المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ العلة الشرعية والسبب الشرعي - نثر الورود شرح مراقي السعود - جـ ١

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌(فصل)

- ‌ حد التكليف

- ‌ الرغيبة في اصطلاح المالكية

- ‌ كل حكم يتوقف على ثلاثة أشياء

- ‌ الفرق بين الركن والشرط:

- ‌ العلة الشرعية والسبب الشرعِيّ

- ‌ الأداء له ثلاث حالات:

- ‌ ثمرة الخلاف في الأمر هل ينقطع بالمباشرة أو لا

- ‌ فائدة التكليف

- ‌كتاب القرآن ومَباحث الألفاظ

- ‌المنطوق والمفهوم

- ‌ أقسام مفهوم الموافقة

- ‌فصل

- ‌ هل تثبُتُ اللغةُ بالقياس

- ‌فصل في الاشتقاق

- ‌ ضابط الاشتقاق المطرد بالقياس

- ‌فصل في التَّرادُف

- ‌ اختلف في الترادف على ثلاثة أقوال:

- ‌المشْترك

- ‌فصل: الحقيقَة

- ‌ أقسام الحقيقة

- ‌المجَاز

- ‌ إذا تعذَّرَت الحقيقة يجب عند المالكية الانتقال إلى المجاز

- ‌المُعَرَّب

- ‌الكناية والتعريض

- ‌الأمر

- ‌ من فعل في العبادة كالصلاة ضدَّها كالسرقة هل يفسدها

- ‌ النهي الوارد بعد الوجوب

- ‌الواجب الموسع

- ‌[فصل ذو الكفاية]

- ‌ المسنون على الكفاية

- ‌النهي

- ‌ صيغة النهي حقيقة في التحريم

- ‌ في نفي الإجزاء والقبول

- ‌العام

- ‌ غير المقصود هل يدخل في حكم العام والمطلق

- ‌ مدلول العام في التركيب

- ‌ الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما عَدَمُ العمومِ أصحُّ فيه

- ‌التخصِيص

- ‌ أقل الجمع الحقيقي

- ‌ العام المخصوص

- ‌ العام الذي دخله تخصيص حجة في الباقي

- ‌المخصِّصُ المتصل

- ‌ الفرق بين الاستثناء المتصل والمنقطع

- ‌ استثناء المِثْلِ مبطل للاستثناء

- ‌ إذا تعدَّد الاستثناء ولم يستغرق منه إلَّا الأول

- ‌ الشرط يعود لكل الجمل المتقدمة

- ‌ إن اشْتُرط شرطان أو أكثر

- ‌ إن عُلِّق شيءٌ على أحدِ شرطين على سبيل البدل

- ‌ الغاية تخصِّص سواء تقدمت أو تأخرت

- ‌ بدل البعض من الكل من المخصِّصات المتصلة

- ‌المخصِّص المنفصل

- ‌ الأكثر يخصِّصون النص بالقياس

- ‌ أربع مسائل اختُلِف في التخصيص بها

- ‌المقيّد وَالمطلق

- ‌ القيد إذا تأخر وروده عن أول وقت العمل

- ‌ إذا كان الإطلاق والتقييد في أمر ونهي

- ‌التأويل، والمُحكم، والمُجْمَل

- ‌ ثلاثَ مسائل من مسائل التأويل البعيدة:

- ‌ النَّصَّ الواحد يكون مبيَّنًا من جهةٍ مجملًا من جهةٍ أخرى

- ‌البَيَان

- ‌ البيان يكون بكلِّ ما يجلو العمى

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤخِّر بيانًا عن وقت الحاجة إليه

- ‌ تأخير البيان إلى وقت العمل به فيه أربعة مذاهب:

