الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثامنة
في
الأمر المقيد بعدد
قال الرازي: فلنبحث أن الحكم المعلق بعدد، هل يدل على حكم مازاد عليه ومانقص عنه أم لا؟!
أما في جانب الزيادة: فمتى كان العدد الناقص علة لعدم، أو امتنع ثبوت ذلك الأمر في العدد الزائد، فعلة عدم ذلك الأمر حاصلة عند عدم حصول العدد الزائد.
مثاله: لو حظر الله تعالى علينا جلد الزاني مائة كان الزائد على المائة محظورا لأن المائة موجودة في الزائد على المائة.
ولو قال: (إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل خبثا)
فجعل القلتين علة لاندفاع حكم النجاسة، فالزائد عليمهما أولى أن يكون كذلك.
أما إذا كان العدد الناقص موصوفا بحكم، لم يجب أن يكون الزائد عليه موصوفا بذلك الحكم، لأنه لا يلزم من كون عدد واجبا أو مباحا أن يكون الزائد عليه واجبا أو مباحا.
وأما في جانب النقصان: فالحكم: إما أن يكون إباحة، أو إيجابيا، أو حظرا.
فإن كان إباحة، لم يخل ما دون ذلك العدد: إما أن يكون داخلا تحت ذلك
العدد على كل حال، أو لا يدخل تحته على كل حال، أو يدخل تحته تارة، ولا يدخل أخرى:
ومثال الأول: أن يبيح الله تعالى لنا جلد الزاني مائة، فإنه يدل على إباحة جلد خمسين، لأن الخمسين داخلة في المائة.
ومثال الثاني: أن يبيح الله عز وجل لنا أن نحكم بشهادة شاهدين، فإنه لا يدل على إباحة الحكم بشهادة الواحب، لأن الحكم بشهادة الشاهد الواحب غيد داخل تحت الحكم بشهادتين.
ومثال الثالث: أن يبيح لنا استعمال القلتين من الماء، إذا وقعت فيهما نجاسة، فإنه قد أباح لنا استعمال القلة من هاتين القلتين، ولا يدل على إباحة استعمال قلة واحدة، إذا وقعت فيها نجاسة، لأن القلة الواحدة، إذا وقعت فيها نجاسة غير داخلة تحت قلتين، وقعت فيهما نجاسة.
أما إئا حظر الله تعالى علينا عددا مخصوصا: فإنه يختلف أيضا، فربما دل على حظر ما دونه من طريق الأولى، لأنه حظر استعمال القلتين، إذا وقعت فيهما نجاسة، فحظر القلة الواحدة أولى، أما لو حظر الله تعالى علينا جلد الزاني مائة، لم يدل على أن ما دونه محظور.
وأما إذا أوجب الله تعالى جلد الزاني مائة، فإنه يدل على وجوب جلد خمسين؛ لأنه لا يمكن فعل الكل إلا بفعل الجزء، ولكنه ينفي قصر الوجوب على الجزء، فثبت أن قصر الحكم على العدد لا يدل على نفيه عما زاد أو نقص إلا لدليل منفصل.
واحتج المخالف بالسنة، والإجماع:
أما السنة فهي أن الله تعالى لما قال: (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم)[التوبة:80] قال عليه الصلاة والسلام: (والله لا تزيدن على السبعين)
فعقل أن الحكم مفي عن الزيادة.
وأما الإجماع: فهو: أن الأمة عقلت من جديد جلد القاذف بالثمانين نفي الزيادة.
والجواب عن الأول: أن تعليق الحكم على السبعين كما لا ينفيه عن الزائد فكذا لا يوجبه فلعله صلى الله عليه وسلم جوز حصول المغفرة لو زاد على السبعين فلذلك قال ماقال.
وعن الثاني: أن ذلك النفي إنما عقل بالبقاء علي حكم الأصل، والله أعلم.
المسألة الثامنة
الأمر المقيد بعدد.
قال القرافي: شرح المصنف في البحث وماعين مذهبا، واعلم أن مذهبه يقتضي ذلك الحكم المرتب قبل ذلك.