المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلى ذلك واجبا جمعا بين الخاص والعام وإن لم يثبت - السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[مقدمة لا يسع المقلد جهلها

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب النجاسات

- ‌[باب المياه

- ‌[باب ندب لقاضي الحاجة التواري

- ‌[باب الوضوء

- ‌[باب الغسل

- ‌[باب التيمم

- ‌[باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌[باب الأوقات

- ‌[باب الإذان والإقامة

- ‌[باب صفة الصلاة

- ‌[باب والجماعة سنة مؤكدة

- ‌[باب سجود السهو

- ‌[باب والقضاء

- ‌[باب صلاة الجمعة

- ‌[باب ويجب قصر الرباعي

- ‌[باب وشرط جماعة الخوف

- ‌[باب وفي وجوب صلاة العيدين خلاف

- ‌[باب ويسن للكسوفين حالهما ركعتان

- ‌[كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌[باب في نصاب الذهب والفضة

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌[باب ولا شيء فيما دون ثلاثين من البقر

- ‌[باب ولا شيء فيما دون أربعين من الغنم

- ‌[باب " ما أخرجت الارض في نصاب فصاعدا ضم احصاده الحول

- ‌[باب " ومصرفها من تضمنته الآية

- ‌[باب والفطرة تجب من فجر أول شوال إلي الغروب

- ‌كتاب الخمس

- ‌كتاب الصيام

- ‌مدخل

- ‌[باب وشروط النذر بالصوم

- ‌[باب الاعتكاف وشروطه

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌باب العمرة

- ‌باب المتمتع

- ‌باب القارن

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌باب على واهب الأمة وبائعها استبراء غير الحامل

- ‌[باب الفراش

- ‌كتاب الطلاق

- ‌[باب إنما يصح من زوج مختار مكلف

- ‌[باب الخلع

- ‌[باب العدة

- ‌[باب الظهار

- ‌[باب الايلاء

- ‌[باب اللعان

- ‌[باب الحضانة

- ‌[باب النفقات

- ‌[باب الرضاع

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الشروط المقارنة للعقد

- ‌باب الربويات

- ‌[باب الخيارات

- ‌باب ما يدخل في المبيع

- ‌باب البيع غير الصحيح

- ‌باب المأذون

- ‌باب المرابحة

- ‌[باب الإقالة

- ‌[باب القرض

- ‌[باب الصرف

- ‌[باب السلم

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌مدخل

- ‌باب وإجارة الآدميين

- ‌باب المزارعة

- ‌باب الإحياء والتحجر

- ‌باب المضاربة

- ‌كتاب الشركة

- ‌مدخل

- ‌باب شركة الأملاك

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الهبة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌مدخل

- ‌[باب والتدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌[باب الولاء

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌[باب الكفارة

- ‌باب النذر

- ‌باب الضالة واللقطة واللقيط

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الأضحية

- ‌باب الأطعمة والأشربة

- ‌باب اللباس

- ‌كتاب الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب التفليس

- ‌باب الصلح

- ‌باب الإبراء

- ‌باب الإكراه

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد السارق

- ‌كتاب الجنايات

- ‌مدخل

- ‌باب الديات

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب السير

الفصل: إلى ذلك واجبا جمعا بين الخاص والعام وإن لم يثبت

إلى ذلك واجبا جمعا بين الخاص والعام وإن لم يثبت الدليل المقتضي لتخصيص ما ثبت كان الوقوف على العام هو الواجب والمسألة طويلة الذيل ولها مآخذ عدة.

وأما قوله: "ولا يضمن ما منع عنه مالكه بالزجر" فجمود غير محمود فإن هذا غصب إذا خشي المالك نزول ضرر به من المتهدد له وثبوت اليد وصف طردي على على تقدير أنه أمر زائد على هذا المنع للمالك عن ملكه وأما كونه يضمن أمر الضعيف قويا فلكون الغصب لم يحصل إلا بأمره ولم يتم إلا بقوته والقرار عليه لا على المأمور فإنه لا تأثير له في ذلك.

