الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان القول قول منكرها والبينة على مدعيها وإن كانت هي المتبادرة من العرف والاصطلاح فالقول قول مدعيها.
وهكذا القول قول منكر الرجعة لأن الاصل عدمها ولا وجه لقوله بعد التصادق على انقضاء العدة الخ لأن الاصل العدم ملقا وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها وأنكر الزوج فعليها البينة فإن النساء العوارف يفرقن بين الطهر والحيض وبين دم الحيض وغيره وإذا كان هذا الامر المتعلق بالفروج يمكن البينة عليه فغيره بالأولى حسبما حققنا ذلك فيما مضى.
وأما تصديق من لا منازع لها فظاهر لا يحتاج إلي ذكره وتدوينه.
والحاصل ان هذا الفصل معلوم مما سيأتي في كتاب الدعأوى وإنما يتعرض المصنف في الابواب لمن القول قوله ولمن البينة عليه لقصد مزيد الأيضاح وتكثير الافادة.
[باب الظهار
صريحة قول مكلف مختار مسلم لزوجة تحته كيف كانت ظاهرتك أو انت مظاهرة أو يشبهها أو جزءا منها بجزء من امه نسبا مشاع أو عضو متصل ولو شعرا أو نحوه فيقع ما لم ينو غيره أو مطلق التحريم وكنايته كأمي أو مثلها أو في منازلها وحرام فيشترط النية وكلاهما كناية طلاق ويتوقت ويتقيد بالشرط والاستثناء الا بمشيئة الله في الاثبات ويدخله التشريك والتخيير] .
قوله: باب: "الظهار فصل صريحة قول مكلف".
أقول: اشتراط كون الزوج مكلفا مختارا وجهه ان غير المكلف لا يصلح لايقاع هذا ولم يؤذن له به وهكذا المكره لا حكم لفعله ولا يعتد به لان الاختيار شرط لصحة كل إنشاء.
وأما قوله: "مسلم" فوجهه ان ما في الكتاب والسنة متضمن لما شرعه الله لعباده المسلمين وأما الكفار فهم وإن كان فيهم الخلاف في التكليف بالشرعيات فليس ذلك إلا باعتبار العقوبة عليهم في تركها لا باعتبار وجوب تنجيزها عليهم حال الكفر ولا باعتبار صحتها منهم.
وأما كونه لزوجة تحته فلأنه لا يكون ظهارا إلا ما كان كذلك لأنه نوع من أنواع الفرقة فلا يقع على اجنبية لعدم المقتضى ووجود المانع وقد صح أنه: "لا طلاق قبل نكاح" كما تقدم فهكذا ما يؤول أمره إلي ما يؤول إليه الطلاق ولو في بعض أحواله وأما اعتبار كونها تحته فلأن المطلقة قد وقعت عليها الفرقة بنفس الطلاق ولا يتبع الطلاق الطلاق كما قدمنا ولا ما هو في معنى الطلاق لأنه تحصيل للحاصل ولا يشترط في الزوجة شيء مما يشترط في الزوج لانها إنما هي مكان للإيقاع عليها وذلك يصح كيف كانت.
قوله: "ظاهرتك وانت مظاهرة".
أقول: إن الظهار الذي نص عليه القرآن الكريم المراد به ما كانت توقعه الجأهلية ويجعلونه طلاقا وكانوا يقولون انت على كظهر امي فتصير المرأة بذلك مطلقة فمعنى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] يوقعون عليهن ما كانت توقعه الجأهلية على نسائهم فمن أراد هذا المعنى بلفظ يدل عليه كقوله ظاهرتك وانت مظاهرة أو انت الظهار كان ذلك صحيحا والأرادة جارية على مقتضى اللغة كما لو قال في الطلاق انت الطلاق ونحو ذلك ولا يمنع من هذا شرع ولا عقل ولا لغة.
قوله: "أو يشبهها أو جزءا منها بجزء من امه نسبا".
أقول: هذا صواب لأن اجزاء الام متفقة فلا فرق بين الظهر وغيره وأما تشبيه مثل الزوجة بابنته واخته أو جزء منها بجزء منها فهذا خارج عن معنى النص وإن كان معنى الحرمة موجودا والقول بالقياس لا يكون الا بجامع الحرمة وجامع الحرمة موجود في الاجنبيات فضلا عن القرائب فإن أريد التحريم المؤبد لزم ذلك في مثل الملاعنة. والحاصل ان هذا القياس لا ينبغي ان يقال به ها هنا فإن الله سبحانه قد وصف المظاهرين بانهم: {لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة: 2]، فلا ينبغي توسيع دائرة ما هذا شأنه بل يقصر على موردا لنص وهن الامهات من النسب وقد استرسل بعض أهل العلم في هذا القياس حتى قال: إن مجرد تحريم الوطء المطلق ظهار وهو باطل من القول وغلط في الاستدلال.
وأما اعتبار ان يكون ذلك الجزء مشاعا فظاهر لأنه يدخل فيه كل جزء من أجزاء البدن بقدر ما سمى.
وهكذا قوله أو عضو متصل فإنه لا يشترط ان يكون الذي سماه هو الفرج أو ما يدخل فيه الفرج أو جزء منه ليكون موردالنص هو تشبيه الزوجة بظهر الام وهو غير الفرج ولا يدخل فيه شيء منه.
وأما قوله: "ولو شعر أو نحوه" فمبني على أنه يعود على مسمى العضو وهو يتخالف كما في كتب اللغة.
قوله: "فيقع ما لم ينو غيره".
أقول: قد الزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم الظهار من ظاهر في الإسلام وهو لم يرد الا ما كانت تريده الجأهلية ولم يكن قد تبين حكم الظهار في الإسلام حتى يكون مرادا له وقد ورد الإسلام بنسخ كون الظهار الذي كانت تفعله الجأهلية طلاقا وأوجب فيه الكفارة ولا يخفى ان من نوى الظهار ما كانت تنويه الجأهلية به وهو الطلاق فقد صار مظاهرا ولزمته أحكام الظهار التي بينها الكتاب والسنة لأن السبب وارد فيمن أراد ظهار الجأهلية وهو الطلاق فقوله فيقع مالم ينو غيره غير مسلم بل يقع ولو نوى به الطلاق.
وأما إذا نوى اليمين فقد نوى به غير معناه اللغوي والشرعي وليس هذا اللفظ من ألفاظ
اليمين فلا يقع ظهارا لعدم نيته له ولا للطلاق ولا يقع يمينا لان الجأهلية لم تستعمله في ذلك ولا فيه ما يفيد اليمين.
وأما إذا أراد تحريم العين فهو يصدق عليه أنه قد أراد ما كانت عليه الجأهلية فإنهم لا يريدون بقولهم للنساء هن عليهم كظهور امهاتهم الا التحريم الذي يستلزم الفرقة لان الشرع اقر أرادة التحريم وإن جعلها منكرا من القول وزورا ورتب عليها ما رتب من التكفير.
ومما يؤيد هذا ما أخرجه أهل السنن [أبو داود "2221"، الترمذي "1199"، ابن ماجة "2065"، النسائي "3475"] ، وصححه الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال: "ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ " فقال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، فقال صلى الله عليه وسلم:"فلا تقربها حتى تفعل ما امرك الله"، فإن قوله قبل ان اكفر يفيد أنه أراد الظهار الشرعي وأنه وقع منه ذلك بعد ورودالشرع به فوجب عليه ما وجب على المظاهر وهذا إذا أراد تحريم العين بما جاء به من لفظ الظهار وأما إذا قال حرمتها أو هي حرام فليس شيء لأنه حرم على نفسه ما لم يحرمه الله عليه وليس له ان يشرع لنفسه ما لم يشرع الله لها ولهذا ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس أنه قال: إذا حرم الرجل امراته فهي يمين يكفرها، وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ، وقد اطلنا المقال في هذا البحث في شرحنا للمنتقى فليرجع اليه.
وأما قوله: "وكنايتها كأمي ومثلها" الخ فصحيح لأن اللفظ إذا احتمل معنيين أو معاني لم ينصرف إلي احدهما الا بالنية من المتكلم.
وأما قوله: "وحرام" فليس بشيء كما عرفت.
وأما قوله: "وكلاهما كناية طلاق" فقد قدمنا لك ان الشرع نسخ ما كانت تفعله الجأهلية من الظهار مريدين به الطلاق وظاهر هذا أنه لا يقع به الطلاق اصلا وإن أراده لأنه أراد ما لم يصح في الشريعة.
قوله: "ويتوقت".
أقول: لما أخرجه أحمد "4/37، 5/436"، وابو دأود "2213"، والترمذي "1198، 3299"، وحسنه وصححه ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم من حديث سلمة بن صخر قال كنت امرءا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان ظاهرت من امرتي حتى ينسلخ رمضان الحديث وهو يدل على صحة توقيت الظهار وقد اثبت النبي صلى الله عليه وسلم أحكام الظهار كما في بقية الحديث وفيه طول وفيه أنه واقعها قبل انقضاء رمضان وأما قوله:"ويتقيد بالشرط والاستثناء" فظاهر لعدم المانع من ذلك.