- ‌النسخ

- ‌ القياس لا يصح النسخ به

- ‌ نسخ بعض القرآن وقع بالفعل

- ‌ نسخ القرآن بأخبار الآحاد

- ‌ يجوز نسخ الحكم الخفيف بحكم أثقل منه

- ‌ النسخ قبل وقوع الفعل جائز

- ‌ نسخ النص بالفحوى جائز

- ‌ نسخ مفهوم الموافقة دون المنطوق

- ‌يجوز نسخ حكمِ مفهوم المخالفة مع بقاء المنطوق. ومثاله:

- ‌ النسخَ إنما يكون في الإنشاء دون الخبر

- ‌أوْضح فرقٍ بين الإنشاء والخبر:

- ‌ كل حكم تكليفيّ بالنظر إليه بمفرده قابل للنسخ عقلًا وشرعًا

- ‌[الأدلة](3)التي يُعرف بها النسخ

- ‌كتاب السنَّة

- ‌ أفعال النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار التشريع والجبلَّة ثلاثة أقسام:

- ‌ من علامات وجوب(3)الفعل تعزيرُ تاركه

- ‌وقيل: يُحْمَل على الندب

- ‌ تقسيم الخبر إلى ما قُطِعَ بكذبه، وما قُطع بصدقه

- ‌ أقل عدد التواتر

- ‌ المستفيض من خبر الآحاد

- ‌ رواية الفاسق والمبتدع

- ‌المجهول ثلاثة أقسام:

- ‌ الأمور التي تثبت بها العدالة

- ‌ إذا عدَّل الراوي جماعةٌ وجرَّحه آخرون

- ‌ أصحَّ حدود الصحابي

- ‌كيفية رواية الصَّحابيِّ

- ‌كيفيّة رواية غيره عَن شيْخه

- ‌ الإجازة للمعدوم

- ‌كتابُ الإجماع

- ‌ إجماعَ أهل الكوفة

- ‌ إجماع أهل المدينة

- ‌ إجماع أهل البيت

- ‌ ما كلفت الأمة بعلمه يستحيل اتفاقها على جهله

- ‌ الإجماع لا يعارضه دليل

- ‌الاختلاف في الإجماع السكوتي مُقيَّد بثلاثة شروط:

الفصل: ‌ العلة الشرعية والسبب الشرعي

وسُمِّي السبب في الاصطلاح لأن وجوده يوصل لوجود الحكم.

58 -

واجتمع الجميع في النكاحِ

وما هو الجالب للنجاحِ

قوله: "وما هو الجالب للنجاح" يعني به الإيمان، والمعنى: أن كلًّا من الشرط والسبب والمانع مجتمع في النكاح والإيمان، فالنكاحُ سبب في وجوب الصَّدَاق، شَرْط في ثبوت الطلاق، مانع من نكاح بنت المنكوحة، والإيمان سبب للثواب، شرط لصحة الطاعة، مانع من القصاص إذ قَتَل المؤمنُ كافرًا.

59 -

والركن جزء الذات والشرط خرج

وصيغة

(1)

دليلها في المنتهج

يعني أن‌

‌ الفرق بين الركن والشرط:

أن الركن جزء الماهية الداخل في حقيقتها كالركوع والسجود بالنسبة إلى الصلاة، والشرط هو ما خرج عن الماهية كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، وربما أُطْلِق كلٌّ منهما على الآخر مجازًا علاقته المشابهة في توقف الحكم على كل منهما.

60 -

ومع علة ترادف السبب

والفرق بعضهم إليه قد ذهب

يعني أن الجمهور على ترادف‌

‌ العلة الشرعية والسبب الشرعِيّ

، وفرَّق بينهما السمعاني

(2)

تبعًا للنحاة واللغويين فقال: السبب هو: الموصل إلى الشيء مع جواز المفارقة بينهما، ولا أثر له فيه ولا في تَحْصيله كالحبل للماء. والعلة: ما يتأثر عنه الشيء دون واسطة كالإسكار.

(1)

في الهامش تعليق في شرح "وصيغة" من "فتح الودود".

