المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومهيئة لدخول (رب) على الأفعال نحو: (ربما يود الذين كفروا - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٣

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامنفي تفسير حروف تشتد الحاجة في الفقه إلى معرفة معانيها وفيه مسائل

- ‌المسألة الأولى: في أن الواو العاطفة لمطلق الجمع:

- ‌المسألة الثانية: الفاء للتعقيب على حسب ما يصح:

- ‌المسألة الثالثة: لفظة (في) للظرفية محققا، أو مقدرا:

- ‌المسألة الرابعة: المشهور أن لفظة (من) ترد:

- ‌المسألة السادسة: لفظة (إنما) للحصر؛ خلافا لبعضهم، لنا ثلاثة أوجه:

- ‌(سؤال)قال العلماء: ذمه لكونه جمع بينهما في الضمير، لأن الجمع يوهم (التسوية)

- ‌(قاعدة)الترتيب له سببان: أداة لفظية كـ (الفاء)، و (ثم)، وطبيعة زمانية

- ‌(فائدة)من أحسن ما استدل به على أن (الواو) لا تقتضي الترتيب قوله تعالى: (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت، ونحيا، وما يهلكنا إلا الدهر) [

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: نقل عن جماعة أنها للترتيب مطلقا، وعن الفرء أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع

- ‌((سؤال))التعاليق اللغوية أسباب؛ لأنها يلزم من وجودها الوجود، ومن عدمها العدم

- ‌(تنبيه)زاد سراج الدين فقال: لقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يجب دخول (الفاء) علي المذكور عقيب الشرط لنجعله جزاء

- ‌(فائدة)في (البرهان) قال: (الفاء) للترتيب، والتعقيب، والتسبيب

- ‌(فائدة)قال العلماء: (في) تكون للسببية، والظرفية

- ‌(تنبيه)وأما إذا قلنا: هو مصلوب في الجذع، فهذا ليس من هذا الباب، بل (في) هاهنا مجاز في الإفراد

- ‌(فائدة)في دخول الغاية في المغيا أربعة مذاهب:

- ‌(تنبيه)اتفق النحاة - فيما علمت - على أن المعطوف بـ (حتى) لا بد وأن يكون داخلا في حكم ما قبلها

- ‌(فائدة)لفظ (إلى) مشترك بين حرف الجر المتقدم، وبين واحد الآلاء، التي هي النعم

- ‌(فائدة)(الباء) لها سبعة معان:

- ‌(فوائد عشر)

- ‌الباب التاسع

- ‌ فائدة زائدة

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: فرض الخلاف في الكلام القديم محال

- ‌(فائدة)(الحشوية) من المشايخ من يرى: أنه لفظ يقال بسكون الشين

- ‌(تنبيه)مراده بقوله: (خلافا للحشوية):

- ‌(فائدة)المرجئة من الإرجاء وهو التأخير

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: هذه المسألة مثل التي قبلها، ما يتعلق بالشرائع والأحكام ظاهرة المراد

- ‌(فائدة)

- ‌(فائدة)

- ‌(سؤال)إنما يتقدم الشرعي على العرفي إذا كان المتكلم هو صاحب الشرع

- ‌(سؤال)إنما يحمل لفظ صاحب الشرع على العرفي دون اللغوي إذا علم مقارنة تلك العادة لزمن الخطاب

- ‌(سؤال)كلامه هاهنا يناقض قوله في مسألة الحقيقة المرجوحة والمجاز

- ‌(سؤال)قال النقشواني: لفظ الملامسة يتناول الجماع وغيره

- ‌الكلام في الأوامر والنواهي

- ‌ المقدمة ففيها مسائل:

- ‌(فائدة)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي: والمختار أنه مجاز في الكل

- ‌(تنبيه)

- ‌ حد الأمر

- ‌(تنبيه)ماذكره من حد الطاعة بموافقة الآمر يقتضي أن الطاعة لا تدخل في ترك النواهي

- ‌(تنبيه)الفرق بين الاستعلاء والعلو

- ‌(تنبيه)هذا الحدود إنما تجئ على القول بأن حقيقة الكلام، وأنواعه ليست بديهية

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: من لا يقول بكلام النفس يتعين عنده جمل الأمر على العبارات