وأما قوله: "إلا بمشيئة الله" يعني فإنه لا يصح تقييده بها لان الله سبحانه لا يشاؤه لوصفه
له بأنه منكر من القول وزور فإذا قيده بمشيئته لم يقع وأيضا الاحاديث الواردة في مطلق التقييد بالمشيئة تدل على ان ما قيد بها لا يلزم لا في اليمين ولا غيرها كما قدمنا.
وأما كونه يدخله التشريك والتخيير فوجهه ما قدمنا في الطلاق.
[فصل
ويحرم به الوطء ومقدماته حتى يكفر أو ينقضي وقت الموقت فإن فعل كف ولها طلب رفع التحريم فيحبس له إن لم يطلق ولا يرفعه الا انقضاء الوقت أو التكفير بعدالعود وهو أرادة الوطء ولا يهدمه الا الكفارة وهي عتق كما سيأتي فإن لم يجد فصوم شهرين في غير واجب الصوم والافطار لم يطأها فيهما ولا وإلا استأنف الا لعذر ولو
مرجوا زال فيبنى فإن تعذر البناء على الصوم قيل اطعم للباقي فإن لم يستطعه فاطعام ستين مسكينا أو تمليكهم كاليمين وياثم إن وطيء فيه قيل ولا يستأنف ولا يجزئ العبد الا الصوم ومن امكنه الاعلى في الادنى استأنف به والعبرة بحال الأداء وتجب النية الا في تعيين كفارتي متحد السبب ولا تتضاعف الا بتعدد المظاهرات أو تخلل العود والتكفير] .
قوله: فصل: "ويحرم به الوطء ومقدماته حتى يكفر"
أقول: لأن هذا التحريم هو مدلول الظهار الذي ورد به الكتاب والسنة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم سلمة بن صخر في الحديث المتقدم عنه ان لا يقربها حتى يفعل ما امره الله وهو حديث صحيح كما قدمنا ولم يأت من اعله بما يصلح لدعواه.
وأما قوله: "أو ينقضي وقت المؤقت" فبمني على ان انقضاء الوقت بمثابة العود والوطء وأما قوله: "فإن فعل كف" يعني حتى يكفر وليس عليه في هذا الوطء كفارة غير الكفارة التي وجبت للظهار لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض على من وطيء قبل ان يكفر الا بكفارة واحدة كما تقدم وقد أخرج الترمذي وحسنه ابن ماجه من حديث سلمة بن صخر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظاهر بواقع قبل أن يكفر قال: "كفارة واحدة"، قال الترمذي والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم.
وأما قوله: "ولها طلب رفع التحريم" الخ فصواب لان الاستمرار على التحريم مضاره لها وقدنهى الله سبحانه عن ذلك ولا اعتبار بما يقوله المقلدون بأنه لا حق لها في الوطء فكيف تطلب رفع التحريم نعم إذا كان لا يريد إمساكها سرحها بإحسان كمال قال الله سبحانه.
قوله: "ولا يرفعه الا انقضاء الوقت أو التكفير بعد العود" الخ.
أقول: أما كونه يرفعه انقضاء الوقت بدون تكفير فغير مسلم وأما كونه يرفعه التكفير بعد
العود فصحيح كما صرح به الكتاب العزيز قال الله عز وجل: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] ، واختلفوا هل العلة في وجوبها العود أو الظهار بعد اتفاقهم على انها تجب الكفارة بعد العود؟.
فذهب قوم إلي الأول وذهب آخرون إلي الثاني وذهبت طائفة ثالثة إلي ان العلة مجموع العود والظهار ثم اختلفوا في العود ما هو فقيل إنه أرادة المس لما حرم بالظهار وقيل بل هو إمساكها بعد الظهار وقتا يسع الظهار ولم يطلق وقيل هو العزم على الوطء فقط وإن لم يطأ وقيل هو الوطء نفسه وقيل إعادة لفظ الظهار.
والظاهر ان المراد به العود من الحالة التي هو فيها وهي التحريم بالظهار إلي الحالة التي كان عليها وهو كون الوطء حلالا بموجب عقد النكاح وهذا هو الذي تقتضيه اللغة وتنطبق عليه الأدلة كما لا يخفى فإنه إذا عزم الرجل على شيء فقال إنه قد عاد عما عزم عليه كان المفهوم من هذا العود هو الرجوع من العزم على ذلك الشيء إلي عدم العزم عليه فالعائد هو هذا.
قوله: "ولا يهدمه الا الكفارة".
أقول: هذا صحيح وهو الذي ذكره الله سبحانه وجاءت به السنة المطهرة ومن قال إنه يهدمه غير الكفارة فهو إنما نظر إلي أنه قد حصل موجب للتحريم أما مطلقا أو مقيدا وليس الكلام في هذا إنما الكلام في الشيء الذي يصير به منهدما حتى يكون وجوده كعدمه.
