الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب " ما أخرجت الارض في نصاب فصاعدا ضم احصاده الحول
وهو من المكيل خمسة أوسق الوسق ستون صاعا كيلا ومن غيره ما قيمته نصاب نقد عشره قبل إخراج المون وان لم يبذر أو لم يزد على بذر قد زكى أو احصد بعد خوزه من مباح الا المسني فنصفه فإن اختلف فحسب المؤنة ويعفى عن اليسير.
ويجوز حرص الرطب بعد صلاحه وما يخرج دفعات فيعجل عنه والعبرة بالانكشاف وتجب من العين ثم الجنس ثم القيمة حال الصرف ولا يكمل جنس بجنس ويعتبر التمر بفضلته وكذلك الارز الا في الفطرة والكفارة وفي العلس خلاف.
وفي الذرة والعصفر ونحوهما ثلاثة اجناس ويشترط الحصاد فلا تجب قبله وان بيع بنصاب وتضمن بعده المتصرف في جميعه أو بعض تعين لها ان لم يخرج المالك ومن مات بعده وامكن الأداء قدمت على كفنه ودينه المستغرق والعسل من الملك كمقوم المعشر"] .
قوله: باب: "زكاة ما أخرجت الارض في نصاب فصاعدا ضم احصاره الحول وهو من المكيل خمسة أوسق".
أقول: أما باعتبار النصاب في زكاة ما أخرجت الارض وهو ان يكون خمسة أوسق فذلك للدليل الصحيح المتلقى بالقبول من جميع طوائف أهل الإسلام فهو بين عامل به ومتأول له وهو حديث: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" وهو في الصحيحين [البخاري "1447"، مسلم "979"] وغيرهما من حديث أبي سعيد وهو حجة ظاهرة في أنه لا زكاة فيما دون الخمسة الأوسق ولم يصب من أوجبها في قليل ما انبتت الارض وكثيره عملا بالاحاديث المصرحة بأن "فيم سقت السماء والعيون العشر وفيما سقى بالنضخ نصف العشر"[البخاري "1434"، الترمذي "640"] لانه عمل بالعام وترك العمل بالخاص والجمع بينهما واجب بان يبنى العام على الخاص وهذا أمر متفق عليه عند أئمة الأصول في الجملة فمن خالف ذلك في الفروع فإن كان لعدم علمه بالخاص فقد أتي من قبل تقصيره وكيف يكون مجتهدا من جهل مثل هذا الحكم وإن كان قد علم به ولم يعمل به فالحجة عليه قائمة بالدليل الصحيح.
وأما قوله: "ضم أحاصده الحول" فمبنى على أان أحاديث اعتبار الحول شاملة لما خرج من الارض وليس الامر كذلك بل هي واردة في غيره وأما الخارج من الأرض فيجب إخراج زكاته عند إحصاده إن كان خمسة أوسق فصاعدا وكان مما تجب فيه الزكاة لم يسمع في أيام النبوة ولا في أيام الصحابة انه اعتبر الحول فيما يخرج من الأرض بل كانوا يزكون الخارج عند إحصاده إذا كمل نصابه.
وأما كون الوسق ستين صاعا فيدل عليه أما أخرجه أحمد وابن ماجه
["1793"]، من حديث أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الوسق ستون صاعا"، وأخرجه أيضا الدارقطني وابن حبان وأخرجه أيضا النسائي ["2486"، وابو دأود "1559"، وابن ماجه "1832"] ، من طريق اخرى عن أبي سعيد قال أبو دأود وهو منقطع لم يسمع أبو البختري من أبي سعيد وأخرج البيهقي نحوه من حديث ابن عمر وأخرج أيضا نحوه ابن ماجه من حديث جابر وإسناده ضعيف قال ابن حجر وفيه عن عائشة وسعيد بن المسيب.
قوله: "وما قيمته نصاب نقد عشرة".
أقول: الاحاديث الواردة في انه لا زكاة في الخضروات قد أوضحنا في شرحنا للمنتقى انه يقوى بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض فهي صالحة لتخصيص العمومات كحديث: "فيما سقت السماء العشر" ونحوه.
