المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الضالة واللقطة واللقيط - السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[مقدمة لا يسع المقلد جهلها

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب النجاسات

- ‌[باب المياه

- ‌[باب ندب لقاضي الحاجة التواري

- ‌[باب الوضوء

- ‌[باب الغسل

- ‌[باب التيمم

- ‌[باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌[باب الأوقات

- ‌[باب الإذان والإقامة

- ‌[باب صفة الصلاة

- ‌[باب والجماعة سنة مؤكدة

- ‌[باب سجود السهو

- ‌[باب والقضاء

- ‌[باب صلاة الجمعة

- ‌[باب ويجب قصر الرباعي

- ‌[باب وشرط جماعة الخوف

- ‌[باب وفي وجوب صلاة العيدين خلاف

- ‌[باب ويسن للكسوفين حالهما ركعتان

- ‌[كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌[باب في نصاب الذهب والفضة

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌[باب ولا شيء فيما دون ثلاثين من البقر

- ‌[باب ولا شيء فيما دون أربعين من الغنم

- ‌[باب " ما أخرجت الارض في نصاب فصاعدا ضم احصاده الحول

- ‌[باب " ومصرفها من تضمنته الآية

- ‌[باب والفطرة تجب من فجر أول شوال إلي الغروب

- ‌كتاب الخمس

- ‌كتاب الصيام

- ‌مدخل

- ‌[باب وشروط النذر بالصوم

- ‌[باب الاعتكاف وشروطه

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌باب العمرة

- ‌باب المتمتع

- ‌باب القارن

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌باب على واهب الأمة وبائعها استبراء غير الحامل

- ‌[باب الفراش

- ‌كتاب الطلاق

- ‌[باب إنما يصح من زوج مختار مكلف

- ‌[باب الخلع

- ‌[باب العدة

- ‌[باب الظهار

- ‌[باب الايلاء

- ‌[باب اللعان

- ‌[باب الحضانة

- ‌[باب النفقات

- ‌[باب الرضاع

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الشروط المقارنة للعقد

- ‌باب الربويات

- ‌[باب الخيارات

- ‌باب ما يدخل في المبيع

- ‌باب البيع غير الصحيح

- ‌باب المأذون

- ‌باب المرابحة

- ‌[باب الإقالة

- ‌[باب القرض

- ‌[باب الصرف

- ‌[باب السلم

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌مدخل

- ‌باب وإجارة الآدميين

- ‌باب المزارعة

- ‌باب الإحياء والتحجر

- ‌باب المضاربة

- ‌كتاب الشركة

- ‌مدخل

- ‌باب شركة الأملاك

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الهبة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌مدخل

- ‌[باب والتدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌[باب الولاء

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌[باب الكفارة

- ‌باب النذر

- ‌باب الضالة واللقطة واللقيط

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الأضحية

- ‌باب الأطعمة والأشربة

- ‌باب اللباس

- ‌كتاب الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب التفليس

- ‌باب الصلح

- ‌باب الإبراء

- ‌باب الإكراه

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد السارق

- ‌كتاب الجنايات

- ‌مدخل

- ‌باب الديات

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب السير

الفصل: ‌باب الضالة واللقطة واللقيط

مقدور للناذر لفوات وقته المقيد به وهكذا الصدقة الظاهر أنها لا تجزيء في غير الوقت المعين لها وتلزم الكفارة فلا وجه لاستثناء المصنف لها وهكذا المكان يتعين فلا يجزيء من غيره وتحمل الأحاديث الواردة في جواز فعل المندوب به في غير المكان المعين كحديث أمره صلى الله عليه وسلم لمن نذر أن يصلى في بيت المقدس أن يصلى في المسجد الحرام أو في مسجده على ما فيه من مشقة زائدة على الناذر وقد قدمنا أمره صلى الله عليه وسلم لمن نذر الذبح ببوانة بالوفاء بذلك.

وأما ما ذكره من أن من نذر بإعتاق عبده بر بإعتاقه ولو لعوض أو عن كفارة فوجهه أنه قد وقع مطلق العتق فصدق على هذا الناذر بأنه قد أعتق كما نذر إلا أن يكون له قصد أنه العتق المقيد بكونه للنذر فقط.

ص: 702

‌باب الضالة واللقطة واللقيط

[فصل]

إنما يلتقط مميز قيل حر أو مكاتب ما خشي قوته من موضع ذهاب جهله المالك بمجرد نية الرد وإلا ضمن للمالك أو لبيت المال ولا ضمان إن ترك ولا يلتقط لنفسه ما تردد في إباحية كما يجره السيل عما فيه ملك ولو مع مباح] .

