الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغدت هذه الأمور واضحة للمؤمنين بدعوة الله وعلى يد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله تعالى بهذا الدين رحمة للعالمين، بما رباهم عليه القرآن الكريم بهذه المعاني المشهودة في تاريخ الأنبياء عليهم السلام ومنهم قصة موسى عليه السلام وفرعون. وهكذا القصص الآخرى التي أراد الله تعالى أن يتعلم المسلمون منها تثبيتا لقلوبهم وتسرية عنهم وتسلية لهم، ليحتملوا ألوان الاضطهاد على يد أعداء الله تعالى. وهو ما جرى لسحرة فرعون الذين آمنوا بموسى عليه السلام وما يجري دوما مع الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم، حين غمر الإيمان قلوبهم، ونوّر بصائرهم، وأحيا نفوسهم.
ومنه ما جرى- ويجري دوما- لأتباع هذا الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، ابتداء من العهد المكي، ومنذ أول يوم آمنوا به ومن أول عهدهم بها هناك، لا يفزعون ولا يتزعزعون، حتى النساء والإماء والعبيد، مثلما الأغنياء المتقدمين والمتمكنين سواء بسواء. ثم الأنصار، من بيعات العقبة الثلاث، وآخرها بيعة العقبة الكبرى، فور إسلامهم وأداء البيعة للنبي صلى الله عليه وسلم على نصرته. وذلك «حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام وأهله وإذلال الشرك وأهله» »
. وكذلك المهاجرون في العهدين المكي والمدني وبعدهما، ولصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال حياتهم وأجيال ممن تلتهم وتتلوهم من الأمة المسلمة، إن شاء الله تعالى.
*
لله سنة جارية ثابتة بملازمة العاقبة للمتقين:
فالإسلام والأمة المسلمة حيثما بعث الله الأنبياء والرسل عليهم السلام ، لا سيما منذ بعث الله خليله إبراهيم عليه السلام وهو أبو الأنبياء جميعا عليهم السلام وأتباعه هم المسلمون، وصّاهم بذلك، وهي وصية
(1) سيرة ابن هشام، (1/ 438) .
جميع الأنبياء عليهم السلام . يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
[الحج: 77- 78] .
وهذه الأمة كانت على منهج واحد هو منهج الله تعالى، على تتابع الأجيال وتوالي الرسالات حتى انتهت إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وأتباعه هم الذين حملوا هذه الأمانة وتحملوا مسؤوليتها وقبلوا وأدوا تبعتها، ما دامت تقوم بها بكامل احتشادها واستعدادها وإعدادها. ويوم تتخلى عن ذلك فتكون في ذيل القافلة، أو دون ذلك، فهي- عند ذلك- آخر الأمم، لا في العير ولا في النفير.
وقد مرت بالأمة في تاريخها أوقات من ذلك، لكنها بعودتها لمعاني هذا الدين وتجديد نفسها وإحياء مضامينه في حياتها تعود لمكانتها الكريمة وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] .
والطريق واضح والعودة دوما ممكنة ووعد الله قائم، بشروطه وحدوده ومستلزماته، أداء ووفاء وإقبالا. وليس منه الترامي هنا وهناك، مثلما حدث أحيانا في الماضي، منها أيام الطوائف في الأندلس في القرن الخامس الهجري. مثلما ليس منها التفلت والوقوع في المهاوي السحيقة الغارقة المغرقة، والانتساب للشرق أو للغرب، على فضلات شطائر مسمومة مدسوسة لا تجدي نفعا ولا تقيم وضعا، لا تسمن ولا تغني من جوع، أو فلم يرفع بهذا رأسا «1» .
(1) من حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، هو: قال صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا،
وإن الانتساب لهذه وتلك مدفوعة بأي شعار وادعاء وانتماء، وهم يعرفون أنها لا تبقي ولا تذر من الحق شيئا، حتى لو كانوا مخلصين، بعد أن جربنا كل تلك الشعارات والولاآت والانتما آت، وقد تملكت هذه كل أسباب القوة والأزمة والكلمة، فلم تثمر إلا أشد الثمار مرارة، دونها مرارة الحنظل الصحراوي المكتمل.
وقد حذرنا الله تعالى أقوى تحذير من كل ذلك، وأن أية دعوة (أو دعوى) غير دعوة الله تعالى هي جعل أو وضع للأمة في قافلة الأنعام، إن لم يكن أبعد من ذلك. والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك التفلت من دعوة الله أشد التحذير ووصفها بأنها منتنة وجاهلية ووثنية، وجعلها في أكثر من مناسبة تحت قدميه الشريفتين، كما قال ذلك مثلا في حجة الوداع:«ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي (هاتين) موضوع» «1» .
ولكنهم ومع ذلك مازال أناس ماضين فيه لا ينفكون عنه، يحملون الأمة وراءهم بالسياط، إن لم يتم ذلك بالاختيار. وهم دعاة على أبواب جهنم «2» ، ولا ينفعهم عند الله ما يدعون من الصلة بالإسلام.
وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» . رواه البخاري: كتاب العلم، باب فضل من علم وعلّم، رقم (79) . ورواه مسلم: كتاب الفضائل، باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم، رقم (2282) . وانظر البخاري: كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، رقم (6117، 6118) .
(1)
سنن أبي داود، كتاب المناسك (الحج) ، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (1905)، (2/ 461) . كذلك: مسند الإمام أحمد، (5/ 73)«ألا وإن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة» (من خطبة الوداع) ، (2/ 103)«ألا إن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت فإني قد أمضيتهما لأهلها» (يوم فتح مكة) .
(2)
من حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رواه البخاري، ونصه كما يرويه حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، فيقول: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن
والواقع يشهد على تلك الآثار المرّة الناقعة الصارفة التي أورثتها هذه التوجهات، مشبوهة أو غير مشبوهة، صدرت عن جهل أو غفلة أو موجة.
فالإسلام ليس تراثا عربيا ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن قائدا عربيا، بل للأمة الإسلامية. حمل الرسالة الإسلامية إلى الناس كافة، ليست خاصة بهم.
ويدخل في هذه الأمة كل من اتبع دينه من أي جنس وبلد وقبيل. ويخرج منها كل من ليس كذلك دوما.
وكل من ابتعد عنها أو واجهها أو حاربها فليس منها في شيء، فلا أنساب ولا أصلاب، حتى لو كان ذؤابتها ورأسها وأقحاحها. وهذا واضح جدا ليس فقط من نصوص الإسلام- قرآنا وسنة وسيرة- بل وكذلك حتى روحه العام وطبيعته وتاريخه. ووضوحه ليس بحاجة إلى دليل.
وليس يصحّ في الأذهان شيء
…
إذا احتاج النهار إلى دليل
ولا ينكره إلا المماحكون الذين يريدون- متعمدين- إشاعة غير
الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:«نعم» . قلت: وهل بعد ذلك من خير؟ قال «نعم، وفيه دخن» . قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر» . قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها» قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ فقال:«هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا» . فقلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» . قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» . كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (3411) . وانظر كذلك: رقم (3408) . وحديث آخر يرد في هذا المعنى، رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صنفان من أهل النار لم أرهما. قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات. رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة. لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها. وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا» . كتاب الجنة، باب النار والجنة، رقم (2128) . كذلك: مسند الإمام أحمد، (2/ 356، 440) .
الإسلام. وهم بذلك يريدون تحقيق أهداف معادية وصرف الناس عن دين الله، مهما ادعوا العلم وغيره. وهم بجانب ذلك إنهم يحجّرون واسعا، فهم يريدون سلخ الأمة من دينها، وليس حبا فيما يدعون إليه، بل ليختفوا وراءه، بل حربا للإسلام.
والعجيب أن هذا الاتجاه ينمو ويعمل له ويصر عليه في البلدان الإسلامية، ولا سيما بين البلدان العربية، وذلك لتشتيتها وقطع انتمائها لهذا الدين والقضاء على مصدر سعادتها وقوتها وعزتها.
وكان على أعداء الإسلام من منصرين (مبشرين) ومستشرقين ومستعمرين (هوية الجميع واحدة) يبحثون عن شيء يصرفون به المسلمين عن دينهم، فتقدم أفراد من المسلمين بإهدائهم بغيتهم بإيجاد تيار آخر غير إسلامي- وإن ألبسوه مضطرين، لا مفر- ثوبا مرقعا ممزعا وموزعا يحمل طلاء مدّعى أنه إسلامي، وليس كذلك أبدا. وبدلا من أن نهدي العالم إلى هذا الدين ليهتدوا به ويسعدوا ويحضّروا، أهداهم هؤلاء سلاحا لحرب الإسلام نفسه، واستعمال ألفاظ وكلمات ومصطلحات لإخفاء الحقائق- وما تخفى أبدا- لإفراغها من مضامينها وجعلها بعيدة عن معانيها ومدلولاتها الحقة، في خلط عجيب وغريب مفضوح، ادعاء ودعاية ورواية وبأي ألفاظ، ترقيعا وتمييعا وترويعا.
وفي معركة بدر (17 رمضان السنة الثانية للهجرة) قاتل المسلمون المشركين العرب، الذين قتل منهم سبعون، من زعمائهم من قريش وسادة مكة مثل أبي جهل، فرعون هذه الأمة «1» .
كما أنه صلى الله عليه وسلم وصف أسارى بدر من المشركين (العرب) الذين وقعوا في أسر المسلمين (العرب) يوم بدر بأنهم نتنى (جيف) . وكان عددهم سبعين مثل عدد قتلاهم- فيهم أشراف قريش وزعماؤهم- قومه صلى الله عليه وسلم ولكنهم كفرة
(1) سبل الهدى والرشاد، (4/ 77، 79- 80) .