- ‌(سؤال)قال سراج الدين: (في النائم، والساهي، ونحوهما: لا نسلم أنه صدق أنه قال لغيره حتى يوجد الحد، فلا يرد النقض)

- ‌فرع:الأمر اسم لمطلق اللفظ الدال على مطلق الطلب، أو اللفظ العربي الدال على مطلق الطلب

- ‌(فائدة)قد تقدم في أول الكتاب أن حكم الذهن بأمر على أمر قد يكون مع الجزم وبدونه

- ‌(فائدة)قال بعض العلماء: قوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا الله) (آل عمران:18] يحتمل الإخبار

- ‌(فائدة)استدل جماعة من العلماء على أن الكلام موضوع لما في النفس بقوله تعالى: (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول) [

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)إرادة المأمور بهوإرادة استعمال اللفظ في الطلبوكون إرادة المأمور به تقييدا للصيغة أمر به

- ‌تنبيه

- ‌ سؤال:

- ‌(تنبيه)تقدم في حد الأمر الفرق بين الاستعلاء والعلو وحقيقتهما

- ‌القسم الأولفي المباحث اللفظية، وفيه مسائل:

- ‌(سؤال)

- ‌سؤالالمجاز لا بد له من علاقة، ولا علاقة في هذه المعاني، بل بعضها في غاية البعد عن الحقيقة نحو التهديد، فإنه بعيد من الإيجاب

- ‌(سؤال)

- ‌(فائدة)

- ‌(سؤال)

- ‌(بيان)

- ‌(تنبيه)النكرات قسمان:

- ‌(سؤال)قال التبريزي: التردد بين الضرر وعدمه على نحو من التقارب، أو التنازع في كونه كذلك يحسن التحذير منه عرفا، والأمر متردد بين الوجوب وعدمه، والنزاع فيه، فيحسن التحذير منه

- ‌سؤال

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائدة)الأولى: الظاهرية قالوا بوجوب التمسك، لقوله عليه السلام: (مالكم تدخلون عليّ قلحا استاكوا)

- ‌(سؤال)هذا إثبات للقواعد القطعية بالقياس الذي لا يفيد إلا الظن

- ‌(سؤال)الوجوب هو الطلب الجازم، وهو الذي وضعت له الصيغة والإيجاب أضداد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: أحسن ما تمسك به على المسألة عمل الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌(تنبيه)القائلون بأن الأمر بعد الحظر للإباحة: اختلفوا في النهي الوارد عقيب الوجوب:

- ‌(قاعدة)الفعل المكلف به ممكن

- ‌(تنبيه)ينبغي أن يعلم أن مقتضى ما قاله القائل بالتكرار ما وجد في الاستعمال لا لغة ولا عرفا ولا شرعا

- ‌(تنبيه)الفرق بين قولنا: (افعل) وبين قولنا: (كن فاعلا)

- ‌(تنبيه)

- ‌(سؤال)قال النقشواني: المجاز لا زم له قطعا أو الاشتراك

- ‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)قال إمام الحرمين في (البرهان): أجمعت الأمة على أنه لا يجب الاعتناء بالعزم في كل وقت لا يتفق الامتثال فيه

- ‌(سؤال)قال النقشواني: الأمر للفور

- ‌‌‌(تنبيه)قال التبريزي: التمسك على الفور بالاحتياط ضعيف

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائدة)قال ابن التلمساني في (شرح المعالم): قال بمفهوم الشرط الشافي ونفاه مالك وأبو حنيفة

- ‌(تنبيه)وقع في مذهبنا، ومذهب الشافعي أغلاط ينبغي أن نعلمها حتى يتحرز من أمثالها

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: مفهوم الموافقة يسمى فحوى الخطاب، ولحن الخطاب

- ‌(سؤال)

- ‌(قاعدة)الله تعالى شرع الأحكام وشرع لها أسبابا

- ‌(قاعدة)التكليف لا يكون إلا بسبب مقدور

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الاستدلال من المصنف ضعيف؛ لأن التعلق بالإشراق اللفظي في مقام اختلاف الوضع مكابرة في الحقائق

- ‌‌‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)

- ‌(قاعدة)لفظ الشرط أصل التعليق

- ‌ الأمر المقيد بعدد

- ‌(سؤال)قال النقشواني: قوله: (إذا كان الناقص علة ثبت الحكم في الزائد)

