الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه المعانى ثابتة معروفة عقلا، ولذلك لا يقع فيها تفاوت أو تفنن فى التعبير.
[وجها التقديم]
وتقديم الشئ على وجهين:
الأول: تقديم على نية التأخير، وذلك فى كل شئ أقر مع التقديم على حكمه الذى كان عليه وفى جنسه الذى كان فيه، كخبر المبتدأ إذا قدّم على المبتدأ، والمفعول إذا قدم على الفاعل. والتقديم لا يخرج الخبر أو المفعول عما كانا عليه قبل التقديم.
الثانى: تقديم لا على نية التأخير، ولكن على أن ينقل الشئ عن حكم إلى حكم ويجعل بابا غير بابه وإعرابه غير إعرابه، وذلك أن يعمد إلى اسمين يحتمل كل واحد منهما أن يكون مبتدأ ويكون الآخر خبرا له فيقدم هذا تارة على ذاك وأخرى ذاك على هذا. ومثاله:«زيد المنطلق» و «المنطلق زيد» فالتقديم والتأخير يؤثران فى معنى الجملة، لأنّ ما يقدم هو المبتدأ أو المسند إليه وما يؤخر هو الخبر أو المسند، وكذلك «ضربت محمدا» و «محمد ضربته» ف
«محمد» فى الجملة الأولى مفعول به، وفى الثانية «مبتدأ» . وهذا يختلف عن النوع الأول الذى لا يتغير فيه حكم المتقدم أو المتأخر، ففى «منطلق زيد» و «زيد منطلق» ظل «زيد» مسندا إليه و «منطلق» مسندا، وفى «ضرب زيد عمرا» و «ضرب عمرا زيد» بقى «زيد» مسندا إليه- فاعلا- و «عمرو» مفعولا به. (1)
[تقديم المسند اليه]
وباب التقديم والتأخير واسع لأنّه يشمل كثيرا من أجزاء الكلام، فالمسند إليه يقدم لأغراض بلاغية منها:
- أنّه الأصل ولا مقتضى للعدول عنه كتقديم الفاعل على المفعول، والمبتدأ على الخبر، وصاحب الحال عليها.
(1) ينظر تفصيل ذلك فى دلائل الإعجاز ص 83 وما بعدها.
- أن يتمكن الخبر فى ذهن السامع لأنّ فى المبتدأ تشويقا إليه، كقول المعرى:
والذى حارت البرية فيه
…
حيوان مستحدث من جماد
- أن يقصد تعجيل المسرة إن كان فى ذكر المسند إليه تفاؤل مثل: «سعد فى دارك» أو المساءة إن كان فيه ما يتطير به مثل «السفاح فى دار صديقك» .
- إيهام أنّ المسند إليه لا يزول عن الخاطر مثل: «الله ربى» .
- إيهام التلذذ بذكره، كقول الشاعر:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا
…
ليلاى منكنّ أم ليلى من البشر
- تخصيص المسند إليه بالخبر الفعلى إن ولى حرف النفى مثل: «ما أنا قلت هذا» ، وقول المتنبى:
وما أنا أسقمت جسمى به
…
ولا أنا أضرمت فى القلب نارا
- تقوية الحكم وتقريره: كقوله تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ» (1) ومما يدخل فى هذا الحكم تقديم «مثل» و «غير» ، وقد قال عبد القاهر:
ومما يرى تقديم الاسم فيه كاللازم «مثل» و «غير» فى نحو قوله:
مثلك يثنى المزن عن صوبه
…
ويستردّ الدمع عن غربه
وكذلك حكم «غير» إذا سلك به هذا المسلك» (2)، ومنه قول المتنبى:
غيرى بأكثر هذا الناس ينخدع
…
إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا
وقال القزوينى: «واستعمال «مثل» و «غير» هكذا مركوز فى الطباع وإذا تصفحت الكلام وجدتهما يقدمان أبدا
على الفعل إذا نحى بهما نحو ما ذكرناه
(1) المؤمنون 59.
(2)
دلائل الإعجاز، ص 106.