ص: 665

‌كتاب العتق

‌مدخل

كتاب العتق

[فصل

يصح من كل مكلف ملك حاله لكل مملوك ولو كافرين ولا تلحق الإجازة إلا عقد ولا الخيار إلا الكتابة] .

قوله: "فصل: ويصح من كل مكلف".

أقول: وجهه ظاهر لأن تصرف الصبي والمجنون غير نافذ وأما اعتبار قيد الملك فمعلوم لأن عتق غير المالك وجوده كعدمه وأما كونه يصح لكل مملوك فلعدم المانع مع وجود المقتضي.

وأما قوله: "ولو كافرين" فهذا مخالف لما قرروه في الأبواب التي هي قرب أنها لا تصح من الكافر ومعلوم أن المصنف هنا إنما يريد الصحة وأما ثبوت الثواب فلم يرد إلا في عتق المسلم للمسلم كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين [البخاري "5/146"، مسلم "22/1509"] ، وغيرهما [أحمد "2/420، 422، 429، 430، 431، 525"، الترمذي "1541"]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه"، وكما في حديث أبي أمامة مرفوعا:"أيما أمريء مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار يجزيء كل عضو منه عضوا منه"، أخرجه الترمذي "1547"، وصححه وأخرجه أيضا النسائي "8/163"، وابن ماجه 2522"، بإسناد صحيح وفي لفظ منه: "أيما امريء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانا فكاكه من النار يجزيء كل عضو منهما عضوا منه"، وأخرج أحمد "4/113، 386"، من حديث كعب بن مرة أو مرة بن كعب السلمي نحوه زاد فيه: "وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار يجزيء بكل عضو من أعضائها عضوا من أعضائها"، وفي الباب أحاديث فالكافر ليس له

ص: 665

من الأجر الحاصل بالعتق شيء إلا إذا أسلم من بعد كما في حديث: "أسلمت على ما أسلفت من خير" وهو في الصحيحين [البخاري "1436"، مسلم "194/120"، وغيرهما [أحمد "3/402"]، من حديث حكيم بن حزام وفي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود قال قلنا يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال:"من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر"، ففيه أن الإساءة في الإسلام موجبة للمؤاخذة بأعمال الجاهلية كما أن حديث حكيم بن حزام يدل على أن الإسلام يوجب لصاحبه أن يكتب له ما عمل من أعمال الخير في الجاهلية.

وأما قوله: "ولا تلحق الإجازة إلا عقده" فقد عرفناك غير مرة أنه لا اعتبار بما فعله الفضولي وأن الحكم ثبت بإجازة المالك وأما كونه لا يلحقه الخيار فلكون المالك مفوضا في ملكه فلا وجه لإثبات الخيار له إلا في عتق الكتابة لكونها معاوضة.

[فصل

وله ألفاظ وأسباب فصريح لفظه ما لا يحتمل غيره كالطلاق نحويا حر وأنت مولاي أو ولدي فإن أكذبه الشرع وثبت العتق لا النسب والعقل بطلا وكنايته ما احتمله غيره كأطلقتك وهو حر حذرا من القادر كالوقف إلا الطلاق وكنايته وبيعك لا يجوز وأنت لله وأسبابه موت السيد عن أم ولده ومدبريه مطلقا وعن أولادهما الحادثين بعد مصيرهما كذلك ولهم قبله حكم الرق غالبا ومثول المالك به بنحو لطم فيؤمر وإن لم يرافع فإن تمرد فالحاكم والولاء للسيد وملك ذي الرحم المحرم لجميعه أو بعضه فيضمن لشريكه إن اختار التملك موسرا بغير إذنه وإلا سعى العبد وانقضاء حيضتي أم ولد الذمي بعد إسلامها إن لم يسلم فيهما وتسعى ودخول عبد الكافر بغير أمان دارنا فأسلم قبل أن يؤخذ أو بأمان لا بإذن سيده أو أسلم وهاجر لا بإذن قبل إسلام سيده وبأمان وإذن بيع ورد ثمنه] .

قوله: "فصل: وله ألفاظ" الخ.