(2)

في "قواطع الأدلة": (4/ 523 - 525).

ص: 32

61 -

شرط الوجوب ما به مكلّفُ

وعدم الطلب فيه يعرفُ

62 -

مثل دخول الوقت والنَّقاءِ

وكبلوغِ بَعْث الأنبياءِ

اعلم أولًا أن المؤلف رحمه الله يرى أن الشرط ينقسم ثلاثة أقسام: شرط جوب، وشرط أداء، وشرط صحة، وعدُّه شرطَ الأداء تبع فيه القاضي بَرْدَلَة، والشيرازيَّ، وزكريا الأنصاري، وهو اختيار المؤلف

(1)

. والأظهر عندي اندارج شرط الأداء في شرط الصحة وشرط الوجوب. وعرَّف شرط الوجوب بأنه ما يكون الإنسان مكلَّفًا به، كدخول الوقت، والنقاء من الحيض، وبلوغ دعوة الأنبياء، فالتكليف لا يقع دون الأشياء المذكورة مع أن المكلف لا يُطلب

(2)

بتحصيلها كانت في طوقه أم لا، وتقريبه للذهن أن شرط الوجوب هو ما يتوقف التكليف عليه ولم يُطلب من المكلف كان في طَوْقه أم لا؟

63 -

ومع تمكُّن من الفعل الأدا

وعدمُ الغفلة والنوم بدا

يعني أن شرط الأداء هو ما يكون به التمكن من الفعل مع حصول ما به يكون الإنسان من أهل التكليف لأداء العبادة أي فعلها، وعلى هذا فالنائم والغافل غيرُ مكلفين بأداء الصلاة لعدم تمكنهما من الفعل. مع وجوبها عليهما، فالتمكن شرط في الأداء فقط، ومن لا يعد شرط الأداء -كمَيَّارَة

(3)

- يجيب عن هذا بأن النائم مرفوع عنه القلم، فالصلاة وقت

(1)

انظر "نشر البنود": (1/ 37).

(2)

ط: يطالب.

(3)

مَيَّارة هو: أَبو عبد اللَّه بنُ محمد بنُ أحمد الفاسي المالكي، الفقيه الأصولي، له =

ص: 33

النوم والغفلة غير واجبة لعدم الإثم بتركها، وتارك الواجب آثمٌ ضرورة، وقوله:"بدا" أي بدا كون عدم الغفلة والنوم شرطًا في الأداء للصلاة مثلًا.

64 -

وشرط صحة به اعتدادُ

بالفعل منه الطهْرُ يُسْتَفَادُ

يعني أن شرط الصحة هو ما اعتبر للاعتداد بفعل الشيء طاعة كان أو غيرها كالطهارة للصلاة وعلم الثمن والمثمن للبيع.

65 -

والشرط في الوجوب شرط في الأدا

وعزوه للاتفاق وُجدا

يعني أن كل ما هو شرط في الوجوب فهو شرط في الأداء. [وقوله]: "وعزوه للاتفاق" إلخ يشير به إلى ما نقله اللقاني

(1)

في حاشيته على المحلي عن السَّعْد من حكاية الاتفاق على ذلك، والذين لا يعدُّون شرط الأداء يقولون: كل ما هو شرط للوجوب فهو شرط للصحة.

66 -

وصحة وفاق ذي الوجْهينِ

للشرع مطلقًا بدون مَيْنِ

يعني أن الصحة عند المتكلمين هي: موافقة الفعل ذي الوجهين لإذن الشرع، وقوله:"مطلقًا" أي سواء كان ذو الوجهين عبادة أو معاملة، ومعنى كونه ذا وجهين أنَّه يقع تارة موافقًا للشرع لجمعه للشروط وانتفاء الموانع، وتارة مخالفًا للشرع لانتفاء شرط أو وجود

= تصانيف (ت: 1072 هـ). ترجمته في "شجرة النور": (ص/ 309)، و"الفكر السامي":(2/ 279)، و"الأعلام":(6/ 11 - 12).