وهكذا الاحاديث الواردة في ان الزكاة لا تجب الا في اربعة اجناس البر والشعير والتمر والزبيب فإنها تنتهض بمجموعها للعمل بها كما أوضحناه هنالك.
قوله: "قبل اخراج المؤن".
أقول: المالك انما يزكى ما دخل في ملكه بعدحصاده ودياسه فلا يجب عليه زكاة ما خرج في المؤن التي لا يتم الحصاد والدياس الا بها وليس له ان يخرج مؤن الحرث والسقي والبذر ونحوها فإنه لم يثبت في ذلك لا في ايام النبوة ولا فيما بعدها.
وأما قوله: "وان لم يبذر" فصواب إذا ثبت في الملك فليس من شرط الزكاة ان يقع من المالك البذر للأرض. وهكذا إذا لم يرد على بذر قد زكى فإنها تجب فيه الزكاة لعموم الادلة المصرحة بوجوب زكاة الخارج من الارض بل تجب الزكاة وان كان الحاصل دون البذر الذي قد زكى إذا بلغ النصاب.
وأما قوله: "وإذا حصد بعد حوزه من مباح" فيدل على ذلك عموم الآية الواردة فيما أخرجت الارض وهذا مما أخرجته الارض وصار في ملك مالك تجب عليه أصل الزكاة فاخراجه عن حكم الخارج من الارض يحتاج إلي دليل.
قوله: "الا المسنى فنصفه".
أقول: قد صرحت الادلة الصحيحة بذلك منها حديث ابن عمر في الصحيح بلفظ: "وفيما سقى بالنضخ نصف العشر" ومثله حديث جابر في الصحيح [مسلم "981"، أيضا بلفظ "وفيما سقى بالساقية نصف العشر" قال النووي وهذا متفق عليه قال وان وجدنا ما يسقى بالنضخ تارة وبالمطر اخرى فإن كان ذلك على جهة الاستواء وجب ثلاثة ارباع العشر وهو قول أهل العلم قال ابن قدامة لا نعمل فيه خلافا وان كان احدهما اكثر كان حكم الاقل تبعا للأكثر عند أحمد والنووي وأبي حنيفة واحد قولي الشافعي وقيل يؤخذ بالتقسيط قال
ابن حجر ويحتمل ان يقال ان أمكن فصل كل واحد منهما اخذ بحسابه وعن ابن القاسم صاحب مالك العبرة بما تم به الزرع ولو كان اقل.
قوله: "ويجوز خرص الرطب بعدصلاحه".
أقول: قد ثبت في خرص العنب والتمر أحاديث تقوم بها الحجة بل ثبت في الصحيحين [البخاري "1481"، مسلم "15/14"] ، من حديث أبي حميدالساعدي انه صلى الله عليه وسلم خرص صديقة امرأة بنفسه وفيه قصة ولكن هذا الخرص مقيد بما أخرجه [أحمد "3/448"، وابو دأود "1605"، والترمذي "643"، والنسائي "5/42"]، وابن حبان الحاكم وصححه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثث فدعوا الربع".
وأما قول المصنف: "بعد صلاحه"، فيدل عليه ما في حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص النخل حين يطيب قبل ان يؤكل ثم يخبر يهود يأخذونه بذلك الخرص أو يدفعونه اليهم بذلك الخرص أخرجه [أحمد "9/12"، وابو دأود "3413"] .
قوله: "وما يخرج دفعات فيعجل منه".
أقول: المراد للمصنف هو ان الشيء الذي يخرج دفعات يخرص كل دفعة من دفعاته كالتين لانها لا تحصل الدفعة الثانية الا وقد فسدت الأولى وهذا وان كان قد دخل فيما سبق لكنه أراد ان يدفع وهم من يتوهم انه لا يخرص الا مرة واحدى وان خرج دفعات.
وأما التعرض لتعجيل الزكاة فهو دخيل في المقام لا حاجة اليه لان جواز التعجيل لا يختص بهذا وحده.
وأما اعتبار الانكشاف فأمر لا بد منه لما تقدم من ان الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق.