أقول: قد عرفناك غير مرة أن اعتبار ألفاظ خاصة وجعل بعضها صريحا وبعضها كناية كلام لا يوافق التحقيق وليس المراد إلا مجرد الدلالة على ما يريده المتكلم ويدل على أنه قد رضى بما أراده من معاوضة بينه وبين غيره أو مجرد صدور شيء عنه لا عن معاوضه ولو كان ذلك الدال إشارة من قادر على النطق ولا بد في المحتمل للعتق وغيره من الألفاظ أن يريد به العتق ويكون القول قوله إذ لا يعرف إلا من جهته فلا حاجة بنا إلى إطالة الكلام على ما ذكره المصنف من الألفاظ.

ص: 666

قوله: "وأسبابه موت السيد عن أم ولده ومدبره".

أقول: مراده أن هذا السبب سبب نجاز العتق لأم الولد والمدبر وأما السبب الذي تعلق به العتق فهو الاستيلاد في أم الولد وإيقاع التدبير في المدبر وقد تقدم الكلام في بيع أم الولد مستوفى في كتاب البيع وسيأتي الكلام في جواز بيع المدبر مستوفى في باب التدبير.

وأما قوله: "وعن أولادهما الحادثين بعد مصيرهما كذلك" فلا يخفاك أن هؤلاء الحادثين حدثوا بعد وجود سبب تعلق العتق بهما لا بعد وجود سبب نجاز العتق فالأولاد إذ ذاك أولاد من لم ينجز عتقه وينقذ تحريره فإذا مات السيد لم يكن نجاز عتقهما مقتضيا لعتق أولادهما لأنهم وجدوا قبل هذه الحالة ولم يرد ما يدل على هذا الحكم الذي ذكره المصنف بل لهم قبل الموت وبعده حكم الرق.

قوله: "ومثول المالك به" الخ.

أقول: إذا كانت المثلة بقطع شيء من أعضائه فقد ثبت الدليل الصحيح في العبد الذي جبّ سيده مذاكيره وجدع أنفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "اذهب فأنت حر"[أبو داود "4519"، ابن ماجه "2680"، أحمد "2/182"] وإن كانت المثلة باللطم أو الضرب فقد ثبت في صحيح مسلم ["30/1658"] وغيره [أبو داود "5168"، أحمد "2/45، 61"] من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه"، فدل هذا على أن تكفير ذلك اللطم أو الضرب يكون بالعتق وليس فيه دلالة على أن العتق حتم على السيد ولا أنه يعتق بنفس المثلة وقد قيد الضرب بما في صحيح مسلم بلفظ:"من ضرب غلاما له حدا لم يأته فإن كفارته أن يعتقه" فأفاد هذا أن الضرب الذي كفارته العتق هو ما بلغ حدا لما ورد من أنه لا يحل الجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ومما يؤيد عدم تحتم العتق في اللطم والضرب ما ثبت في صحيح مسلم "31/1658"، وغيره أبو داود "5167"، الترمذي "1542"، من حديث سويد من مقرن كنا بني مقرن على عهدرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادمة واحدة فلطمها أحدنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أعتقوها"، وفي رواية أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا خادم لبني مقرن غيرها قال:"فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها"، فأفاد عدم تحتم العتق في الحال وأفاد أنه لا عذر منه عند الاستغناء ولكنه حكى النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض أنه قال أجمع العلماء أنه لا يجب إعتاق العبد بشيء مما يفعله سيده من مثل هذا الأمر الخفيف يعني الضرب الخفيف واللطم قال واختلفوا فيما كثر وشنع من ضرب مبرح منهك أو حرقه بنار أو قطع عضوا له أو أفسده أو نحو ذلك فذهب مالك والأوزاعي والليث إلى عتق العبد على سيده بذلك يكون له ولأولاده ويعاقبه السلطان على فعله وقال سائر العلماء لا يعتق عليه انتهى فإذا صح هذا الإجماع كان صارفا للأمر المذكور في حديث سويد بن مقرن من الوجوب إلى الندب فيكون الموجب للعتق من المثلة هو ما كان بقطع أو جدع أو تحريق وما عدا ذلك فإن شنع وأنهك فالأمر باق فيه على معناه الحقيقي ووقوع الإجماع على أنه لا يوجب العتق فلا صارف للأمر عن المعنى الحقيقي.

