الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوجهه أن حضوره يدل على خلاف ذلك ولكن لا وجه للمنع من سماع دعواه إذا برهن على ذلك وغاية ما يستفاد من حضوره أن لا يكون القول قوله وأن تكون البينة عليه ولعل المصنف جعل الحضور في القسمة كتولي الملكف للبيع بنفسه وقد تقدم أنه لا يسمع منه دعوى الغبن وقد قدمنا هنا لك ما ينبغي الرجوع إليه والتذكرة له.
كتاب الرهن
[شروطه
القعد بني جائزي التصرف ولو معلقا أو مؤقتا ويلغو شرط خلاف موجبه وفيه الخيارات والقبض في المجلس أو غيره بالتراضي ويستقر بثبوت الدين قيل وبحلوله قيل وبفوات العين وكونه مما يصح بيعه إلا وفقا وهديا وأضحية صح بيعها والمؤجرة والمزوجة من غيرهما وغير عبديهما والفرع دون الأصل والنابت دون المنبت والعكس إلا بعد القطع وجزءا مشاعا إلا كله فيصح ولو رهن من اثنين فيقتسمان أو يتهايئان حسب الحال ويضمن كل منهما كله ويبقى ضمان المستوفي لا المبريء أو واحد فيضمن كله ويحبسه حتى يستوفي منهما فإن طرأ الشياع فسد] .
قوله: "شروطه العقد بين جائزي التصرف".
أقول: لا سبب هنا يتقضي اشتراط العقد كما يفعلونه في الأبواب التي توجب انتقال الملك لأنه لا انتقال هنا بل الرهن باق على ملك مالكه وغاية ما يعتبر هو التراضي بين الراهن والمرتهن على الرهينة وأما كونه بين جائزي التصرف فلا بد من ذلك لتوقف صحة التراضي عليه.
وأما قوله: "ولو معلقا" فلا مانع من ذلك من شرع ولا عقل.
وأما قوله: "ويلغو شرط خلاف موجبه" فوجهه أن موجبه أن يبقى بيد المرتهن حتى يستوفي دينه من الراهن فإذا شرط ما يخالف ذلك فقد شرط ما يرفع موجب الرهن وهو البقاء بيد المرتهن وهكذا كان رهنه صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة قال رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعا له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله وفي الصحيحين [البخاري "5/145"، مسلم "7/288"، وغيرهما ابن ماجة "2437"، أحمد "3/133"، من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى
طعاما من يهودي إلى أجل ورهنه درعا من حديد وفي لفظ لهما [البخاري "2916"، مسلم "1603"] ، توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير وأما كون فيه الخيارات فوجهه أن الراهن قد يمطل في الدين او يفلس فيصير الرهن للمرتهن بهذا السبب فله أن يرده بالعيب ونحوه وقد يكوب سبب ما يوجب الخيار فيه ناقصا عن الوفاء بدين المرتهن فيطلب إبداله بما يفي بدينه.
وأما قوله: "والقبض في المجلس" فوجهه أنه لا يكون الرهن رهنا إلا بقبض المرتهن له لأنه باق على ملك الراهن فلا يثبت به الحق للمرتهن إلا بالتراضي مع القبض ولا يحتاج مثل هذا إلى الاستدلال لأن ماهية الرهينة لا توجد إلا بذلك وأما اعتبار المجلس فلا وجه له إلا مجرد الخيال بما يزعمونه من اشتراط العقد وقد أحسن المصنف بتعقيبه بقوله أو بعده مع التراضي فإن الرهن ليس هو إلا التراضي مع القبض حتى يثبت تعلق الحق للمرتهن به وليس في حديث: "الرهن يركب ودره يشرب وعلى الذي يركب ويشرب نفقته" ما يدل على عدم اشتراط القبض لأن الرهن غير مراد بهذا الحديث لكونه ملكه وعلى المالك إنفاق ملكه فكيف جعل عليه النفقة في مقابل الشرب والركوب وأيضا ورد في لفظ من ألفاظ هذا الحديث عند أحمد: "إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها" وأما كونه يستقر ثبوت الدين فوجهه أنه لا يصدق عليه مسمى الرهن إلا بذلك لأنه لا يكون إلا في مقابلة دين ثابت على الراهن فقبل ثبوته عليه ليس برهن وإنما هو مهيأ للرهنية.
وأما قوله: "وبفوات العين" فلا وجه له بل يستقر رهنا بمجرد قبض الراهن لتلك العين التي وقع الرهن لها فليس للراهن استرجاعه إلا برد العين وهذا هو المعنى الاستقراري استقرار الرهينة وتسلط المرتهن على حبس الرهن وأما الضمان فباب آخر وأما اشتراط كون الرهن مما يصح بيعه فلا وجه له بل ينبغي أن يقال وكونه مما يصح تملكه حتى إذا عجز الراهن عن الوفاء أو أفلس صار الرهن ملكا للمرتهن ولو قال المصنف هكذا لم يحتج إلى قوله: إلا وقفا الخ وقد طول المقال في الصور المستثناة.
[فصل
ولا يصح في عين إلا بعد التضمين ويكفي طلبه من المستعير والمستآم لا الوديع والمستأجر ولا في وجه وجناية عبد وتبرعا بغير أمر وإضافة وكل فوائده رهن مضمون لا كسبه ومؤنه كلها على الراهن فإن اتفق المرتهن فكالشريك] .
قوله: " فصل: "ولا يصح في عين" الخ.
أقول: إذا كان المطلوب من المراهنة هو أن يتوثق المرتهن بما صار من ماله عند الراهن فلا
فرق بين عين ودين لوجود الغرض من المراهنة فيهما ومن ادعى أنه لا يكون إلا في دين فعليه الدليل ولا ينفعه ورود الرهن في الدين فإن ذلك لا ينفي صحته في العين ولا يصلح للمانعية ثم ما ذكره من الاكتفاء بطلب الرهن في التضمين للمستعير والمستام دون الوديع والمستأجر لا وجه له ولا يرجع إلى رواية ولا رأي صحيح وقد قدمنا الكلام على هذا في الفصل الذي عقده في الإجارة لمن يضمن ومن لا يضمن.
وأما قوله: "ولا في وجه" فظاهر لأنه لم يكن قد تعلق بذمة كفيل الوجه ما يقتضي الاستيثاق منه بالرهن.
وأما قوله: "وجناية عبد" فلا وجه للمنع منه لأنه قد تعلق أرش تلك الجناية بمال السيد وإن اختار تسليم رقبة العبد لأنها مال من جملة ماله ولا منافاة بين تعلقها برقبة العبد وبين كونها متعلقة بمال السيد وإنما هذه الفروقات والتفريعات كثيرا ما تقع مبنية على غير أساس.
وأما قوله وتبرعا بغير أمر وإضافة فصحيح لأنه مع عدم الأمرين لا يكون رهنا عن الذي عليه الدين أما لو أمره أو أضافه إليه وأجاز فظاهر أن ذلك يصح.
قوله: "وكل فوائده رهن مضمون".
أقول: قد قدمنا ما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة"، وقد قدمنا أنه ثبت في رواية بلفظ:"إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقته"، فكانت هذه الرواية معينة للمراد بالحديث وهو أن الفوائد للمرتهن والمؤن عليه ومما يؤيد هذا أنه لا معنى لكون الراهن يركب ويشرب إلى مقابل النفقة فإن الرهن ملكه فلا ينفق على ملكه بعوض ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه"، أخرجه الشافعي والدارقطني وحسن إسناده والحاكم والبيهقي وابن حبان في صحيحه وله طرق ولكن محل الحجة منه قوله:"له غنمه وعليه غرمه"، وقد اختلف في رفع هذه الزياد ووقفها وصرح ابن وهب راوي هذا الحديث بأن هذه الزيادة من قول سعيد بن المسيب وهكذا صرح أبو داود في المراسيل أنه من كلام سعيد بن المسيب فالرجوع إلى الحديث الأول مع صحته هو المتعين فتكون الفوائد المنصوص عليها في الحديث للمرتهن ويلحق غيرها من الفوائد بها بالقياس بعدم الفارق والكسب من جملتها فلا وجه للفرق بينه وبينها فتكون كلها للمرتهن والمؤن عليه من نفقة وغيرها مما تدعو إليه حاجة الرهن.
[فصل
وهو كالوديعة إلا في جواز الحبس وأنه في العقد الصحيح ولو مستأجرا أو مستعارا لذلك ولم يخالف المالك مضمون كله ضمان الرهن إن تلف بأوفر قيمه من القبض إلى التلف
والجناية إن أتلف وفي نقصان بغير السعر يسيرا الأرش غالبا وكثيرا التخيير ويساقط الدين إلا لمانع وعلى مستعمله منهما إلا بإذن الآخر الأجرة وتصير رهنا ولا تصرف للمالك فيه بوجه إلا بإذن المرتهن فإن فعل نقض كالنكاح إلا العتق والاستيلاد على الخلاف]
قوله: "فصل: وهو كالوديعة".
أقول: يرد أنه كالوديعة في أمر خاص وهي عدم جواز انتفاع المرتهن به وتصرفه فيه لا في جواز حبسه له حتى يستوفي دينه فإن ذلك هو موضع الرهن.
وأما قوله: "وفي أنه في العقد الصحيح" فمبني على أنه لا بد من العقد وقد عرفناك أنه لا وجه لذلك.
وأما قوله: "ولو مستأجرا أو مستعارا لذلك" فظاهر أنه لا فرق بين كون الرهن ملكا للراهن أو أنه استأجره أو استعاره ليرهنه فإن الكلام واحد في ضمان المرتهن عند من قال بضمانه وإن اختلف الحال فيما بين الراهن ومن استأجر منه الرهن أو استعاره منه.
وأما قوله: "مضمون كله ضمان الرهن إن تلف بأوفر قيمة من القبض إلى التلف" فمن ساقط التفريع وزائف الرأي وخبط الاجتهاد يا لله العجب كيف يكون هذا الضمان المشدد المؤكد الذي جاوز حد كل ضمان في الأبواب التي قد حصل فيها سبب من أسباب الضمان الشرعية كالغصب فلو أن رجلا ارتهن عينا وتوثق ببقائها لديه حتى يستوفي دينه ثم تلف بغير جناية ولا تفريط بأمر سماوي فهل يسوغ هذا شرع أو يقبله عقل أو يستحسنه رأي وقد عرفناك أن أموال العباد معصومة بعصمة الإسلام لا يحل لمسلم أن يحلها لغيره أو يستحلها بغير شرع واضح وإلا كان من أكل أموال الناس بالباطل أو تأكيلها وإذا عرفت هذا فلا ضمان على المرتهن إلا لجناية أو تفريط لأنه قد تسبب بذلك إلى تلفها ولا يضمن غير ذلك كائنا ما كان لأنه أخذها بإذن مالكها في حق أثبته له الشرع وهو التوفق ببقائها لديه في دينه الذي انتفع به مالكها.
وأما قوله: "وعلى مستعمله منهما" الخ فقد عرفت ما تقدم في فوائد الرهن والركوب استعمال للرهن وقد تقدم النص عليه في الحديث وأما استعماله على وجه ينقص به كلبس الثوب فلا يجوز ذلك للمرتهن فإن فعل لزمه أرش النقض فيما نقص بالاستعمال وأما الراهن فلا يجوز له ذلك لأن الرهن في حبس المرتهن فإن فعل فلا شيء عليه لأنه استعمل ملكه وأما كونه لا ينفذ للمالك فيه تصرف فظاهر لأن تصرفه فيه ببيع أو نحوه يخالف موجب الرهن فإن أذن المرتهن فقد رضي لنفسه بترك حقه المتعلق بالرهن من الحبس له حتى يستوفي دينه فإن فعل كان للمرتهن نقضه وأما استثناء العتق والاستيلاد فالظاهر أنهما لا ينفذان في الحال لأن حق المرتهن سابق لهما فإن انتهى الحال إلى رجوع الرهن للراهن نفذ وإلا فلا يثبت للعبد أو الأمة حكم الحرية ولا تصير أم الولد أم ولد بذلك.
[فصل
وإذا قارن التسليط العقد لم ينعزل إلا بالوفاء وإلا صح بالموت أو اللفظ وإيفاء البعض أمارة ويد العدل يد المرتهن غالبا وإذا باعه غير متعد للإيفاء أو لرهن الثمن وهو في غير يد الراهن فثمنه وفاء أو رهن مضمون وهو قبل التسليم مضمون غالبا] .
قوله: "فصل: وإذا قارن التسليط العقد" الخ.
أقول: مجرد وقوع التسليط مسوغ للمرتهن أن يبيع الرهن في الوقت الذي عينه له أو مطلقا مع عدم التعيين واشتراط المقارنة ليس إلا لمراعاة الأمور اللفظية التي قد عرفناك غير مرة أنها لا تراعى ولا تؤثر بل التراضي هو المناط الشرعي في المعاملات وما ترتب عليها من التصرفات فإذا قال الراهن للمرتهن إذا لم أوفك بدينك في وقت كذا فالرهن لك به كان ذلك موجبا لثبوت ملكه للرهن ولا يشترط غير ذلك وهكذا إذا قال له إذا لم أوفك بالدين إلى وقت كذا فقد سلطتك على بيع هذا الرهن واستوف من ثمنه دينك كان هذا صحيحا والزائد والناقص يتراجعان فيه وبهذا تعرف أنه لا فرق بين التسليط المقارن للعقد أي لوقت الرهن وبين المتقدم عليه والمتأخر عنه فالكل تجارة عن تراض وإذا سلم الراهن بعض الدين وقبضه المرتهن فقد رضي لنفسه بعدم التسليط على ما يقابل ذلك القدر الذي قبضه فلا يجوز له بيع ما يقابله من الرهن وله بيع ما يقابل الباقي من الدين إذا لم يسلم الراهن ما بقي عليه من الدين.
