الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (الصبر والمصابرة)
1-
عن أميّة الشّعبانيّ، قال: سألت أبا ثعلبة الخشنيّ فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ؟ (المائدة/ 105) قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متّبعا ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك- يعني بنفسك- ودع عنك العوامّ فإنّ من ورائكم أيّام الصّبر، الصّبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله» ) * «1» .
2-
(عن عمرو بن عبسة- رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت يا رسول الله، من تبعك على هذا الأمر؟ قال:«حرّ وعبد» . قلت: ما الإسلام؟
قال: «طيب الكلام، وإطعام الطّعام» . قلت: ما الإيمان؟ قال: «الصّبر والسّماحة» . قال: قلت: أيّ الإسلام أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» . قال: قلت: أيّ الإيمان أفضل؟ قال: «خلق حسن» . قال: قلت: أيّ الصّلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» . قال: قلت: أيّ الهجرة أفضل؟ قال: «أن تهجر ما كره ربّك- عز وجل»
…
الحديث) * «2» .
3-
* (عن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليه: إنّ ابنا لي قبض، فأتنا.
فأرسل يقرأ السّلام ويقول: «إنّ لله ما أخذ وله ما أعطى.
وكلّ عنده بأجل مسمّى. فلتصبر ولتحتسب» . فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها. فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصّبيّ ونفسه تتقعقع «3» - قال حسبته أنّه قال: كأنّها شنّ «4» - ففاضت عيناه. فقال سعد: يا رسول الله: ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده. وإنّما يرحم الله من عباده الرّحماء» ) * «5» .
4-
(عن أنس بن مالك- رضي الله عنه، أنّ أناسا من الأنصار قالوا يوم حنين، حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء. فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل. قالوا:
يغفر الله لرسول الله. يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم!. قال أنس بن مالك فحدّث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قولهم. فأرسل إلى الأنصار. فجمعهم في قبّة من أدم «6» . فلمّا اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: «ما حديث بلغني عنكم؟» فقال له فقهاء الأنصار: أمّا ذوو رأينا، يا رسول الله! فلم يقولوا شيئا.
وأمّا أناس منّا حديثة أسنانهم، قالوا يغفر الله لرسوله.
يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم!، فقال
(1) أبو داود (4341) وهذا لفظه، والترمذي (3058) وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة (4014) ، وشرح السنة (14/ 348)، وقال محققه: للحديث شواهد يتقوى بها. وقال الألباني في ضعيف أبي داود (430) : لكن فقرة أيام الصبر ثابتة.
(2)
أحمد (4/ 385) واللفظ له، وابن ماجة (2794) . وأصله عند مسلم.
(3)
تتقعقع: تتحرك وتضطرب.
(4)
شنّ: هو القربة الخلق الصغيرة.
(5)
البخاري الفتح 3 (1284) واللفظ له، ومسلم (923) .
(6)
في قبة من أدم: القبّة من الخيام: بيت صغير مستدير. ومن أدم معناه من جلود.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنّي أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألّفهم. أفلا ترضون أن يذهب النّاس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فو الله! لما تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به» فقالوا: بلى. يا رسول الله! قد رضينا. قال: «فإنّكم ستجدون أثرة «1» شديدة.
فاصبروا حتّى تلقوا الله ورسوله. فإنّي على الحوض» .
قالوا: سنصبر) * «2» .
5-
* (عن عثمان بن حنيف: أنّ رجلا ضرير البصر أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال:
«إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك» .
قال: فادعه. وقال: فأمره أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدّعاء «اللهمّ إنّي أسألك، وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة، إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهمّ فشفّعه فيّ» ) * «3» .
6-
* (عن أسيد بن حضير: أنّ رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانا. فقال: «إنّكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتّى تلقوني على الحوض» ) * «4» .
7-
* (عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيّامه الّتي لقي فيها العدوّ ينتظر حتّى إذا مالت الشّمس قام فيهم فقال: «يا أيّها النّاس لا تتمنّوا لقاء العدوّ، واسألوا الله العافية. فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السّيوف» . ثمّ قام النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهمّ منزّل الكتاب، ومجري السّحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» ) * «5» .
8-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما: أنّ مولاة له أتته فقالت: اشتدّ عليّ الزّمان، وإنّي أريد أن أخرج إلى العراق. قال: فهلّا إلى الشّام أرض المنشر واصبري لكاع «6» فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من صبر على شدّتها ولأوائها «7» كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة» ) * «8» .
9-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه:
أنّ ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثمّ سألوه فأعطاهم. حتّى إذا نفد ما عنده قال:«ما يكن عندي من خير فلن أدّخره عنكم. ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله. ومن يصبر يصبّره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصّبر» ) * «9» .
