الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صيغ العقود: مثل: «بعت» و «اشتريت» و «وهبت» و «قبلت» .
وهذه أساليب خبر، لكنها لا يراد بها الإخبار لأنّها لا تحتمل الصدق والكذب، ولذلك لم توضع مع الخبر.
ولايتهم البلاغيون بهذه الأساليب الإنشائية لقلة الأغراض المتعلقة بها، ولأنّ معظمها أخبار نقلت من معانيها الأصلية. أما الإنشاء الذى يعنون به فهو الطلبى لما فيه من تفنن فى القول لخروجه عن أغراضه الحقيقية إلى أغراض مجازية تفهم من سياق الكلام.
الإنشاء الطلبى:
وأساليب الإنشاء الطلبى خمسة هى:
الأول: الأمر:
وهو طلب الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام، أو كما قال العلوى:
«وهو صيغة تستدعى الفعل، أو قول ينبئ عن استدعاء الفعل من جهة الغير على جهة الاستعلاء» (1). وله أربع صيغ هى:
- فعل الأمر: كقوله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» (2)، وقول الحطيئة:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
…
واقعد فانّك أنت الطاعم الكاسى
- المضارع المقرون بلام الأمر: كقوله تعالى: «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ» (3). وقول أبى تمام:
كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر
…
فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
(1) الطراز ج 3 ص 281.
(2)
النور 56.
(3)
الطلاق 7.
- اسم فعل الأمر: كقوله تعالى: «عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ» (1)، أى: الزموا أنفسكم.
ومنه «صه» بمعنى اسكت، و «مه» بمعنى «اكفف» و «آمين» بمعنى استجب و «بله» بمعنى دع، و «رويده» بمعنى
أمهله، و «نزال» بمعنى انزل و «دراك» بمعنى أدرك.
- المصدر النائب عن فعل الأمر: كقوله تعالى: «وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» (2) وقول قطرى بن الفجاءة:
فصبرا فى مجال الموت صبرا
…
فما نيل الخلود بمستطاع
وقد يخرج الأمر عن معناه الأصلى- وهو طلب الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام إلى معان أخرى تفهم من سياق الكلام، ومن هذه الأغراض المجازية:
- الدعاء: وهو الطلب على سبيل التضرع، كقوله تعالى:«رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ» (3) ويسميه ابن فارس «المسألة» (4). ومنه قوله تعالى:
وقوله: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» (6).
ومنه قول المتنبى:
أزل حسد الحسّاد عنى بكبتهم
…
فأنت الذى صيّرتهم لى حسّدا
(1) المائدة 105.
(2)
البقرة 83.
(3)
نوح 28.
(4)
الصاحبى 184.
(5)
آل عمران 193.
(6)
الفاتحة 6.
- الالتماس: وهو الطلب الصادر عن المتساوين قدرا ومنزلة على سبيل التلطف كقول ابن زيدون:
دومى على العهد مادمنا محافظة
…
فالحرّ من دان إنصافا كما دينا
- التمنى: وهو الطلب الذى لا يرجى وقوعه، كقول عنترة:
يا دار عبلة بالجواء تكلمى
…
وعمى صباحا دار عبلة واسلمى
وقول امرئ القيس:
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلى
…
بصبح وما الإصباح منك بأمثل
وقول المعرى:
فيا موت زر إنّ الحياة ذميمة
…
ويا نفس جدّى إنّ دهرك هازل
وقول ابن زيدون:
ويا نسيم الصّبا بلّغ تحيتنا
…
من لو على البعد حيّا كان يحيينا
- النصح والإرشاد: وهو الطلب الذى لا إلزام فيه وإنّما النصيحة الخالصة، كقوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ» (1)، وقوله:
«وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ» (2).
وقول المتنبى فى مدح سيف الدولة:
كذا فليسر من طلب الأعادى
…
ومثل سراك فليكن الطلاب
- التمييز: وهو الطلب بأن يختار المخاطب بين أمرين أو أكثر، كقول بشار:
فعش واحدا أو صل أخاك فانّه
…
مقارف ذنب مرة ومجانبه
(1) البقرة 282.
