤه على ذاك الخلاف في تعين ذي الكفاية بالشروع، فمن قال: يتعين به منع لأن المعين لا تؤخذ عليه الأجرة، ومن قال: لا يتعين أجاز أخذَها.
333 -
وغالب الظن في الإسقاط كفى
…
وفي التوجُّه لدى من عُرِفا
يعني أن غلبة الظن بأن المطلوب على الكفاية فُعِل أي قامَ به أحد تكفي في إسقاط الخطاب به عمن لم يفعله، وغلبةُ الظن أنه لم يقم به أحدٌ تكفي في توجُّه الخطاب عليه "لدى من عُرِفا" أي لدى أهل المعرفة بهذا الفن كالإمام الرازي والقرافي خلافًا للفهري.
ثم شرع الناظم في تعداد فروض الكفاية فحصرها بالعد بعدما حصرها مع مندوباتها بالحد فقال:
334 -
فروضه القضا. . . . . .
…
. . . . . . . . . . . . . .
أي هو أولها وهو الإخبار بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام، وحِكْمته دفع التخاصم المفضي إلى الفساد بين المسلمين.
. . . . . . . . . . . كنهيٍ أمرِ
…
. . . . . . . . . . . . .
أي ثانيها وثالثها النهي عن المنكر والأمر بالمعروف حيث لم يُنَصَّب أحد لهما وإلا تعين عليه.
(ردِّ السلام) على البادي به وهذا رابعها.
(و) خامسها (جهاد الكفر) في كل سنة في أهم جهة على السلطان والناس معه.
335 -
(فتوى) أي سادسها الفتوى أي القيام بها وهي الإخبار بالحكم الشرعي لا على سبيل الإلزام.
(و) سابعها (حفظ ما سوى المثاني) أي حفظ القرآن سوى الفاتحة فإنها فرض عين وسورة معها فإنها سنة عين.
وثامنها (زيارة الحرام ذي الأركان) أي البيت الحرام كل سنة إلا لعذر لا يستطاع معه الوصول إليه.
336 -
(إمامة منه) أي من فرض الكفاية وهي نصب السلطان الأعظم ويأثم بتركها أهل الحل والعقد والصالح للقيام بها، وهذا هو تاسعها.
[وعاشرها (دفع الضرر) عن الأنفس والأموال التي لا تستحقه شرعًا كفداء الأسرى ودفع الصائل عن المصول إليه، وإطعام الجائع، وستر العورة]
(1)
.
(و) حادي عشرتها (الاحتراف) المهم كالحراثة والتجارة فإنه معدود من فروض الكفاية.
(مع سد الثغر) عن المسلمين وهو ما يلي دار الحرب وموضع المخافة من فروج البلدان، وهذا هو الفرض الثاني عشر.
337 -
والثالث عشر (حضانة) اللقيط وكذا التقاطه.
والرابع عشر (تَوَثُّق) أي كتب الوثائق.
(شهادة) أي تحملها لئلا تضيع الحقوق وهو الخامس عشر.
والسادس عشر (تجهيز ميت) أي القيام بمؤنته كدفنه وكفنه وغسله.
(1)
سقط من الكتاب واستدركناه من "النشر": (1/ 192).
(وكذا العيادة) أي عيادة المرضى وكذا تمريضهم وهذا هو السابع عشر.
338 -
والثامن عشر (ضيافة) الواردين لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة وضيافته ثلاثة وما كان بعد ذلك صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يُحرجه".
قال مالك: الضيافة إنما تتأكد على أهل القرى والبوادي ولا ضيافة في الحضر لوجود الفنادق وغيرها لأن القرى يقل الوارد إليها فلا مشقة بخلاف الحضر.
قلت: فظاهر الحديث وكلام مالك أن الضيافة واجبة على أهل قصورنا هذه كـ "ولات" و"تشيت" لأن الحديث يعم البدوي وغيره ولأن مالكًا سوَّى بين القرى والبادية في وجوب الضيافة وقصورنا هذه قرى لا مدن. وعلَّل أيضًا مالك عدم وجوب الضيافة على أهل الحضر بوجود الفنادق أي الأسواق فيها فيتيسر شراء الطعام للوارد عليها ولا فنادق في قصورنا هذه ولا طعام يباع فيها سوى كسر المؤن والفوج وهذان لا يباعان إلا بالزرع وأكثر الواردين لا زرع عنده وهذان أيضًا لا يوجدان غالبًا إلا في وقت الضحى وأكثر الواردين لا يأتي إلا ليلًا أو آخر النهار.
والتاسع عشر (حضور من في النزع) أي من احتضره الموت.
(و) العشرين (حفظ سائر علوم الشرع) من تفسير وحديث وفقه لقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} الآية. وكذا ما كان وسيلة لعلوم الشرع كالنحو والبيان واللغة والأصول.
تنبيه: من فروض الكفاية أكل اللحم وتشميت العاطس أي ومحل كون هذه الفروض على الكفاية إذا تعدد من يقوم به فإن انفرد كان فرض عين عليه