الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قوله: "ويصح عن المجهول بمعلوم" إلخ قأقول المعتبر في هذا حصول التراضي الذي هو المناط الشرعي في تحليل الأموال فإذ حصل ذلك جاز على كل حال مهما أمكن الوقوف على القدر جملة أو تفصيلا لأن ما لا يوقف على قدره بوجه لا يتحقق فيه ذلك المناط ويدل على جواز الصلح بالمجهول على المعلوم ما ثبت في الصحيح أن جابر بن عبد الله كان عليه تحر ليهودي فعرض عليه ثمر بستانه فأبى فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلم اليهودي فعرض صلى الله عليه وسلم ذلك على اليهودي فأبى فمشى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "جد له" فأوفى اليهودي وبقي لجابر قدر وهو سبعة عشر وسقا بعد أن أوفى اليهودي ما هو له وهو ثلاثون وسقا.
وأما كون لكل وارث المصالحة فوجهه ظاهر لأن الدين قد صار متعلقا بتركة الميت ولكل واحد منهم فيها نصيب وإذا صالح الواحد منهم عن الجميع كان رجوعه على الباقين بما دفع من الصلح مما هو زائد على نصيبه ثابتا إن أجازوا ذلك ورضوا به وإلا نفذ الصلح في نصيبه.
وأما كونه لا يصح الصلح عن حد فوجهه أنه صلح أحل حراما لأن إسقاط الحدود بعد ثبوتها حرام كما ثبت الوعيد على ذلك بالأدلة الصحيحة وهكذا لا يصح عن نسب لوروده الوعيد الشديد على من انتسب بغير نسبة أو أدخل على قوم من هو من غيرهم [أبو داود "2263"، النسائي "5/179، 180"، ابن ماجة "2743"] .
قوله: "ولا يصح عن إنكار".
أقول: هذا الصلح مندرج تحت عموم الحديث المتقدم وليس فيه تحليل حرام ولا تحريم حلال فلا وجه للمنع منه وهذا القدر يكفي في دفع المنع ومع هذا فقد وقع الصلح عن إنكار من رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة الرجلين المتنازعين في المسجد حتى ارتفعت أصواتهما فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدين بأن يضع الشطر من دينه فرضي بذلك والقصة ثابتة في الصحيح وكما أن مثل هذا الصلح عن إنكار داخل في عموم الحديث المذكور هو أيضا داخل تحت قوله عز وجل: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وقوله: [النساء: 128]، {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] .
وأما قوله: "وتحليل محرم وعكسه" فوجهه ظاهر لاستثنائهما في الحديث الدال على جواز الصلح بين المسلمين ولو اقتصر المصنف على هذا لكان فيه غنى عن التطويل في غير طائل.
باب الإبراء
[باب والإبراء إسقاط للدين ولضمان العين وإباحة للأمانة بأبرأت أو أحللت أو هو بريء أو في حل ويتقيد بالشرط ولو مجهولا مطلقا وبعوض فيرجع لتعذره ولو عرضا وبموت البريء فيصير وصية] .
قوله: "باب: والإبراء إسقاط للدين ولضمان العين".
أقول: مثل هذا أعني كون الإبراء إسقاط للدين لا تدعو إلى ذكره حاجة ولا يتعلق به فائدة يعتد بها فإن المراد من الإبراء أنه لم يبق لذي الدين على من هو عليه شيء مما كان عليه وهذا يكفي في تحقيق معنى الإبراء لأنه الإبراء المرتب عليه وأما مجرد الاختلاف في الاصطلاح هل يقال هذا الإبراء إسقاط أو تمليك فليس تدوين كتب الفقه لبيان الاصطلاحات المتواضع عليها بل لبيان أحكام الشرع والوضع وهكذا الكلام في الإبراء من العين فإن هذا الإبراء لمجرده يوجب مصير تلك العين ملكا لمن وقع له الإبراء عنه لما عرفناك غير مرة أن المناط الشرعي في انتقال الأملاك من مالك إلى مالك هو حصول التراضي وقد رضي المبريء عن العين بمصيرها إلى ملك من أبرأه عنها وكونها قد صارت ملكا له يستلزم أن لا يطالب بضمانها وهكذا الكلام في قوله وإباحة للأمانة فليس المراد إلا أنها تصير ملكا للمباح له يتصرف بها كيف شاء.
وأما قوله: "بأبرأت أو أحللت" فقد عرفناك غير مرة أن المراد ما تحصل به الدلالة على المعنى كائنا ما كان وعلى أي صفة وقع ولو بغير لفظ من الدوال التي ليست بلفظية وأما كونه يتقيد بالشرط فوجهه واضح لأن المبريء محسن فله أن يقيد إحسانه هذا بما شاء من غير فرق بين الشرط المعلوم والمجهول وأما كونه يرجع لتعذره فهو الأثر المترتب على الشرط والفائدة الحاصلة منه وهذا يتقيد بالعوض الذي كان الإبراء لأجله فلم يتم إلا به ولهذا قال فيرجع لتعذره وهكذا يصح تقييده بموت المبريء فينفذ بالموت كسائر الوصايا.
[فصل
ويعمل بخبر العدل في إبراء الغائب لا أخذه ولا يصح مع التدليس بالفقر وحقارة الحق ولا يجب تعريف عكسهما بل صفة المسقط أو لفظ يعمه ويغني عن ذكر القيمي قيمته لا المثلي إلا قدره أو شيء قيمته كذا ولا يبرأ الميت بإبراء الورثة قبل الإتلاف ويبطل بالرد غالبا ولا يعتبر فيه القبول كالحقوق المحضة إلا في العقد] .
قوله: "فصل: ويعمل بخبر العدل في إبراء الغائب".
أقول: إن كان المراد بتخصيص هذا الباب بالتنصيص على قبول خبر العدل أنه يجوز لمن عليه الدين أن يصدق العدل إذا أخبره بذلك فلا شك في ذلك والاعتبار بما ينتهي إليه الحال ولكن هذا التصديق لخبر العدل لا يختص بهذا الباب بل هو بما ينتهي إليه الحال ولكن هذا التصديق لخبر العدل لا يختص بهذا الباب بل هو كائن في كل باب إلا أن يمنع من ذلك شرع أو عقل وإلا كان المراد بهذا العمل بخبر العدل أنه يعمل به في سقوط ما عليه من الدين ويكون ذلك لازما لمن له الدين فهذا لا يقول به أحد بل إذا أنكر صاحب الدين أو العين خبر العدل رجع الكلام بينهما إلى الخصومة ويكمل من عليه الدين خبر هذا المخبر بخبر