الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المراد غير محمد بن عبد الله، أو غير الشهر المخصوص، أو غير إسرائيل الذي هو يعقوب، ولم يعرج أحد على ذلك، وقطع ببطلانه، بسبب قرائن التكرار وقرائن الأحوال، وكذلك بقية القواعد الدينية.
(فائدة)
قال النحاة ونصوا عليه في عدة من كتبهم: إن الذي يجوز للشاعر نحو ثلاثين موضعا، قصر الممدود عند البصريين دون العكس؛ لأن الهمزة زائدة في الغالب بعد الألف وحذف الزائد هو الأصل.
وقال الكوفيون: يجوز له مد المقصور دون العكس؛ لأنه الأصل دون العكس.،ج، ز الكوفيون العكس أيضا لقول العرب [المتقارب]:
وماكان حصن ولا حابس
…
يفوقان مرداس في مجمع
فلم يصرف (مرداس) لحاجته لعدم تنوين في الوزن، وليس فيه إلا العلمية وهي وحدها لا تمنع في سعة الكلام.
واتفقوا على أنه لا يجوز له المقصور المؤنث نحو (لين) فإنه إذا صرف إنما يستفيد التنوين، وهو حرف ساكن، ومع التنوين يذهب الألف وهي حرف ساكن فقد عوض ساكن بساكن فلم يستفد بالصرف شيئا فيمتنع وكذلك المدغم وعكسه، وإلحاق المعتل بالصحيح وعكسه، نحو قوله [الوافر]:
إذا ما عد أربعة قسال
…
فزوجك خامس وأبوك سادي
أي سادس، وحذف التنوين المصادف للساكن، وحذف الواو، والباء من وسط الكلام، والاكتفاء بالكسرة والضمة وواو (هو) وياء (هي) وتذكير المؤنث وعكسه، وتخفيف المشدد وعكسه وحذف (فاء) الشرط، وحذف الهمزة، وتحفيفها وقلبها ووصل المقطوع وقطع الهمزة الموصولوة وإبدال الحروف الصحيحة بحروف العلة، وقد جاء في القرآن الكريم، فيكون ليس برخصة نحو قوله تعالى:(ثم ذهب إلى أهله يتمطى)[القيامة:33]، (قد خاب من دساها) [الشمس:10]، أي يتمطط، ودسها، وإسكان هاء الضمير، وحذف ما بعدها، ونفي الفعل المضارع كقوله [الوافر]:
سأترك منزلي لبني تميم
…
والحق بالحجاز فأستريحا
وقوله [الطويل]:
لها هضبة لا يترك الذل وسطها
…
ويأوى إليها المستجير فيعصما
لضرورة الروي المنصوب، وتسكين حرف العلة في النصب والجزم، وتسكين الهمزة التي أصلها حرف مد نحو: كساء، ورداء، وترخيم غير المنادى، وإلحاق لا التعريف الفعل المضارع، وزيادة حرف في الكلمة كما تقدم في بحث (المحصول) كثير منه في هذه المسألة، فهذه رخص في لغة العرب كرخص الشريعة التي على خلاف قواعدها، فكما أنه لا يجوز أن يقال في الرخص الشرعية: إنها ليست من الشريعة لا يقال في رخص العربية: إنها ليست من العربية، ويتعين أن يكون معنى تلحين الفضلاء للشعراء: أن معناه خروجهم عن الجادة، لأنهم ارتكبوا ما لا يجوز في الضرورة، ولو كانت هذه الأمور لحنا لم تختص بثلاثين ولا بألف، ولما حسن أن يقال: الشيء الفلاني لا يجوز للشاعر، والشيء الفلاني يجوز، وذلك الذي منع مطلقا لم يقع منهم، فلا لحن حينئذ إلا بالتفسير الذي ذكرناه
المسألة الرابعة
في كيفية الاستدلال بالخطاب
الخطاب: إما أن يدل على الحكم بلفظه، أو بمعناه، أو لا يكون كذلك، ولكنه بحيث لو ضم إليه شيء آخر، لصار المجموع دليلا على الحكم:
القسم الأول: ما يدل عليه بلفظه، وقد عرفت أنه يجب حمل اللفظ على الحقيقة، وعرفت أن الحقيقة ضربان: أصلية: وهي اللغوية، وطارئة: وهي العرفية، والشرعية.
