الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على المعنى من غير أن يزيد عليه، والتطويل هو ضد ذلك، وهو أن يدل على المعنى بلفظ يكفيك بعضه فى الدلالة عليه» (1).
وسماه ابن الزملكانى «الإشارة» وقال: «هو إثبات المعانى المتكثرة باللفظ القليل» (2).
وقال العلوى: «وهو فى مصطلح أهل هذه الصناعة عبارة عن تأدية المقصود من الكلام بأقل عبارة متعارف عليها» (3).
وهذه التعريفات لا تخرج عن القول بأنّ الإيجاز هو التعبير عن المعانى بألفاظ قليلة تدل عليها لا دلالة تحتاج إلى تأمل دقيق.
أقسامه:
الإيجاز ضربان:
[الأول: إيجاز القصر:]
الأول: إيجاز القصر: وهو تقليل الألفاظ وتكثير المعانى ويرى ابن الأثير أنّ التنبه لهذا النوع عسر، لأنّه يحتاج إلى
فضل تأمل (4)، ومن ذلك قوله تعالى:«وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ» (5). وتتبين قيمة هذه الآية الكريمة حينما تقارن بقولهم: «القتل أنفى للقتل» ، ويتضح ذلك فى وجوه:
أحدها: أنّ عدة حروف ما يناظره منه وهو «فِي الْقِصاصِ حَياةٌ» عشرة فى التلفظ وعدة حروفه أربعة عشر.
وثانيها: ما فيه من التصريح بالمطلوب الذى هو الحياة بالنص عليها فيكون أزجر عن القتل بغير حق لكونه أدعى إلى الاقتصاص.
(1) المثل السائر ج 2 ص 74.
(2)
التبيان فى علم البيان ص 110، وينظر البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ص 232.
(3)
الطراز ج 3 ص 316.
(4)
المثل السائر ج 2 ص 78.
(5)
البقرة 179.
وثالثها: ما يفيده تنكير «حياة» من التعظيم أو النوعية.
ورابعها: اطراده بخلاف قولهم، فانّ القتل الذى ينفى القتل هو ما كان على وجه القصاص لا غيره.
وخامسها: سلامته من التكرار الذى هو من عيوب الكلام بخلاف قولهم.
وسادسها: استغناؤه عن تقدير محذوف بخلاف قولهم، فان تقديره:
القتل أنفى للقتل من تركه.
وسابعها: أنّ القصاص ضد الحياة، فالجمع بينهما طباق.
وثامنها: جعل القصاص كالمنبع والمعدن للحياة بادخال «فى» عليه (1).
ومن القصر قوله تعالى: «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ» (2) وقوله: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ» (3) وقوله: «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ» (4).
ومنه قول الشريف الرضى:
مالوا إلى شعب الرّحال وأسندوا
…
أيدى الطعان إلى قلوب تخفق
فانه لما أراد أن يصفهم بالشجاعة فى أثناء وصفهم بالغرام عبّر عن ذلك بقوله «أيدى الطعان» .
وهذا مفهوم الإيجاز بالقصر عند البلاغيين، غير أنّ ابن الأثير (5) يعدّه فرعا من الإيجاز الذى لا يحذف منه شئ،
لأنّه يقسم الإيجاز إلى قسمين:
(1) الإيضاح ص 182، وينظر كتاب الصناعتين ص 175، والمثل السائر ج 2 ص 125 وبديع القرآن ص 192، ونهاية الإيجاز ص 145.
(2)
المؤمنون 91.
(3)
يونس 23.
(4)
فاطر 43.
(5)
المثل السائر ج 2 ص 114، وينظر الطراز ج 2 ص 119 وما بعدها.