الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
469 -
ونسخُ بعضِ الذِّكر مطلقًا وَرَدْ
…
والنسخُ بالنصِّ لنصٍّ
(1)
مُعتمد
يعني أن
نسخ بعض القرآن وقع بالفعل
، ومفهوم بعضِه أن كله لا يجوز نسخه، وما زعمه اليهود من استحالة النسخ لما يلزم عليه من البداء -الذي هو الرأي المتجدد- باطل لأن اللَّه يعلم أنه سينسخه ويبدله بغيره عندما تنقضي مصلحته وتكون المصلحة في غيره، كما لا يلزم البداء في إماتة الحيّ وإيجاد المعدوم وإمراض الصحيح ونحو ذلك.
وقوله: "مطلقًا" يعني سواء نُسِخت تلاوته وحكمه معًا، أو تلاوته فقط، أو حكمه فقط، وقد تقدمت أمثلة الكل.
وقوله: "والنسخ بالنص" إلخ يعني أن نسخ النص بالنَّص معتمَدٌ أي قويّ مشهور للجواز والوقوع، وهو أربعة أقسام:
الأول: نسخ الكتاب بالكتاب، كنسخ آية الاعتداد بحول بآية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر.
الثاني: نسخ السُّنَّة بالسُّنَة، كقوله صلى الله عليه وسلم:"كنتُ نَهْيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وكنت نهيتكم عن ادِّخار لحوم الأضاحي فادخروا منها ما شئتم"
(2)
.
الثالث: نسخ السُّنَّة بالكتاب، كنسخ استقبال بيت المقدس الثابت
(1)
ط: للنص بنص.
(2)
أخرجه مسلم رقم (977) من حديث بريدة رضي الله عنه.
بالسنة بقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
(1)
[البقرة/ 149] الآية.
الرابع: يأتي في البيت الآتي.
واعلم أن الشافعي يمنع نسخَ الكتاب بالسنة كالعكس، فلا يجيز نسخ الكتاب إلا بكتاب ولا سنة إلا بسنة.
وما ذكرنا من نسخ السُّنَّة بالسنة إن كانتا متواترتين، أو كل منهما آحادًا، أو الناسخ متواتر والمنسوخ آحاد، فلا إشكال. أما نسخ السنة المتواترة بالآحاد فالظاهر عدم جوازه
(2)
، وعلى القول بجوازه لم يقع
(1)
انظر قصة تحويل القبلة في البخاري رقم (40، 399)، ومسلم رقم (525) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
(2)
هذا اختيار الشيخ أول الأمر ثم رجع عنه ورجّح جواز نسخ المتواتر بالآحاد بل وقوعه، وقد بيَّن ذلك في مواضع من كتبه كـ "الأضواء" في غير موضع، والمذكرة (ص/ 152 - 154) قال في "الأضواء":(3/ 334 - 335): "وقد قدمنا. . أن الذي يظهر لنا أنه الصواب: هو أن أخبار الآحاد الصحيحة يجوز نسخ المتواتر بها إذا ثبت تأخرها عنه، وأنه لا معارضة بينهما؛ لأن المتواتر حق، والسنة الواردة بعده إنما بينت شيئًا جديدًا لم يكن موجودًا قبل، فلا معارضة بينهما ألبتة لاختلاف زمنهما فقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} يدل بدلالة المطابقة دلالة صريحة على إباحة لحوم الحمر الأهلية؛ لصراحة الحصر بالنفي والإثبات في الآية في ذلك. فإذا صرح النَّبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يوم خيبر في حديث صحيح "بأن لحوم الحمر الأهلية غير مباحة" فلا معارضة ألبتة بين ذلك الحديث الصحيح وبين تلك الآية النازلة قبله بسنين؛ لأن الحديث دل على تحريم جديد، والآية ما نفت تجدد شيء في المستقبل كما هو واضح. =