- ‌‌‌(سؤال)

- ‌(سؤال)

- ‌ الأمر المقيد بالاسم

- ‌‌‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)

- ‌ الأمر المقيد بالصفة

- ‌(قاعدة)تعاطي المحرمات مع قيام موجب الطبع وداعيته أخف في نظر الشرع من تعاطيها مع عدم الداعية

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: إن قول المصنف في أول أدلته: (لو دل الدليل إما بلفظه أو معناه) الحصر غير ثابت

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (المفهوم يتفاضل في القوة فأضعفها مفهوم اللقب، ثم مفهوم اسم الجنس، واسم المعنى

- ‌(تنبيه)عبر تاج الدين في (فهرسة المسألة)، فقال: تعليق الحكم بإحدى صفتي الذات لا ينفي تعلقه بالأخرى

- ‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)

- ‌القسم الثاني في المسائل المعنوية

- ‌(قاعدة)متعلق التكليف أبدا أعم من متعلق الحكم في حق المطيع

- ‌(قاعدة)مفهوم أحد الأشياء قد يشترك بينها لصدقه على كل واحد منها

- ‌(قاعدة)

- ‌(قاعدة)التخيير يطلق على ثلاث معان:

- ‌(قاعدة)الكليات ثلاثة:

- ‌(سؤال)

- ‌(فائدة)متعلق الوجوب في الواجب المخير

- ‌(فائدة)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: ادعت المعتزلة استحالة الوجوب والتخيير، فنقض عليهم بخصال الكفارة

- ‌(تنبيه)

- ‌(قاعدة)يؤول مذهب الفقهاء إلى أن كل واجب موسع يلزمه واجب مخير

- ‌(قاعدة)الواجب الموسع تارة يكون كل واحد من أجزاء زمانه سببا كأوقات الصلوات وأيام النحر

- ‌(تنبيه)

- ‌ الواجب على سبيل الكفاية

- ‌(قاعدة)لا يجوز خطاب المجهول، ويجوز الخطاب بالمجهول

- ‌‌‌(سؤال)

- ‌(سؤال)

- ‌(سؤال)كيف سوى الشرع بين الفاعل وغير الفاعل في فروض الكفاية

- ‌(فائدة)

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: من الناس من منع صدق الوجوب على فرض الكفاية؛ لأنه يسقط بفعل الغير، وهو باطل

- ‌(قاعدة)الذي يوصف بأنه فرض كفاية له شرطان:

- ‌(تنبيه)

- ‌‌‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)

- ‌‌‌‌‌(سؤال)

- ‌‌‌(سؤال)

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)لا نزاع في أن المقاصد تتوقف على الوسائل، إنما النزاع في أنه إذا ترك

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي في استدلاله فقال: (إيجاب الشيء طلب [لتحصيله، وتحصيله تعاطي سبب حصوله، فيحصل بالضرورة طلب الشيء، ويتضمن طلب] ما لا يتم هو إلا به

- ‌(سؤال)مالفرق بين هذه المسألة، والمسألة التي بعدها أن الأمر بالشيء نهي عن ضده

الفصل: ومهيئة لدخول (رب) على الأفعال نحو: (ربما يود الذين كفروا

ومهيئة لدخول (رب) على الأفعال نحو: (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين)[الحجر:3].

ونكرة موصوفة نحو: مررت بما معجب لك.

ونكرة غير موصوفة نحو قوله تعالي: (مابعوضة)[البقرة:26]

أي: شيئا بعوضة.

وزمانية نحو: لأكرمنك كلما طرد الليل النهار، وإذا كانت مشتركة بين النفي وغيره، فما الدليل علي أنها هاهنا مراد بها النفي؟

وإن أريد بها مطلق الكف، وليس في استعمال المشترك في أحد معانيه نقلولا تغيير) حتى يلزم خلاف الأصل.

(فوائد عشر)

الأولى: إني رأيت أبا علي الفارسي في مسألة (الشيرازيات* نقل أن (ما) في (إنما) للنفي، وهو من أئمة اللغة وقولهم حجة.

