الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (الرغبة)
1-
* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أخذت مضجعك «1» فتوضّأ وضوءك للصّلاة، ثمّ اضطجع على شقّك الأيمن ثمّ قل: اللهمّ إنّي أسلمت وجهي إليك «2» ، وفوّضّت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك «3» ، رغبة ورهبة «4» إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلّا إليك، آمنت بكتابك الّذي أنزلت، وبنبيّك الّذي أرسلت، واجعلهنّ من آخر كلامك، فإن متّ من ليلتك متّ وأنت على الفطرة «5» » قال فردّدتهنّ لأستذكرهنّ فقلت:
آمنت برسولك الّذي أرسلت قال: «قل: آمنت بنبيّك الّذي أرسلت» ) * «6» .
2-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم أصوات الدّيكة فإنّها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه، وإذا سمعتم نهاق الحمير فإنّها رأت شيطانا فاستعيذوا بالله من شرّ ما رأت» ) * «7» .
3-
* (عن يزيد بن حيّان. قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلمّا جلسنا قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصلّيت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يابن أخي والله لقد كبرت سنّي، وقدم عهدي، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدّثتكم فاقبلوا. وما لا، فلا تكلّفونيه. ثمّ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا. بماء يدعى خمّا «8» بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكّر. ثمّ قال:«أمّا بعد ألا أيّها النّاس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين «9» :
أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به» فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه.
ثمّ قال: «وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي.
أذكّركم الله في أهل بيتي. أذكّركم الله في أهل بيتي» .
فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟. قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصّدقة بعده. قال: ومن هم؟.
(1) إذا أخذت مضجعك: معناه إذا أردت النوم في مضجعك.
(2)
أسلمت وجهي إليك. وفي الرواية الأخرى أسلمت نفسي إليك: أي استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك. قال العلماء: الوجه والنفس، هنا بمعنى الذات كلها، يقال: سلم وأسلم واستسلم بمعنى.
(3)
ألجأت ظهري إليك: أي توكلت عليك واعتمدت في أمري كله، كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده.
(4)
رغبة ورهبة: أي طمعا في ثوابك وخوفا من عذابك.
(5)
الفطرة: أي الإسلام.
(6)
البخاري- الفتح 1 (247) ، ومسلم (2710) واللفظ له.
(7)
أحمد (2/ 321) وصححه الشيخ أحمد شاكر (16/ 118) وقد رواه البخاري- الفتح (3303) ، ومسلم (2729) بلفظ آخر.
(8)
خمّ: اسم لغيضة على ثلاثة أميال من الجحفة، غدير مشهور يضاف إلى الغيضة، فيقال: غدير خم.
(9)
ثقلين: قال العلماء: سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما. وقيل: لثقل العمل بهما.
قال: هم، آل عليّ، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عبّاس.
قال: كلّ هؤلاء حرم الصّدقة؟. قال: نعم) * «1» .
4-
* (عن خبّاب بن الأرتّ- وكان قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه راقب رسول الله صلى الله عليه وسلم اللّيلة كلّها حتّى كان مع الفجر فلمّا سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خبّاب فقال: يا رسول الله- بأبي أنت وأمّي- لقد صلّيت اللّيلة صلاة ما رأيتك صلّيت نحوها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجل إنّها صلاة رغب ورهب، سألت ربّي- عز وجل فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت ربّي- عز وجل أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألت ربّي- عز وجل أن لا يظهر علينا عدوّا من غيرنا فأعطانيها، وسألت ربّي أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها» ) * «2» .
5-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّه كان يقول: حدّثوني عن رجل دخل الجنّة لم يصلّ قطّ فإذا لم يعرفه النّاس سألوه من هو؟. فيقول: أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش. فقلت لمحمود بن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبي الإسلام على قومه، فلمّا كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتّى أتى القوم، فدخل في عرض النّاس، فقاتل حتّى أثبتته الجراحة، فبينا رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، قالوا:
والله إنّ هذا للأصيرم. وما جاء به؟ لقد تركناه وإنّه لمنكر الحديث، فسألوه ما جاء به؟، فقالوا: ما جاء بك يا عمرو؟ أحربا على قومك أو رغبة في الإسلام؟.
فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ثمّ أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلت حتّى أصابني ما أصابني فلم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«إنّه لمن أهل الجنّة» ) * «3» .
6-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى سلمان الخير، قال: «إنّ نبيّ الله عليه السلام يريد أن يمنحك كلمات تسألهنّ الرّحمن ترغب إليه فيهنّ وتدعو بهنّ باللّيل والنّهار. قال:
اللهمّ إنّي أسألك صحّة إيمان وإيمانا في خلق حسن ونجاحا يتبعه فلاح «4» » ) * «5» .
7-
* (عن النّوّاس بن سمعان- رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدّجّال ذات غداة، فخفّض فيه ورفّع «6» ، حتّى ظننّاه في طائفة النّخل
…
الحديث، وفيه: فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى:
(1) مسلم (2408) .
(2)
الترمذي (2175) وقال: حسن غريب صحيح، وصححه أحمد (5/ 109) ، والنسائي (3/ 217) واللفظ له، وقال محقق جامع الأصول (9/ 200) ، كما قال الترمذي.
(3)
أحمد (5/ 428)، وقال الهيثمي (9/ 362- 363) واللفظ له: رجاله ثقات، ونحوه عند أبي داود رقم (2537) ، وحسنه الألباني (2/ 482) .
(4)
تكملته: يعني ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا، قال أبي وهن مرفوعة في الكتاب: يتبعه فلاح ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوان.
(5)
أحمد (2/ 321)، وقال الشيخ أحمد شاكر (8255) : إسناده حسن. وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
(6)
فخفّض منه ورفّع: بتشديد الفاء فيهما، وفي معناه قولان: أحدهما أن خفض بمعنى حقّر، وقوله رفع أي عظّمه، وفخّمه، فمن-
أنّي قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم «1» فحرّز عبادي إلى الطّور «2» . ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدب ينسلون «3» ، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبريّة، فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة ماء، ويحضر نبيّ الله عيسى وأصحابه، حتّى يكون رأس الثّور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبيّ الله «4» عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النّغف «5» في رقابهم، فيصبحون فرسى «6» كموت نفس واحدة. ثمّ يهبط نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلّا ملأه زهمهم «7» ونتنهم. فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت «8» فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثمّ يرسل الله مطرا لا يكنّ «9» منه بيت مدر «10» ولا وبر، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلفة «11» . ثمّ يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردّي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة «12» من الرّمّانة. ويستظلّون بقحفها «13» ، ويبارك في الرّسل «14» ، حتّى إنّ اللّقحة «15» من الإبل
- تحقيره وهوانه على الله تعالى: عوره، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم هو أهون على الله من ذلك» وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه، وأنه يضمحل أمره، ويقتل بعد ذلك، هو وأتباعه، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به: هذه الأمور الخارقة للعادة، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه، والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه، فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد بلاغا كاملا مفخما.
(1)
لا يدان لأحد بقتالهم: يدان تثنية يد. قال العلماء: معناه لا قدرة ولا طاقة. يقال: ما لي بهذا الأمر يد، وما لي به يدان، لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد. وكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه.
(2)
فحرّز عبادي إلى الطور: أي ضمهم واجعله لهم حرزا. يقال: أحرزت إحرازا، إذا حفظته وضممته إليك، وصنته عن الأخذ.
(3)
وهم من كل حدب ينسلون: قال الفراء: من كل أكمة، ومن كل موضع مرتفع، وينسلون يمشون مسرعين. يريد: يظهرون من غليظ الأرض ومرتفعها.
(4)
فيرغب نبي الله: أي إلى الله، أو يدعو.
(5)
النغف: هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم، الواحدة نغفة.
(6)
فرسى: أي قتلى، واحدهم فريس، كقتيل، وقتلى.
(7)
الزّهم: رائحة اللحم والزّهمة بالضم الريح المنتنة.
(8)
البخت: قال في اللسان: البخت والبختية دخيل في العربية أعجمي معرب، وهي الإبل الخراسانية، تنتج من عربية وفالج، وهي جمال طوال الأعناق.
(9)
لا يكن: أي لا يمنع من نزول الماء.
(10)
مدر: هو الطين الصلب.
