الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقتضيها، والحقُّ أنها تفيد جواز ذلك الفعل.
498 -
من غيرِ لَمْح الوصفِ. . . .
…
. . . . . . . . . . . .
يعني أن حلَّ كون الأفعال الجِبِلّيَة لا تدخل في السنة اصطلاحًا ما لم تُرَاع صفاتها التي وقعت عليها، أمَا مع "لَمح" أي مراعاة صفاتها فإنها من السنة، كمراعاة صفة الأكل من كونه يأكل بيمينه ويأكل مما يليه، ومراعاة صفةِ الشُّرب ككونه يأخذُ الإناءَ بيمينه ولا يتنفس في الإناء، وأمثال ذلك، فإن ذلك كلَّه من السنة وإن كان أصل الأكل والشرب -مثلًا- لَيْسا منها اصطلاحًا.
. . . . . . . . . والذي احتَمَلْ
…
شرْعًا ففيه قُلْ ترَدُّدٌ حَصَلْ
اعلم أولًا أن
أفعال النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار التشريع والجبلَّة ثلاثة أقسام:
قسم متمحِّض للتشريع، وقد تقدم في قول المؤلف:"والقولِ والفعلِ" إلخ. وقِسم متمحِّض للجبلة، وقد تقدم في قوله:"وفعله المركوز" إلخ. وقسم محتمل لكليهما لكونه وقع مقترنًا بعبادةٍ مع أن الجبلة تقتضيه، وقد تردَّد فيه العلماء، أي اختلفوا فيه من أجل احتماله للأمرين، وذلك هو معنى قول المؤلف:"والذي احتَمَل شرعًا ففيه قل تردُّد". ومثَّل له المؤلف بمثالين:
الأول: ركوبه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فبعضهم يقول: ركوبه في الحج فِعل جبلَّي لأنه كان يركب في غير الحج، فالركوب في الحج ليس بسنة والمشي فيه أفضل منه، وبعضهم يقول: هو سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله
وقال: "خذوا عني مناسككم"
(1)
، وهذا هو مراد المؤلف بقوله:
499 -
فالحجّ راكبًا عليه يجري
…
. . . . . . . . . . . .
المثال الثاني: الضِّجْعة التي كان يضجعها
(2)
صلى الله عليه وسلم على جنبه الأيمن قبل صلاة الصبح، فالأكثرون يقولون: لا تُسن لأنها فعل جبلِّي لأنه استراحة من تعب القيام بالليل، وبعضهم يقول: سُنة لكثرة فعله صلى الله عليه وسلم لها قبل صلاة الصبح، وهذا هو مراد المؤلف بقوله:
. . . . . . . . . . . .
…
كضِجْعَةٍ بعدَ صلاةِ الفَجْرِ
وشذ بعضُ الظاهرية فجعلها شرطًا في صحة الصلاة
(3)
.
ومن أمثلة الفعل المتردد بين الجبلة والتشريع: الدخول من كَداء والخروج من كُدى، والنزول بالمُحَصِّب والخروج إلى المصلى من طريق والنزول من طريق آخر يوم العيد.
500 -
وغيرُه وحكمُه جليُّ
…
فالاستوا فيه هو القويُّ
501 -
من غيرِ تخصيصٍ. . .
…
. . . . . . . . . . . .
يعني أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي ليس بجبلِّيٍّ وهو التشريعي إذا كان معروف الحُكْم بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي عُرِف أنه فَعَله لأنه واجب -مثلًا- أو مندوب أو مباح، فاستواءُ الأمة معه في حكم ذلك الفعل هو القوي أي
(1)
أخرجه مسلم رقم (1297) من حديث جابر رضي الله عنه.
(2)
كذا وفي ط: يضطجعها.
(3)
وهو قول ابن حزم كما في "المحلى": (3/ 196).
هو الصحيح، إلا إذا دلَّ دليل منفصل على خصوصه به كالوصال وتزويج أكثر من أربع. وحاصُل هذا القول أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم العمومُ لا الخصوصُ به إلا لدليل، وقيل: يختصُّ حكمُ الفعل به إلا لدليلٍ على استواء الأمة معه، وهذا الكلام في الفعل المعروف حكمه بالنسبة إليه، أما المجهول فسيأتي في قوله:"وكل ما الصفة فيه تُجْهَل".
. . . . . . . وبالنصِّ يُرى
…
وبالبيانِ وامتثالٍ ظهرا
لما قدَّمَ أن فعله صلى الله عليه وسلم التشريعي المعروفُ حكمُه تستوي فيه معه الأمة على الصحيح، بيَّن في هذا البيت الطرق التي يُعرف بها حكمه فقال:"وبالنص يرى" يعني أن معرفة حكم الفعل بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تُعْلَم بالنص على ذلك، كما لو قال صلى الله عليه وسلم: هذا الفعل واجب أو مندوب أو جائز.
وقوله: "وبالبيان" أي ويُعرف حكم الفعل بكونه بيانًا لنص من القرآن فيه إجمال، لأن البيان له حكم المبيّن، وقطعه صلى الله عليه وسلم يدَ السارق من الكوع لبيان محل القطع المذكور في قوله:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة/ 38] يدلُّ على أن القطع من الكوع واجب لأنه بيان لواجب.
وقوله: "وامتثال" يعني أن وقوع الفعل منه صلى الله عليه وسلم على سبيل الامتثال لأمر يعرف منه وجوبه، كما لو قال على سبيل الوجوب: تصدَّقْ بدرهم، فَفَعَل صلى الله عليه وسلم امتثالًا للأمر، فيُعْلمُ أن هذا الفعل واجب؛ لأنه فُعِل لامتثال أمرٍ واجب.
فإن قيل: وجوبُه يُعلم من الأمر فأي حاجة للامتثال؟
فالجواب: أن معرفة وجوبه من الامتثال لها فائدتان؛ الأولى: