المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حمل الراية المباركة: - السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها

[عبد الرحمن علي الحجي]

فهرس الكتاب

- ‌[المدخل]

- ‌الإهداء

- ‌ملاحظات

- ‌تقديم

- ‌تمهيد وتنجيد

- ‌المبحث الأول السيرة النبوية ظلالها وآفاق دراستها

- ‌ استهلال وإطلال وإجلال:

- ‌ التخصص العام والدقيق:

- ‌ المقوّم الأول المهم:

- ‌ اتساع السيرة النبوية والاقتداء بها:

- ‌ السيرة مرآة ومهماز:

- ‌ مصادر دراسة السيرة:

- ‌ صلحاء الأمة وحماتها:

- ‌ كتابة السيرة الشريفة:

- ‌ العيش في جو السيرة عمقا وتعلّقا:

- ‌ كتابة السيرة بين الفقه والتاريخ:

- ‌ دراسة وكتابة السيرة الشريفة وآفاقها:

- ‌ دوام حفظ الله سبحانه لأهل دعوته ونوعيتهم:

- ‌ أسلوب هذه الدراسة:

- ‌ أثر السيرة في المجتمع قوة ودعوة:

- ‌ السيرة وكتابة التاريخ:

- ‌ السيرة وجيل الصّحابة:

- ‌ هذه الدراسة والكتابة:

- ‌ الحب الواضح المتجدّد:

- ‌ الخلوص في التوجه، والنقاء في التلقّي:

- ‌ سبل التعبير عن السيرة النبوية الشريفة:

- ‌ السيرة النبوية مشاهد عملية ومواقف حيّة:

- ‌ معرفة دلائل السيرة المتفردة من خلال تفوّقها ومعالمها:

- ‌ تحقّق الإسلام بالسيرة:

- ‌ القدوة المثالية الواقعية:

- ‌ نعمة حفظ الله تعالى لكتابه وسنّة رسوله:

- ‌ قادة الأمة والسّيرة:

- ‌ واجبات محبّبة كريمة، وثمار مباركة طيبة:

- ‌ علماء الأمة هم حماتها، وبناة حضارتها:

- ‌ جمال أمثلة صياغة الحياة وتفرّد وعمق صبغتها:

- ‌ علماء الموائد:

- ‌ السّنّة وكتابة السّيرة:

- ‌ من يكتب السيرة

- ‌ إرهاصات:

- ‌ أدلة إيضاح وإفصاح:

- ‌ جيلنا والاهتمام بالسيرة:

- ‌ واجب العناية بالسيرة:

- ‌المسلم ودراسة السيرة:

- ‌ موقع السيرة النبوية من التاريخ:

- ‌ الصحابة والاقتداء بالسيرة:

- ‌ الخيرية والجيل المثال:

- ‌ السيرة موئل ومنهل:

- ‌ السيرة بناء وارتقاء:

- ‌ مدلولات فريدة جديدة:

- ‌ ثمار أغنت ميادينها:

- ‌ عصر النبوة وامتلاء ميادينه بالأعلام العالية:

- ‌ الحضارة والأصالة الإسلامية في الدعوة الربانية:

- ‌ الصحابة والولاء للإسلام:

- ‌ أسلموا وأهلهم أعداء:

- ‌ الإيمان وتكاليف تربيته:

- ‌ رهافة الثمرة الإيمانية:

- ‌ إضاآت كريمة ومدلولات فاضلة لقصة ربيعة:

- ‌ دقة الرهافة وأصالتها جعلتهم يشعرون بالتقصير:

- ‌ مدى عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالصحابة:

- ‌ العناية النبوية الحنون في رعاية الواقع الميمون:

- ‌ تفقد الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه وحبّهم له:

- ‌ النساء وفرض الحجاب:

- ‌ جيل الصحابة والإقبال على أمر الله:

- ‌ قصة تحريم الخمر:

- ‌ الترقي الإيماني والإقبال على دخول الإسلام:

- ‌ حضور مشاهد الغابرين:

- ‌ المؤمنون والمعاندون وغيرهم:

- ‌ لله سنة جارية ثابتة بملازمة العاقبة للمتقين:

- ‌ معاني الأحداث السالفة:

- ‌ القرآن الكريم والعبر العامة المستفادة من قصصه:

- ‌ أجواء السيرة العبقة:

- ‌ الصحابة وسبل الارتقاء:

- ‌ القرآن والسيرة:

- ‌ بين الدرجة والنوع:

- ‌ تذوّق الصحابة نعمة الوحي، وافتقادها لدى انقطاعها:

- ‌ شواهد وفرائد صحابية:

- ‌ الرخص أم العزائم:

- ‌ السيرة مدد وحياة:

- ‌الثمار الطيبة الطّعوم:

- ‌ الإضافة وحديث القرآن:

- ‌ الإسلام منهج أهل الأرض ومستقبلهم المشرّف المشرق:

- ‌ الصحابة فخر الميادين، ازدحمت بهم الساحات:

- ‌ السيرة والتابعون وتابعوهم:

- ‌ الصحابة أئمة ومثل وهم بالرسول صلى الله عليه وسلم مقتدون:

- ‌ حبّ متوارث طهور:

- ‌ عناية الأجيال بالسيرة:

- ‌ وضوح أحداث السيرة:

- ‌ البشارات بالرسالة الخاتمة:

- ‌ عالمية الدعوة الإسلامية:

- ‌ السيرة ونسج المثال:

- ‌ السيرة ونفس المسلم:

- ‌ تفسير السيرة ومكانتها:

- ‌ فاتحة وافتتاح:

- ‌ هذا الاحتفال:

- ‌ أهمية المناسبات:

- ‌ مولد واقتران:

- ‌ تفكر وتفكر:

- ‌ الإسلام وحده هو الشرف:

- ‌ معنى الاحتفال بالمولد الشريف:

- ‌ هيمنة القرآن وإمامة الإسلام:

- ‌ يا حسرة على العباد:

- ‌ ولادة وولادة:

- ‌المسلم قويّ بهذا الدين:

- ‌ أمّة القرآن عودي للقرآن:

- ‌ الحياة البشرية من الجاهلية إلى الإنسانية:

- ‌ المثل والأمثلة:

- ‌ الشرود عن منهج الله هو الدمار:

- ‌ النجاة بهذا الدّين وحده:

- ‌ مهمّة المسلم وآفاقه وقوّته:

- ‌ كيف السبيل

- ‌ أداء حق أمانة الدعوة:

- ‌ المولد الميمون: المناسبة والاحتفال:

- ‌ مدلول حادثة الفيل:

- ‌ عالمية الدعوة الإسلامية:

- ‌ السموّ بالاستمرار والاتصال:

- ‌ صورة مضيئة يهبها الإيمان:

- ‌ السّهمي في بلاط كسرى:

- ‌معجزة نبوية شاهدة:

- ‌ مؤشرات ومبشرات:

- ‌ محنة ومنحة:

- ‌ من الجاهلية إلى الإسلام:

- ‌ العزيمة وقيام الحياة الإسلامية:

- ‌ فطنة المسلم وتضحيته:

- ‌ النور وراء الظلمة:

- ‌ عجائب الإسلام وفرائده:

- ‌ هذه أخلاق القرآن:

- ‌ تعدد دروب النفس:

- ‌ الهجرة والأخذ بالأسباب:

- ‌ لقاء الهجرة والنّصرة:

- ‌ مناسبات وأحفال:

- ‌ بين العلم والعمل:

- ‌ الجيل المسلم والسيرة:

- ‌ الهجرة والدولة:

- ‌ الهجرات الثلاث:

- ‌ إقامة الحياة الإسلامية:

- ‌ الخلوص الكامل لله:

- ‌ الإسلام هجرة وبيعة:

- ‌ الإسلام وطن وقومية:

- ‌ الهجرة هجرة ونصرة:

- ‌ الحق قادم بأهله:

- ‌ بداية وافتتاح:

- ‌ الإسلام كبرى النّعم:

- ‌ ولادة الإنسان الجديد:

- ‌ دعوة اليقظة والارتقاء:

- ‌ تقدم الركب الميمون:

- ‌ حمل الراية المباركة:

- ‌ ذلك الجيل الفريد:

- ‌ قوة التضحية والفداء:

- ‌إنها بيعة دائمة، وعهود قائمة

- ‌ الإقبال خفافا وثقالا:

- ‌ لقاء الهجرة والنّصرة:

- ‌ واجب الشباب الطلاب:

- ‌ تضحيات فائقة رائقة:

- ‌ مناسبات ذات دلالة:

- ‌ قوة الإسلام ذاتية ربانية أودعها الله تعالى:

- ‌ التّسخير لهذا الدّين:

- ‌ الهجرة حبّ وحفظ:

- ‌ النصر حليف الإيمان:

- ‌ عجائب هذا التاريخ:

- ‌ الإسلام ارتقاء وشموخ:

- ‌ الإسلام تعامل وأخلاق:

- ‌ الإسلام شفاء وبناء:

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث والآثار النبوية

- ‌فهرس الشعر

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرس الأماكن والبقاع

- ‌فهرس القبائل والجماعات

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ حمل الراية المباركة:

يا بني الجيل نهضة

تنفض عنكم الغبر

يا صحابا بصيحة

توقظ كل من هجر

هذا الكتاب نداؤكم

فاسرعوا غير معتذر

فهو فيه سعادة

وحده، كل من حضر

به النفوس كريمة

تبتني كلّ مزدهر

به العيون قريرة

ترقى الفضائل وانتصر

*‌

‌ حمل الراية المباركة:

حمل رسول الله الحبيب صلى الله عليه وسلم راية الموكب المبارك، ينادي الناس عليه، ويدعو إليه، فجّرت آيات القرآن المنزّل عليه، ينابيع الخير، ووفرتها وصاغتها، يتلوها صلى الله عليه وسلم ندية قوية، تشقّق بها الظلمات، وتشرق بها الآفاق، ويحيا بها الوجود. واستمر داعيا يجلجل بها صوته المدوّي في دروب مكة وشعابها، حداء ماله مثيل، ولا بديل، ولا غيره دليل، يضيئها بنور الله المبين وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: 40] .

