الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَحْرَيْنِ} [الرحمن/ 19] أنهما عليّ وفاطمة رضي الله عنهما، وأن قولَه:{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} [الرحمن/ 20] يعني الحسن والحسين.
وقوله: "لعبًا" مفعول مقدم لقوله: "يُفيد" والمعنى أنه متلاعب بكتاب اللَّه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
444 -
والخُلْفَ في فهمِ الكتاب صَيِّرِ
…
إيَّاه تأويلًا لَدى المختَصَر
يعنى أن خليلَ بن إسحاق المالكيَّ في "مختصره"
(1)
جعل لنفسه اصطلاحًا خاصًّا في التأويل وهو أنه اختلاف شارحي "المدَوَّنة" في فهمها، ومراد المؤلف بـ "الكتاب":"المدَوَّنة"، وقوله:"إياه" ضمير منفصل مع تأتِّي الاتصال، وارتكبه للضرورة، كما أشار له في "الخلاصة" بقوله:
وفي اختيار لا يجيء المنفصلُ
…
إذا تأتَّى أن يجيء المتَّصلُ
ونظير ما ارتكبه المؤلف من الفصل في محلِّ الوصل للضرورة قول الشاعر:
بالباعثِ الوارثِ الأموات قد ضَمِنتْ
…
إيّاهمُ الأرضَ في دهرِ الدَّهاريرِ
(2)
445 -
فجعل مسكينٍ بمعنى المُدِّ
…
عليه لائحٌ سِمَات البُعْدِ
446 -
كحملِ مرأةٍ على الصغيرَه
…
وما ينافي الحرَّة الكبيرَه
447 -
وحملِ ما رُوِيَ في الصيامِ
…
على القضاءِ معَ الالتزامِ
ذكر في هذه الأبيات
ثلاثَ مسائل من مسائل التأويل البعيدة:
(1)
انظر: مقدمته (ص/ 9).
(2)
البيت للفرزدق "ديوانه": (1/ 214).
الأولى: تأويل الحنفية المسكين في قوله: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة/ 4] بالمُدّ حيث جوَّزوا إعطاء ستين مدًّا لمسكين واحد في ستين يومًا، حيث جعلوا الذي لم يُذْكر -وهو المد- هو المقصود، والذي ذُكِر -وهو المسكين- غير مقصود، مع أن قَصْد العدد فيه من الفائدة ما لم يكن في الواحد، لأن إعطاء المكَفِّر ستين رجلًا يستدعي تظافر الكل على الدعاء له، وكثرة الداعين مظنة الإجابة، ومظنة صلاح البعض إن لم يكن الكل صالحًا، وهذا لا يوجد في الواحد. وهذا هو مراد المؤلف بالبيت الأول، فقوله:"جَعْلُ" مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، ومفعوله الثاني الجار والمجرور الذي هو "بمعنى"، وقوله:"لائح" خبر المبتدأ، وقوله:"سِمات البُعْد" فاعل الخبر والمسوِّغَ لعمله مع أنه اسم فاعل منكر اعتماده على المبتدأ. والسمات: جمع سِمَة وهي العلامة. و"لائح" معناه ظاهر أي ظاهر عليه علامات البعد.
المسألة الثانية: حَمْل المرأة أيضًا في قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل"
(1)
على خصوص المكاتبة؛
(1)
أخرجه أحمد: (40/ 243 رقم 24205)، وأبو داود رقم (2076)، والترمذي رقم (1102)، وابن ماجه رقم (1879)، وابن حبان "الإحسان" رقم (4074)، والحاكم:(2/ 168) من حديث عائشة رضي الله عنها.
قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم، وصححه ابن حبان وعبد الحق وابن الجوزي وابن الملقن. انظر:"البدر": (7/ 553 - 562).