وأما قوله: "ويد العدل يد المرتهن" فينبغي أن يقال إن يده يد لهما فإن تراضيا على أن الفوائد تكون له إلى مقابل نفقة الرهن ونحوها فذاك وإن لم يتراضيا فالفوائد للمرتهن والمؤن عليه على ما قدمنا ولا يجوز له تمكين أحدهما منه إلا بعد تسليم الدين لأن ذلك هو الذي يقتضيه وضعه له على يد العدل.
وأما قوله: "وإذا باعه غير متعد للإيفاء أو لرهن الثمن فثمنه وفاء أو رهن مضمون" فظاهر لأنه إذا بيع الإيفاء صار ثمنه مكان دين المرتهن وإن بيع لسبب موجب لبيعه ليكون الرهن هو ثمنه فحكم هذا الثمن حكم الرهن الذي هو ثمن له في الرهنية وليس لهذا الكلام كثير فائدة لا سيما على ما قررناه في هذا البحث.
[فصل
ولا يضمن المرتهن إلا جناية العقور إن فرط وإلا فعلى الراهن إن لم تهدر ولا يخرجه عن صحة الرهنية والضمان إلا أن يجب القصاص أو التسليم والمالك متمكن من الإيفاء أو الإبدال وكذا لو تقدمت العقد ويخرجه عنهما الفسخ وسقوط الدين بأي وجه
وزوال القبض بغير فعله إلا المنقول غالبا ط ويعود إن عاد ولا يطالب قبله الراهن ومجرد الإبدال عند م ومن الضمان فقط بمصيره إلى الراهن غصبا أو أمانة أو أتلفه وعليه عوضه لا تعجيل المؤجل وهو جائز من جهة المرتهن وتصح الزيادة فيه وفيما هو فيه والقول للراهن في قدر الدين ونفيه ونفي الرهنية والقبض والإقباض حيث هو في يده والعيب والرد والعين غالبا ما لم يكن المرتهن قد استوفى ورجوع المرتهن عن الإذن بالبيع وفي بقائه غالبا وللمرتهن في إطلاق التسليط والثمن وتوقيته وقدر القيمة والأجل وفي أن الباقي الرهن وبعد الدفع في أن ما قبضه ليس عما فيه الرهن أو الضمين وفي تقدم العيب غالبا وفي فساد العقد مع بقاء الوجه كرهنيته خمرا وهي باقية] .
قوله: "فصل: ولا يضمن المرتهن إلا جناية العقور إن فرط".
أقول: هذا صحيح وقد قدمنا أنه لا يضمن إلا ما جنى أو فرط فإذا فرط في حفظ العقور كان هذا التفريط أحد السببين الموجبين لثبوت الضمان عليه وإذا لم يحصل منه تفريط فضمان ما جناه العقور على مالكه وهو الراهن لأن كونه عقورا يوجب ثبوت الضمان عليه وإذا كان الرهن عبدا فجنى ما يوجب القصاص وجب تسليمه للقصاص وإذا اختار المجني عليه الأرش كان متعلقا برقبة العبد ووجب تسليمها إليه.
وأما قوله: "والمالك متمكن من الإيفاء أو الإبدال" فوجهه أنه قد تعلق بهذا الرهن حق المرتهن فيحسبه حتى يستوفي دينه أو يبدله الراهن برهن آخر فإن لم يتمكن الراهن من أحد الأمرين استسعى العبد بما تلعق برقبته حتى يوفي ما عليه من أرش الجناية ويبقى رهنا هذا أعدل ما يقال وأحسن ما يقضى به ويكون تعلق المرتهن به مسوغا لمثل ذلك ليحصل الوفاء بالحقين ولا ظلم على العبد فهو إنما استسعي بجناية.