مشركون، من أمثال سهيل بن عمرو «1» ، بل كان فيهم من أبناء عمومته صلى الله عليه وسلم من بني هاشم من أمثال عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب «2» من بني هاشم ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب «3» . بل كان في هؤلاء الأسارى أبو العاص بن الربيع صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، زوج زينب- رضي الله عنها كبرى (أكبر) بناته، وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد أم المؤمنين- رضي الله عنها زوج بل أول زوجات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لأمها وأبيها «4» . ومع كل ذلك فقد وصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هؤلاء الأسرى في بدر بأنهم جميعا جيف، بقوله:«لو كان المطعم بن عديّ حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له» «5» ، والنتانة هذه معنوية بسبب
(1) سيرة ابن هشام، (1/ 649) .
(2)
سير أعلام النبلاء، (1/ 218) . أسد الغابة، (4/ 63) . سيرة ابن هشام، (3/ 3) .
(3)
سير أعلام النبلاء، (1/ 199) . أسد الغابة، (5/ 369) . سيرة ابن هشام، (3/ 3) . وأسلم بعد فداء نفسه، وهاجر إلى المدينة أيام الخندق. وسبق تفصيل كيفية إسلامه.
(4)
سير أعلام النبلاء، (1/ 330) . أسد الغابة، (6/ 185) ، (7/ 130) . سيرة ابن هشام، (1/ 651) . وأسلم أبو العاص بن الربيع قبل الحديبية، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد فرق بينهما، فهي لم تعد- بعد الإسلام- تحل له، إذ هي مسلمة وهو كافر مشرك. ولكنها عادت إليه بعد إسلامه قبل الحديبية. سيرة ابن هشام، (1/ 657) . وانظر المصادر المذكورة آنفا في نفس هذه الحاشية.
(5)
رواه البخاري: كتاب الخمس، باب ما منّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأسارى، رقم (2970) . انظر كذلك: سير أعلام النبلاء، (3/ 95) . أسد الغابة، (3/ 323) . وكان المطعم ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي (من عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو أحد الذين قاموا بنقض صحيفة القطيعة (المقاطعة)) . سيرة ابن هشام، (1/ 375) . وكان يحنو على أهل الشعب، وأجار رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع من الطائف ليدخل مكة، وقد منعه أهلها منها! فأجاره. ومات المطعم قبل بدر بعدة شهور وله نيف وتسعون سنة. ولم ينس رسول الله صلى الله عليه وسلم له تلك اليد، حاشاه فهو سيد الأوفياء. سيرة ابن هشام، (3/ 381) . سير أعلام النبلاء، (3/ 95) . أسد الغابة، (1/ 323) . وابنه جبير بن مطعم بن عدي، أسلم بين الحديبية وفتح مكة. الإصابة، (1/ 266) ،
كفرهم، فهم كذلك جميعا أحياء وأمواتا.
ومما ينسجم ذكره مع هذه الوجهة ذلك أنه في معركة الخندق (الأحزاب) شوال السنة الخامسة للهجرة حاول بعض فرسان قريش اقتحام الخندق فأمكن عدد منهم ذلك، فقتل من قتل وهرب الباقون طالبين النجاة.
وكان ممن قتل عمرو بن عبد ودّ العامري، وهو من فوارس العرب وشجعانهم وأبطالهم المعلمين.
فلما بارزه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه وكرم الله وجهه- قتله، وحمل الزبير بن العوام (حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم على نوفل بن عبد الله حتى شقه باثنين وكاد يقتل فرسه بنفس الضربة. فقيل له: يا أبا عبد الله ما رأينا مثل سيفك، فقال: والله ما هو السيف، ولكنها الساعد «1» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا له ولسيفه من قبل، فبارك الله تعالى له ذلك.
وبقيت الجثتان (عمرو بن عبد ود ونوفل بن عبد الله) أياما فأرسل المشركون يريدون جثة عمرو بن عبد ود وعرضوا ثمنا ضخما لذلك، فقال لهم صلى الله عليه وسلم:«لا خير في جيفته ولا في ثمنه، ادفعوه إليهم فإنه خبيث الجيفة (الجثّة) خبيث الدية» . فلم يقبل منهم شيئا، وقال صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حين طلبوا جثة نوفل مقابل دية، فقال:«إنه خبيث الدية، فلعنه الله ولعن ديته فلا أرب لنا في ديته ولسنا نمنعكم أن تدفنوه» «2» .
رقم (4573) . ولكن الإسلام كان يدق قلبه، من بعد بدر حين ذهب إلى المدينة لفداء بعض أسارى بدر، حيث سمع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور. ويأتي على هذا المنوال منع أم المؤمنين رملة أم حبيبة (بنت أبي سفيان) أباها من الجلوس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جاء إلى المدينة ليؤكد ويمد العقد لصلح الحديبية وقالت له:(هذا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس) قالت ذلك لأبيها!!!
(1)
سبل الهدى، (4/ 535) . سير أعلام النبلاء، (1/ 51) .
(2)
سبل الهدى، (4/ 536) .