الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماضي أعم من كونه للماضي أو المستقبل، وذلك ممنوع وكل من منع خصوصا عن ماهيةو وادعى تقسيمها لأمر أعم، فإنه يمنع هذا المنع.
قوله: (لولا أنه على الفور لكان لإبليس أن يقول: (إنك أمرتني وما أوجبته عليّ في الحال).
قلنا: في هذه الآية مقتضيات للفور غير الأمر، فلا يتجه الاستدلال بالأمر منها علي أنه للفور، لأن الله تعالى قال في الآية الأخرى:(فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)[الحجر:29]، فقوله تعالى (فإذا) صيغة شرط، والشروط اللغوية أسباب، والأصل ترتيب المسبب على السبب.
وثانيها: أن (إذا) معمول لقوله تعالى: (فقعوا له ساجدين) والعامل في الظرف يجب أن يكون واقعا فيه، فتعين تعجيل السجود كذلك حتى يكون مظروفا لذلك الزمان.
ثالثها: الفاء في قوله تعالى: (فقعوا له ساجدين) للتعقيب، فتعين تعجيل السجود.
ورابعها: حضور آدم عليه السلام الذي أراد تعظيمه بإسجاد الملائكة له سبب يقتضي أن يترتب عليه مسببه على الفور.
وخامسها: سجود جميع الملائكة دليل وقرينة حالية على أنه أريد السجود على الفور في تلك الحالة، وإذا وجدت المرجحات سقط اعتبار الأمر، والإستدلال به في هذه الصورة.
(تنبيه)
تقدم أن هذه الآية وردت في كتاب الله تعالى في موضع بلفظ (لا) وفي موضع بدونها وحيث وردت معها فهي زائدة للتأكيد قائدة مقام إعادة الجملة مرة أخرى.
تقديره: ما منعك أن تسجد، كذلك قاله ابن جني في (الخصائص).
قوله: (في قوله تعالى: (وسارعوا إلي مغفرة من ربكم)[آل عمران:133](فاستبقوا الخيرات)[البقرة:148].
قلنا: اجتمع في هاتين الآيتين أمران:
أحدهما: لفظ (المسارعة) و (الاستباق) وهما موضوعان للفور والزمن الخاص آنفا، وكذلك المبادرة والفور والتعجيل ونحو ذلك من الألفاظ.
وثانيها: صيغة الأمر، فالخصم يسلم دلالتها على الفور، لكن من جهة المبادرة التي هي حروف المسارعة والاستباق الموضوعة لذلك لا من جهة صيغة الأمر، فلا يحصل المطلوب، ويؤكده أنه لو حذفت صيغة الأمر، وقيل ذلك بصيغة الخبر (استبق فلان أو سارع) لفهم منه الفور، فدل ذلك على أن الدال هو هذه المبادرة، والحروف خصوصها لا صيغة الأمر.
ثم سلمنا عدم هذه المعارضات، لكنها تقتضي حمل أوامر الله تعالى على الفور والنزاع في الوضع اللغوي لا في الحمل، فأين أحدهما من الآخر؟
قوله: (البدل الذي هو يقوم مقام المبدل من جميع الوجوه).
قلنا: البدل في الشريعة خمسة أقسام لكل قسم خاصة يختص به:
يبدل الشيء من الشيء في محله، كالمسح بعد الغسل في الجبيرة، ومن خاصيته المساواة في المحل، ومنه (الخفان) غير زن الشرع رخص لنا في ترك بعض المحل لعموم البلوى في الحاجة إلى لبسهما.
الثاني: يبدل الشيء من الشيء في مشروعيته، ومنه قول الفقهاء:(الجمعة) بدل من (الظهر) أي في المشروعية، ومن خاصية هذا القسم أن يكون البدل أفضل من المبدل فإنه إنما يعدل للمبدل منه إلا عند تعذّر البدل، عكس ما شاع على ألسنة أكثر الفقهاء.
وثالثها: أن يبدل الشيء من الشيء في بعض الأحكام، كالتيمم بدل من الوضوء والغسل في إباحة صلاة واحدة، والوضوء له أحكام كثيرة: رفع الحدث، واستباحته عدة صلوات ومن خصائص هذا ال ألا يعدل إليه إلا عند التعذر في المبدل منه لقصوره، وأن يكون المبدل منه أتم حكمة ومصلحة.
ورابعها: يبدل الشيء من الشيء في جميع أحكامه الناشئة عن سببه، كخصال الكفارة، فإن كل خصلة منها تقوم مقام الأخرى في الوجه الذي اقتضاه سببها، وإن كان قد ترتب على بعضها مزيد أجر أولى في عتق أو غير ذلك لكن ذلك لا من جهة سببها بل من جهة مصالحها في ضمنها، وتفاضل بينهما وبين غيرها، وهذه إن كانت على الترتيب كخصال كفارة الظهار، فخاصيتها تحصيل جميع أحكام السبب بخلاف التيمم، وإن كانت على التخيير، نحو كفارة الحنث في اليمين، فهي مسنونة المصالح بالنظر لسببها لا لذواتها، ولذلك خيّر الشرع فيها.
وخامسها: يبدل الشيء في بعض أحواله، كالعزم بدل من