الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا: أما النسخ فمسلم، وأما مخالفة ظاهر الصيغة، وترك التكرار فأمكن القول به، وهو مذهب الخصم.
قوله: (افعله أبدا يلزم أن يكون تكرار، وافعله مرة واحدة نفض).
تقريره: أن صيغة الأمر تقتضي التكرار، وقوله:(أبدا) يقتضي التكرار فقد لزم التكرار بورود لفظين دالين على معنى واحد، وقوله:(مرة واحدة) نقض، لأن النقض وجود الدليل بدون المدلول، فيلزم وجود الدليل الذي هو صيغة الأمر، بدون مدلولها الذي هو التكرار، وهذا هو النقض.
(تنبيه)
ينبغي أن يعلم أن مقتضى ما قاله القائل بالتكرار ما وجد في الاستعمال لا لغة ولا عرفا ولا شرعا
، فإنا لا نجد أمرا طلب على هذه الصورة في جميع الأزمنة الممكنة بحيث لا يفيد طول عمره فيما عدا أزمنة الضرورة، وإنما وجد ذلك في النواهي والتروك، فالزمر بحفظ السر، والوديعة، ونحو ذلك مما هو على الدوام، فهذا معناه أما أمر بفعل على الدوام فلم يوجد أصلا، فيلزم زن الأمر ما استعمل في صورة حقيقة ألبتة، فيلزم حينئذ أمران: كثرة المجاز بحيث يستوعب الحقيقة، وهو خلاف الأصل، وأن اللفظ صار منقعولا عن الوضع اللغوي بسبب كثرة الاستعمال في غير التكرار، وكثرة الاستعمال عن الوضع اللغوي بسبب كثرة الاستعمال في غير التكرار، وكثرة الاستعمال في غير الحقيقة بوجب النقل، والنقل أعظم مفسدة من المجاز، فيلزم القائل بالتكرار هذان الأمران، فيكون ذلك من أحسن الحجج عليه.
قوله: (احتج الصديق بقوله تعالى: (وآتوا الزكاة)[البقرة:110] على التكرار.
قلنا: هاهنا مع صيغة الأمر غيرها، وهو أن القاعدة تتكرر الحكم بتكرار سببه، وسبب وجوب الزكاة نعمة الملك، فلما تكررت وجوب الزكاة، وهذا مقتضى للتكرار غير الأمر.
قوله: (الأمر طلب الفعل، والنهي طلب الترك، والنهي الذي هو أحد الطلبين يقتضي التكرار، فكذلك الآخر).
قلنا: هذا إثبات للغة بالقياس، وهو ممنوع.
قوله: (لو لم يكن للتكرار لكان النسخ بداء، والاستثناء نقضا).
تقريره: أنه إذ أمر بالمرة الواحدة، ثم نسخها بكونه قد بدا له في طلب ذلك الفعل، وذلك على الله تعالى محال، لأنه بكل شيء عليم، وإنما يتأتى ذلك ممن لا يعلم المصالح، فتظهر له بعد خائها، فتبدو له وسيأتي الجواب عنه، وإن ذلك كله معلوم لله تعالى في الأزل أنه يأمر بالمرة لامتحان العبد، ثم ينسخه عنه لحصول المقصود من الامتحان، وكان تعالى يعلم الأمر والإعراض عنه، والإقبال عليه لا تون الحجة القائمة للرب، ولا سبب لاستحقاق الثواب والعقاب حصل من العبد، وقد رتب الله تعالى ملكه على أن الثواب إنما يكون لما صدر من العبد وكسبه، وكذلك العقاب، وأما الاستثناء فلا يلزم منه النقض على الأمر إنما أراد المصنف الاستثناء نفسه، فإنه وضع لإخراج بعض من كل، والمرة الواحدة إذا استثنت لم يخرج بعضا من كل، بل الجميع، فلم يوجد مفهوم إخراج البعض من الكل، فقد وجد الدليل الذي هو صيغتة الاستثناء بدون مدلوله الذي هو اخراج بعض من كل، وهذا هو النقض، ويمكن أن يكون نقضا على صيغة الأمر، فإنها وجدت بدون الطلب، فإن طلب مرة وأبطلها، فلم يوجد مدلول الصيغة، غير أن هذا الازم على التكرار، فإن ورود الاستثناء عليه
يقتضي أنه بعض، لا أنه لم يوجد مدلول الأمر الذي هو الفعل في جميع الأزمنة الممكنة بخروج بعضها بالاستثناء، فلا جرم لما كان واردا على التقديرين لم يحسن من الخصم الاستدلال به، أما النقض على الاستثناء فلا يرد على التقديرين، لأنه بتقدير أن الأمر للتكرار زخرج بعضا من كل، فحسن الاستدلال به، فبهذا يظهر أن النقض مراد، بل الاستثناء دون صيغة الأمر.
قوله: (حسن الاستفهام دليل التكرار).
قلنا: الاستفهام قد يكون للإجمال كما قلتم: الناشئ عن الاشتراك أو غيره قد يكون مع النصوص التي لا إجمال فيها، إما لعظم الميل إلى ذلك المعنى، كما إذا قال له أحد: قد بعث لك السلطان ألف دينار، فيستفهم عسى المتكلم يرجع عن ذلك، وإما لغرابة المعنى، كقوله: قرأت البارحة ألف ختمة نقول له ذلك استبعاداً لقوله، ولأغراض أخر من احتمال المجاز، والإضمار وغيرهما، وإذا كان الاستفهام أعم من الإجمال لا ستدل به على الإجمال، فإن الأعم من الشيء لا يدل عليه، كما أن لفظ الحيوان لا يدل على الإنسان، والزوج لا يدل على العشرة، وسبب استفهام سراقة