وصلت قلوب المؤمنين بالله، تملأ جنباتها أشعته، يوقظ النيام والسّكرى السّادرين هديرها، تنشده الفئة المؤمنة، مقتدية بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. أيقنت وانطلقت مؤمنة بقوتها الإيمانية الربانية، موصولة بالله القوي العزيز. آمنت به جل جلاله ربا معبودا واحدا أحدا لا إله غيره ولا مالك سواه، ولا حاكم دونه، ولا مشرّع إلا إيّاه. إنه البيع الخالص لله، بلا خلف ولا أنصاف أبدا.

واستعراض السيرة الشريفة يقدّم ذلك واضحا لكل المسلمين، نساء ورجالا. وانظر من شئت وما شئت وتمثّل بمن شئت، ولا بد أن نمثل ونتمثل. فهذا الطفيل بن عمرو الدّوسي (الشهيد أبو الشهيد) ، أسلم في العهد المكي، وباع نفسه وحياته للإسلام، دعا إليه وجاهد من أجله

ص: 342

وحماه، حتى استشهد في حرب اليمامة أوائل سنة (12 هـ)«1» .

(1) الطفيل بن عمرو الدوسي (12 هـ 633 م) ، ذو النور. أسلم بمكة قبل الهجرة إلى المدينة. وكان في قومه سيدا مقدما مطاعا شريفا وشاعرا لبيبا. وقصة إسلامه ذكرها ابن إسحاق (سيرة ابن هشام، 1/ 382- 385، شرح الخشني، 2/ 25- 29) . ونقلها عنه آخرون. وأخرج طرفا منها البخاري ومسلم. البخاري، رقم (2779/ 3) ، ورقم (4131/ 4) ، ورقم (6034/ 5) . مسلم، رقم (2524/ 4) . جامع الأصول (9/ 221، رقم 6806) . وخلاصتها: أن الطفيل قدم مكة- لعله في السنة العاشرة من البعثة، بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف- فحذرته قريش من الاستماع إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبينوا له خطورة ذلك عليه، وأن قوله كالسحر، وزادوا في تحذيره، مما دعاه أن يسد أذنه بقطن إذا دخل المسجد، حتى لا يسمعه. لكنه حين ذهب إلى المسجد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فيه، ووقف قريبا منه وسمعه (فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا وقع في نفسي)(سيرة ابن هشام، 1/ 382) . ولما انصرف صلى الله عليه وسلم إلى بيته اتبعه، وجلس إليه، وطلب أن يعرض عليه الإسلام (فعرض عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، وتلا عليّ القرآن. فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت، وشهدت شهادة الحق)(سيرة ابن هشام، 1/ 383) . وهذا ما أورده- مع تفصيلات أخرى- ابن هشام (ابن إسحاق) في السيرة وآخرون، بعضهم نقلا عنه. فلحق بقومه، فدعا أهل بيته، فأسلموا وجماعة من قومه، وعصت عليه دوسا (قومه) وأبت. فقدم (ثانية) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وقال: يا رسول الله! إن دوسا قد عصت وأبت، فادعوا الله عليهم. فقال صلى الله عليه وسلم:«اللهم اهد دوسا، وائت بهم» . وهذا ما أخرجه البخاري وآخرون. فعاد إليهم ودعاهم إلى الإسلام، فاستجاب من استجاب، ثم قدم بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، بثمانين بيتا، ولحق به في خيبر، فأسهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين. ثم شارك مع قومه في فتح مكة، وأرسله صلى الله عليه وسلم إلى صنم هناك فأحرقه، وبقي يجاهد في خدمة الإسلام حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج هو وابنه (عمرو) في قتال الكذّابين بقيادة مسيلمة الكذاب، واستشهد يوم اليمامة أوائل سنة (12 هـ) وجرح ابنه جراحة شديدة، ثم استبلّ منها، حتى كانت معركة اليرموك (15 هـ) مشاركا فيها، وفيها استشهد، رضي الله عنهما وعنهم أجمعين. الإصابة (2/ 225) رقم (4254) . الاستيعاب (2/ 230) رقم (1274) . سير أعلام النبلاء (1/ 344) ، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين)(62، 82، 96) ، زاد المعاد (3/ 495، 624) وبعدها. الوافي بالوفيات (16/ 460، 17/ 225) . إمتاع الأسماع (1/ 28) حياة الصحابة

ص: 343