10-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما:
أنّه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنّة؟ قلت:
(1) أثرة: فيها لغتان إحداهما ضم الهمزة وإسكان الثاء وأصحهما وأشهرهما: بفتحهما جميعا والأثرة الاستئثار بالمشترك.
(2)
البخاري- الفتح 7 (3793) ، ومسلم (1059) واللفظ له
(3)
الترمذي (3578) وقال: حديث حسن صحيح. وأورده السيوطي في الجامع الصغير وصححه الشيخ الألباني (1290) . وزاد أحمد وابن خزيمة والحاكم «وشفعني فيه» وهي من الأدلة الكثيرة على أن التوسل والتوجه المذكور في الحديث هو بدعائه صلى الله عليه وسلم لأن معناها: اقبل شفاعتي: أي في دعائه وكذلك قوله «فشفعه في» أي اقبل شفاعته أي دعاءه. ذكر هذه الفائدة الشيخ الألباني في صحيح الجامع (1/ 404) .
(4)
البخاري- الفتح 7 (3792) ، مسلم (1845) واللفظ له.
(5)
البخاري- الفتح 6 (3024، 3025) ، مسلم (1742) واللفظ له.
(6)
لكاع: يقال امرأة لكاع ورجل لكع، ويطلق ذلك على اللئيم وعلى العبد وعلى الغبي الذي لا يفهم كلام غيره وعلى الصغير. وخاطبها ابن عمر بهذا إنكارا عليها وليس المراد وصفها بذلك المعنى.
(7)
أي لأواء المدينة. واللأواء: الشدة وضيق العيش.
(8)
رواه الترمذي (3918) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عبيد الله. وأصل الحديث عند مسلم (481، 843، 1004) .
(9)
البخاري- الفتح 11 (6470) ، ومسلم (1053) واللفظ له.
بلى، قال: هذه المرأة السّوداء أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: إنّي أصرع وإنّي أتكشّف، فادع الله لي. قال:«إن شئت صبرت ولك الجنّة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك» . قالت: أصبر. قالت: فإنّي أتكشّف فادع الله أن لا أتكشّف، فدعا لها) * «1» .
11-
* (عن أبي قتادة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنّه قام فيهم فذكر لهم «أنّ الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال» ، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفّر عنّي خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم إن قتلت في سبيل الله، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر» . ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف قلت؟» . قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفّر عنّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلّا الدين، فإنّ جبريل عليه السلام قال لي ذلك» ) * «2» .
12-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنّها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطّاعون فأخبرها نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: «أنّه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطّاعون، فيمكث في بلده صابرا يعلم أنّه لن يصيبه إلّا ما كتبه الله له إلّا كان له مثل أجر الشّهيد» ) * «3» .
13-
* (عن محمود بن لبيد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحبّ الله قوما ابتلاهم. فمن صبر فله الصّبر. ومن جزع فله الجزع» ) * «4» .
14-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت:
إنّا كنّا أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم عنده جميعا لم تغادر منّا واحدة.
فأقبلت فاطمة- عليها السلام تمشي، ولا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلمّا رآها رحّب.
قال: «مرحبا بابنتي» . ثمّ أجلسها عن يمينه- أو عن شماله-. ثمّ سارّها فبكت بكاء شديدا. فلمّا رأى حزنها سارّها الثّانية، فإذا هي تضحك. فقلت لها أنا- من بين نسائه-: خصّك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسّرّ من بيننا، ثمّ أنت تبكين؟ فلمّا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عمّ سارّك؟
قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سرّه فلمّا توفّي قلت لها: عزمت عليك- بما لي عليك من الحقّ- لما أخبرتني. قالت: أمّا الآن فنعم. فأخبرتني. قالت:
أمّا حين سارّني في الأمر الأوّل، فإنّه أخبرني «أنّ جبريل كان يعارضه بالقرآن كلّ سنة مرّة. وأنّه قد عارضني به العام مرّتين. ولا أرى الأجل إلّا قد اقترب فاتّقي الله واصبري، فإنّي نعم السّلف أنا لك» . قالت:
فبكيت بكائي الّذي رأيت. فلمّا رأى جزعي سارّني الثّانية قال: «يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين، أو سيّدة نساء هذه الأمّة» ) * «5» .
15-
* (عن أنس- رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ الله- عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر عوّضته منهما الجنّة» يريد عينيه) * «6» .
16-
* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص
(1) البخاري- الفتح 10 (5652) ، ومسلم (2576) واللفظ له.
(2)
مسلم (1885) .
(3)
أخرجه البخاري الفتح 10 (5734) .
(4)
قال المنذري: رواه أحمد ورواته ثقات. الترغيب والترهيب (4/ 283) . وأورده السيوطي في الجامع الصغير وصححه الشيخ الألباني (282) وفي السلسلة الصحيحة (146) .