فإن كان الخطاب مستعملا في اللغة في شيء وفي العرف في شيء آخر، ولك يخرج بالعرف عن أن يكون حقيقة في المعنى اللغوي، فإنه يكون مشتركا بينهما.
وإن صار مجازا في المعنى اللغوي، وجب حمله على العرفي؛ لأنه هو المتبادر إلى الفهم، ويجب مثل هذا في الاسم المنقول إلى معنى شرعي
فالحاصل أن الخطاب يجب حمله على المعنى الشرعي، ثم العرفي، ثم المعنى اللغوي الحقيقي، ثم المجاز
فإن خاطب الله تعالى طائفتين بخطاب، هو حقيقة عند إحداهما في شي، وعند الأخرى في شيء آخر وجب أن تحمله كل واحدة منهما على ما تتعارفه؛ وإلا لزم أن يقال: إن الله تعالى خاطبه بغير ما هو ظاهر عنده مع عدم القرينة، والله أعلم بالصواب.
القسم الثاني: ما يدل عليه بمعناه، وهو: الدلالة الالتزامية، وقد ذكرنا في الباب الثاني أقسام الدلالة الالتزامية.
القسم الثالث: ما يكون بحيث لو ضم إليه شيء آخر، لصار المجموع دليلا على الحكم، فنقول: ذلك الذي يضم إليه: إما أن يكون دليلا شرعيا، وهو نص، أو إجماع> أو قياس، أو يكون ذلك بشهادة حال المتكلم، فبهذه وجوه أربعة:
أحدها: أن ينضم إلى النص آخر؛ فيصير مجموعهما دليلا على الحكم، وله مثالان:
الأول: أن يدل أحد النصين على إحدى المقدمتين، والثاني على الثانية؛ فيحصل المطلوب؛ كقولنا: تارك المأمور عاص، لقوله تعالى:(أفعصيت أمري)[طه:93] والعاصي يستحق العقاب؛ لقوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدود الله يدخله نارا خالدا فيها)[النساء:14]
الثاني: أن يدل أحد النصين على ثبوت الحكم لشيئين، ويدل النص الآخر على زن بعض ذلك لأحدهما؛ فوجب القطع بأن باقي الحكم ثابت للثاني؛ كقوله تعالى:(وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا)[الأحقاف:15] فهذا يدل على أن مدة الحمل والرضاع، ثلاثون شهرا، وقوله تعالى:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)[البقرة:223] فهذا يدل على أن مدة الرضاع سنتان؛ فيلزم أن تكون مدة الحمل ستة أشهر.
وثانيها: أن يضم إلى النص إجماع؛ كما إذا دل النص على أن الخال لا يرث ودل الإجماع على أن الخالة بمثابته.
وثالثها: أن يضم إلى النص قياس؛ كما إذا دل النص على حرمة الربا في البر، ودل القياس على زن التفاح بمثابته.
ورابعها: أن يضم إلى النص شهادته حال المتكلم؛ كما إذا كان كلام الشرع مترددا بين الحكم العقلي وال والشرعي، فحمله على الشرعي أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث لبيان الشرعيات، لا لبيان ما يستقل العقل بأدراكه، هذا إذا كان الخطاب مترددا بينهما؛ أما إذا كان ظاهره مع زحدهما، لم يصح الترجيح بذلك، والله أعلم.
المسألة الرابعة: كيفيك الاستدلال
قوله: (إذا لم يخرج بالعرف عن أن يكون حقيقة في المعنى اللغوي كان مشتركا بينهما).
قلنا: هذا مشكل من وجهين:
أحدهما: أنه لا يخرج عن كونه حقيقة في المعنى اللغوي اشتهر في العرفي أم لا؟
وثانيهما: كيف يكون مشتركا بينهما، وما اشتهر في العرفي؛ لأنه إذا لم يشتهر يكون ماجزا مرجوحا أو مساويا، والمجاز المساوي نقول له: مجاز لغوي، ولا يكون مشتركا إلا إذا استويا في الفهم، ولم يعلم أنه منقول عن أحدهما، أما مع العلم باتحاد الموضع له أولا فلا.
قوله: (وإن صار مجازا في المعنى اللغوي حمل على العرفي)
قلنا: إذا اشتهر في العرفي يصير مجازا في اللغوي باعتبار الحقيقة العرفية، ومع ذلك لا يخرج عن كونه حقيقة لغوية.
قوله: (يجب الحمل على الشرعي، ثم العرفي، ثم اللغوي)