الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاطناب، وهو تجاوز لا يبعد عن الجملتين فى أكثر الأحيان. وكان أكثر البلاغيين تمسكا بهذا المنهج رجال المدرسة الكلامية كالسكاكى والقزوينى وشراح التلخيص، أما عبد القاهر الجرجانى وضياء الدين بن الأثير وغيرهما من أعلام المدرسة الأدبية فلم يتجهوا هذا الاتجاه ولم ينحوا هذا المنحى، وإنّما كانوا يحكّمون الذوق ويتحسسون مواطن الجمال فى الكلام. ونتج عن ذلك أن مزقت البلاغة شر ممزق فكان الحذف فى عدة مواضع، والذكر فى أبواب متفرقة، لأنهما درسا فى
المسند إليه
مرة وفى المسند تارة وفى متعلقات الفعل تارة ثالثة. ومثل هذا يقال فى الموضوعات التى بحثها عبد القاهر وابن الأثير فى فصول موحدة جمعت الروعة والنفع، وإنارة السبيل، وتهذيب الذوق وتنمية الملكة الأدبية.
المسند إليه:
وهو المحكوم عليه أو المخبر عنه، ففى قوله تعالى:«وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ، وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ» (1)، أسند الوعد إلى الله سبحانه وتعالى، فلفظ الجلالة مسند إليه، و «الوعد» مسند.
وفى قول المتنبى:
طوى الجزيرة حتى جاءنى خبر
…
فزعت فيه بآمالى إلى الكذب
أسند طى الجزيرة إلى الخبر، ف «الخبر» مسند إليه.
ومواضع المسند إليه هى:
- الفاعل للفعل التام وشبهه: ومن الأول قوله تعالى: «أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» (2)، ف «أمر» مسند إليه لأنه فاعل ل «أتى» .
(1) التوبة 68.
(2)
النحل 1.
وقول الشاعر:
أهاج لك الأحزان نوح حمامة
…
تغنّت بليل فى ذرى ناعم نضر
ف «نوح» مسند إليه لأنه فاعل ل «أهاج» .
وشبه الفعل هو مشتقاته كاسم الفاعل والصفة المشبهة، كقول عمر بن أبى ربيعة:
وكم مالئ عينيه من شئ غيره
…
إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى
ففى «مالئ» ضمير مستتر فاعل، وهو المسند إليه.
ومن أمثلة الصفة المشبهة: «أنت القوىّ جسمه» ، فكلمة «جسمه» فاعل للصفة «القوىّ» وهى مسند إليه.
- نائب الفاعل: كقوله تعالى: «فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ، قالُوا: سِحْرانِ تَظاهَرا، وَقالُوا: إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ» (1). ف «موسى» نائب فاعل وهو مسند إليه. وقوله تعالى: «وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» (2) فالشمس نائب فاعل أى مسند إليه.
ومنه قول الشاعر:
أكرم أخاك بأرض مولده
…
وأمدّه من فعلك الحسن
فالعزّ مطلوب وملتمس
…
وأعزّه ما نيل فى الوطن
ففى «مطلوب» و «ملتمس» ضميران مستتران وهو نائب فاعل للفعل المبنى للمجهول أى مسند إليه.
(1) القصص 48.
(2)
القيامة 9.
- المبتدأ الذى له خبر: كقوله تعالى: «وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى» (1) ف «الآخرة» مسند إليه لأنّها مبتدأ.
وقول المتنبى:
شرّ البلاد مكان لا صديق به
…
وشرّ ما يكسب الإنسان ما يصم (2)
ف «شر» مسند إليه.
- ما أصله المبتدأ: وهو:
- اسم كان وأخواتها، كقوله تعالى:«ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ، وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً» (3)
وقول المعرى:
ضحكنا وكان الضّحك منّا سفاهة
…
وحقّ لسكان البرية أن يبكوا
ف «محمد» فى الآية اسم كان وهو مسند إليه لأنّه مبتدأ فى الأصل، ومثل ذلك «الضحك» فى البيت، وكل واحدة مبتدأ فى الأصل.
- اسم إنّ وأخواتها، كقوله تعالى:«إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» (4) وهى مبتدأ فى الأصل.
وقول جرير:
إنّ العيون التى فى طرفها حور
…
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
ف «العيون» مسند إليه لأنها اسم «إن» وهى مبتدأ فى الأصل.
(1) الضحى 4.
(2)
يصم: يعيب.
(3)
الأحزاب 40.
(4)
النور 23.