(2)
البقرة 282.
- الإباحة: كقوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ» (1). وقال القزوينى: «ومن أحسن ما جاء فيه قول كثير:
أسيئى بنا أو أحسنى لا ملومة
…
لدينا، ولا مقلية إن تقلّت (2)
أى: لا أنت ملومة ولا مقلية.
ووجه حسنه إظهار الرضا بوقوع الداخل تحت لفظ الأمر حتى كأنه مطلوب، أى: مهما اخترت فى حقى من الإساءة والإحسان، فأنا راض به غاية الرضا فعاملينى بهما، وانظرى هل تتفاوت حالى معك فى الحالين» (3).
- التعجيز: وهو الطلب بما لا يقدر عليه المخاطب كقوله تعالى: «يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ» (4)، وقوله:«وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» (5).
وقول الشاعر:
أرونى بخيلا طال عمرا ببخله
…
وهاتوا كريما مات من كثرة البذل
- التهديد: كقوله تعالى: «اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (6) وقوله: «قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ» (7).
(1) البقرة 187.
(2)
مقلية مكروهة بغيضة. تقلت: تكرهت وتبغضت.
(3)
الإيضاح ص 143.
(4)
الرحمن 33.
(5)
البقرة 23.
(6)
فصلت 40.
(7)
إبراهيم 30.
ومنه قول الشاعر:
إذا لم تخش عاقبة الليالى
…
ولم تستحى فاصنع ما تشاء
- التسوية: كقوله تعالى: «فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا» (1)، ومنه قول المتنبى:
عش عزيزا أو مت وأنت كريم
…
بين طعن القنا وخفق البنود
- الإهانة: كقوله تعالى: «ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» (2)، وقوله:«كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً» (3).
- التسخير: هو التذليل والإهانة، كقوله تعالى:«كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ» (4)، ويسميه ابن فارس «التكوين» (5).
- الاحتقار: كقوله تعالى: «أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ» (6)، وبعضهم يجمع الإهانة والاحتقار فى غرض واحد.
- التسليم: كقوله تعالى: «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ» (7).
- الندب: كقوله تعالى: «فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ» (8).
(1) الطور 16.
(2)
الدخان 49.
(3)
الإسراء 50.
(4)
الأعراف 166. وخاسئين: مبعدين مطرودين لا يسمح لكم بالقرب من الناس.
(5)
الصاحبى ص 185.
(6)
يونس 80، والشعراء 43.
(7)
طه 72.
(8)
الجمعة 10.
- التعجب: كقوله تعالى: «أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ» (1)، ومنه قول كعب بن زهير:
أحسن بها خلة لو أنّها صدقت
…
موعودها ولو انّ النصح مقبول
- التلهيف والتحسير: كقوله تعالى: «قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ» (2). ومنه قول جرير:
موتوا من الغيظ غما فى جزيرتكم
…
لن تقطعوا بطن واد دونه مضر
- الوجوب: وذلك أن يكون أمرا وهو واجب كقوله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» (3).
- الخبر: ويكون أمرا والمعنى خبر كقوله تعالى: «فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً» (4). والمعنى: إنّهم سيضحكون قليلا ويبكون كثيرا.
- الامتنان: كقوله تعالى: «فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» (5)، والظاهر أنّه قسم من الإباحة لكن معه امتنان.
- الاكرام: مثل قوله تعالى: «ادْخُلُوها بِسَلامٍ» (6)، وهو من الإباحة أيضا.
- التكوين: كقوله تعالى: «كُنْ فَيَكُونُ» (7)، وهو قريب من التسخير، إلّا أنّ هذا أعم.
(1) مريم 38.
(2)
آل عمران 119.
(3)
البقرة 43.
(4)
التوبة 82.
(5)
النحل 114.
(6)
الحجر 46.
(7)
البقرة 117، وغيرها.