(5)
البخاري- الفتح 11 (6285، 6286) واللفظ له، مسلم (2450) .
(6)
البخاري- الفتح 10 (5653) .
- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيّه من أهل الأرض فصبر واحتسب، وقال ما أمر به بثواب دون الجنّة» ) * «1» .
17-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شهر الصّبر وثلاثة أيّام من كلّ شهر صوم الدّهر» ) * «2» .
18-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الطّاعم الشّاكر بمنزلة الصّائم الصّابر» ) * «3» .
19-
* (عن أبي مالك الأشعريّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطّهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن- أو تملأ- ما بين السّماوات والأرض، والصّلاة نور، والصّدقة برهان، والصّبر ضياء، والقرآن حجّة لك أو عليك، كلّ النّاس يغدو، فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها» ) * «4» .
20-
* (عن رجل من بني سليم قال: عدّهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي أو في يده: «التّسبيح نصف الميزان، والحمد لله يملؤه، والتّكبير يملأ ما بين السّماء والأرض، والصّوم نصف الصّبر، والطّهور نصف الإيمان» ) * «5» .
21-
* (عن صهيب- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له» ) * «6» .
22-
* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبت من قضاء الله- عز وجل للمؤمن إن أصابه خير حمد ربّه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربّه وصبر، المؤمن يؤجر في كلّ شيء حتّى اللّقمة يرفعها إلى فيّ امرأته» ) * «7» .
23-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذرّ» قلت: لبّيك يا رسول الله وسعديك فذكر الحديث، قال فيه:«كيف أنت إذا أصاب النّاس موت يكون البيت فيه بالوصيف «8» » ؟
قلت: الله ورسوله أعلم، أو قال: ما خار الله لي ورسوله، قال:«عليك بالصّبر» أو قال: «تصبر» ثمّ قال لي: «يا أبا ذرّ» . قلت: لبّيك وسعديك. قال:
(1) النسائي (4/ 23)، وقال محقق جامع الأصول (6/ 434) : إسناده حسن.
(2)
النسائي (4/ 218) واللفظ له، وأحمد (2/ 263، 384، 513) ، وأحمد (ط شاكر)(7567) وقال محققه إسناده صحيح وجامع الأصول (6/ 340) .
(3)
الترمذي (2486) واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب في صحيح سنن الترمذي للألباني (2021) ، وابن ماجه (1764)، أخرجه أحمد في المسند (7793) وقال محققه الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(4)
مسلم (223) .
(5)
الترمذي (3519) وقال: حديث حسن، وقال محقق جامع الأصول (9/ 558) : حديث حسن. وله شاهد صحيح عند مسلم (223)، والترمذي (3517) عن أبي مالك:«الطهور شطر الإيمان» والحمد لله تملأ الميزان
…
الحديث» .
(6)
مسلم (2999) .
(7)
أحمد في المسند (1487) وقال محققه: إسناده صحيح. وقال الهيثمي (7/ 209) : رواه أحمد بأسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح.
(8)
يكون البيت فيه بالوصيف: الوصيف: العبد، والأمة: وصيفة. وجمعهما: وصفاء ووصائف والمراد يكثر الموت حتى يصير موضع قبر يشترى بعبد، من كثرة الموتى. وقبر الميت: بيته.
«كيف أنت إذا رأيت أحجار الزّيت قد غرقت بالدّم؟» قلت: ما خار الله لي ورسوله، قال:«عليك بمن أنت منه» قلت: يا رسول الله أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي؟ قال: «شاركت القوم إذن» قلت: فما تأمرني؟
قال: «تلزم بيتك» قلت: فإن دخل عليّ بيتي؟ قال:
«فإن خشيت أن يبهرك شعاع السّيف فألق ثوبك على وجهك يبؤ بإثمك وإثمه» ) * «1» .
24-
* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قام موسى- عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أيّ النّاس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. قال فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه. فأوحى الله إليه أنّ عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: أي ربّ! كيف لي به؟ فقيل له: احمل حوتا «2» في مكتل «3» فحيث تفقد «4» الحوت، فهو ثمّ «5» . فانطلق وانطلق معه فتاه، وهو يوشع بن نون، فحمل موسى- عليه السلام حوتا في مكتل، وانطلق هو وفتاه يمشيان حتّى أتيا الصخرة، فرقد موسى- عليه السلام وفتاه. فاضطرب الحوت في المكتل حتّى خرج من المكتل فسقط في البحر. قال: وأمسك الله عنه جرية الماء حتّى كان مثل الطّاق «6» فكان للحوت سربا، وكان لموسى وفتاه عجبا. فانطلقا بقيّة يومهما وليلتهما، ونسي صاحب موسى أن يخبره. فلمّا أصبح موسى- عليه السلام قال لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا «7» . قال: ولم ينصب حتّى جاوز المكان الّذي أمر به. قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا. قال موسى: ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا. قال: يقصّان آثارهما حتّى أتيا الصّخرة فرأى رجلا مسجّى «8» عليه بثوب فسلّم عليه موسى.
