الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
451 -
وقد يجي الإجمالُ من وجهٍ ومِنْ
…
وجهٍ يَراه ذا بيانٍ من فَطِنْ
يعني أن
النَّصَّ الواحد يكون مبيَّنًا من جهةٍ مجملًا من جهةٍ أخرى
، كقوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام/ 141]، فإنه مبيَّن في أصل الحق مُجمل في القَدْر المطلوب منه.
452 -
والنفيُ للصلاةِ والنكاحِ
…
والشَّبْهِ مُحكمٌ لدى الصِّحاح
يعني أن نَفْيَ الصلاة -مثلًا- في حديث: "لا صلاةَ لمن لم يقرأ بأمِّ الكتاب"
(1)
، وحديث:"لا صلاةَ إلَّا بطَهُور"
(2)
ونحو ذلك، ونفي النكاح في حديث:"لا نكاح إلَّا بوليّ"
(3)
ليس من المُجمل خلافًا للباقلاني ومن وافقه. ووَجْه عدم إجماله: أن الحقيقة لا تُراد بالنفي لوجود صورتها في محل النفي، فيجب ارتكاب أقرب المجازاتِ [لنفي] الحقيقة
(4)
، وأقرب المجازات لنفي الحقيقة نفي الصحة، فيصير المعنى: لا صلاة صحيحة إلَّا بطهور، ولا نكاح صحيحًا إلَّا بولي. وحجّة القائل بالإجمال: أن نفي أصل الذات غير مقصود فيتوجه النفي إلى الصحة والكمال، فيصير مجملًا لاحتمال هذا [وهذا].
453 -
والعكسُ في جداره ويَعْفو
…
والقَرْءِ في منع اجتماعٍ فاقْفوا
(1)
أخرجه البخاري رقم (756)، ومسلم رقم (394) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم رقم (224) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
تقدم تخريجه (ص/ 27).
(4)
الأصل: المجازات للحقيقة، والمثبت من ط، ويدل عليه ما بعده.
قوله: "فاقفوا" أمرٌ من الاقتفاء وهو الاتباع، والمراد بـ "العَكْس" عكس الإحكام وهو عند المؤلف الإجْمال، والمعنى: اتبع العكس في الحديث والآيتين أي فكلها من المجمل؛ أما الحديث فهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنع أحدكم جاره أن يضعَ خشبته في جداره"
(1)
لاحتمال رجوع الضمير إلى الأحد وإلى الجار، والتحقيقُ أن الحديث ظاهر في منع الإنسان من وضع خشبة الجار على جداره أي على جدار الإنسان المالك.
وأما الآيتان فالأولى منهما قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة/ 237] فإنه يحتمل الوليَّ كما قاله مالك، والزوج كما قاله الشافعي. والثانية منهما قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة/ 228] لأن القُرْءَ يُطلق على الطُّهْر وعلى الحيض، وعلى الطهرِ حمل الآيةَ مالكٌ والشافعيُّ، وقال أبو حنيفة وأحمد: المرادُ بالقُرْءِ الحيض.
وقوله: "في منع اجتماع" يعني أن المشترك بين معنيين متنافيين لا يمكن اجتماعهما كالقُرْء المذكور من المجمل، إذ لا يمكن قصد الكل فيتعين أن المقصود واحد، وكلٌّ منهما يحتمل أن يكون هو المراد.
* * *
(1)
أخرجه البخاري رقم (2463)، ومسلم رقم (1609) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. واللفظ الذي ساقه المؤلف (خشبته) عند الدارقطني:(4/ 228)، والبيهقي:(6/ 68).