قوله: "باب: الضالة واللقطة واللقيط".

قوله: "فصل: إنما يلتقط مميز" الخ.

أقول: خطابات الشرع إنما تتوجه إلى المكلفين ولا تتوجه إلى غير المكلف وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل أو ليحفظ عفاصها ووكاءها فإن جاء صاحبها فلا يكتم فهو أحق بها وإن لم يجيء صاحبها فهي مال الله يؤتيه من يشاء"، أخرجه أحمد "4/266"، وأبو داود "1709"، والنسائي "5808/1"ن وابن ماجه "2505"، ابن حبان ومثله حديث زيد بن خالد في الصحيحين [البخاري "5/83"، مسلم ط5/1722"] ، وغيرهما [أبو داود "1704"]، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب والورق فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة"، الحديث.

والحاصل أن جميع ما ورد في الأحاديث في هذا الباب إنما يتوجه إلى من تتوجه إليه الخطابات الشرعية والصبي قبل بلوغه لا يتوجه إليه شيء من ذلك فإن وقع منه الالتقاط انتزع من يده فإن أتلفه ضمنه من ماله وخوطب بذلك وليه وأما العبد فإن التقط وأذن له سيده بذلك صح التقاطه وإن منعه من ذلك لم يجز له الالتقاط فإن فعل رفعها إلى الإمام أو الحاكم وإن أتلفها كان ذلك جناية تتعلق برقبته.

ص: 702

وأما قوله: "ما خشي قوته من موضع ذهاب جهله المالك" فوجهه أن اللقطة إنما تلتقط مع خشية القوت أما لو لم يخش القوت فهو متعد بالالتقاط وهكذا إذا لم يكن الموضع موضع ذهاب أو كان المالك عالما بأن اللقطة في ذلك المكان وتركها باختياره فليس لغيره أن يلتقطها ولا ينبغي أن يكون غير المالك أحرص على المال من مالكه وليس التقاطه هذا من باب التعاون على الخير ولا يتوجه إليه أوامر الشارع فالملتقط والحال وهكذا غاصب لاستيلائه على مال الغير عدوانا فيضمن ضمان الغاصب ولهذا قال المصنف: وإلا ضمن للمالك أو لبيت المال.

قوله: "ولا ضمان إن ترك".

أقول: استدلوا على عدم الضمان بعدم وجود دليل يدل عليه أو يدل على وجوب الالتقاط ولا يخفاك أن قوله صلى الله عليه وسلم: "من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل وليحفظ عفاصها ووكاءها"، وكذلك قوله:"اعرف عفاصها ووكاءها"، كما في الحديثين المتقدمين وكذلك قوله في ضالة الغنم:"خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب"، كما في الصحيحين [البخاري 2372، 2429"، مسلم "1722"] ، وغيرهما [أبو دتود "1705"]، تدل على أن الملتقط مأمور بالتقاط ما وجده ولا يخرج عن ذلك إلا ضالة الإبل لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ما لك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وترعى الشجر حتى يجدها ربها"، ولا ينافي هذا حديث:"لا يأوي الضالة إلا ضال"، كما أخرجه أحمد "4/116"، وأبو داود "1720"، والنسائي وابن ماجة "2503"، وأبو يعلى والطبراني في الكبير والضياء في المختارة من حديث جرير بن عبد الله البجلي لأن هذا في الضالة وهي خاصة بالحيوانات ويجمع بينه وبين ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم:"هي لك أو لأخيك أو للذئب"، بحمل هذا على ضالة الإبل.

وأقل أحوال هذه الأوامر أن يأثم التارك وأما أنه يضمن فلا لأن ماله معصوم بعصمة الإسلام فلا يلزمه إخراج شيء منه إلا بناقل شرعي عن هذه العصمة.

وأما قوله: "ولا يلتقط لنفسه ما تردد في إباحته" فوجهه ظاهر لأن الأصل في الأمور التي تملك التحريم ولو مع مجرد الشك والتجويز ويدل على ذلك الأدلة الكلية الواردة في تحريم ملك الغير ولا يجوز الإقدام إلا على ما علم الإنسان أنه حلال مطلق مباح لم يملكه مالك وإذا اختلط ما تردد في إباحته بما هو مباح فالحق ما ذكره المصنف بقوله ولو مع مباح لأنه إذا لم يتميز المباح صار التردد فيه كالتردد في غيره.

[فصل

وهي كالوديعة إلا في جواز الوضع في المربد والإيداع بلا عذر ومطالبة الغاصب بالقيمة ويرجع بما أنفق بنيته ويجوز الحبس عمن لم يحكم له ببينته ويحلف له على

ص: 703

العلم ويجب التعريف بما لا يتسامح بمثله في مظان وجود المالك سنة ثم تصرف في فقير أو مصلحة بعد اليأس وإلا ضمن قيل وإن أيس بعده وبثمن ما خشي فساده إن ابتاع وإلا تصدق ويغرم المالك متى وجد لا الفقير إلا لشرط أو العين فإن ضلت فالتقطت انقطع حقه] .

قوله: "فصل وهي كالوديعة إلا في جواز الوضع في المربد".

أقول: هذا صحيح ووجهه أنه عاون على الخير وفعل ما أرشد إليه الشرع ولم يقصد الالتقاط لنفسه ومن كان هذا حاله فهو أمين أي أمين لا يضمن إلا لجناية أو تفريط وقد حكى المصنف في البحر الإجماع على هذا.

وما ذكره من أن له الوضع في المربد الذي كان يفعله الخلفاء لضوال المسلمين فذلك صحيح لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل فإذا وجد مخرجا من معرة الإنفاق عليها والقيام عليها بما يحتاجه من وضعها في مثل هذا المكان الذي ينفق فيه على الضوال من بيت المال كان له ذلك وكذلك له الإيداع وله مطالبة غاصبها بالقيمة لأنها قد تثبت له ولاية وله أن يرجع على صاحبها بما أنفقه عليها لأنه بالإنفاق حفظ تلك العين من التلف بالجوع والعطش ونحوهما.

قوله: "ويجوز الحبس عمن لم يحكم به ببينته".

أقول: هذا مبني على أن صاحبها لم يصفها بالأوصاف الصحيحة الموافقة بل جاء بالبينة على أنها له فيجوز للملتقط أن يحبسها حتى يحكم الحاكم بذلك لأنه إذا دفعها إليه بدون ذلك كان معرضا لنفسه لضمانها ولا يجب عليه الدخول فيما يخشى من عاقبة التضمين لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل وهذا من أعظم السبيل عليه أما إذا وصفها صاحبها بالأوصاف الصحيحة الموافقة فقد وجب دفعها إليه لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد في الصحيحين [البخاري "2429، 6112"، مسلم "5/1722"] ، وغيرهما أبو داود "1704"، الترمذي "1372"، ابن ماجة "2503"] :"اعرف وكاءها وعفاصها"، وفيه:"فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه".

وفي رواية لمسلم من هذا الحديث: "فإذا جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك"، وفي حديث أبي بن كعب عند مسلم "6/1723"، وغيره أحمد "5/126"، الترمذي "1374"، ابن ماجة "2506"، بلفظ:"فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه وإلا فاستمتع بها".

فإن قلت: إذا كان يخش أن يكون هذا الواصف لها قد عرفها من مالكها وبلغه التقاطها أو أخبره مالكها بأوصافها فخشي من دفعها إليه أن يأتي مالكها فيضمنه إياه؟ قلت: يرفع أمره إلى الإمام أو الحاكم حتى يكون الوصف والرفع باطلاع أحدهما وليس عليه بعد ذلك ضمان لأنه فعل ما أمره به الشارع ولمالكها أن يرجع على ذلك المقرر الكاذب.

قوله: "ويجب التعريف بما لا يتسامح بمثله في مظان وجود المالك سنة".

ص: 704

أقول: هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما: "ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه"، ولا يعارض هذا ما أخرجه البخاري من حديث أبي بن كعب وفيه وجدت صرة فيها مائة دينار فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"عرفها حولا"، فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثم أتيته ثانيا فقال:"عرفها حولا"، فعرفتها فلم أجد ثم أتيته ثالثا فقال:"احفظ وعاءها ووكاءها وعددها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها"، فاستمتعت بها فلقيته بعد بمكة فقال سلمة بن كهيل الراوي لهذا الحديث لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا وقد جزم ابن حزم بأن الزيادة على الحول في حديث أبي بن كعب غلط قال ابن الجوزي والذي يظهر لي أن سلمة بن كهيل أخطأ فيها ثم تثبت واستمر على عام واحد ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه راويه قال المنذري لم يقل أحد من أئمة الفتوى أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام إلا شريح عن عمر وحكى ابن المنذر عن عمر أربعة أقوال تعرف ثلاثة أحوال عاما واحدا ثلاثة أشهر ثلاثة أيام وزاد ابن حزم عن عمر قولا خامسا وهو أربعة أشهر.

