الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن غفل عنها يتعلق طلبه في مقصوده بوجهه الأعم، وهو كونه لا يتم مطلوبه إلا به، ويتصور من الإنسان طلب ما لا يحيط بتفاصيل ماهيته؛ ولأنه بتقدير ترك الوسيلة يتعرض للعقاب المتوعد المتوعد به على المطلوب، فإن تركه ترك المطلوب وهو قادر عليه بتوسط ما لا بد منه، ولا معنى للواجب إلا ما يترجح جانب فعله على جانب تركه لدفع عقاب يلزم على تقدير تركه.
قلت: وكلامه هذا يشعر بأن طلب الفعل طلب لمقدماته بالطلب النفساني لأنه جعل نفس الطلب الوسيلة، وعضده بأن العقل لا يمنع منه؛ لأنه يطلبه إجمالا لا تفصيلا، فعلى هذا يكون اللفظ أيضا دالا عليه تضمنا أو التزاما، وقد تقدمت الإشارة إلى إمكان دعوى هذا الخلاف فيه، وأنهيشبهه دلالة الأمر على النهي عن الضد، وفي كلامه الآخر منه، فلا نسلم أن لا معنى للواجب إلا ما فسره به، بل لا معنى للواجب إلا ما ترجح فعله لدفع عقاب يلحقه على تركه لما هو تركه لا لأجل غيره، ففي كلامه مصادرة، فيعارض الخصم حده الواجب بهذا الحد الآخر فلا يتم مقصوده.
(سؤال)
مالفرق بين هذه المسألة، والمسألة التي بعدها أن الأمر بالشيء نهي عن ضده
؛ لأن عدم الضد مما يتوقف عليه الواجب وبين قوله: ومتعلق النهي فعل ضد المنهي عنه؟
فروع
الأول: قوله: (إذا أمر الله تعالى بإيلام زيد، فلا طريق له إا الضرب في البدن الصحيح)
يريد: الإيلام الخاص الناشئ عن الضرب، أما مطلق الألم، فيحصل بالكلام وغيره من المؤذيات، وقوله:(الصحيح) احتراز عما يعرض في
الجسد من بطلان الحس، فلقد رأيت من اكتوى في اثنى عشر موضعا بالنار كيا متسعا ولم يحس به، فكان الأطباء يعالجونه، فلما حك يوما جلده بحكاك وجده استبشر الأطباء بعافيته، بكونه حك جلده؛ لأنه لا يحك إلا عن إحساس.
قوله: (كحاجة الصلاة إلى الطهارة).
يريد: إنه إذا تقرر وجود الطهارة شرطا ثم يأتي أنر بالصلاة بعد ذلك مطلقا، فيكون ذلك الأمر المطلق يقتضي وجوب الوضوء، وإلا فالوضوء واجب بالآية بنص يخصه لا يصح التمثيل به في هذا الباب.
وقوله: (إن كان قد تغير في نفسه كالنجاسة مع الماء الطاهر، فللقهاء فيه اختلاف).
يريد: إذا تغيرت أوصاف الماء أو أحدها، واختلاف الفقهاء هل يختص ذلك التغير بما دون الرائحة؟ وهل يختص بغير المجاور؟ وأما المجاور كالدهن، والعود والميتة على جنب النهر فلا يضر، وكذلك الرائحة بمفردها كل ذلك فيه خلاف.
الفرع الثاني
(إذا اختلطت امرأته بأجنبية منهم من قال: امرأته حلال، وهو باطل)
قلنا: لعله يريد أنها حلال في ذاتها، بمعنى أن مفسدة التحريم لم توجد فيها، وإنما عرض لها التحريم لأجل الاشتباه، وعلى هذا هو موافق، ومقصده صحيح.
قوله: (إذا قال لزوجاته: إحداكن طالق محتمل بقاء الحل؛ لأن الطلاق حكم معين لا يحصل إلا في محل معين، فقيل: التعيين لا يكون الطلاق لازما.
قلنا: لم لا يكفي في تعيين محل الحكم تعينه بالنوع لا بالشخص؟ لأن الأحكام الشعرعية كلها إنما تتعلق بالمعدومات المستقبلة، واملعدوم المستقبل إنما يتعين بالنوع لا بالشخص؛ ولأن جميع الأحكام إنما تتعلق بأمور كلية كما تقدم في الواجب المخير ومتعلق العلم أبدا أخص من متعلق الخطاب، وخصوص كل صلاة بوقوعها في البقعة المعينة والهيئة المعينة لم يتعلق بها إيجاب، وكذلك جميع خصوصيات العبادة حتى لو صلى في الحرم النبوي المفضل المطلوب، أو في الجامع الذي هو شرط الجمعة لا بد أن يختص من ذلك الموضع بخير صلاته وموضع جلوسه
ذلك المخصوص من الحرم أو الجامع لم يتعلق به طلب ألبتة وإذا كان الحكم إنما يتعلق بكلي في جميع الصور، والكلي مستحيل أن يكون معينا بالشخص بل بالنوع، فكذلك هاهنا مفهوم إحدى نسائه مفهوم كلي صادق عليها كلها، فهو كلي معين بالنوع.
والقاعدة: أن الكلي متى حرم حرمت جزئياته، وكذلك إا ثنى بخلاف الأمر، والثبوت في الخبر والطلاق تحريم، فيحرم جميع النسوة، وقد تقدم بسطه في الواجب المخير.
الفرع الثالث
الواجب الذي لا يتقدر إذا زاد فيه هل يتصف الزائد بالوجوب؟
قوله (والحق لا يجب؛ لأن الزائد يجوز تركه)
قلنا? هذا هو المتجه غير أنه لا يمكن تأثير الوجوب؛ فإنه ليس البعض بأولى من البعض؛ ولأن فرض الكفاية إذا نهض إليه من يقوم به ثم لحق بهم من سقط عنه الوجوب قبل إيقاع الواجب يقع فعل الجميع واجبا مع أنهم كان يجوز لهم الترك، وقد تقدم بسطه في فرض الكفاية، وهذا يظهر فيما يقع غير مندرج، كالمسح جملة، أما المندرج كالزيادة في الطمأنينة والركوع، فيتعين الأول للبراءة من الواجب، ولا يتجه بعد ذلك قول القائل: ليس البعض أولى من البعض، ويؤنس المندرج الإعادة في جماعة؛ فإن جماعة قالوا: ينوي الفرض، ويجوز أن يكون فرضه ذلك، وهو مفوض إلى الله تعالى مع أنه على التدريج.
(تنبيه)
زاد التبريزي فقال: القول بحل امرأته إذا اختلطت بأجنبية نشأ من توهم كون الأحكام صفات الأفعال، والمحال من قاعدة التحسين والتقبيح، وزاد في الفرع الثالث، فقال: ربما يدل على أنه إذا طلق إحداهما لا بعينها أن الله تعالى لا يعلمها إلا غير معينة أن لو كات قبل التعين، فإن الميراث موقوف ولا يتعين.
…
تم الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع إن شاء الله