الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب التاسع
في كيفية الاستدلال بخطاب الله وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم
على الأحكام وفيه مسائل
قال الرازي: المسألة الأولى: في أنه لا يجوز أن يتكلم الله تعالى بشيء ولا يعني - به شيئا والخلاف فيه مع الحشوية.
لنا وجهان:
أحدهما: أن التكلم بما لا يفيد شيئا هذيان، وهو نقص، والنقص على الله تعالى محال.
وثانيهما: أن الله تعالى وصف القرآن بكونه هدى، وشفاء، وبيانات؛ وذلك لا يحصل بما لا يفهم معناه.
واحتج المخالف بأمور:
أحدها: أنه جاء في القرآن ما لا يفيد؛ كقوله: (كهيعص)[مريم:1] وما يشبهه. وقوله: (كأنه رءوس الشياطين)[الصافات:65]
وقوله (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة)[البقرة:196] فقوله: (عشرة كاملة) لا يفيد فائدة زائدة، وقوله:(فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ([الحاقة:13] وقوله: (لاتتخذوا إلهين اثنين) وثانيها: أن الوقف على قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) [آل عمران:
:7] واجب؛ ومتى كان كذلك، لزم القول بأن الله تعالى قد تكلم بما لا يفهم منه شيد.
بيان الأول: أننا لو لم نقف هناك، بل وقفنا على قوله:(والراسخون في العلم)[آل عمران: 7] فإذا ابتدأنا بقوله: (والراسخون في العلم)[آل عمران:7]
كان المراد منه: (قائلين آمنا، كل من عند ربنا) ويصير ذلك عائدا إلى المذكورات السالفة؛ فيصير المعنى: كأن الله تعالى قال: (الراسخون في العلم قالوا: آمنا به كل من عند ربنا) وذلك غير جاذز علي الله تعالى؛ فبتث أن الوقف على قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله)[آل عمران:7] واجب، وإذا ثبت ذلك، ظهر أنا لا نعلم تأويل المتشابهات.
وثالثها: أن الله تعالى خاطب الفرس بلغة العرب، مع أنهم لا يفهمون شيئا منها، وإذا جاز ذلك، فليجز مطلقا.
والجواب عن الأول: أن لأهل التفسير فيها أقوالا مشهورة، والحق فيها أنها أسناء السور.
وأما (رءوس الشياطين) فقيل: إن العرب كانوا يستقبحون ذلك المتخيل، ويضربون به المثل في القبح.
وأما قوله ع: (عشرة كاملة): فذلك للتأكيد، وهو الجواب أيضا عن سائر الآيات.
وعن الثاني: أن موضع الوقف قوله: (والراسخون في العلم) وماذكروه من الإشكال، فغايته زنه عام خص منه البعض بدليل العقل؛ لامتناع عود ذلك الضمير إلى الله تعالى.
وعن الثالث: أن للفرس طريقا إلي معرفة الخطاب، بالرجوع إلى العرب.
قال القرافي: قلنا: مذهب أهل الحق: أن الله تعالى لا يجب تعليل أفعاله، ولا أحكامه بالأغراض. ولا يجب على الله تعالى رعاية مصلحة ولا درء مفسدة، وإنما تصح هذه الدعوى على قاعدة المعتزلة في
الحسن والقبح
....................
..................
......
…
....
........
.........
.............
.............
..........................................
قوله (التكلم بما لا يفيد هذيان ونقص)
قلنا: قد تقدم أن وصف الشيء بالصفة قد يصلح حقيقة، وإن لم يعم الموصوف، كقولنا زيد عالم.،سميع، وبصير، (وأدعج وأشهل)، ومكي، وقرشي، وإنما جميع ذلك باعتبار بعض الزعضاء أو نسبة خاصة عرضت له من بعض جهاته لا من جميع جهاته، بخلاف قولنا: أبيض، ونحوه من جميع الألوان، والطعوم، والروائح.
وبالجملة: الحمل على الشيء، والوصف له شيء لا يلزم فيه العموم، فلا يلزم من وصف القرآن بأنه بيان أن يكون كله كذلك، فلعل ذلك باعتبار بعضه، أو بعض اعتباراته كما تقدم في المثل.
وقد وصف الله - تعالى كتابه بالضدين فقال تعالى: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاءٌ، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى)[فصلت:44].
فدل علي أن ذلك بحسب نسبة خاصة، وزحوال خاصة، وإلا فالضدين لا يجتمعان.
وهذا الموضع: من غوامض المباحث، وهو تحرير الفرق بين ما يلزم بالوصف به عموم، وبين ما لا يلزم، وقد حررته قبل هذا، وينبني على