(11)
كالزلفة: روي الزّلفة. وروي: الزّلفة. وروي الزّلفة. قال القاضي: وكلها صحيحة، واختلفوا في معناه فقال ثعلب وأبو زيد وآخرون: معناه كالمرآة، وحكى صاحب المشارق هذا عن ابن عباس أيضا: شبهها بالمرآة في صفائها ونظافتها. وقيل: كمصانع الماء، أي أن الماء يستنقع فيها حتى تصير كالمصنع الذي يجتمع فيه الماء. وقال أبو عبيد: معناه كالإجّانة الخضراء. وقيل: كالصفحة. وقيل: كالروضة.
(12)
العصابة: هي الجماعة.
(13)
بقحفها: بكسر القاف، وهو مقعر قشرها، شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ، وقيل: ما انفلق من جمجمته وانفصل.
(14)
الرسل: هو اللبن.
(15)
اللقحة: بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان، الكسر أشهر، وهي القريبة العهد بالولادة، وجمعها لقح كبركة وبرك، واللقوح ذات اللبن، وجمعها لقاح.
لتكفي الفئام «1» من النّاس، واللّقحة من البقر لتكفي القبيلة من النّاس. واللّقحة من الغنم لتكفي الفخذ من النّاس «2» . فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيّبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كلّ مؤمن وكلّ مسلم»
. ويبقى شرار النّاس، يتهارجون فيها تهارج الحمر «4» فعليهم تقوم السّاعة» ) * «5» .
8-
* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه وكان ممّن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، قال:
خرجنا في حجّاج قومنا من المشركين وقد صلّينا وفقهنا معنا البراء بن معرور كبيرنا وسيّدنا، فلمّا توجّهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة. قال البراء لنا: يا هؤلاء، إنّي قد رأيت والله رأيا وإنّي والله ما أدري توافقوني عليه أم لا. قال: قلنا له: وما ذاك؟. قال قد رأيت أن لا أدع هذه البنيّة منّي بظهر يعني الكعبة، وأن أصلّي إليها. قال: فقلنا: والله ما بلغنا أنّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم يصلّي إلّا إلى الشّام، وما نريد أن نخالفه. فقال: إنّي أصلّي إليها.
فقلنا له: لكنّا لا نفعل. فكنّا إذا حضرت الصّلاة صلّينا إلى الشّام وصلّى إلى الكعبة حتّى قدمنا مكّة. قال أخي: وقد كنّا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلّا الإقامة عليه، فلمّا قدمنا مكّة، قال يابن أخي: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله عمّا صنعت في سفري هذا، فإنّه والله قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إيّاي فيه. قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنّا لا نعرفه، لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكّة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تعرفانه.
قال: قلنا: لا، قال: فهل تعرفان العبّاس ابن عبد المطلّب عمّه. قلنا: نعم، قال: وكنّا نعرف العبّاس، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا، قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرّجل الجالس مع العبّاس، قال:
فدخلنا المسجد فإذا العبّاس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس، فسلّمنا ثمّ جلسنا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعبّاس:«هل تعرف هذين الرّجلين يا أبا الفضل؟» . قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيّد قومه، وهذا كعب بن مالك. قال: فو الله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشّاعر؟» . قال: نعم. قال: فقال البراء بن معرور: يا نبيّ الله إنّي خرجت في سفري هذا وهداني الله للإسلام فرأيت أن لا أجعل هذه البنيّة منّي بظهر صلّيت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك حتّى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله.
قال: «لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها» . قال:
(1) الفئام: هي الجماعة الكثيرة، هذا هو المشهور والمعروف في اللغة وكتب الغريب.
(2)
الفخذ من الناس: قال أهل اللغة: الفخذ الجماعة من الأقارب، وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة، قال القاضي: قال ابن فارس: الفخذ هنا بإسكان الخاء لا غير، فلا يقال إلا بإسكانها، بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن.
(3)
وكل مسلم: هكذا هو في جميع نسخ مسلم: وكل مسلم، بالواو.
(4)
يتهارجون فيها تهارج الحمر: أي يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس، كما يفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك، والهرج، بإسكان الراء، الجماع. يقال: هرج زوجته أي جامعها، يهرجها، بفتح الراء وضمها وكسرها.
(5)
مسلم (2937) .
فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى معنا إلى الشّام، قال: وأهله يزعمون أنّه صلّى إلى الكعبة حتّى مات، وليس ذلك، نحن أعلم به منهم. قال:
وخرجنا إلى الحجّ فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيّام التّشريق، فلمّا فرغنا من الحجّ وكانت اللّيلة الّتي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا عبد الله ابن عمرو بن حرام أبو جابر سيّد من ساداتنا وكنّا نكتم من معنا من المشركين أمرنا فكلّمناه وقلنا له يا أبا جابر إنّك سيّد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنّا نرغب بك عمّا أنت فيه أن تكون حطبا للنّار غدا، ثمّ دعوته إلى الإسلام وأخبرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا، قال: فنمنا تلك اللّيلة مع قومنا في رحالنا حتّى إذا مضى ثلث اللّيل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلّل مستخفين تسلّل القطا حتّى اجتمعنا في الشّعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أمّ عمارة إحدى نساء بني مازن بن النّجّار، وأسماء بنت عمرو بن عديّ بن ثابت إحدى نساء بني سلمة وهي أمّ منيع. قال: فاجتمعنا بالشّعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى جاءنا يومئذ عمّه العبّاس ابن عبد المطلّب، وهو يومئذ على دين قومه إلّا أنّه أحبّ أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثّق له، فلمّا جلسنا كان العبّاس بن عبد المطلّب أوّل من تكلّم، فقال: يا معشر الخزرج، قال:
وكانت العرب ممّا يسمّون هذا الحيّ من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها. إنّ محمّدا منّا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممّن هو على مثل رأينا فيه وهو في عزّ من قومه ومنعة في بلده. قال: فقلنا: قد سمعنا ما قلت، فتكلّم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربّك ما أحببت. قال: فتكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا إلى الله- عز وجل ورغّب في الإسلام. قال:
«أبايعكم على أن تمنعوني ممّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» قال: فأخذ البراء بن معرور بيده. ثمّ قال:
نعم والّذي بعثك بالحقّ لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزرنا، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر
…
الحديث) * «1» .
9-
* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «عجب ربّنا- عز وجل من رجلين، رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحيّه إلى صلاته، فيقول ربّنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ومن بين حيّه وأهله إلى صلاته، رغبة فيما عندي، وشفقة ممّا عندي. ورجل غزا في سبيل الله- عز وجل فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرّجوع، فرجع حتّى أهريق دمه، رغبة فيما عندي، وشفقة ممّا عندي، فيقول الله- عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي، ورهبة ممّا عندي، حتّى أهريق دمه» ) * «2» .
(1) أحمد (3/ 461) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 42، 43، 44) : رجال أحمد رجال الصحيح غير محمد ابن إسحاق وقد صرح بالسماع والطبراني بنحوه..
(2)
أحمد (1/ 416)، وقال الشيخ أحمد شاكر (6/ 22) : إسناده صحيح. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 255) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير وإسناده حسن.
10-
* (عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنهما قالت: قدمت عليّ أمّي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله قدمت عليّ أمّي وهي راغبة، أفأصل أمّي؟. قال: «نعم صلي أمّك» ) * «1» .
11-
* (عن سلمان الفارسي قال: كنت رجلا فارسيّا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جيّ، وكان أبي دهقان «2» قريته، وكنت أحبّ خلق الله إليه، فلم يزل به حبّه إيّاي حتّى حبسني في بيته، أي ملازم النّار، كما تحبس الجارية، وأجهدت في المجوسيّة حتّى كنت قطن النّار «3» الّذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة. قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة. قال: فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بنيّ إنّي قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطّلعها وأمرني فيها بعض ما يريد. فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النّصارى فسمعت
أصواتهم فيها وهم يصلّون وكنت لا أدري ما أمر النّاس لحبس أبي إيّاي في بيته. فلمّا مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلمّا رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الدّين الّذي نحن عليه فو الله ما تركتهم حتّى غربت الشّمس وتركت ضيعة أبي، ولم آتها فقلت لهم: أين أصل هذا الدّين؟. قالوا: بالشّام. قال: ثمّ رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كلّه قال:
فلمّا جئته قال: أي بنيّ! أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت! مررت بناس يصلّون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فو الله ما زلت عندهم حتّى غربت الشّمس، قال: أي بنيّ! ليس في ذلك الدّين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قال: قلت: كلّا والله إنّه خير من ديننا.
قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدا، ثمّ حبسني في بيته. قال: وبعثت إلى النّصارى، فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشّام تجّار من النّصارى فأخبروني بهم. قال: فقدم عليهم ركب من الشّام تجار من النصارى، قال: فأخبروني بهم. قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرّجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم. قال فلمّا أرادوا الرّجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي ثمّ خرجت معهم حتّى قدمت الشّام فلمّا قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدّين. قالوا: الأسقف في الكنيسة. قال: فجئته فقلت: إنّي قد رغبت في هذا الدّين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلّم منك وأصلّي معك، قال: فادخل. فدخلت معه قال: فكان رجل سوء، يأمرهم بالصّدقة ويرغّبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين حتّى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثمّ مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إنّ هذا كان رجل سوء،
(1) البخاري- الفتح 6 (3183) ، ومسلم (1003) واللفظ له.
(2)
الدهقان: بكسر الدال وضمها: رئيس القرية- وهو معرّب.
(3)
قطن النار: خازنها وخادمها.
يأمركم بالصّدقة ويرغّبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلت: أنا أدلّكم على كنزه. قالوا: فدلّنا عليه. قال: فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلمّا رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا. فصلبوه ثمّ رجموه بالحجارة، ثمّ جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا يصلّي الخمس، أرى أنّه أفضل منه، وأزهد منه في الدّنيا، ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه. قال: فأحببته حبّا لم أحبّه من قبله، وأقمت معه زمانا ثمّ حضرته الوفاة.. الحديث) * «1» .
12-
* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلّي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه. ثمّ دخل آخر. فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلمّا قضينا الصّلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: إنّ هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ، فحسّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم شأنهما، فسقط في نفسي من التّكذيب، ولا إذ كنت في الجاهليّة «2» ، فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا «3» ، وكأنّما أنظر إلى الله- عز وجل فرقا «4» .
فقال لي: «يا أبيّ أرسل إليّ: أن اقرإ القرآن على حرف فرددت إليه: أن هوّن على أمّتي، فردّ إليّ الثّانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه: أن هوّن على أمّتي، فردّ إليّ الثّالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكلّ ردّة رددتكها مسألة تسألنيها «5» . فقلت: اللهمّ اغفر لأمّتي. اللهمّ اغفر لأمّتي، وأخّرت الثّالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلّهم، حتّى إبراهيم صلى الله عليه وسلم» ) * «6» .
13-
* (عن عليّ- رضي الله عنه قال:
قيل: يا رسول الله من يؤمّر بعدك؟ قال: «إن تؤمّروا
(1) أحمد (5/ 441- 444) ، وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (9/ 332- 336) ، ورواه أحمد والطبراني في المعجم الكبير رقم (6065) بأسانيد رجالها رجال الصحيح غير محمد ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.
(2)
فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية: معناه وسوس إلى الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لأنه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا، فوسوس لي الشيطان الجزم بالتكذيب. قال القاضي عياض: معنى قوله: سقط في نفسي، أنه اعترته حيرة ودهشة. قال: وقوله: ولا إذ كنت في الجاهلية، معناه: أن الشيطان نزغ في نفسه تكذيبا لم يعتقده. قال: وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها، لا يؤاخذ بها. قال القاضي: قال المازري: معنى هذا أنه وقع في نفس أبي بن كعب نزغة من الشيطان غير مستقرة ثم زالت في الحال، حين ضربه النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره ففاض عرقا.
(3)
ضرب في صدري ففضت عرقا: قال القاضي: ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره تثبيتا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم. قال: ويقال: فضت عرقا وفصت، بالضاد المعجمة والصاد المهملة. قال وروايتنا هنا بالمعجمة. قال النووي: وكذا هو في معظم أصول بلادنا، وفي بعضها بالمهملة.
(4)
فرقا: بفتحتين: أي خوفا.
(5)
مسألة تسألنيها: معناه: مسألة مجابة قطعا، وأما باقي الدعوات فمرجوة، ليست قطعيّة الإجابة.
(6)
مسلم (820) .