الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا الابتداء دليل اهتمام المتكلم بالمبتدأ بذكره، ولعله بعد المذكور بعده، والخصم يريد أن يجعل الواو دليل على أن الذي قبلها وقع في الوجود قبل الذي بعدها، فلم تندفع الحاجة بما ذكرتم.
قوله: أن كل من عبر عن الإنسان الأخص من الحيوان، بلفظ الإنسان، فقد عبر عن الأخص مطابقة، وعن الأعم تضمينا؛ لأنه جزؤه، وإذا عبر الحيوان بلفظ الحيوان مطابقة، لم يكن معبرا عن الإنسان ألبتة، لعدم استلزام الأعم الأخص.
(فائدة)
من أحسن ما استدل به على أن (الواو) لا تقتضي الترتيب قوله تعالى: (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت، ونحيا، وما يهلكنا إلا الدهر) [
الجاثية:24]، فهذه مقالة من يجحد البعث، ويرى الأمر مفوضا للدهر، فعند هؤلاء لا حياة بعد الموت، مع أن لفظ الموت قد قدم، وهو عندهم مؤخر في الزمان والوقوع، فقد وقع المتأخر زمانا متقدما، والمتقدم متأخرًا، ولا يعني بأنها لا تقتضي الترتيب إلا ذلك، أو رد هذا بعض نحاة المغرب، وقال عقيبه: لو وجده ابن الخطيب لطرز به أسطره، وهو بحث حسن، غير أن ابن عطية، وغيره نقل من المفسرين أقوالا:
أحدها: ماتقدم
وثانيها: أن المعنى كله في النوع، أي يموت الآباء، ويحيا الأبناء بعدهم لا أنه البعث، والمتأخر متأخر، وقيل: نموت عند صيرورتنا نطفا ونحيا عند نفخ الروح، وقيل: كنا موتى في الآباء، ثم حيينا بالأرواح بعد التخليق،
وعلى هذه الأقول لا حجة في البحث إنما يتم على الأول، وهو ظاهر الآية، لأن الموت المعروف هو الذي يكون عند كمال العمر.
فالحجة من الآية ظاهرة بناء على الظاهر.
(تنبيه)
زاد تاج الدين في قوله: أنت طالق، وطالق طلقتين، ففرق بغير عبارة (المحصول) في الجواب فقال: وحاصله أنه يمكن استقلال الأول في الأول دون الأول في الثاني، يعني بالثاني: أنت طالق طلقتين، وهذه العبارة لا تتجه، بل الأول فيهما يمكن استقلاله، وإنما كان يليق أن يقول: إنه يمكن استقلال الثاني في الأول بخلاف الثاني في الثاني، فإن التفسير هو الذي لا يستقل، وهو الثاني في الثاني، فيتعين ضمه للأصل، فلا يكمل الكلام إلا صونا له عن اللغو، ولو سكت المتكلم في الثاني على قوله: أنت طالق، ولم يقل: اثنتين استقل، ولزمته طلقة، غير أنه إن أراد، لم يستقل بإفادة اثنتين فصحيح غير أنه لا ينتظم كلامه؛ لأن الأول في الأول إنما فيه استقلال بمعنى الإفادة فقط، لا بمعنى إفادة طلقتين، والاستقلال إنما هو راجع إلى كون الكلام يستقل بالإفادة، ويحسن السكوت عليه، وهذا مشترك بين الأول في الأول، والأول في الثاني.
(فائدة)
قال سيف الدين: لو كانت للترتيب لدخلت في جواب الشرط كفاء، فتقول: من دخل داري وله درهم، كما تقول: فله درهم.
جوابه أن الفاء إنما دخلت في جواب الشرط، لا لمجرد وقوع الشرط.