ص: 667

قوله: "وملك ذي الرحم المحرم".

أقول: قد ورد من المرفوع بلفظ: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر"، [أبو داود "3949"، الترمذي "1365"، ابن ماجة "2524"، أحمد "5/20"] ، ما يشهد بعضه لبعض ويقوي بعضه بعضا وعلل ذلك بعلل لا تنافي التعاضد ولا سيما وقد صحح جماعة من الأئمة هذا اللفظ الذي ورد به الحديث فلم يبقى بعد ذلك معذرة عن العمل به فكان ملك ذي الرحم لرحمه أحد أسباب العتق الثابتة شرعا وما ذكره المصنف من ضمان الشريك لشريكه صحيح فإن كان معسرا أو ملكه بغير اختياره سعى العبد فقد ثبت أصل السعاية بالحديث الثابت في الصحيحين [البخاري "5/132"، مسلم "3/1503"] ، وغيرهما [أبو داود "3938"، الترمذي "1348"، ابن ماجة "2527"، من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من أعتق شقصا له من مملوك فعليه خلاصه في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدله ثم استسعي في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه".

قوله: "وانقضاء حيضتي أم الولد" الخ.

أقول: هذه المستولدة يسعها ما كان يسع من أسلم من العبيد والإماء في أيام النبؤة فإنهم كانوا يصيرون أحرارا بمجرد إسلامهم ولا يبقى لمن هم في ملكه عليهم يد ولا يخاطبون بسعاية ولا غيرها فكيف بهذه المستولدة التي حصل لها قبل إسلامها سبب من أسباب العتق فالعجب من إيجاب السعاية عليها لكافر بعد أن عصمها الله بالإسلام ذاتا ومالا وأطلقها من ريقة الرق.

قوله: "ودخول عبد الكافر بغير أمان دارنا" الخ.

أقول: وجه هذا أن أموال أهل الحرب على الإباحة من سبق إلى شيء منها ملكه فدخول العبد بغير أمان يكون به ملكا لمن سبق إليه فإذا أسلم قبل أن يؤخذ صار حرا بمجرد الإسلام لما قدمنا وأما إذا كان دخوله بأمان بإذن سيده فالأمان عصمة تمنع من أن يتملكه أحد لكنه إذا أسلم صار حرا بإسلامه وسيأتي تمام هذا البحث في كتاب السير إن شاء الله وكان على المصنف أن يجعل الإسلام سببا من أسباب العتق مطلقا.

[فصل

وإذا التبس بعد تعيينه في القصد عم الأشخاص فيسعون بحسب التحويل إن لم يفرط كحر بعبد إلا في الكفارة ويصح تعليق تعيينه في الذمة ويقع حين التعيين على الأصح فإن مات قبله عم وسعوا كما مرة وإن مات أو عتق أو استولد أو باع أحدهما تعين الآخر ويتقيد بالشرط والوقف ويقع بعدهما م حالهما والمعلل كالمطلق] .

قوله: "فصل: وإذا التبس بعد تعيينه" الخ.