(1)

هو: ناصر الدين أَبو عبد اللَّه محمد بن الحسن اللقاني المالكي المتوفى سنة (954) انظر: "كشف الظنون": (1/ 595)، وحاشيته لها عدة نسخ خطية، انظر:"الفهرس الشامل": (3/ 468 - 470)، و"جامع الشروح والحواشي":(2/ 762).

ص: 34

مانع، وقوله:"ذي الوجهين" احترز به عمالا يقع إلَّا موافقًا للشرع، كرد الودائع، ومعرفة اللَّه تعالى، فإنها إن لم تكن موافقة كانت جهلًا لا معرفة.

67 -

وفي العبادة لدى الجمهورِ

أن يسقط القضا مدى الدهورِ

يعني أن صحة العبادة عند جمهور الفقهاء هي: سقوط القضاء بأن لا يحتاج إلى فعلها مرة أخرى.

68 -

يُبْنى على القضاء بالجديدِ

أو أولِ الأمر لدى المُجيدِ

يعني أن الخلاف في تعريف الصحة بين الفقهاء والمتكلمين مبني على الخلاف في القضاء هل هو بأمر جديد أو بالأمر الأول؛ فعلى كونه بأمر جديد بنى المتكلمون مذهبَهم في العبادة التي لم تُفعل حتى خرج وقتها من أنَّها موافقة للأمر فلا يوجبون القضاء لما لم يَرِد نص جديد بقضائه، وعلى أنَّها بالأمر بنى الفقهاء فلا يخرج من عهدة الأمر الأول إلَّا بفعل مستوْفٍ للشروط الشرعية، وستأتي هذه المسألة للمؤلف في الأمر

(1)

، وقوله:"المُجيد" هو بضم الميم اسم فاعل من أجاد يعني به الممعن للنظر في علم الأصول.

69 -

وهي وفاقه لنفس الأمر

أو ظنَّ مأمور لدى ذي خُبر

قوله: "ذي خُبر" يعني به تقي الدين علي بنُ عبدِ الكافي السبكيَّ

(2)

،

(1)

انظر البيت رقم (254) وهو من القسم الذي لم يشرحه المؤلف.

(2)

انظر "الإبهاج شرح المنهاج": (1/ 67) للسبكي، ونقل نصه من هنا صاحب "نشر البنود":(1/ 45).

ص: 35

يعني أن الصحة عنده هي موافقة ذي الوجهين لأمر الشرع، لكن عند الفقهاء لابد من الموافقة في نفس الأمر، وعند المتكلمين تكفي الموافقة في ظنّ المكلف.

70 -

بصحة العقد يكون الأثرُ

وفي الفساد عكس هذا يظهر

يعني أن ترتُّب الآثار المقصودة من العقد على العقد كالتصرف والانتفاع بالمبيع والتمتع بالمنكوحة إذا وُجد فهو ناشئ عن الصحة لا عن غيرها، وليس المراد أنَّه كلما وجدت الصحة وجدت ثمرة العقد لأن بيعَ الخيار صحيح ولا ينشأ عنه قبل تمام عقدِه أثر.

فإن قيل: الخلع والكتابة الفاسدان مثلًا يترتب عليهما أثرهما من البينونة في الأول والعتق في الثاني.

فالجواب: أن ترتب أثرهما ليس للعقد بل للتعليق وهو صحيح لا خلل فيه.

وقوله: "وفي الفساد عكس هذا" يعني أن فساد العقد عكس صحته في أنَّه لا يترتب عليه أثر العقد؛ لأن النهي يقتضي الفساد، لأن المنهيَّ عنه ليس من أمرنا، وهو صلى الله عليه وسلم قال:"من أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ"

(1)

فالمنهيُّ عنه مردود بنصه صلى الله عليه وسلم خلافًا لأبي حنيفة.

