الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانى: الصيانة عن احتمال الخطأ فترد رافعة له. ومنه قول الشاعر:
لئن كان باقى عيشنا مثل ما مضى
…
فللحبّ إن لم يدخل النار أروح
فقوله «إن لم يدخل النار» معناه سلامة العاقبة، وقد أتم به المعنى صيانة عن احتمال الخطأ، فقد أراد أنّ أول الحب لذة وراحة فان كان آخره مثل أوله فهو لا محالة أحمد عاقبة، لكن أن تكون العاقبة سليمة.
الثالث: استقامة الوزن، ومنه قول المتنبى:
وخفوق قلب لو رأيت لهيبه
…
يا جنّتى لرأيت فيه جهنما
فقوله «يا جنتى» أتى بها من أجل استقامة الوزن (1).
[-
الاعتراض:]
- الاعتراض: وهو كثير فى الأساليب العربية، وقد قال ابن جنى:
وقال القزوينى فى تعريفه: «وهو أن يؤتى فى أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين معنى، بجملة أو أكثر لا محلّ لها من الإعراب لنكتة سوى ما ذكر فى تعريف التكميل» (3). ومنهم من يذهب إلى أنّ الاعتراض هو الحشو (4)، وفرّق ابن حجة الحموى بينهما، وقال:«والفرق بينهما ظاهر، وهو أنّ الاعتراض يفيد زيادة فى غرض المتكلم والناظم، والحشو إنّما يأتى لإقامة الوزن لا غير» (5).
(1) ينظر الإيضاح ص 205، والطراز ج 3 ص 104 - 106.
(2)
الخصائص ج 1 ص 335.
(3)
الإيضاح ص 206، وينظر شروح التلخيص ج 3 ص 237، نهاية الإيجاز ص 111، المصباح ص 99.
(4)
المثل السائو ج 2 ص 183، والجامع الكبير ص 118، والطراز ج 2 ص 167.
(5)
خزانة الأدب ص 366.
وللاطناب بالاعتراض أغراض بلاغية منها:
الأول: التنزيه: كقوله تعالى: «وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ- سبحانه- وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ» (1)، ف «سبحانه» تضمنت تنزيها لله تعالى عن البنات.
الثانى: التعظيم: كقوله تعالى: «فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ- لَوْ تَعْلَمُونَ- عَظِيمٌ» (2).
الثالث: الدعاء، كما فى قول عوف بن محلم يشكو كبره:
إنّ الثمانين- وبلّغتها-
…
قد أحوجت سمعى إلى ترجمان
وقول المتنبى:
وتحتقر الدنيا احتقار مجرّب
…
يرى كل ما فيها- وحاشاك- فانيا
وقوله «حاشاك» دعاء حسن فى موضعه.
الرابع: التنبيه، كقول الشاعر:
واعلم- فعلم المرء ينفعه-
…
أن سوف يأتى كلّ ما قدرا
ومنه قول أبى خراش الهذلى يذكر أخاه عروة:
تقول أراه بعد عروة لاهيا
…
وذلك رزء- لو علمت- جليل
فلا تحسبى أنّى تناسيت عهده
…
ولكنّ صبرى- يا أميم- جميل
فقوله «لو علمت» و «يا أميم» جملتان اعتراضيتان تفيدان التنبيه على عظم المصاب وعلى تجلده وصبره.
الخامس: المبادرة إلى اللوم، كقول كثير عزة:
لو انّ الباخلين- وأنت منهم-
…
رأوك تعلّموا منك المطالا
(1) النحل 57.
(2)
الواقعة 75 - 76.
السادس: التحسر، كقول إبراهيم بن المهدى فى رثاء ابنه:
وإنّى- وإن قدّمت قبلى- لعالم
…
بأنّى- وقد أخّرت- منك قريب
السابع: الاستعطاف، ومثل له السبكى (1) ببيت المتنبى:
وخفوق قلب لو رأيت لهيبه
…
- يا جنّتى- لرأيت فيه جهنما
ووجه حسن الاعتراض «حسن الإفادة مع أنّ مجيئه مجئ مالا معول عليه فى الإفادة فيكون مثله مثل الحسنة تأتيك من حيث لا ترتقبها» (2)
وهذا هو النوع المفيد من الاعتراض، أمّا الذى يأتى لغير فائدة فهو على وجهين:
الأول: أن يكون غير مفيد لكنه لا يكسب الكلام حسنا ولا قبحا، كقول زهير:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
…
ثمانين حولا- لا أبالك- يسأم
فقوله «لا بالك» ليس فيه فائدة توكيد، وليس فيه قبح.
الثانى: أن يكون غير مفيد لكنه يكون قبيحا لخروجه عن قوانين العربية وانحرافه عن أقيستها، كقول الشاعر:
فقد والشك بيّن لى عناء
…
بوشك فراقهم صرد يصيح
ف «الشك» هنا قبيح.
وهذا النوع يكون أقبح فى النثر ولذلك لم يأت فى فصيح كلام العرب وبليغه (3).
(1) عروس الأفراح- شروح التلخيص ج 3 ص 241.
(2)
الإيضاح ص 209.
(3)
ينظر الطراز ج 2 ص 174.