أقول: هذه المسألة مبنية على محض الرأي وهو أن كل واحد قد صار محتملا لوقوع

ص: 668

العتق عليه فثبت له بذلك حق فمن هذه الحيثية عمهم العتق جميعا ويمكن معارضة هذا الرأي برأي أنهض منه فيقال الأصل عدم وقوع العتق فيتوقف على هذا الأصل ولا يثبت للواحد حق فيه إلا بيقين ولا يقين وهو مال الغيير معصوم بعصمة الإسلام فلا يخرج عن ملكه بمجرد الإحتمال وهذا أصل متفق عليه بخلاف من وقع العتق على جزء منه بيقين فإنه قد صار بعضه حرا وذلك حيث يعتق أحد الشريكين في العبد نصه وقد دلت الأحاديث على أن الشريك المعتق إذا كان موسار غرم قيمة نصيب شريكه وإن كان معسرا فقد اختلفت الأحاديث في ذلك ففي بعضها أنه يعتق من العبد ما قد عتق وهو نصيب الشريك ويبقى نصيب الآخر رقا وفي بعضها أن العبد يسعى فإن قلت إذا كانت هذه المسألة التي ذكرها المصنف هنا مبنية على الرأي وقد عارضته برأي أنهض منه فهل من مخلص عن هذين الرأيين بما فيه رائحة دليل يصلح للتمسلك به قلت قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي أعتق ستة أعبد له عند موته وليس له مال غيرهم فأقرع بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق اثنين وأرق أربعة كما في حديث ابن عمر عند مسلم "56/1668"، وغيره أبو داود "3958"، الترمذي "1364"، النسائي "1958"، وابن ماجة "2345"، وكما في حديث أبي زيد الأنصاري عند أحمد "15/186"، وأبي داود "3960"، والنسائي "3804"، بإسناد رجاله رجال الصحيح فهذه القرعة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستة أعبد قد وقع عتق المالك على كل واحد منهم ثم لما لم ينفذ إلا الثلث كان كل واحد منهم قد عتق ثلثه بيقين ثم حكم الصادق المصدوق بالقرعة فأرق من أرق وأعتق من أعتق على حسب ما اقتضاه الإقراع بينهم وهذا شرع واضح جاء به الذي جاءنا بما شرعه الله لنا وليس بيد من أنكر العمل بالقرعة إلا التشبث بالهباء وتأثير الآراء الرجال على الشريعة الواضحة التي ليلها كنهارها وكيف لا يثبت مثل هذا الحكم فيمن هو دون هؤلاء الستة الأعبد في استحقاق العتق وهو من كان واحدا من جماعة وقع عليه العتق ثم التبس بهم فلم يعرف من هو الذي وقع عليه العتق فإن كل واحد منهم ليس له إلا مجرد احتمال أن يكون العتق واقعا عليه فإن الرجوع إلى القرعة في مثل هذا ثابت بالفحوى ومن ترك العمل بمثل هذه السنة الواضحة زاعما بأنها مخالفة للأصول فليس لهذه الأصول وجود وليست إلا مجرد قواعد لم تدل عليها رواية ولا شهدت لها دراية على أن الرجوع إلى القرعة والعمل بها قد وقع من الشارع في مواضع أخرى ومن ذلك أنه كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ومن ذلك ما فعله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الجماعة المتنازعين في ولد الأمة المشتركة بينهم فقرره صلى الله عليه وسلم واستحسنه وقد تقدم فعرفت بهذا أن القرعة شرع ثابت واضح تنقطع به الشبه وتثبت به الحقوق وإذا تقرر لك هذا عرفت عدم صحة ما تفرع عن كلام المصنف من إيجاب السعاية وما بعدها.

قوله: "ويصح تعليق تعيينه في الذمة" الخ.

أقول: وجهه أنه أوقع العتق مجملا وعلق التعيين بوقت مستقبل فلا يعرف من وقع عليه العتق على التعيين إلا بالتعيين فهذا هو معنى كونه يقع حين التعيين وإن كان الإيقاع سابقا له ولكن لا حكم لهذا الإيقاع المجمل أي لا يترتب عليه شيء من أحكام الحرية.

ص: 669

وأما قوله: "فإن مات قبله عم" فلا وجه له بل الحق أنه يقرع ويعتق من عينته القرعة ولا سعاية.

وأما قوله: "وإن مات" فوجهه أنه لم يبق محلا للتعيين إلا الحي وهكذا إذا أعتق أحدهما أو أستولده أو باعه فإن صدور أحد هذه الثلاثة الأمور تدل على اختياره لتعيين العتق فيمن لم يعتقه أو لم يبعه أو لم يستولده وأما كونه يتقيد بالشرط والوقت فظاهر لأن المالك محكم في ملكه ولا حجر عليه ولا يقع إلا بعد حصول الشرط أو حضور الوقت لأن ذلك هو نفاذ اللفظ وأما كون المعلل كالمطلق فظاهر لأنه لم يكن في التعليل ما يشعر بالتقييد.

