الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا بني الجيل نهضة
…
تنفض عنكم الغبر
يا صحابا بصيحة
…
توقظ كل من هجر
هذا الكتاب نداؤكم
…
فاسرعوا غير معتذر
فهو فيه سعادة
…
وحده، كل من حضر
به النفوس كريمة
…
تبتني كلّ مزدهر
به العيون قريرة
…
ترقى الفضائل وانتصر
*
حمل الراية المباركة:
حمل رسول الله الحبيب صلى الله عليه وسلم راية الموكب المبارك، ينادي الناس عليه، ويدعو إليه، فجّرت آيات القرآن المنزّل عليه، ينابيع الخير، ووفرتها وصاغتها، يتلوها صلى الله عليه وسلم ندية قوية، تشقّق بها الظلمات، وتشرق بها الآفاق، ويحيا بها الوجود. واستمر داعيا يجلجل بها صوته المدوّي في دروب مكة وشعابها، حداء ماله مثيل، ولا بديل، ولا غيره دليل، يضيئها بنور الله المبين وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: 40] .
وصلت قلوب المؤمنين بالله، تملأ جنباتها أشعته، يوقظ النيام والسّكرى السّادرين هديرها، تنشده الفئة المؤمنة، مقتدية بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. أيقنت وانطلقت مؤمنة بقوتها الإيمانية الربانية، موصولة بالله القوي العزيز. آمنت به جل جلاله ربا معبودا واحدا أحدا لا إله غيره ولا مالك سواه، ولا حاكم دونه، ولا مشرّع إلا إيّاه. إنه البيع الخالص لله، بلا خلف ولا أنصاف أبدا.
واستعراض السيرة الشريفة يقدّم ذلك واضحا لكل المسلمين، نساء ورجالا. وانظر من شئت وما شئت وتمثّل بمن شئت، ولا بد أن نمثل ونتمثل. فهذا الطفيل بن عمرو الدّوسي (الشهيد أبو الشهيد) ، أسلم في العهد المكي، وباع نفسه وحياته للإسلام، دعا إليه وجاهد من أجله
وحماه، حتى استشهد في حرب اليمامة أوائل سنة (12 هـ)«1» .
(1) الطفيل بن عمرو الدوسي (12 هـ 633 م) ، ذو النور. أسلم بمكة قبل الهجرة إلى المدينة. وكان في قومه سيدا مقدما مطاعا شريفا وشاعرا لبيبا. وقصة إسلامه ذكرها ابن إسحاق (سيرة ابن هشام، 1/ 382- 385، شرح الخشني، 2/ 25- 29) . ونقلها عنه آخرون. وأخرج طرفا منها البخاري ومسلم. البخاري، رقم (2779/ 3) ، ورقم (4131/ 4) ، ورقم (6034/ 5) . مسلم، رقم (2524/ 4) . جامع الأصول (9/ 221، رقم 6806) . وخلاصتها: أن الطفيل قدم مكة- لعله في السنة العاشرة من البعثة، بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف- فحذرته قريش من الاستماع إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبينوا له خطورة ذلك عليه، وأن قوله كالسحر، وزادوا في تحذيره، مما دعاه أن يسد أذنه بقطن إذا دخل المسجد، حتى لا يسمعه. لكنه حين ذهب إلى المسجد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فيه، ووقف قريبا منه وسمعه (فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا وقع في نفسي)(سيرة ابن هشام، 1/ 382) . ولما انصرف صلى الله عليه وسلم إلى بيته اتبعه، وجلس إليه، وطلب أن يعرض عليه الإسلام (فعرض عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، وتلا عليّ القرآن. فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت، وشهدت شهادة الحق)(سيرة ابن هشام، 1/ 383) . وهذا ما أورده- مع تفصيلات أخرى- ابن هشام (ابن إسحاق) في السيرة وآخرون، بعضهم نقلا عنه. فلحق بقومه، فدعا أهل بيته، فأسلموا وجماعة من قومه، وعصت عليه دوسا (قومه) وأبت. فقدم (ثانية) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وقال: يا رسول الله! إن دوسا قد عصت وأبت، فادعوا الله عليهم. فقال صلى الله عليه وسلم:«اللهم اهد دوسا، وائت بهم» . وهذا ما أخرجه البخاري وآخرون. فعاد إليهم ودعاهم إلى الإسلام، فاستجاب من استجاب، ثم قدم بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، بثمانين بيتا، ولحق به في خيبر، فأسهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين. ثم شارك مع قومه في فتح مكة، وأرسله صلى الله عليه وسلم إلى صنم هناك فأحرقه، وبقي يجاهد في خدمة الإسلام حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج هو وابنه (عمرو) في قتال الكذّابين بقيادة مسيلمة الكذاب، واستشهد يوم اليمامة أوائل سنة (12 هـ) وجرح ابنه جراحة شديدة، ثم استبلّ منها، حتى كانت معركة اليرموك (15 هـ) مشاركا فيها، وفيها استشهد، رضي الله عنهما وعنهم أجمعين. الإصابة (2/ 225) رقم (4254) . الاستيعاب (2/ 230) رقم (1274) . سير أعلام النبلاء (1/ 344) ، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين)(62، 82، 96) ، زاد المعاد (3/ 495، 624) وبعدها. الوافي بالوفيات (16/ 460، 17/ 225) . إمتاع الأسماع (1/ 28) حياة الصحابة