71 -

إن لم تكن حوالة أو تلفُ

تعلق الحق ونقص يؤلف

(1)

أخرجه البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 36

يعني أن المالكية خالفوا أصلهم في هذه المسألة وراعوا فيها الخلاف فقالوا: إن البيعَ الفاسدَ يفيد شبهة الملك فيما يقبل الملك، فإذا لحقه أحدُ أربعة أشياء تقرر الملك بالقيمة أو الثمن، وهي حوالة الأسواق، وتلف العين، ونقصانها، وتعلق حق الغير بها بنحو بيع أو رهن

(1)

.

72 -

كفاية العبادة الإِجزاء

وهي أن يسقط الاقتضاء

73 -

أو السقوط للقضاء. . .

. . . . . . . . . . . .

يعني أن الإجزاء هو "كفاية العبادة" أي كونها كافية في سقوط الطلب والخروج من عهدته. فقوله: "وهي أن يسقط الاقتضاء" أي: الطلب بالفعل شرعًا. وقوله: "أو السُّقُوط للقضا" يعني أن الإجزاء قيل فيه: إنه هو السقوط للقضاء وهو قول ابن الحاجب

(2)

، وعليه يكون هو عين الصحة. وعلى ما مشى عليه المؤلف من الفرق بينهما يكون الشيء مجزئًا ولا يسقط القضاء كالذي لم يجد ماءً ولا صعيدًا على القول بأنه يصلي ويعيد، وكالمتيمِّم إذا وجد الماء عند الشَّافعي، وعلى قولٍ ضعيف عند المالكية فإنه يتيمم ويجزئه تيممه وصلاته ويعيد.

. . . . . . . . . . وَذَا أخصّ

من صحة إذ بالعبادة يُخَصْ

قوله: "ذا" إشارة إلى الإجزاء، والمعنى أن الإجزاء أخص مطلقًا

(1)

هذا القول هو نص كلام القرافي في "شرح التنقيح": (ص/ 175)، ونقله صاحب "النشر":(1/ 41). لكن ليس فيه ذكر "الثمن".

(2)

حكاه عنه الأصفهاني في "بيان المختصر": (2/ 68).

ص: 37

من الصحة، وهي أعم منه مطلقًا، لأن الإجزاء يختص بالعبادات، والصحة تكون في العبادات والمعاملات، فتقول: عبادة صحيحة وعقد صحيح، ولا تقول: عقد مجزئ.

74 -

والصحة القبول فيها يدخلُ

وبعضهم للاستواء ينقلُ

يعني أن القبول يندرج في الصحة، فمن الصحيح مقبول ومنه غير مقبول، كقول خليل

(1)

: "وعَصى وصحَّت إن لبس حريرًا" إلخ، وبعضهم نقل استواء الصحة والقبول أي تَرادُفَهُما وهو غير ظاهر، واللام في قوله:"للاستواء" دخلت على المفعول لتقدُّمه لتقوية العامل على العمل فهي لتقوية التعدية كقوله: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)} [يوسف].

75 -

وخصِّص الإجزاء بالمطلوبِ

وقيل بل يختصّ بالمكتوب

يعني أن الأجزاء الذي قدمنا أنَّه يختص بالعبادات قيل: يدخل في المندوب والواجب معًا،، وقيل: لا يدخل إلَّا في الواجب فقط.

حجةُ من قال يدخل في المندوب: قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة في الأُضحية بالعناق: "اذبحها ولن تُجزئ عن أحدٍ بَعْدَك"

(2)

. وقوله صلى الله عليه وسلم: "أربع لا تُجزئ في الأضاحي. . . "

(3)

. قالوا: فالأُضحية غير واجبة، والنبي

(1)

في "المختصر": (ص/ 25).

(2)

أخرجه البخاري رقم (968)، ومسلم رقم (1961) من حديث البراء رضي الله عنه.