ص: 1032

الثانية في تقرير العبارة في تلخيص أنها للحصر فنقول: (إن) للإثبات، و (ما) للنفي، فإذا اجتمعتا، ولم تبقيا على حالهما لزم التغيير، وإن بقيتا، أو انصرفتا للمنطوق، أو المسكوت، اجتمع النقيضان؛ فيتعين التوزيع، وإن انصرف النفي للمنطوق، والإثبات للمسكوت لزم خلاف الإجتماع، فيتعين العكس، وهو المطلوب، فهذه عبارة وجيزة في التقرير.

الثالثة: أن القاعدة: أن النفي والإثبات في لسان العرب، إنما ينصرفان للخبر بإجماع النحاة.

فإذا قلت: إن زيدا قائم، فالمثبت القيام لزيد لا نفس زيد، وليس زيد قائما، المنفي القيام عنه لا نفسه، ولذلك لزم الكفر إذا قرأ الإنسان:(ولم يكن له كفوا أحد)[الإخلاص:4] برفع (كفوًا)، و (نصب أحد)؛ لأنك نفيت الأحدية عن الكفوية، فتكون الأكفاء كثيرة، وهو كفر، والنفي هاهنا ليس في الخبر، فإنك إذا قلت: إنما زيد قائم، فقائم هو الخبر، وهو مثبت، فقد انتقضت القاعدة في أن النفي لم يكن في الخبر، فهذا النقض نورده في موطنين:

أحدهما: إذا قال النحوي: النفي إنما يرد علي الأخبار، نورد عليه هذا النقض.

الثاني: إذا ادعى أحد أن (إنما) للحصر، وأن (ما) فيها للنفي، نقول له: لو كانت للنفي، لوردت على الخبر على القاعدة المنصوصة، وليس كذلك إجماعا لو كانت للنفي، لوردت على الخبر على القاعدة المنصوصة، وليس كذلك إجماعا فلا تكون (ما) هاهنا للنفي، فيحصل لك سؤال في هذا المقام، ولك جعله دليلا ابتداءا على أن (إنما) ليست للحصر، والجواب:

أن هذا مستثنى عن القاعدة.

الرابعة: أدوات الحصر خمسة: (إنما)، والنفي قبل (إلا) نحو: ماقام

ص: 1033

إلا زيد، لم يقم إلا زيد، ليس في الدار إلا زيد، كيف لما قلت النفي قبل إلا؟!

الثالث: المبتدأ مع الخبر، نحو قوله عليه السلام:(تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، أي: تحريمها منحصر في التكبير، فلا يحرم عليه الكلام وغيره إلا بالتكبير، ولا يحل له ما كان حلالا له قبل الإحرام إلا بالتسليم، وقوله عليه السلام:(ذكاة الجنين ذكاة أمه) برفع ذكاة أمه، فيقتضي انحصار ذكاته في ذكاه أمه، فلا يفتقر الجنين إلى ذكاة، ومن روى ذكاة أمه بالنصب استدل به على افتقار للذكاة؛ لأن معناه عنده: ذكاة الجنين أن يذكى ذكاة مثل ذكاة أمه، ثم حذف (مثل) والعامل فيه، وأقيم المضاف إليه مقامه، فنصب؛ لأنه إعراب المحذوف، والقاعدة: أن أن المضاف إليه إذا أقيم مقام المضاف أعرب كإعرابه، وأجاب الفريق الأول بزن تقدير النصب: ذكاة الجنين داخلة في ذكاة أمه، ثم حذفا وفيه جمع بين الروايتين، ولا يلزم احتياجه للذكاة.

الرابع: تقديم المعمولات قاله الزمخشري وغيره كقوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين)[الفاتحة:5] أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك، وقوله تعالى:(وهم بزمره يعملون)[الأنبياء:27]، أي: لا يعملون إلا بأمره، وقولهم:(إياك أعني واسمعي يا جارة)، أي: لا أعني إلا إياك، وخالف في هذا الرابع جماعة.

الخامس: الألف، واللام، قال الرمام فخر الدين في كتاب (الإعجاز) الذي له إن لام التعريف تكون للخصر في قولك (زيد القائم) أي القيام منحصر فيه، وأبو بكر الصديق الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الخلافة بعده عليه السلام منحصرة في الصديق

ص: 1034

الخامسة: أن الحصر مقسم إلى حصر الصفات في الموصوفات، وإلى حصر الموضوفات في الصفات، والصفات في الصفات.

