الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحْكمًا، فمنعوا شهادة الكافرين على الإيصاء في السفر نظرًا لنسخ حكمها وأثبتوا شهادةَ أهل الذمة بعضهم على بعض، إبقاءً لحكم الفرع المقيس مع رفع حكم أصله المقيس عليه، والآيُة مختَلَف في نسخها، وشهادة أهل الذمة المذكورة مختَلَف فيها.
477 -
ويُنْسخ الإنشا ولو مؤبَّدا
…
والقيدُ في الفعل أو الحُكْم بدا
478 -
وفي الأخير منَعَ ابنُ الحاجِبِ
…
كمستمِرٍّ بعدَ صومٍ واجب
يعني أن
النسخَ إنما يكون في الإنشاء دون الخبر
، ويجوز نسخ الإنشاء ولو اقترن بقيد التأْبيد، سواء كان القيد بالتأبيد في الفعل أو في الحكم. فمثاله في الفعل: ما لو قال الشارع قبل نَسْخ صوم عاشوراء: صوموا عاشوراء أبدًا، فقوله:"أبدًا" متعلق بالفعل الذي هو الصوم.
ومثاله في الحكم: ما لو قال منشئًا لا مخبرًا: صوم عاشوراء مستمرٌّ عليكم أبدًا، أو وجب عليكم أبدًا، فإن كل هذا لا ينافي النسخَ عند الأكثر لأن المقصود الإنشاء، والتأبيد هو ظاهر التشريع، واختار ابنُ الحاجب منع النسخ في الأخير الذي هو كون القيد بالتأبيد واقعًا في الحكم لظهور منافاته للنسخ
(1)
.
و
أوْضح فرقٍ بين الإنشاء والخبر:
أنَّ مدلولَ الخبر أمر خارجي أُخْبِرَ عنه، ومدلول الإنشاء لا وجود له في الخارج، وإنما يوجد بحصول صيغة الإنشاء، فقولك:"جاء زيد" -مثلًا- إخبار عن أمر واقع في
(1)
انظر: "المختصر - مع الشرح": (2/ 518).
الخارج. وقولك: "بعتك سلعتي بكذا" ليس فيه إخبار عن أمر كان واقعًا في الخارج، لأن السلعة لم تكن مبيعة فيما قبل، وإنما أُنشأ بيعها بالصيغة، أما صيغ الإنشاء الطلبية فلا التباس بينها وبين الخبر أصلًا.
479 -
ونسخُ الاخبار بإيجاب خبَرْ
…
بناقِضٍ يجوز لا نسخُ الخبَرْ
في الكلام مضاف محذوف تقديره: "إيجاب" أي ونسخُ إيجاب الإخبار، وقوله:"بناقض" يعني بنقيض الخبر الأول. وتقرير المعنى: أنه لو وجب خبر بشيء فإن ذلك الإيجاب يجوز نسخُه بإيجاب الإخبار بنقيض الخبر الأول، فيجوز أن يوجب عليك الإخبار بأنَّ زيدًا قائم -مثلًا- ثم يُنسخ ذلك الإيجاب بنقيضه بأن يوجب عليك أن تخبر بأن زيدًا غير قائم.
فإن قيل: يلزم على هذا إيجاب الإخبار بكذب؛ لأن لا يصح صدق الأول والثاني، بل لابدَّ من كذب أحدهما.
فالجواب: أنه لا منافاةَ بين إيجاب الإخبار وبين كون المخبَر به غير واقع [في نفس الأمر]
(1)
ألا ترى أنك لو سألك ظالمٌ عن رجل تعرف محلَّه وأنت موقنٌ أن الظالم يريد قتلَه ظلمًا ولا يمكن أن تتخلَّصَ من الظالم إلا بالجواب = أنه يجبُ عليكَ الإخبارُ بغير الواقع بأن تقول: لا أدري، وأنت تدري؟
وقوله: "لا نسخ الخبر" يعني أن الخبر لا يجوز نسخه لأن نسخه تكذيب له والوحي يستحيل فيه الكذب.
(1)
من ط.