وأما قوله: "ولو تقدمت العقد" فلا وجه له فإن تقدم الجناية على الرهن قد أوجب تعلقها برقبة العبد فكان المجني عليه أحق بها ولم يكن إذ ذاك قد عارض هذا الحق في رقبته ما هو حق للمرتهن فالراهن عند رهنه له كأنه رهن ما هو لغيره وأما تعليل ما ذكره بأنه بقي للسيد في العبد تصرف فهذا التصرف الذي بقي على تقدير التسليم لا يبلغ إلى هذا الحد المقتضي لخلاف ما توجبه الجناية المتعلقة بالرقبة.
قوله: "ويخرجه عنهما الفسخ".
أقول: هذا صحيح لأن المرتهن قد رضي بإسقاط حقه من حبس هذه العين المرهونة إن كان الفسخ بالتراضي وإن كان بالحكم فقد لزمه ما حكم به الحاكم ويجب على الراهن إبدال الرهن أو تسليم الدين وهكذا سقوط الدين بأي وجه لأنه قد زال السبب الذي استحق به المرتهن حبس الرهن.
وأما قوله: "وزوال القبض بغير فعله" فوجه ذلك أن الرهن إذا زال قبض المرتهن له بما لا
يوجب ضمانة عليه فقد خرج الرهن بذلك عن الرهينة ووجب على الراهن إبداله أو تسليم الدين فإن عاد قبل تسليم الدين عاد عليه حكم الرهن ويرد المرتهن ما أبدله به الراهن إلا أن يتراضيا على رهنية البدل عاد الرهن المبدل إلى ماكله ولا فرق بين المنقول وغيره في هذا فلا وجه لقوله إلا المنقول وبهذا تعرف صحة قول أبي طالب ويعود إن عاد وعدم صحة قوله ولا يطالب قبله الراهن وأما ما حكاه عن المؤيد بالله من أن الرهن يخرج عن الرهنية والضمان بمجرد الإبدال فصحيح إذا تراضيا على ذلك.
وأما قوله: "ويخرج عن الضمان فقط بمصيره إلى الراهن غصبا أو أمانة" فقد عرفناك أن المرتهن لا يضمن إلا ما جنى أو فرط لأنه صار إليه بإذن الشرع فإذا لم يحصل أحد هذين السببين فالرهن خارج عن ضمانة من الأصل وإن حصل منه أحدهما فالضمان ثابت عليه إلا أن يصير إلى المالك باختياره وعلمه فقد صارت العين إلى مالكها وسيأتي في الغصب أنه يسقط الضمان بمثل هذا ولعله يأتي هنالك إن شاء الله ما يزيد المقام وضوحا وأما كونه يخرج عن الضمان إذا أتلفه الراهن فصحيح وعليه عوضه برهن آخر لأن المرتهن قد استحق حبس الرهن حتى يستوفي دينه فإذا أتلفه الراهن فقد ألزم نفسه العوض ولا يلزمه تعجيل الدين المؤجل لأن له حقا في الأجل الذي تراضيا عليه.
وأما قوله: "وهو جائز من جهة المرتهن" فظاهر لا يحتاج إلى ذكره لأنه إذا أسقط حقه من الحبس سقط بل إذا أسقط دينه من الأصل سقط.
قوله: "والقول للراهن في قدر الدين".
أقول: القول لمنكر الزيادة والبينة على مدعيها ولا وجه لإطلاق كون القول للراهن في القدر وأما كون القول للراهن في نفي الرهنية فصحيح لأن الأصل عدمها لكن إذا كان الرهن قد صار في يد المرتهن كان الظاهر معه والظاهر عندهم مقدم على الأصل وهكذا يكون القول قول الراهن في نفي العيب ونفي الرد لأن الأصل عدمهما.
وأما قوله: "وفي العين ما لم يكن المرتهن قد استوفى" فوجه ذلك أن الأصل عدم رد العين المرهونة إلا أن يكون المرتهن قد استوفى دينه فإن ذلك قرينة على عدم بقاء الرهن لديه فيكون الظاهر معه وهكذا يكون القول قول الراهن في نفي رجوع المرتهن عن الإذن بالبيع مع اتفاهما على أصل وقوع الإذن لأن الأصل عدم الرجوع وهكذا يكون القول قول الراهن في بقاء الرهن وعدم تلفه لأن الأصل البقاء.
وأما قوله: "وللمرتهن في إطلاق التسليط" فوجهه أن التقييد بوقت معين زيادة والأصل عدمها وأما في التوقيت أي في قدر الوقت فالقول قول نافي الزيادة والبينة على مدعيها وهكذا في قدر القيمة وقدر الأجل القول قول نافي الزيادة والبينة على مدعيها وهكذا يكون القول قول