الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى فتجب الفاء فيه
ووجه الاستدلال بدخوله في الجزاء على أنها للتعقيب: أن النحاة قالوا: إذا لم تدخل الفاء في هذه المواطن لا يرتبط الجزاء بالشرط، ويتعجل فإذا قال: إن دخلت الدار أنت حر؛ عتق الآن لعدم الفاء الموجبة لارتباط عتقه بدخول الدار، فالفاء حينئذ هي الموجبة لتأخره عقب الشرط، وارتباطه به، فلو لم تكن للتعقيب لما حصل هذا المعنى بين الشرط، وجزائه.
((سؤال))
التعاليق اللغوية أسباب؛ لأنها يلزم من وجودها الوجود، ومن عدمها العدم
، وهذا شأن السبب وإذا كان الشرط سبباً، وشأن السبب أن يتعقبه مسببه، فصار النظر إلى هذا المعنى يوجب التعقيب من غير القائل، يقول: دخولها ها هنا يدل على عدم كونها للتعقيب، لئلا يلزم التكرار، والترادف في نفس التعقيب، بل دخلت الفاء لجعل الجزاء مسبباً عن الشرط كما تقدم، أما أنه عقيبه، فأمكن أن يقال ذلك الشرط لكونه سبباً لا للفاء كما تقدم.
قوله: ((الفاء تدخل على التعقيب))، مثاله: جاء زيد فتعقبه عمرو، فلو كانت للتعقيب لزم التكرار.
قوله: ((التعقيب يصح الإخبار به، وعنه)).
تقريره: أنك تقول: التعقيب ضد التراخي، وموالاة الشيء للشيء تعقيب، فلو كانت الفاء للتعقيب لكانت مرادفة للفظ التعقيب، والقاعدة: أن
المترادفين يصح إقامة كل واحد منهما مقام الآخر، فإذا قلت: البر غذاء تقول: القمح غذاء، فتقيم أحد المترادفين مقام الآخر، ولو حاولت إقامة الفاء مقام التعقيب لقلت:(الفاء) ضد التراخي، تريد بـ (الفاء) ما أردته بلفظة التعقيب من ذلك المعنى لم يكن كلاما عربياً، فحينئذ ليس هما مترادفين، فلا تكون (الفاء) للتعقيب.
قوله: فيه بحث دقيق، ذلك البحث هوأن معنى قول النحاة: الاسم يخبر به وعنه، أي: يخبر بمسماه، وعن مسماه معبرا عنه بلفظ الاسم، والفعل يخبر به، ولا يخبر عنه.
أي: يخبر بمسماه معبرا عنه بلفظ الفعل، فنقول: قام زيد، ولا يخبر عن مسماه معبرا عنه بلفظ الفعل، فسمى (قام) المصدر في الزمان الماضي.
فإذا قلت: مسمى (قام) مركب من المصدر والزمان، صح الإخبار عن مسمى (قام)، لكن معبرا عنه بلفظ مسمى)، لا بلفظ (قام)، ولفظ الفعل يخبر به وعنه مطلقا فنقول: قام فعل ماض، فقولك:(فعل) مرفوع على خبر الابتداء، فيكون (قام) هو المبتدأ، وهو لفظ الفعل دون مسماه، ويخبر به، فتقول: أحد الأفعال (ٍام)، فنجعل لفظ الفعل خبرا عن أحد الأفعال، وقد غلط بعضعن فقال: المخبر عنه في هذه القضية هو اسم، ولو كان اسما لكذبت القضية، فإن الاسم لا يخبر عنه بأنه فعل ماض، وكذلك نقول: في قولنا: (الفعل لايخبر عنه.
فإذا قيل لك: قولك: لا يخبر عنه خبر عنه بأنه لا يخبر عنه، فقد تناقضت القضية، وأخبرت عن الفعل.
فنقول: المخبر عنه بأنه لا يخبر عنه اسم، يقال له: فإخبارك عن الاسم حينئذ بأنه لا يخبر عنه كذب، لأن كل اسم يصح الإخبار عنه.
فالجواب الصحيح في هذه المواطن كلها أن تقول: المخبر عنه فعل، وهو لفظ الفعل، وما وضعنا قولنا) فعل) إلا للفظ الفعل، وهو يصح الإخبار به وعنه، وحيث قلنا: لا يخبر عنه نريد مسماه لا يخبر عنه بلفظه.
وقولهم: الحرف لا يخبر عنه، ولا يخبر به.
يريدون: لا يخبر بمسماه، ولا عن مسماه معبرا عنه بلظفه، ف (حتى) موضوعة للغاية، فإذا قلت: غاية الشيء نهايته، فقد أخبرت عن مسمى (حتى) معبرا عنه بلفظة الغاية، لا بلفظ (حتى) الذي هو الغاية خبرا عن النهاية، لكن معبرا عنه بالغاية، ولو عبرت عنه بلفظ الحرف فقلت: حتى نهاية الشيء لم يكن كلاما عربيا.
وكذلك (ليت) موضوعة للتمني، فتخبر عن مسماها، فتقول: التمني تعلق الأمل، فتخبر عن التمني معبرا عنه بغير (ليت)، بل بلفظ التمني ولو قلت: ليت تعلق الأمل، لم يكن كلاما عربيا، وكذلك يخبر به فتقول: تعلق الأمل التمني، ولو قلت: تعلق الأمل ليت لم يصح، حيث عبرت عن مسمى ليت ب (ليت)، ويصح الإخبار عن لفظ الحرف، وبلفظ الحرف مطلقا، فتقول: حتي حرف غاية، فرفعت حرف غاية على خبر الابتداء، فيكون (حتى) هو المبتدأ، وكذلك تخبر بها فتقول: أحد حروف الغاية (حتى) فتجعلها خبر المبتدأ، وكذلك (ثم) حرف عطف، و (إن) حرف تأكيد إلى غير ذلك مما لا ينحصر.
ومن يقول: إن المخبر به وعنه في هذه القضايا اسم يلزمه كذبها كما تقدم فإنه لا شيء من الأسماء بحرف بالضرورة، بل الحق أن هاهنا ثلاثة أمور:
مسمى الحرف إن عبر عنه بغير الحرف صح الإخبار به وعنه مطلقًا.