فالأول كقولنا: العالم زيد.

والثاني: زيد العالم، ثم قال الغزالي في (المستصفى): إذا قلت: صديقي

تنحصر صداقتك فيه فلا تصادق غيره، ويجوز أن يصادق غيرك، وإذا قلت: زيد صديقي حصرته في صداقتك، فلا يصادق هو غيرك، وأنت يجوز أن تصادق غيره.

والثالث نحو قولك: الغنى القنوع، والغني في القناعة، والراحة في الزهد.

أي: وصف الغنى منحصر في القناعة والراحة منحصرة في الزهد، ومن هذا الباب قوله تعالى:(إنما يخشى الله من عباده العلماء)[فاطر:28]، حصر الله تعالى الخوف منه في العلم والعلماد، فلا يخشاه إلا عالم به علي قدر علمه به، قل أو كثر، فأقل الناس علما أقلهم خشية، ويطرد ذلك في العامة والخاصة، فإن الجاهل بالشيء لا يخافه، هذا إذا قدم المنصوب، فلو أخر وقيل: إنما يخشى العلماء الله انحصر العلماء في الخشية له تعالى،

فلا يخشون غيره، ويجوز أن يخشاه تعالى غيرهم، وعلى الأول لا يخشاه غيرهم، ويجوز من جهة هذا اللفظ أن يخشوا غيره سبحانه وتعالى

قال سيف الدين: اختلفوا في قوله عليه السلام: (الأعمال بالنيات) وصديقي زيد، والعالم زيد.

ص: 1035

فقالت الحنفية، والقاضي أبو بكر، وجماعة معهما: لا يدل شيء من ذلك على الحصر.

وقال الغزالي وجماعة معه: يدل عليه، واختلفوا في قولنا: لا عالم في البلد إلا زيد، فأكثر منكري المفهوم على أنه للحصر.

وقال بعضهم: لا يدل على نفي كل عالم سواه، وكذلك نقله الغزالي في (المستصفى).

السادسة: أن الحصر قد يذكر ويقرر، ولا يتعرض فيه لاعتبار مخصوص

ص: 1036

بل يحكم به مطلقا في نفس الأمر مثل قوله عليه السلام: (إنما الماء من الماء)، وقد يقصد به بعض الاعتبارات، وبعض المتعلقات كقوله تعالى:(إنما أنت منذر)[الرعد:7] حصر نبيه عليه السلام في وصف النذارة، ومقتضى هذا الحصر ألا يوصف بالبشارة، ولا غيرها من الصفات، مع أن صفاته الجليلة الجميلة أكثر من أن نحصرها نحن.

وجوابه: أنه حصر له في النذارة باعتبار من لا يؤمن أي: إنما أنت منذر باعتبار من لا يؤمن، لأنه لاحظ له، ولا يتعلق به من جميع الصفات إلا النذارة، فتقوم الحجة عليه.

وكذلك قوله عليه السلام: (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى) الحديث، حصر نفسه عليه السلام في البشرية باعتبار الاطلاع على بواطن الخصوم، ولا صفة له عليه السلام باعتبار الاطلاع علي ضمائرهم إلا البشرية، وإلا فمقتضى هذه الصيغة سلب كل صفة عنه غير البشرية، وكذلك قوله تعالى:(إنما الله إله واحد)[النساء:171] أي باعتبار استحقاق العبادة، وقوله تعالى:(إنما الحياة الدنيا لعب ولهو)[الحديد:20] مع أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها تنال الدرجات العلية، والمقامات السنية، والأحوال الرضية، والأعمال المرضية، وإنما حصرها في ذلك باعتبار من أثرها، أي لا صفة لها باعتبار من أثرها إلا ذلك، فتأمل هذه القواعد تجد نفعها في الكتاب والسنة نفعا كبيرا عظيما جداً.

السابعة: أن الأول قد يكون محصورا في الثاني وهو الأصل، والكثير كما تقدم في جميع المثل المتقدمة، وقد يكون الثاني منحصرا في الأول، كما ذكرته في لام التعريف عن الإمام فخر الدين، ومثلته فيما تقدم في أدوات الحصر.