[فصل

فمن قال اخدم أولادي في الضيعة عشرا ثم أنت حر بطل ببيعه أحدهما إلا الورثة وإلا عتق بمضي ما عرف تعليقه به من المدة أو خدمتهم قدرها ولو في غير الضيعة ومفرقة ومن مات فأولاده فقط وإن جهل قصده فبالمدة فيغرم أجره ما فوت وقيل بالخدمة فيعتق بهبة جميعها لا بعضها لكن يحاص في الباقي وحكم الرق باق للواهب حتى يستتم فإن مات قبله أخذ كسب حصته وإذا أعتقه منهم موسر غرم قيمته ومعسر سعى العبد والأيام للأسبوع وأكثرها لسنة وأياما لعشر وقليلة لثلاث وكثيرة لسنة وكل مملوك لمن لم ينفذ عتقه وأول من تلد لأول بطن وله نيته في كل لفظ احتملها بحقيقته أو مجازه] .

قوله: فصل: "ومن قال أخدم أولادي في الضيعة عشرا ثم أنت حر" الخ.

أقول: قد أوقع العتق مرتبا على فعل الخدمة ففي صحة بيعه منه نظر لأن هذا العبد قد صار له حكم المكاتب وسيأتي في الكتابة أن العوض يصح أن يكون مؤجلا ولا فرق بين تعليق العتق بتسليم مال أو بمنفعة لأن القصد قد تعلق في كل واحد من العتقين بعوض فالمكاتب لا يعتق إلا بتسليم مال الكتابة وهذا لا يعتق إلا بالخدمة ولا يصح أن يقال إن هذا من باب الوصية والرجوع عنها قبل الموت صحيح لأنا نقول هذا عتق معلق على حصول عوض فصار للعبد به حق وعلى تسليم أنه يقصر حكمه عن حكم الكتابة لإيقاع الكتابة في الحال فليس هذا بمنزلة دون منزلة المدبر فإنه علق عتقه بالموت وثبت له بذلك حق يمنع من بيعه إلا لفسق أو ضرورة كما سيأتي.

وأما قوله: "لا الورثة" فوجهه أن ذلك التعليق قد نفذ بموت المالك كما تنفذ الوصية بموت الموصي بناء على أن لهذا العتق حكم الوصية وفيه ما قدمنا.

ص: 670

وأما قوله: "وإلا عتق بمضي ما عرف تعليقه من المدة" فلا وجه له لأن تلك المدة إنما هي ظرف للخدمة والمقصود هو الخدمة ولكن في ذلك الزمان وذلك المكان فلا يعتق إلا بإيقاع الخدمة عشر سنين في تلك الضيعة وليس هذا من الأوصاف الطردية فإنه ربما تعلق به غرض للمعتق يوجب اعتباره إلا أن يعرف من قصده أنه لا يريد إلا مجرد إيقاع الخدمة قدر تلك المدة في أي مكان وأما كون نصيب من مات من الأولاد لورثته فظاهر لأنهم يستحقون كل ما كان لمورثهم من الأموال والحقوق.

وأما قوله: "فإن جهل قصده فبالمدة" فلا وجه له وكيف يجهل قصده بعد تصريحه بالخدمة في المدة المقررة في المكان المعين قصده وهو ما أفاده كلامه هذا فيجب الحمل عليه حتى يظهر من قصده ما يخالفه وهذا يغنيك عما ذكره المصنف إلى آخر البحث والأصل في هذا البحث حديث سفينة قال: "أعتقتني أم سلمة وشرطت علي أن أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عاش"، أخرجه أحمد "5/221"، والنسائي "4481"، وابن ماجه "2526"، وأبو داود "3832"] .

قوله: "والأيام للأسبوع"،

أقول: أفعال هو من مجموع القلة فيصدق بثلاثة أيام وتعريفه يدل على عهد ذهني أو خارجي فإن كان كذلك كان العمل على ما هو معهود للمتكلم وإن لم يكن كذلك فلا وجه لحمله على الأسبوع إلا إذا قصده المتكلم.