قوله: "وتجب في العين ثم الجنس ثم القيمة حال الصرف".
أقول: هذا صواب لما قدمنا من الادلة الدالة على وجوب الزكاة في العين فإذا تلفت العين فالعدول إلي الجنس هو اقرب إلي العين من القيمة لان جنس الشيء يوافقه في غالب الأوصاف فإذا لم يوجد الجنس اجزأت القيمة لان لذلك غية ما يمكن من التخلص عن واجب الزكاة.
وأما قوله: "ولا يكمل جنس بجنس" فهذا صحيح لان اعتبار النصاب هو في كل جنس على حدة فمن زعم انه إذا حصل خمسة أوسق من جنسين وجبت الزكاة فعليه الدليل.
وأما قوله: "ويعتبر التمر بفضلته" فهذا صحيح ولم يسمع في أيام النبوة ما يخالفه وهكذا الارز والعلس عند من أوجب الزكاة فيهما.
وأما قوله: "وفي الذرة والعصفر ونحوهما ثلاثة أجناس"، فمبنى على وجوب الزكاة في الخضروات وفي غير الاجناس الاربعة وقد قدمنا الكلام على ذلك.
قوله: "ويشترط الحصاد" الخ.
أقول: هذا معلوم فإن النبي صلى الله عليه وسلم أما أوجبا لزكاة فيما قداحصد وعرف مقداره كما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" فالوجوب متعلق بالنصاب وهو الخمسة الأوسق ولا يعرف قدر النصاب الا بعدا الحصاد وأيضا ما دام ما أخرجته الارض هو معرض للجوائح بالافات السمأوية والارضية فلو وجبت الزكاة فيه قبل حصاده لكان إيجابها قبل ثبوت الملك وتقرره وهكذا الضمان لا يكون الا بعد ثبوت الملك وتقرره.
وأما قوله: "ومن مات بعده قبل إمكان الأداء قدمت على كفنه ودينه المستغرق" فهو بخالف ما تقدم له من قوله وهي قبله كالوديعة قبل طلبها.
قوله: "والعسل من الملك كمقوم المعشر".
أقول: استدل على وجوب الزكاة في العسل بما أخرجه أحمد ["4/236"، وابو دأود "وابن ماجه "823"]، والبيهقي قال: قلت: يا رسول الله إن لي نحلا قال: "فأد العشور" قال: قلت: يا رسول الله احم لي جبلها قال: فحمى لي جبلها وفي إسناده انقطاع لانه من رواية سليمان بن موسى عن أبي سيارة قال البخاري لم يدرك سليمان احدا من الصحابة وليس في زكاة العسل شيء يصح وقال أبو عمر بن عبد البر لا يقوم بهذا حجة.
وأخرج أبو دأود ["1600"، والنسائي "2499"، ان هلالا أحد بنى متعان جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل وكان سأله ان يحمى واديا يقال له سلبة فحمى له ذلك الوادي وأخرج ابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اخذ من العسل العشر وفي إسناده ابن لهيعة وعبد الرحمن ابن الحارث وليس من أهل الاتقان.
وأخرج الترمذي ["629"،عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في العسل كل عشرة أزقاق زق" وفي إسناده صدقة السمين وهو ضعيف الحفظ وقد خولف وقال النسائي هذا حديث منكر.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي هريرة حديثا في زكاة العسل وفي إسناده عبد الله ابن محرز وهو متروك. وأخرج البيهقي عن سعد بن أبي ذئاب ان النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على قومه وانه قال لهم: " أدوا العشر في العسل" وفي إسناده منير بن عبد الله وهو ضعيف.
واحاديث الباب يقوى بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض فينتهض الاحتجاج با وقد استوفيت البحث في شرحي للمنتقى وذكرت عدم انتهاض الاحاديث للحجة لأن حديث أبي سيارة وحديث هلال ان كان غير أبي سيارة لا يدلان على وجوب الزكاة في العسل لانه حمى لهما بدل ما اخذ منهما ولكن لا يخفى انه قال في حديث أبي سيارة: "فأد العشر" وهذا تصريح