ص: 1037

الثامنة: قال الجرجاني: يجوز أن تقول: إنما هو درهم لا دينار، ولا يجوز زن يقال: ماهو إلا درهم لا دينار، وهو فرق في غاية الإشكال فإن الكل حصر، والكل فقه، وقد رأيت للفصل بينهما فروقا:

أحدها: أن (ما) في (إنما) ليست صريحة في النفي، بل المجموع أداة وضعتها العرب لنفي الحكم عن المسكوت، وثبوته للمنطوق، وما هو إلا درهم لا دينار النفي فيه صريح، وشأن كلمة (لا) ألا يعطف بها إلا بعد الإيجاب، فالأول لما كان قريبا من الإيجاب صح العطف، كأنك تقول هو درهم لا دينار، بخلاف الثاني هو نفي صريح، فتصير عاطفا بها بعد النفي.

وثانيها: أن الإثبات قد يكون مقصودا أصالة نحو: قام زيد، وقد يكون مقصودا تبعا نحو قول الحالف لغريمه: والله ماعندي إلا درهمان، فلو وجد عنده درهم فقط لم يحنث؛ لأن المقصود نفي الزائد عليهما، وإنما ذكر إثباتهما غير مقصود في نفسه.

والمقصود إنما هو نفي الزائد، ولم يختل نفي الزائد بانحصار الموجود في درهم.

وقولنا: ماهو إلا درهم، الإثبات فيه غير مقصود، بل المقصود نفي غير الدرهم عن هذه الحقيقة، وإذا كان الإثبات غير مقصود امتنع العطف بـ (لا) فإنها لا يعطف بها إلا بعد الإثبات الصريح، والفرق بين هذا الجواب،

والأول أن هذا على أن (ما) للنفي في (إنما)، فهي تدل صريحاً، والشي إذا دل عليه بلفظ صريح قد يكون غير مقصود، بل المقصود هو المذكور بلفظ آخر معه، كما تقدم في مسألة الحلف، والجواب الأول مبني

ص: 1038

على أن (ما) ليست للنفي، بل إنما وضعت لمجموع النفي في المسكوت، والإثبات في المنطوق

وثالثها: أن عادة العرب إذا فارقت شيئا لا ترجع إليه، بدليل إذا قطعت النعوت بإضمار فعل، أو إضمار مبتدأ لا ترجع للنعت بعد ذلك، وهاهنا إذا قلنا: ما هو إلا درهم، فـ (إلا) إيجاب بعد النفي، فقد أعرضت عن النفي بدخولها في الإثبات الناشيء عن إلا، فلا تعطف بـ (لا)، لأن ذلك من أحكام النفي الذي أعرضت عنه، وإذا قلنا: إنما هو درهم لم يوجد موجب الإعراض عن النفي بعد (إنما)، فعطفت بـ (لا) لبقاء النفي غير مرجوع عنه، ويرد على هذا هذا أن العرب إذا عاملت صيغة من يعود الضمير على لفظه الذي هو الأصل، ثم جمعت الضمير باعتبار المعنى قد ترجع إلى ما أعرضت عنه بأعادته مفردا، كقوله تعالى:(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قريب، وإنهم ليصدونهم عن السبيل، ويحسبون أنهم مهتدون، حتى إذا جاءنا قال: ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين)[الزخرف:36 - 38]، فقد ذكر الضمير أولا مفردا، ثم مجموعا، ثم مفردا، فقد حصلت العودة بعد المفارقة فما اطردت القاعدة التي ذكرها، مع أن الجماعة من النحاة منعوا الإفراد في الضمير بعد الجمع طردا لتلك القاعدة، ومواضع في الكتاب العزيز ترد عليهم.

ورابعها: قالوا: هذا يتخرج على أن الاستثناء من النفي ليس إثباتا، فقولنا: ماهو إلا درهم ليس إثباتا للدرهم، وإذا لم يتحقق ثبوته امتنع العطف بـ (لا)؛ لأن (لا) لا يعطف بها إلا بعد الإثبات.