وأما قوله: "أياما" فظاهر أنه يصدق على ثلاثة أيام لغة والظاهر عدم الزيادة كما هو شأن جموع القلة فلا وجه لقوله وقليله لثلاث لأن هذا هو مدلول اللفظ من غير وصف له بالقلة.

وأما قوله: "وكثيره لسنة" فالظاهر أن هذا الوصف يصدق بمجرد وجود الزيادة على ثلاثة أيام الذي هو مدلول هذا الجميع فإن قصد المصنف رحمه الله ما تدل عليه لغة العرب فهو ما ذكرنا وإن كان بصدد بيان أعراف فإن ثبت للمتكلم عرف حمل كلامه عليه وإلا فلا.

قوله: "وكل مملوك لمن لم ينفذ عتقه".

أقول: هذا هو ظاهر هذا اللفظ العام لصدقه على كل من يصدق عليه أنه مملوك ولكن الظاهر أن القائل بهذه المقالة لا يقصد من قد حصل له سبب من أسباب عتقه.

وأما قوله: "وأول من تلد لأول بطن" فالظاهر أنه لا يتناول إلا أول من وضعته إذا كان في بطنها أكثر من واحد فإن الثاني لا يصدق عليه لفظ أول إلا أن يكون له قصد فالعمل على القصد.

وأما قوله: "وله نيته في كل لفظ" الخ فظاهر لأن النية هي التي تدور عليها الأحكام ولا بد مما ذكره المصنف من الاحتمال لأنه لو ادعى ما لا يحتمله لفظه لكان مدعيا خلاف الظاهر فلا يقبل بمجرد الدعوى.

ص: 671

[فصل

ويصح بعوض مشروط فلا يقع إلا بحصوله ومعقود لا عن صبي ونحوه فيقع بالقبول أو ما في حكمه في المجلس قبل الإعراض فإن تعذر العوض وهو منفعة أو غرض فقيمة العبد أو حصة ما تعذر وبتمليكه جزءا من المال إن قبل لا عينا إلا نفسه أو بعضها وبالإيصاء له بذلك أوله وللغير منحصرا أو حصته وبشهادة أحد الشريكين على الآخر به قيل إن ادعاه ويصح في الصحة مجانا ولو علق بآخر جزء منها وله قبله الرجوع فعلا لا لفظا وينفذ من المريض ولو مستغرقا ومن غير المستغرق وصية ويسعى حسب الحال فيهما] .

قوله: "فصل: ويصح بعوض مشروط" الخ.

أقول: هذا مما لا ينبغي أن يقع فيه خلاف وقد كان السلف يعتقون مماليكهم على هذه الصفة فيقول أحدهم لعبده إن فعلت كذا فأنت حر إن أدركت كذا أنت حر إن لم يفتك كذا وبالجملة سواء كان العوض مالا أو منفعة فالأصل الصحة وأما الصبي ونحوه فقد عرفت أنه لا يصح تصرفهما ولا تصرف الولي عنهما إلا لمصلحة وإذا تعذر العوض المجعول في مقابلة العتق فإن عرف من القصد أن المراد تسليمه أو ما يماثله أو قيمته كان الرجوع إلى المثل أو القيمة هو الواجب وإن لم يعرف ذلك لم يقع العتق إلا بالعتق المعين ويبطل بتعذره.

قوله: "وبتمليكه جزءا مشاعا من المال ".

أقول: عتقه بهذا السبب ظاهر لأنه من المال فإذا ملكه جزءا منه فقد ملكه جزءا من نفسه وبتملكه جزءا من نفسه يصير مالكا لبعضه فيسري العتق إلى البعض الآخر منه كما لو أعتق أحد الشريكين نصيبه وما ذكره من اعتبار القول لا بد منه لأنه لا ينتقل الملك من مالك إلى مالك إلا بوقوع التراضي منهما.