فقال له الخضر: أنّى بأرضك السّلام؟ قال أنا موسى.
قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: إنّك على علم من علم الله علّمكه الله لا أعلمه. وأنا على علم من علم الله علّمنيه لا تعلمه. قال له موسى- عليه السلام: هل أتّبعك على أن تعلّمني ممّا علّمت رشدا؟ قال: إنّك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا؟ قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. قال له الخضر: فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا. قال:
نعم. فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر. فمرّت بهما سفينة فكلّماهم أن يحملوهما. فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول «9» فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السّفينة، فنزعه، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا «10» . قال: ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا. قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من
(1) أبو داود (4261)، ابن ماجه في الفتن (3958) . وقال محقق جامع الأصول (10/ 7) : حديث حسن.
(2)
الحوت: السمكة.
(3)
مكتل: هو القفة والزنبيل.
(4)
تفقد: أي يذهب منك.
(5)
فهو ثم: أي هناك.
(6)
الطاق: عقد البناء.
(7)
نصبا: النصب: التعب.
(8)
مسجى: مغطى.
(9)
بغير نول: بغير أجر.
(10)
إمرا: عظيما.
أمري عسرا، ثمّ خرجا من السّفينة فبينما هما يمشيان على السّاحل إذا غلام يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله. فقال موسى: أقتلت نفسا زاكية «1» بغير نفس؟ لقد جئت شيئا نكرا. قال: ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا. قال: وهذه أشدّ من الأولى. قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا. فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ «2» فأقامه. يقول مائل، قال الخضر بيده هكذا فأقامه. قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيّفونا ولم يطعمونا لو شئت لاتّخذت عليه أجرا.
قال هذا فراق بيني وبينك. سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا» . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله موسى لوددت أنّه كان صبر حتّى يقصّ علينا من أخبارهما» ) * «3» .
25-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قسما، فقال رجل: إنّ هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته.
فغضب حتّى رأيت الغضب في وجهه ثمّ قال: «يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» ) * «4» .
26-
* (عن صهيب- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان ملك فيمن كان قبلكم.
وكان له ساحر
…
الحديث، وفيه: إنّك لست بقاتلي حتّى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟ قال: تجمع النّاس في صعيد «5» واحد. وتصلبني على جذع. ثمّ خذ سهما من كنانتي. ثمّ ضع السّهم في كبد القوس «6» ثمّ قل: باسم الله، ربّ الغلام. ثمّ ارمني، فإنّك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع النّاس في صعيد واحد وصلبه على جذع. ثمّ أخذ سهما من كنانته. ثمّ وضع السّهم في كبد القوس ثمّ قال: باسم الله ربّ الغلام. ثمّ رماه فوقع السّهم في صدغه، فوضع يده في صدغه في موضع السّهم، فمات. فقال النّاس: آمنّا بربّ الغلام.
آمنّا بربّ الغلام. آمنّا بربّ الغلام. فأتي الملك فقيل له:
أرأيت ما كنت تحذر؟ قد، والله نزل بك حذرك. قد آمن النّاس، فأمر بالأخدود «7» في أفواه السّكك «8» فخدّت وأضرم النّيران. وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها. أو قيل له: اقتحم. ففعلوا حتّى جاءت امرأة ومعها صبيّ لها فتقاعست أن تقع فيها. فقال لها الغلام: يا أمّه! اصبري، فإنّك على الحقّ» ) * «9» .
27-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما أنّه قال: كنت رديف النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام- أو يا غليم- ألا أعلّمك كلمات ينفعك الله بهنّ؟» فقلت:
بلى. فقال: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إليه في الرّخاء يعرفك في الشّدّة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جفّ القلم بما هو كائن، فلو أنّ الخلق كلّهم جميعا
(1) زاكية: قرىء في السبع زاكية وزكية، قالوا ومعناه طاهرة من الذنوب.
(2)
ينقض: قرب من الانقضاض أو السقوط.
(3)
البخاري- الفتح 6 (3401) ، ومسلم (2380) واللفظ له.
(4)
البخاري- الفتح 6 (3405) واللفظ له، مسلم (1062) .
(5)
صعيد: الصعيد هنا: الأرض البارزة.
(6)
كبد القوس: مقبضها عند الرمي.
(7)
الأخدود: هو الشق العظيم في الأرض، وجمعه أخاديد.
(8)
أفواه السكك: أبواب الطرق.
(9)
مسلم (3005) .