الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاطناب
تعريفه:
الإطناب- لغة- مصدر أطنب فى كلامه إطنابا، إذا بالغ فيه وطوّل ذيوله لإفادة المعانى. واشتقاقه من قولهم:«أطنب بالمكان» إذا طال مقامه فيه.
والإطناب- اصطلاحا- زيادة اللفظ على المعنى لفائدة.
وقد شغل هذا الأسلوب النقاد منذ عهد مبكر وعرض له الجاحظ، وعقد له البلاغيون فصولا ضافية، من ذلك ما فعله أبو هلال العسكرى الذى ذكر فى مطلع البحث حجة أصحاب الإطناب، فقد قالوا:«المنطق إنّما هو بيان، والبيان لا يكون إلّا بالإشباع، والشفاء لا يقع إلّا بالإقناع، وأفضل الكلام أبينه، وأبينه أشده إحاطة بالمعانى، ولا يحاط بالمعانى إحاطة تامة إلّا بالاستقصاء، والإيجاز للخواص، والإطناب مشترك فيه الخاصة والعامة، والغبى والفطن، والريض والمرتاض، ولمعنى ما أطيلت الكتب السلطانية فى إفهام الرعايا» (1). ولكن أبا هلال يرى أنّ الإيجاز والإطناب يحتاج إليهما فى الكلام، وهذا هو الصحيح لتتم المطابقة لمقتضى الحال.
وكان ابن الأثير من أكثر البلاغيين اهتماما بهذا الأسلوب، وقد عرّفه بقوله:«هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة» (2).
وعرفه ابن قيم الجوزية بقوله: «هو زيادة فى اللفظ لتقوية المعنى» (3) ويتفق هذا التعريف مع التعريفات الأخرى التى لا تكاد تخرج عن هذا المعنى
(1) كتاب الصناعتين ص 190.
(2)
المثل السائر ج 2 ص 128، وينظر الجامع الكبير ص 146.
(3)
الفوائد ص 907.
وهو أنّ الإطناب زيادة اللفظ لغرض يقصد إليه المتكلم، وإلّا كان إطالة لا يقتضيها المقام.
والتطويل من المصطلحات التى تتردد، وقد ذم بعضهم هذا الأسلوب وميّز بينه وبين الإطناب فقال أبو هلال:«فالإطناب بلاغة والتطويل عى، لأنّ التطويل بمنزلة سلوك ما يبعد جهلا بما يقرب، والإطناب بمنزلة سلوك طريق بعيد نزه يحتوى على زيادة فائدة» (1).
وفرّق ابن الأثير بينهما فقال فى التطويل إنّه «يدل على المعنى بلفظ يكفيك بعضه فى الدلالة عليه» (2). وقال عنه: «هو زيادة اللفظ عن المعنى لغير فائدة» (3)، فى حين قال عن الإطناب إنه «زيادة اللفظ على المعنى لفائدة» (4)، واذا حذفت منه الزيادة المؤكدة للمعنى تغير ذلك المعنى وزال ذلك التأكيد عنه وذهبت فائدة التصوير والتخييل التى تفيد السامع ما لم يكن إلّا بها، فقوله تعالى:«فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» (5) لا يسمى إيجازا لأنه أتى فيه بزيادة لفظ هى «الصدور» ولا يسمى تطويلا لأن التطويل لا فائدة فيه أصلا وهذا فيه فائدة ولذلك سمى إطنابا، وليس كذلك التطويل فالبيت:
طلوع الثنايا بالمطايا وسابق
…
إلى غاية من يبتدرها يقدّم
فيه تطويل لأنّ لفظة «المطايا» فضلة لا حاجة إليها (6)
(1) كتاب الصناعتين ص 191.
(2)
المثل السائر ج 2 ص 74.
(3)
المثل السائر ج 2 ص 129.
(4)
المثل السائر ج 2 ص 128.
(5)
الحج 46.
(6)
ينظر المثل السائر ج 2 ص 74 وص 157.