الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتساوية. مثال ذلك حديث: "أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر"، فإنه يحتمل أن يكون لمرض وأن يكون جمعًا صوريًّا ولا مرجح لأحد الاحتمالين فلذلك كان مجملًا لا يستدل به.
371 -
وما أتي للمدحِ أو للذَّمِّ
…
يعمُّ عند خلِّ أهل العلم
يعني أن العام الذي سيق للمدح أو للذم أو لغرض آخر كالامتنان لا يخرجه ذلك عن عمومه عند الأكثر بل يعم عند جل أهل العلم، كقوله تعالى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} . وقيل: لا يعم لأنه سيق لقصد المبالغة في الحث أو الزجر ولهذا منع التمسك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية، في وجوب الزكاة في الحلي.
372 -
وما به قد خُوطب النبيُّ
…
تعميمُه في المذهب السَّنِيُّ
يعني أن
الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم
- تعميمه بأن يتناول الأمة من جهة الحكم لا من جهة اللفظ هو السَّنِيّ أي المشهور من مذهب مالك إلا ما ثبتت فيه الخاصية كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} فإنه يعم الأمة من جهة الحكم، ولذلك احتج مالك في "المدونة" على أن ردة الزوجة مزيلة للعصمة بقوله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} . وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها على من ذهب إلى أن نفس التخيير طلاق بقولها: خَيَّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءَه فاخترته فلم يعد ذلك طِلاقًا، مع أنه ورد فيه خطاب خاص به صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ} الآيتين.
373 -
وما يعمّ يشملُ الرَّسولا
…
وقيلَ لا ولْنَذْكر التفصيلا
يعني أن اللفظ العام الوارد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم المتناول له لغةً نحو: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم من جهة الحكم المستفاد منه التركيب كما شمله من جهة اللغة، وقيل: لا يشمله من جهة الحكم مطلقًا لأنه ورد على لسانه للتبليغ لغيره، وقيل: إن اقترن بنحو بَلِّغ أو قل فلا يشمله وإلا فيشمله، وأما ما لا يتناوله لغة فلا يشمله حكمًا بلا خلاف نحو: يا أيها الأمة.
374 -
والعبدُ والموجودُ والذي كَفَر
…
مشمولةٌ له لدى ذوي النظر
يعني أن العبيد والموجودين زمن الوحي دون من بعدهم والكفار "مشمولة له" أي للفظ العام من جهة الحكم إذا كان يتناولها لغة لدى العلماء أهل النظر نحو: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} لأن العبد والكافر من الناس لغةً والأصل عدم النقل وإنما خُص بالموجودين زمن الوحي لأن الخطاب موضوع لغة للمشافهة فلا يتناول من يحدّث بعده إلا بدليل ليس من اللغة بل هو للعلم من الدين بالضرورة أن الشريعة عامة قوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} والإجماع على تكليفهم بما كُلِّف به الموجودون.
375 -
وما شمولُ مَنْ للأنثى جَنَفُ
…
وفي شبيه المسلمين اختلفوا
يعني أن شمول "من" شرطية كانت أو استفهامية للأنثى ليس جَنَفًا بل هو الصواب والأصح عند الأكثرين، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} إذ لولا تناولها للأنثى وضعًا لما صح أن تبين بالقسمين، وقوله صلى الله عليه وسلم:"من جرَّ ثوبَه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه" فقالت أم سملة: كيف تصنعُ النساء بذيولهن؟ ففهمت أم سلمة دخولهن في عموم "من"
وأقرَّها صلى الله عليه وسلم.
قوله: "وفي شبيه" إلخ، يعني أنم اختلفوا في شبيه "مسلمين" وهو جمع المذكر السالم هل يدخل فيه النساء ظاهرًا؟ قال في "التنقيح": والصحيح عندنا اندارج النساء في خطاب التذكير قاله القاضي عبد الوهاب؛ لأن النساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما دل دليل على تخصيصه.
376 -
وعمِّم المجموع من أنواع
…
إذا بمن جُرَّ بلا نِزاع
يعني أن المجموع من أنواع إذا كان معرفًا بأل أو الإضافة يعمم جميع تلك الأنواع إذا جُرَّ بمن التبعيضية نظرًا لمدلول العام أنه كلية، نحو قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} فإنه يقتضي الأخذ من كل نوع من مال كل واحد، وقيل: يقتضي الأخذ من نوع واحد من مال كل واحد، واختاره ابن الحاجب والقرافي؛ لأن صيغة التبعيض تبطل صيغة العموم في ذلك الحكم المتبعِّض لأن "من" للتبعيض وهو يَصْدق ببعض مدخولها وهو نوع واحد، وأجيب بأن التبعيض في العام أن يكون باعتبار كل جزء من جزئياته. وينبني على الخلاف ما لو شَرَط على المدرِّس أن يلقي كل يوم ثلاثة علوم من الفقه والتفسير والأصول هل يجب عليه أن يلقي كل يوم من كل واحد منها أو يكفيه أن يلقي من واحد منها؟ وإلى ذلك أشار بقوله:
377 -
كمِنْ علومٍ ألْقِ بالتفصيل
…
للفقه والتفسير والأصول
أي ألق من علوم الفقه والتفسير والأصول بتفصيل العلوم بأن ينص على كل واحد منها.
378 -
والمقتضِي أعمَّ جلُّ السَّلَف
…
كذاك مفهومٌ بلا مختلفِ
يعني أن المقتضِي بكسر الضاد أي الكلام المتوقف صدقه أو صحته على تقدير أحد أمور يعم تلك الأمور حذرًا من الإجمال عند "جُل السلف" خلافًا لابن الحاجب والغزالي في أنه لا يعمها لاندفاع الضرورة بواحد منها ويكون مجملًا بينها يتعين بالقرينة، وكذاك المفهوم موافقةً كان أو مخالفة فإنه يعم "بلا مختلف" أي بلا خلاف، كقوله تعال:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فإنه يدل على تحريم جميع أنواع الإيذاءات. وكقوله صلى الله عليه وسلم: "مَطْل الغني ظلم" أي بخلاف غيره.