الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنه دين النصر والانتصار في كل ميدان، والخير فيه وحده. وعدّة النصرة بيع النفس لله رب العالمين إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 111] .
وانظر إلى صنع الصحابة- نساء ورجالا وأطفالا- في أي موقف، ازدانت بهم المواقف، وازدهرت بهم المواقع، وجملت بهم المواضع.
انظر إلى خبيب وجليبيب وسميّة «1» وغيرهم، وغيرهم كثير.
إن الذين حملوا الإسلام، وهاجروا به، ونصروه، تراهم نعم القدوة لأنهم تربّوا على مائدة القرآن، وعاشوا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 100] .
فالمرجو لإقامة مثل هذه المناسبات أن تورث آثارا كريمة، تعين على البناء، بمثابة منافذ للنفس وسقيا للروح، تنعشها مباركة، لتنتقل هذه الأحفال بمعانيها إلى النفس الإنسانية ثم الى الحياة.
*
واجب الشباب الطلاب:
أيها الأخوة الطلبة- وأستميح الأساتذة الكرام- أن أخصكم أولا ببعض كلمات، حتى لأحسب أنني أتكلم بلسانهم.
إن الشباب- في كل أمة- موئل قوتها، ومركز حركتها، وهذا لا يقلل من شأن من تجاوز هذه المرحلة، وقد عاشوها، فلهم السبق ومعهم التجربة والقيادة.
(1) انظر: هنا، ص 225، 360، 296.
أيها الشباب الطلاب: ليس من بديل لهذا الدين عن التمسك والأخذ به والعمل بمنهجه، ففيه الغناء والغنى والتقى والقوة والمنعة والعزة. ولا قيمة لمال أو رفاه أو شباب ومنصب ومكانة بدونه. وجمال تلك الأشياء به، وبدونه تصبح نقما وبه تكون نعما. والعلم والتحصيل- في ظل الإسلام- شيء جدّ كريم، علم الصيانة والديانة.
فلنكن مثالا للشباب المتعلم المتفهم المستقيم، الملتزم بدينه، المتمثل بتعاليمه، العازم على نصرته. فهو يغنيه، وبه يكون التفاضل. وهذه النعم سيسألنا الله عنها، فاغتنموا شبابكم قبل الهرم، كما تحدث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «1» .
ونحن على أبواب قرن هجري جديد، ونرجو أن يكون للإسلام.
وبالإمكان أن يأمل الإنسان، ويتوقع من ذلك خيرا كثيرا، ولكن لا القرون ولا الاحتفال بها وحدها تكفي، وأهمية الزمن تكمن لما يتمّ فيه.
ففي ربع قرن من أول عمر الدعوة الإسلامية تم في الأرض عجبا.
فإذا أردنا أن يكون هذا القرآن يحكم في الأرض، أو أردنا أيّا من الأزمان أن يكون قرنا للإسلام وما بعده، فإن ذلك يتأتّى بتربية النفس على الإيمان، وحملها على الإسلام، وأخذها بشرع الله، إيمانا وتضحية وفداء. عند ذلك سيأتي نصر الله، وإنه لمن المؤمنين قريب، إذا وفّوا التزاماتهم، وأدّوا أماناتهم في أي شيء يشاء، وذلك ماثل إن شاء الله، ولكن- وتلك سنة الله- لا بد من توفر الجند، واحتمال كل جهد، والبذل من أجله.
(1) حديث شريف تمامه: «اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» . فتح الباري (11/ 235) .