وأما قوله: "لا عينا" فلا حاجة إليه إذا كانت العين غيره لأنه لا يكون ذلك عتقا ولا يقول به قائل ولا سبق إليه فهم وأما إذا كانت العين نفسه فلا حاجة إلى ذكر ذلك أيضا لأنه إذا عتق بتمليكه نفسه أو بعضها كان ذلك ثابتا بفحوى الخطاب وهكذا يعتق بالإيصاء له بالجزء المشاع أو بتمليكه نفسه أو بعضه كما لو دبره بعد موته ولكن لا بد أن يكون السيد عالما بأن هذا التمليك أو الإيصاء يحصل به العتق للعبد أما لو لم يكن عالما بذلك فلا يعتق أصلا لما عرفناك غير مرة من أن الرضا معتبر في كل معاملة ولا رضا ممن يجهل ما يستلزمه لفظه.

قوله: "وبشهادة أحد الشريكين على الآخر به".

أقول: هذا لا وجه له من شرع ولا عقل ولا رواية ولا دراية بل لا بد من كمال المناط

ص: 672

الشرعي وذلك بأن يشهد معه شاهد آخر أو يكمل المدعي للعتق بيمينه وكون الشريك شهد بما يضره لا يستلزم أن يقبل فيما يضر شريكه على أنه لا ضرر عليه ها هنا لأن القيمة ستلزم شريكه أو يسعى بها العبد وإلا فقد عتق من العبد ما عتق كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة والحاصل أنه لا وجه لجعل هذه الشهادة بمجردها سببا من أسباب العتق وكان على المصنف أن يذكر هذا السبب والذي قبله في أسباب العتق التي تعرض لذكرها في أول هذا الكتاب.

قوله: "وينفذ في الصحة مجانا".

أقول: وجهه ظاهر لأنه تصرف مالك في ملكه مع وجود المقتضى وعدم المانع وهذا من الظهور بمكان يغني عن تدوينه في المختصرات وهكذا يصح التعليق بآخر جزء من أجزاء صحته ولا وجه لصحة الرجوع لا فعلا ولا لفظا لأنه قد أوقع العتق ومجرد تعليقه لا يصلح مسوغا للرجوع عنه وليس هذا من باب الوصية حتى يقال فيه ما قيل فيما تقدم في فصل خدمة الأولاد وأما كونه ينفذ من المريض فظاهر لأن ملكه لم يخرج عنه فله أن يتصرف به كيف شاء ما لم يجاوز الثلث فإن جاوزه رد إلى الثلث كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق ستة أعبد لم يكن له من المال سواهم وقد تقدم ومعلوم أن هذا العبد المعتق حال المرض إذا كان يخرج كله من الثلث أو يخرج بعضه منه صار حرا بذلك وأما على تقير أن التركة مستغرقة بالدين فذلك مانع من تصرف المالك فيها بوجه من الوجوه لأنه بمثابة الحجر له إلا أن يرضى أهل الدين بالسعاية من العبد.

[فصل

ولا يتبعض غالبا فيسري وإلى الحمل لا الأم ويسعى لشريك المعتق إلا أن يعتقه موسر ضامن ومن أعتق أم حمل أوصى به ضمن قيمته يوم وضعه حيا فقط إلا للشريك في الأم فيتداخلان] .

قوله: "فصل: ولا يتبعض".

أقول: اختلفت الأحاديث في هذا ففي بعضها في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه العبد قيمة عدل فأعطى شركاه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق"، فهذا الحديث يدل على أن السراية إلى نصيب الشريك إنما تثبت مع وجود مال الشريك المعتق يمكن منه غرامة قيمة نصيب الشريك وإذا لم يكن له مال فلا سراية ويعتق نصيب المعتق ويبقى نصيب شريكه رقا وفي لفظ في الصحيحين [البخاري "5/150"، وغيرهما أبو داود "3947"، من هذا الحديث:"من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل لا وكس ولا شطط ثم عتق عليه في ماله إن كان موسرا"، وفي الصحيحين ألفاظ مصرحة بتقييد وقوع العتق بكون الشريك موسرا

ص: 673