لأنهم لما أرادوا حمله
(1)
على الصغيرة فقيل لهم: الصغيرة لا تسمى امرأة عرفًا فأرادوا حمله على الأَمَة، فقيل لهم: آخر الحديث يمنع ذلك فإن في بعض رواياته: "فإن أصابَ منها فلها مهر مثلها"، ومهر الأَمَة لسيدها لا لها. ووجه بُعْد هذا: أن لفظ "أيّ" صيغة عموم كما تقدم للمؤلف، وأُكِّدَ هذا العموم بـ "ما" المزيدة للتأكيد، وزيد التأكيد بتكرير قوله:"باطل باطل باطل" فقَصْر هذا العموم على صورة نادرة بعيد، وهذا هو مراده بالبيت الثاني.
المسألة الثالثة: حَمَل الحنفية أيضًا الصيام في حديث: "لا صيام لمن لم يُبَيِّتِ الصيامَ من الليل"
(2)
على خصوص النذر والقضاء دون الصوم الذي هو أحد دعائم الإسلام وهو صوم رمضان؛ لأن الصوم إذا أطلق ينصرف إليه فإخراجه من صيغة عامة هي نكرة مبنية على الفتح في سياق النفي بعيد، وقد تقدم أن النكرة إذا كانت كذلك فهي نصٌّ صريحٌ في العموم، ومراده بالالتزام النذر، وبالقضاء قضاء رمضان.
448 -
وذو وضوحٌ محكمٌ والمجمَلُ
…
هو الذي المرادُ منه يُجْهَلُ
يعني أن المحكم في الاصطلاح هو: واضح المعنى نحو: {وَأَقِيمُوا
(1)
ط: حمله حملوه.
(2)
أخرجه أحمد: (44/ 53 رقم 26457)، وأبو داود رقم (2446)، والترمذي رقم (375)، والنسائي:(4/ 509 - 510) وغيرهم من حديث حفصة رضي الله عنها. وقد روي الحديث مرفوعًا وموقوفًا والموقوف أرجح وهو الذي رجَّحه الحفاظ: أبو حاتم وأبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم. انظر: "البدر المنير"(5/ 650 - 655).
الصَّلَاةَ} {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} ويُطلق المُحكم أيضًا مرادًا به غير المنسوخ، ويُطلق أيضًا مرادًا به المتقن كقوله:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود/ 1].
وقوله: "والمجمل" إلخ، يعني أن المجمل في الاصطلاح هو: الذي لم يتضح المقصودُ منه لتردُّده بين معنيين متساويين في الاحتمال أو بين معان كذلك، فإن كان المجمل مشتركًا ففي حمله على معنييه أو معانيه ما تقدم من الخلاف.
449 -
وما به استأثرَ علمُ الخالقِ
…
فذا تشابُهٍ عليه أطْلِقِ
يعني أن المتشابه في الاصطلاح هو: ما استأثر به أي اختص به علم اللَّه دون الخلق، وهذا التعريف للمتشابه مبني على قول الأكثر أن الكلام تمَّ عند قوله:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران/ 7] وأن "الواو" في قوله: {وَالرَّاسِخُونَ} استئنافية. {وَالرَّاسِخُونَ} مبتدأ خبره جملة {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران/ 7]. وعلى تفسير الآية بهذا فالقسمة ثلاثية: محكم، ومجمل، ومتشابه. وأما على أن الواو عاطفة فالقسمة ثنائية: محكم ومتشابه، والمجملُ على هذا يدخل في المتشابه. وقوله:"ذا تشابه" مفعول مقدَّم لقوله: "أطْلِق".
450 -
وإن يكن عِلمٌ به مِنْ عَبْدِ
…
فذاك ليسَ من طريقِ العهدِ
يعني أنه لو أطْلَعَ اللَّهُ بعضَ أوليائه على علم شيء من المتشابه، فإنَّ تلك الطريقة إلى علم ذلك المتشابه ليست من الطرق المعهودة لإفادة العلم، وإذًا فلا ينافي ذلك حد المتشابه بأنه ما استأثر اللَّه بعلمه لأن النادرَ لا حكمَ له.