وقولنا: إنما هو درهم ليس فيه استثناء، بل الدرهم مثبت، فعطفنا عليه بـ (لا)، ونظير هذه المسألة في الإشكال قول النحاة: يجوز أنا زيدا لا ضارب، ويمتنع أنا زيدًا غير ضارب، وأجابوا بأن ضاربا هو العامل في زيد،

ص: 1039

فإذا أضيفت (غير) إلى ضارب امتنع عمله في زيد، لأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، لأن المعمول من صلة العامل، وجزء منه، ففيه صيرورة بعض أجزاء الكلمة قبل أولها، وهو عكس الكلام، وهذا المحذور منفى مع (لا)، وقد وقع في بعض الأشعار ما قبل (غير) معمولا لما هي مضاف إليه، قالوا: و (غير) هنالك يكون معناها (لا) مستعملة في مطلق السلب، فلذلك جاز ذلك.

التاسعة: القاعدة العقلية تقتضي أن كل مبتدأ محصور في خبره نكرة نحو زيد قائم، أو معرفة نحو: زيد القائم؛ لأن المبتدأ يجب عقلا أن يكون أخص من الخبر نحو: الحيوان جسم، أو مساويا نحو: الحيوان حساس، أما كونه أعم فمحال، فلو قلت: الجسم حيوان، كذب، لأن معناه: كل جسم فهو حيوان، وعلى هذا يلزم الحصر قطعا؛ لأن المساوي محصور في مساويه، والأخص محصور في أعمه بالضرورة، وإذا لزم الحصر في الجميع مع إجماعهم على قولنا: زيد قائم، لا يقتضي سلب غير القيام عنه، بخلاف إذا قلنا: إنما زيد قائم، أو زيد صديقي كما تقدم، فيتعين أن يكون الحصر في زيد قاذم باعتبار سلب النقيض، والضد المنافي لمطلق القيام أي: زيد لا يجوز اتصافه بنقيض ما حكم به عليه، وفي النظائر الأخر الحصر باعتبار سلب النقيض، والضد، والخلاف، لإنك إذا قلت: زيد قائم، فقد أثبت له مطلق القيام، ونقيض مطلق القيام سلب القيام دائما ومتى صدق مطلق القيام امتنع صدق سلب القيام دائما، فقد تعين الحصر في مفهوم القيام، وتعين سلب نقيضه عنه.

وإذا قلت: إنما زيد قائم معناه: لا صفة له إلا القيام فيسلب عنه نقيض القيام، والضد نحو الجلوس الدائم، والخلاف نحو الفقه، والطب، واللون، وجميع الصفات التي يمكن جمعها مع مفهوم القيام، وعلى هذا

ص: 1040

البحث يكون الحصر الأول عقليا، والثاني لغويا يتوقف على النقل، فتأمل هذا الموضع.

العاشرة: ينبغي أن تعلم أن كل قضية فيها حصر لا يمكن أن تجعل مقدمة في دليل من حيث هدا ذات حصر؛ لأن الحصر معناه أن هذا المحمول ثابت لهذا الموضوع، ومسلوب عن غيره، فهي في قوة قضيتين، ولا بد معها من مقدمة أخرى، والدليل لا يتركب عن ثلاث مقدمات.

فإذا قلت: إنما الحيوان حساس، وكل حساس جسم ينتج: كل حيوان جسم، لكن يشترط أن يعتبر الثبوت دون السلب حتى يبقى معناه: الحيوان حساس، ويعوض عن السلب عن غير الحيوان؛ لئلا تصير ثلاث مقدمات، ولا قياس عن ثلاث مقدمات، ولأن صغرى الشكل الأول يجب أن تكون موجبة، فهذه القضية السالبة التي هي شرط الحصر، لا يصلح أن تكون فيه، وبهذا التمهيد أجاب الفضلاء عن قول القائل: الإنسان وحده ضاحك، وكل ضاحك حيوان ينتج: الإنسان وحده حيوان، وهو باطل، فقالوا: قولك: الإنسان وحده قضيتان؛ لأن معناهما: هو ضاحك، وغيره غير ضاحك، وصغرى القياس لا تكون قضيتين، ولا سالبة في الشكل الأول.

(تنبيه)

القول بأن الحصر يدل على السلب بطريق المفهوم يتوقف على أن (ما) في (إنما) ليست للنفي، بل المجموع وضع لثبوت الحكم للمنطوق، وسلبه عن المسكوت.

وإذا قلنا: إنها للنفي كان النفي مدلولا مطابقة لا مفهوما بطريق الالتزام؛ لأن دلالة المفهوم من باب دلالة الالتزام.

ص: 1041