الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس: النداء:
النداء التصويب بالمنادى ليقبل أو هو طلب إقبال المدعو على الداعى، وله أدوات هى:
- الهمزة: وتكون لنداء القريب، كقول امرئ القيس:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
…
وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملى
- (أ) حرف لنداء البعيد، وهو مسموع لم يذكره سيبويه، وذكره غيره (1).
- أيا: وتكون لنداء البعيد وقيل: لنداء القريب والبعيد، كقول الشاعر:
أيا جبلى نعمان بالله خليا
…
نسيم الصّبا يخلص إلىّ نسيمها
- أى: لنداء البعيد.
- آى: لنداء البعيد.
- هيا: لنداء البعيد.
- وا: لنداء البعيد، وهى فى الأصل حرف نداء مختص بباب الندبة نحو «وا محمداه» وأجاز بعضهم استعماله فى النداء الحقيقى (2).
- يا: لنداء البعيد، وقد ينادى به القريب توكيدا، وقيل: هى مشتركة بين القريب والبعيد، وهى أكثر أحرف النداء استعمالا، كقوله تعالى:
«يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ» (3)، وقد تحذف كما فى قوله تعالى:«يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا» (4).
(1) مغنى اللبيب ج 1 ص 20.
(2)
مغنى اللبيب ج ص 369.
(3)
البقرة 35.
(4)
يوسف 29.
ومنه قول ابن زيدون:
يا سارى البرق غاد القصر واسق به
…
من كان صرف الهوى والودّ يسقينا
ويا نسيم الصّبا بلّغ تحيتنا
…
من لو على البعد حيّا كان يحيينا
وقد أشار سيبويه إلى استعمال حروف النداء للقريب مرة وللبعيد تارة أخرى، وقال:«فأما الاسم غير المندوب فينبه بخمسة أشياء: ب «يا» و «أيا» و «هيا» و «أى» وبالألف نحو قولك: «أحار بن عمرو» إلّا أنّ الأربعة غير الألف قد يستعملونها إذا أرادوا أن يمدوا أصواتهم للشئ المتراخى عنهم أو الإنسان المعرض عنهم الذى يرونه أنّه لا يقبل عليهم إلّا باجتهاد، أو النائم المستثقل، وقد يستعملون هذه التى للمد فى موضع الألف ولا يستعملون الألف فى هذه المواضع التى يمدون فيها. وقد يجوز لك أن تستعمل هذه الخمسة غير «وا» إذا كان صاحبك قريبا مقبلا عليك توكيدا، وإن شئت حذفتهن كلهن استغناء» (1).
وقد يخرج النداء إلى أغراض مختلفة منها:
- الإغراء والتحذير: وقد اجتمعا فى قوله تعالى: «ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها» (2)
وقول المتنبى:
يا أعدل الناس إلّا فى معاملتى
…
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
- الاستغاثة: مثل: «يا ناصر الدين» .
- الندبة: كقول المتنبى:
واحرّ قلباه من قلبه شبم
…
ومن بجسمى وحالى عنده سقم
(1) كتاب سيبويه ج 1 ص 325.
(2)
الشمس 13.
- التعجب: كقوله تعالى: «يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ» (1)، لأنّ الحسرة لا تنادى وإنّما تنادى الأشخاص لأنّ فائدته التنبيه، ولكن المعنى على التعجب كقوله:«يا عجبا لم فعلت؟» (2).
- الاختصاص: مثل: «علىّ أيها الرجل يعتمد» ، و «اغفر اللهم لنا أيتّها العصابة» ، أى: مخصصا به دون الرجال، واغفر لنا مخصوصين من بين العصائب.
- التنبيه: كقوله تعالى: «يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا» (3)، لأنّ حرف النداء يختص بالأسماء.
- التحسر: كقول ابن الرومى:
يا شبابى وأين منى شبابى
…
آذنتنى حباله بانقضاب
لهف نفسى على نعيمى ولهوى
…
تحت أفنانه اللدان الرطاب
وقول الآخر:
أيا قبر معن كيف واريت جوده
…
وقد كان منه البرّ والبحر مترعا
هذه أساليب الخبر والإنشاء المختلفة، وقد اتضح أنّ لكل أسلوب دلالته، وهى غير الإعراب وحركاته، بل ما وراء ذلك من المعانى التى تحملها الجمل والعبارات. وإذا كان لكل من الخبر والإنشاء دلالاته فانّ
(1) يس 30.
(2)
البرهان فى علوم القرآن ج 3 ص 353.
(3)
مريم 23.
أحدهما قد يقع موقع الآخر لأغراض بلاغية (1). والعمدة فى ذلك الذوق المهذب والاطلاع الواسع وقرائن الأحوال.
وأساليب الخبر والإنشاء مدى رحب يجول فيه الأدباء ويتصرف فيه الشعراء، وقد أخذ بها القدماء فأحسنوا وأضافوا، وهى من وسائل التعبير وطرقه المتشعبة. ويقدر الأديب على أن يتوسع فيها وأن يأتى بما لم يسبق إليه إذا أحسن استخدامها وكان له ذوق رفيع.
…
(1) ينظر مفتاح العلوم ص 154، والإيضاح ص 146، وشروح التلخيص ج 2 ص 338، والبرهان فى علوم القرآن ج 3 ص 347، 350، والطراز ج 3 ص 293.