وأما مثل الطلاق ونحوه مما تحصل به الفرقة فذلك لا يوجب رفع ما كان قد اقترفه من أمر الموجب لما أوجبه الله من الكفارة عند ان يريد عودها إلي نكاحه.
قوله: "وهي عتق" الخ.
أقول: التقييد لإجزاء الصوم بعدم وجود رقبة يعتقها ثم تقييد إجزاء الاطعام بعدم الاستطاعة للصوم هو الذي صرح به الكتاب العزيز وصرحت به السنة المطهرة في مظاهرة أوس بن الصامت لزوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة.
وأما قوله: "لم يطأ فيهما" فهو أمر مجمع عليه كما حكاه ابن القيم وغيره فإنه قال لا خلاف في تحريم وطئها في زمن الصوم ليلا ونهارا.
وأما اشتراط ان يكون الصوم متتابعا فلذكر التتابع في الكتاب العزيز والسنة المطهرة وظاهر ذلك ان من لم يتابع لم يفعل ما أمر الله سبحانه ولا صام الصوم الذي شرعه الله فيستأنف وأما إذا كان ترك التتابع لعذر مسوغ فذلك لتقييد ما أوجبه الله سبحانه بالاستطاعة وهذا لم يستطع فلا يجب عليه الاستئناف.
وأما قوله: "فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا" فهذا هو الذي صرح به القرآن والسنة وأما قوله: "أو تمليكهم كاليمين" فمراده ان يدفع اليهم ما يأكولنه وذلك هو إطعام إذ لا فرق في صدق مسمى الاطعام بين ان يهيء لهم طعأما يأكلونه أو يدفع إلي كل واحد من الطعام ما يأكله وقد ورد في الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر"، كما
في حديث أوس بن الصامت وورد في حديث سلمة ابن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال: "أطعمه ستين مسكينا".
وظاهر القرآن والسنة أنه يطعم ستين مسكينا مرة واحدة أما ان يهيء لهم طعأما يأكلونه عنده أو بأن يدفع إلي كل واحد ما يأكله ولا يجب الاطعام مرتين ولا دليل علي ذلك.
قوله: "وياثم إن وطيء فيه".
أقول: وقع في الكتاب العزيز التقييد بقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]، في العتق والصوم ولم يقع التقييد به في الاطعام فالظاهر عدم الإثم في الاطعام وعدم الاستئناف لأن ترك التقييد فيه مشعر بان احكمه غير حكم ما وقع التقييد فيه إعمالا للكتاب العزيز ورجوعا إلي البراءة الاصلية ومن زعم ان الاطعام لاحق بالعتق والصوم بالقياس بعدم الفارق فزعمه هذا رد عليه فإن التنصيص في الكتاب العزيز على البعض دون البعض دليل على الفرق وإن لم يعلمه {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم: 64] ، {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] .
على أنه قد قيل إن عدم وجوب الاستئناف في الاطعام مجمع عليه وهذا الاجماع إن صح يندفع به القياس وتبطل معه دعواه.
وأما قوله: "ولا يجزء العبد الا الصوم" فمبنى على ان العبد لا يملك فلا يجب عليه ما هو مال وأما قوله: "ومن أمكنه الاعلى في الادنى استأنف به" فلا وجه له فإنه فعل ما هو الواجب عليه ودخل فيه حال كونه لا يجب عليه غيره فتجدد الوجوب عليه بعد التلبس بما هو الواجب عليه تكليف له بما لم يكلف به.
وأما كون العبرة بحال الأداء فصحيح لان اعتبار غيرها مع استمرار الوجوب عليه يحتاج إلي دليل.
وأما كونها تجب النية فظاهر لان التكفير عمل والاعمال بالنيات ولو كان ذلك في كفارتي متحدي السبب فإن التعيين بالنية واجب لأن كل واحدة منهما عمل والاتحاد لا يبطل ذلك ولا يرفع الوجوب.
وأما قوله: "ولا تتضاعف الا لتعدد المظاهرات" فصحيح لان الله سبحانه لم يوجب في الظهار الا كفارة واحدة فمن زعم أنه يجب غير ذلك فقد ادعى مالا دليل عليه وقد قدمنا الدليل على عدم تعود الكفارة وأنه مذهب الجمهور. وهكذا تعدد الكفارة إذا تخلل العود والتكفير بين الظهارين لأن كل واحد منهما أوجب الشرع فيه كفارة وإن كانت المظاهرة واحدة ومثل هذا ظاهر لا يحتاج إلي التنصيص عليه.