(3)

أخرجه مالك رقم (1387)، وأحمد:(30/ 369 رقم 18510)، وأَبو داود رقم (2802)، والترمذي رقم (1497)، والنسائي:(7/ 244)، وابن ماجة رقم (3144)، وابن خزيمة رقم (2912)، وابن حبان "الإحسان" رقم (5922)، =

ص: 38

-صلى الله عليه وسلم عبر فيها بالإجزاء.

وحجة أهل القول الآخر أن الأضحية واجبة ولم يَرِد الإجزاءُ في مندوب.

76 -

وقابل الصحة بالبطلان

وهو الفساد عند أهل الشأن

يعني أن الصحة يقابلها البطلان، فالشيء إما صحيح وإما باطل، وعليه فالبطلان عند المتكلمين هو: مخالفة ذي الوجهين الأمر الشرعي، وعند الفقهاء في العبادات هوة ما لم يُجْزِئ ولم يُسقِطِ القضاء، وفي المعاملات: ما لم يترتَّب عليه أثره المقصود منه. وقوله: "وهو الفساد" يعني أن البطلان هو الفساد عند الجمهور.

77 -

وخالفَ النعمان فالفساد

ما نهيه للوصف يُستفاد

"النعمان" هو ابن ثابت، وهو أَبو حنيفة رحمه الله، والمعنى: أنَّه خالف الجمهور فجعل الفاسد غير الباطل، فالباطل عنده: ما مُنِعَ بأصله ووصفه، كبيع الخنزير بالدم، والفاسد: ما شُرِع بأصله ومُنِع بوصفه،

= والحاكم: (1/ 467 - 468)، وغيرهم. من حديث عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب رضي الله عنه.

قال الإمام أحمد: ما أحسنه من حديث. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلَّا من حديث عبيد بن فيروز عن البراء والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه" ولم يتعقبه الذهبي، وصححه النووي في "شرح مسلم":(13/ 120)، وابن الملقن في "البدر المنير":(9/ 386).

ص: 39

كبيع درهم بدرهمين، فأصل بيع الدرهم بالدرهم جائز، وإنَّما مُنِع من أجل الوصف الذي هو زيادة الدرهم الرِّبويّ. فقوله:"ما نهيه للوصف" يعني أن الفسادَ ما نُهِي عنه لا لأصله بل لوصفه.

78 -

فعل العبادة بوقت عيِّنا

شرعًا لها باسم الأداءِ قُرِنا

الأداء في اللغة: دفع الحق المطالَب به، وفي الاصطلاح هو: إيقاع العبادة في وقتها المعين لها شرعًا لمصلحة اشتمل عليها الوقت.

79 -

وكونه بفعلِ بعضٍ يَحْصُلُ

لعاضِدِ النَّصِّ هو المُعوَّلُ

يعني: أن الأداء يحصل بفعل البعض في الوقت ولو فُعِل البعضُ الآخر خارجَ الوقت، كمن أدرك ركعة من الصلاة فكلها أداء.

وقوله: "لعاضد النص" أي للنصّ العاضد المقوِّي لهذا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة"

(1)

. وقيل: البعض قضاء والبعض أداء. وقيل: كلها قضاء، وهما مقابلان للصحيح.

80 -

وقيل ما في وقتِهِ أداءُ

وما يكون خارجًا قضاءُ

تصوُّره ظاهر.

81 -

والوقت ما قدَّرهُ مَنْ شرَعا

من زمنٍ مضيِّقًا مُوَسَّعا

يعني: أن وقت العبادة هو زمنها المقدَّر لها شرعًا سواء كان وقتًا مُوَسَّعًا أو مُضيَّقًا، وضابط الموسَّع هو: ما يسعُ أكثرَ من فعل العبادة

(1)

أخرجه البخاري رقم (580)، ومسلم رقم (607) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 40