والحق أن مدة التعريف حول فقط ثم يستمتع بها الملتقط فإن جاء صاحبها ضمنها له كما تقدم في الحديث الصحيح ولكن هذا فيما كان لا يتسامح بمثله أما ما كان يتسامح بمثله فقد أخرج أحمد وأبو داود "1717"،من حديث جابر قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقط الرجل ينتفع به وفي إسناده المغيرة بن زياد وفيه مقال ولكنه صدوق وشهد له ما أخرجه البخاري "2431"، ومسلم "1071"، وغيرهما أبو داود "1651، 1652"، من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق فقال:"لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها"، وأما ما روي من تعريف المحقرات ثلاثة فلم يثبت من وجه تقوم به الحجة.

وأما قول المصنف: "وتصرف في فقير أو مصلحة بعد اليأس" فالسنة قد قضت بها بأن استمتاع الملتقط بها وصرفها في نفسه مقدم على صرفها في غيره فإن أراد الصرف في الغير صرف في فقير أو مصلحة.

وأما ما اشتراطه من حصول اليأس فلا وجه له بل الوجه التعريف حولا كما تقدم دليله وأما إيجابه للضمان إذا لم يصرف مع اليأس فليس على ذلك أثارة من علم لأن استمتاع الملتقط بها أو صرفها فيمن هو مصرف لها لم يكن على طريق الحتم بل الأمر فيه للإباحة كما في نظيره وبهذا تعرف عدم صحة ما ذكره المصنف بعد هذا.

وأما قوله: "فإن ضلت فالتقطت انقطع حقه" فهذا الانقطاع مسلم إن كان بتقريط منه وإلا فلا وجه لإنقطاع حقه لحديث: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، فقد صار هذا الملتقط الأول مخاطبا بتأدية ما التقطه حتى يؤديه إلى مالكه.

ص: 705

[فصل

واللقيط من دار الحرب عبد ومن دارنا حر أمانة هو وما في يده ينفق عليه بلا رجوع إن لم يكن له مال في الحال ويرد للواصف لا اللقطة فإن تعددوا واستووا ذكورا فابن لكل فرد ومجموعهم أب] .

قوله: "فصل: واللقيط من دار الحرب عبد" الخ.

أقول: لما ترجم الباب بقوله باب الضالة واللقطة واللقيط أراد بهذا الفصل استيفاء ما ترجم له ولا يخفى أن دار الحرب دار إباحة يملك كل فيها ما ثبتت يده عليه كما سيأتي في السير سواء كان الأخذ على جهة القسر أو الختل من غير فرق بين الأشخاص والأموال والرجال والنساء والأطفال وأما إذا كان من دار الإسلام أو دخلها بأمان فهو معصوم الدم والمال فلا وجه لقوله ومن دارنا حر أمانة هو وما في يده بل لا يجوز التقاطه إذا كان حافظا لنفسه ولماله لأن إثبات اليد عليه والحال هكذا مخالف لتأمينه وأما إذا دخل دارنا بغير أمان فهو وماله غنيمة لمن سبق إليه هكذا ينبغي أن يقال وبهذا تعرف أنه لا وجه لقوله ينفق عليه بلا رجوع إلخ لأنه إما غنيمة لمن سبق إليه أو لا يجوز التقاطه بحال كما بينا وإذا كان غنيمة وجب إنفاقه على القائم وإن كان مؤمنا لم يجب إنفاقه على أحد.

وأما قوله: "ويرد للواصف" فمبني على جواز الالتقاط وقد عرفت ما فيه وما كان ينبغي أن يذكر المصنف مثل هذا في اللقطة لورود الأدلة بذلك كما تقدم فتركه في المحل الخليق به وذكره هنا بلا فائدة نعم إن كان اللقيط الذي كلام المصنف فيه في هذا الفصل هو المسلم الملتقط من دار الحرب والمسلم الملتقط من دار الإسلام كان لكلامه وجه ولكنه لم يقيده بهذا ويرد للواصف إذا كان لا يهتدي إلى الإعراب عن نفسه والعجب من قول المصنف لا اللقطة يعني أنها لا ترد للواصف فإن هذا دفع في وجه الأدلة ورد لما قد صح بلا خلاف.

وأما قوله: "فإن تعددوا واستووا فإبن لكل فرد ومجموعهم أب" فقد تقدم الكلام عليه في كتاب الطلاب بما يغني عن الإعادة هنا وليس هذا المقام بمقام التعرض لكيفية ثبوت النسب وكان على المصنف أن يتعرض لذكر ضالة الإبل وأنها لا تلتقط لما تقدم من الأدلة ويتعرض لذكر ضالة الغنم ونحوها وأنها تلتقط لقوله: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، ويتعرض أيضا لذكر ضالة مكة لما ثبت في الصحيح من النهي عن لقطة الحاج وما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تحل لقطتها إلا لمعرف"[البخاري "2434"، مسلم "447/1355"] .

ص: 706