الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها قول زهير:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
…
وإن خالها تخفى على الله تعلم
- حروف التنبيه: ومنها «أما» حرف استفتاح وتكثر قبل القسم، كقول أبى صخر الهذلى:
أما والذى أبكى وأضحك والذى
…
أمات وأحيا والذى أمره الأمر
لقد تركتنى أحسد الوحش أن أرى
…
أليفين منها لا يروعهما النّفر
و «ألا» الاستفتاحية، كقوله تعالى:«أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ» (1)، وقوله:«أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (2).
ومنه قول المعرى:
ألا فى سبيل المجد ما أنا فاعل
…
عفاف وإقدام ومجد ونائل
أغراضه:
للخبر غرضان أصليان هما:
الأول: فائدة الخبر، ومعناه إفادة المخاطب الحكم الذى تضمنته الجملة أو الكلام، وهذا هو الأصل فى كل خبر؛ لأنّ فائدته تقديم المعرفة أو العلم إلى الآخرين. ومن ذلك قوله تعالى:«اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ، يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ، نُورٌ عَلى نُورٍ، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ، وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (3). وقوله:
«تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً. الَّذِي لَهُ
(1) البقرة 12.
(2)
يونس 62.
(3)
النور 35.
مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً» (1).
ومنه قول الشاعر:
فلا الجود يفنى المال والجدّ مقبل
…
ولا البخل يبقى المال والجدّ مدبر
وقول أبى نواس:
ذكر الكرخ نازح الأوطان
…
فصبا صبوة ولات أوان
ليس لى مسعد بمصر على الشّو
…
ق إلى أوجه هناك حسان
الثانى: لازم الفائدة، وهذا الغرض لا يقدم جديدا للمخاطب وإنّما يفيد أنّ المتكلم عالم بالحكم. ومن ذلك قولنا لصديق:«زاركم محمد أمس» ، فالمخاطب يعلم ذلك ولكن الغرض من هذه الجملة إخباره أنّ المتحدث عارف بذلك. ومنه قول المتنبى مخاطبا سيف الدولة الحمدانى ومادحا شجاعته وبطولته:
تدوس بك الخيل الوكور على الذرى
…
وقد كثرت حول الوكور المطاعم
وسيف الدولة يعلم ذلك.
وقول أحد الشعراء معاتبا:
وتغتابنى فى كل ناد تحلّه
…
وتزعم أنى لست كفؤا لمثلكا
(1) الفرقان 1 - 2.
ولكنّ الخبر كثيرا ما يخرج على خلاف مقتضى الظاهر، يقول السكاكى «هذا ثم إنّك ترى المفلقين السحرة فى هذا الفن ينفثون الكلام لا على مقتضى الظاهر كثيرا» (1).
ومن ذلك:
- أن ينزل غير السائل منزلة السائل إذا قدم إليه ما يلوح له بحكم الخبر فيستشرف له استشراف المتردد الطالب، كقوله تعالى:«وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ» (2)، وقوله:«وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ» (3). قال القزوينى: «وسلوك هذه الطريقة شعبة من البلاغة فيها دقة وغموض، وروى عن الأصمعى أنّه قال:
كان أبو عمرو بن العلاء وخلف الأحمر يأتيان بشارا فيسلمان عليه بغاية الإعظام ثم يقولان: يا أبا معاذ ما أحدثت؟ فيخبرهما وينشدهما ويكتبان عنه متواضعين له حتى يأتى وقت الزوال ثم ينصرفان، فأتياه يوما فقالا: ما هذه القصيدة التى أحدثتها فى ابن قتيبة؟ قال هى التى بلغتكما. قالا: بلغنا أنّك أكثرت فيها من الغريب. قال: نعم، إنّ ابن قتيبة يتباصر بالغريب، فأحببت أن أورد عليه ما لا يعرف.
قالا: فأنشدناها يا أبا معاذ، فأنشدهما:
بكّرا صاحبىّ قبل الهجير
…
إنّ ذاك النجاح فى التبكير
حتى فرغ منها، فقال له خلف: لو قلت يا أبا معاذ مكان «إنّ ذاك النجاح» : «بكّرا فالنجاح» كان أحسن. فقال بشار: إنّما بنيتها أعرابية وحشية، فقلت:«إنّ ذاك النجاح» كما يقول الأعراب البدويون، ولو قلت:«بكّرا فالنجاح» كان هذا من كلام المولدين، ولا يشبه ذلك الكلام ولا يدخل فى معنى القصيدة. فقام خلف فقبّل بين عينيه.
(1) مفتاح العلوم ص 82، وينظر الإيضاح ص 19.
(2)
هود 37.
(3)
يوسف 52.