الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (المانع من الإجابة قائم وهو في الصلاة)
قلنا: لا نسلم أن الصلاة مانعة من الإجابة، لأن الإجابة ميسرة بالقرآن، وبالإشارة، ولا يبطل ذلك الصلاة عند مالك وأصحابه وجماعة من العلماء.
قوله عليه السلام: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
تقريره: التمسك به من وجهين:
أحدهما: ما ذكره المصنف.
والثاني: أنه عليه السلام جعل المشقة من لوازم الأمر له، [وإنما تكون المشقة لازمة] إذا كان للوجوب.
(فائدة)
الأولى: الظاهرية قالوا بوجوب التمسك، لقوله عليه السلام:(مالكم تدخلون عليّ قلحا استاكوا)
.
الثانية: قال صاحب (المفهم في شرح المسلم) وغيره: إن السواك لا يشرع في املساجد، لأنه إزالة للقاذورات والأوساخ، والمساجد منزهة عن ذلك، قالوا: ولم يرد عنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استاك
في مسجد قط، ولا في جماعة، لأن أرباب الهيئات والمروءات يمتنعون من إزالة القاذورات في المحافل، والجماعات، فيكون معنى الحديث: ليستاكون عند الوضوء للصلاة، فيكون الوضوء لكل صلاة بهذا التفسير.
الثالثة: قال العلماء: هذا الحديث يدل على أن مصلحة السواك وصلت إلى حد يصلح للإيجاب، وترك الإيجاب رفقا بالناس، وقد ساوى كثير من المندوبات كثيرا من الواجبات في المصلحة، ولا يجب ذلك الفعل رفقا بالعباد، وإلا فالأصل أن يكون كل مندوب تقصر مصلحته عن كل اولاجبات.
الرابعة: روى (صلاة بالسواك أفضل أو خير من سبعين صلاة بغير سواك (.
ومقتضاه: أن يكون السواك أفضل من الصلاة في جماعة؛ لأن صلاة الجماعة إنما فضلت بسبعة وعشرين، والظاهر أن صلاة الجماعة أوكد في نظر الشرع من السواك، فيحتاج للجواب عن ذلك، فلم يظهر لي ذلك.
قوله: (لم لا يكون معناه: لأمرتهم أمر إيجاب؟)
قلنا: الأصل عدم الإضمار، (لولا) هنا لم تدخل إلا على مطلق الأمر، فيكون هو المقصود ليس (إلا).
قوله: (نفي الأمر مع ثبوت الشفاعة الدالة على الندب).
قلنا: ظاهر هذه العبارة: أن شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على الندب الذي هو حكم الله تعالى، وليس كذلك، لأن رسول الله صلى اله عليه وسلم متصرف تارة بالتبليغ عن الله تعالى، فكل ما يصدر في هذه الحالة فهو دال على الأحكام الشرعية وغيرها من الإلهية، وتارة يتصرف بطبعه وسجاياه الكريمة، وأحواله البشرية، فهذا لا يدل على زحكام الله تعالى، فإذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(اسقوني ماء) لا نقول: إن هذا اللفظ يقتضي أن الله تعالى أوجب علينا ذلك، وإن كنا نعتقد أن امتثال أمره عليه السلام مطلثا واجب، لكن لقوله تعالى:(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)[المائدة:92]، وغيره من الأدلة، لا للفظ الصادر منه عليه السلام بمقتضى بشريته، كذلك شفاعته عليه السلام هي بمقتضى ماكرمه وأخلاقه السنية، كأن الله تعالى أوحى إليه في تلك الحالة أمرا يدل على الندب، فنحن مندوبون أن نقبل شفاعته عليه السلام، بل شفاعة آحاد المؤمنين، فضلا عنه عليه السلام، فالشفاعة مدلولها الندب، لا أنها دالة على الندب.
قوله: (لأنهم أوجبوا أخذ الجزية من المجوس).
قلنا: لم يكن المقصود هناك وجوب الجزية، بل التسوية بينهم وبين أهل الكتاب فيها.
قوله: " أوجبوا غسل الإناء من ولوغ الكلب ".
قلنا: ممنوع بل ذلك مندوب إليه، وهو مذهب مالك.
قوله: (الحكم تخلف في صورة عدم الوجوب لمانع).
قلنا: يلزم في المانع ما لزم في الجزية وغيرها، فإنكم قلتم: لو كان دليل الوجوب غير هـ=خبر عبدالرحمن لاشتهر، وحيث لم يشتهر فلم يوجد، نقول أيضا: إنما قضوا بالندب في تلك الصور لأجل الصيغة الخاصة، إذ لو كان هناك صارف لاشتهر بعين ما ذكرتم، فما هو الجواب عن اشتهار المانع هو جواب الخصم عن عدم اشتهار ذلك الدليل، بل الرجحان مع الخصم، بأن يقول: إذا كان الأمر ليس للوجوب لا يكون إثبات الوجوب في صورة مخالفة للظاهر، بل إثبات الوجوب لأمر زائد لم يتعرض الظاهر له لا بنفي ولا بإثبات، وإذا كان الأمر للوجوب يكون الظاهر قد خولف في صورة الندب بترك مقتضاه، فإن مخالفة الظاهر هو إثبات ما ينفيه الظاهر، أو نفي ما يثبته الظاهر، أما إثبات ما لا يتعرض الظاهر له بنفي ولا بإثبات للوجوب، فليس مخالفة للظاهر، فيكون مذهب الخصم أرجح.
قوله: (لا يمكنك أن تلتزم أن الواجب غير مأمور به؛ لأن أحدا من الأمة لم يقل به)
قلنا: كيف يصح ذلك والقائل بأن صيغة الأمر للندب فقط يقول به، والقائل: بأنها للإباحة فقط يقول به، والقائل بأنها للقدر المشترك بينهما يقول به، وهي مذاهب قد حكاها قبل هذا في موضوع الصيغة، حيث ذكر أنها وردت في خمسة عشر موضعًا.
قوله: (لو كان حقيقة في أصل الترجيح لم يكن جعله مجازا في الوجوب).
قلنا: قد تقدم السؤآل على هذا، وأنه ممكن غير أنه مرجوح، وأنه من باب اعتقاد اتحاد دلالة اللفظ، والدلالة باللفظ، وأن اللازم في هذا المقام هو زن التجوّز عن الوجوب أرجح، لأن التجوز عن أصل الرجحان غير ممكن ولو سلك المصنف هذا القدر من الترجيح كفاه، واستغنى عن هذه المقدمة الباطلة.
قوله: (وإذا بطلت الأقسام الثلاثة تعين جعله حقيقة في الوجوب).
قلنا: نفي من أصل التقسيم قسم، لم يتعرض له بالإبطال، وهو ألا يكون حقيقة في واحد منهما- كما قاله أرباب الإباحة وإذا لم يثبتوا إبطال هذا القسم، فلعل الحق فيه.
قوله: (دل اللفظ على معنى، فوجب أن يكون مانعا من نقيضه كالخبر).
تقريره: أن الخبر في لسان العرب: ما وضع للصدق والكذب، معناه بالنظر: أي ما يمكن أن يحصل فيه من جهة المتكلم لا من جهة الوضع؛ فإن المتكلم قد لا يوافق الصدق، فيخبر بالشيء على خلاف ما هو عليه، كما لا يوافق الوضع، فيستعمل اللفظ مجازا،
فموافقة المتكلم للوضع غير لازمة، وبهذا الطريق احتمل الخبر الصدق والكذب، لا باعتبار الوضع، ألا ترى أئمة النحو حيث قالوا: مدلول